التمديد لقائد الجيش اللبناني يهدد تحالف «حزب الله» - «الوطني الحر»

العماد جوزيف عون
العماد جوزيف عون
TT

التمديد لقائد الجيش اللبناني يهدد تحالف «حزب الله» - «الوطني الحر»

العماد جوزيف عون
العماد جوزيف عون

لم تشهد العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» عدم استقرار كالذي تشهده منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال عون، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022؛ استحقاقات كثيرة خلال عام افترق خلالها الطرفان اللذان يُفترض أنه يجمعهما تفاهم سياسي متين منذ عام 2006، وآخرها استحقاق التصدي للشغور في قيادة الجيش، مع اقتراب موعد إحالة القائد الحالي، العماد جوزيف عون، إلى التقاعد.

فبعد أشهر من الصمت المطبق في مقاربة هذا الملف من قبل الحزب مقابل إعلان واضح وصريح من «التيار» برفض تمديد ولاية عون، يبدو واضحاً أن «حزب الله» يتجه لتغطية تأجيل التسريح الذي تؤيده معظم القوى السياسية الأخرى، والذي يُفترض أن يحصل خلال جلسة تشريعية تُعقد هذا الأسبوع؛ ما من شأنه أن يزيد الهوة بينه وبين «التيار» الذي صعّد كثيراً بوجه القائد الحالي في الآونة الأخيرة، علماً بأن الرئيس السابق ميشال عون هو الذي كان قد اقترح اسمه للقيادة، وساهم بإيصاله إلى اليرزة (مقر وزارة الدفاع اللبنانية).

إلا أن الخلافات المتمادية بين عون وباسيل أدَّت لتردي العلاقة بين الطرفين وصولاً لانقطاعها، وتحولهما عدوين لدودين، خصوصاً مع شغور سدة رئاسة الجمهورية وعدّ باسيل عون منافساً رئيسياً له لتولي سدة الرئاسة.

وتعدّ مصادر قريبة من الحزب أن «الخلاف الأساسي اليوم هو بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يؤيد التمديد لعون، والنائب جبران باسيل الذي يرفضه تماماً. ونحن حاولنا الوصول إلى حل يرضي الجميع؛ سواء كان بالتعيين أو التمديد، إلا أن ذلك متعذَّر حتى الساعة»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع ضيق المُهَل واقتراب موعد انتهاء ولاية العماد عون، يبقى تأجيل التسريح عبر المجلس النيابي الخيار الأخير للتصدي لشغور في قيادة الجيش نرفضه وترفضه كل القوى السياسية تماماً».

ويبدو أن الحوار والنقاش بين «التيار» والحزب في هذا الملف متوقّف؛ إذ يقول النائب في «تكتل لبنان القوي» جيمي جبور أن «موقف التيار من التمديد معلَن وواضح؛ بالرفض، ولا حاجة للحوار مع الأطراف السياسية المختلفة إلا في إطار إيجاد المخارج لعدم إيقاع قيادة الجيش في أي فراغ. ونحن سبق أن أعلنّا عن وجود حلول عديدة غير مخالفة للقوانين وتجاوز حد السلطة في فرض تمديد غير قانوني ولا يراعي مصلحة الجيش وضباطه وقيادته»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بخصوص ما هو مطروح اليوم من عرض لاقتراحات قوانين متعلقة برفع سن التقاعد؛ فالأمر يعود بتُّه للمجلس النيابي في حال عرضه على جلسة عامة، وهذا لا يغير بموقفنا شيئاً، ما دمنا ملتزمين بعدم التشريع لمصلحة أشخاص محددين سلفاً».

من لقاء سابق بين النائب جبران باسيل ومسؤولين في «حزب الله» (مواقع التواصل)

وعن سبب تعاطي التيار مع معركة عدم التمديد بوصفها معركة وجودية، يوضح جبور أن «المسألة ليست معركة حياة أو موت، إنما هي موقف ومحطة عادية، وليست المرة الأولى والوحيدة التي نتباين فيها مع (حزب الله)، إنما سبقها، وقد يلحق بها، تباينات عديدة، حسب الرؤية والنظرة إلى الأمور، وللرأي العام الحكم لاحقاً على مواقف جميع القوى السياسية سلباً أم إيجاباً».

وتشير مصادر «الوطني الحر» إلى أنه «لو أراد الحزب حقيقة عدم التمديد؛ فهو قادر على عدم تأمين نصاب الجلسة التشريعية»، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «سيره بالتمديد أمر متوقَّع من قِبَلنا، وأصلاً لم نعد نتكل على الحزب، وباتت العلاقة معه بإطار تقاطع المصالح».

واتهم باسيل قائد الجيش قبل فترة بأنه «يخالف قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية، ويأخذ بالقوة صلاحيات وزير الدفاع، ويتصرف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش». ويأخذ عليه أيضاً أداءه خلال «انتفاضة 17 تشرين» عام 2019، كما اتهمه بالتراخي والتلكؤ في فتح الطرقات، وحمَّله مسؤولية توسيع رقعة الاحتجاجات وإطالة أمدها، مما أدى إلى التضييق على العهد وإضعافه.

كذلك يتهم العونيون قائد المؤسسة العسكرية بخضوعه لضغوط غربية للتشدد بمكافحة عمليات التهريب التي تحصل انطلاقاً من الشواطئ اللبنانية إلى أوروبا، مقابل التراخي بضبط الحدود البرية سامحاً لآلاف النازحين السوريين بالانتقال من سوريا إلى لبنان، إلا أن مؤيدين وقريبين من العماد عون يضعون كل هذه الاتهامات في خانة محاولة باسيل تصفية حسابات شخصية، والسعي لتقليص حظوظه الرئاسية.


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: لا فيتو رئاسياً إلا على جعجع

المشرق العربي النواب اللبنانيون في جلسة تشريعية العام الماضي (الوكالة الوطنية للإعلام)

«حزب الله»: لا فيتو رئاسياً إلا على جعجع

مع بدء العد العكسي لموعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بدأت مواقف الأفرقاء تتوضح تدريجياً وأعلن «حزب الله» أنه لا فيتو من قِبله على قائد الجيش العماد جوزف عون

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (أ.ف.ب)

تواصل «محدود» بين لبنان وسوريا

تتعاطى الحكومة اللبنانية بحذر وترقب حيال التغيرات في سوريا حيث سُجّل حتى الآن تواصل محدود بين بيروت ودمشق

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عمال البلدية يمرون على أنقاض المباني المتضررة التي ضربتها غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت 31 يوليو 2024 (أ.ب)

إسرائيل: «حزب الله» لا يلتزم بشروط وقف إطلاق النار

اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس «حزب الله» اللبناني بعدم الالتزام بشروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ بين الطرفين أواخر نوفمبر

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة سابقة (أرشيفية)

غموض المواقف يحيط جلسة منتظرة لانتخاب رئيس لبنان

لا تزال صورة جلسة انتخاب الرئيس المحددة في 9 يناير المقبل غامضةً في لبنان مع عدم اتضاح توجهات معظم الكتل النيابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي قبيل رأس السنة (الوكالة الوطنية) play-circle 01:27

لغط في مطار بيروت إثر رفض ركاب طائرة إيرانية تفتيشهم

عاد الوضع الأمني داخل مطار بيروت إلى الواجهة بعد المشكلة التي حصلت إثر وصول طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية ورفض ركابها الخضوع لإجراءات التفتيش.

يوسف دياب (بيروت)

كاتب مناهض للحرب يتعرض لتهديدات عنصرية في تل أبيب

متظاهرون يحرقون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن المحتجزين لدى «حماس» في تل أبيب مساء السبت (أ.ف.ب)
متظاهرون يحرقون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن المحتجزين لدى «حماس» في تل أبيب مساء السبت (أ.ف.ب)
TT

كاتب مناهض للحرب يتعرض لتهديدات عنصرية في تل أبيب

متظاهرون يحرقون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن المحتجزين لدى «حماس» في تل أبيب مساء السبت (أ.ف.ب)
متظاهرون يحرقون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن المحتجزين لدى «حماس» في تل أبيب مساء السبت (أ.ف.ب)

تعرض الكاتب الصحافي المشهور بتحقيقاته المهنية الجريئة في صحيفة «هآرتس» العبرية، جدعون ليفي، لتهجمات شخصية وتهديدات جسدية بسبب موقفه الرافض للحرب والممارسات الوحشية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. فعندما كان ونجله الجندي يتناولان الطعام في محل بيع شاورما في بلدة أور يهودا قرب تل أبيب، هاجمه عنصريون لدرجة شعوره بالخطر.

وليفي هو أحد الكتاب الصحافيين القلائل الذي ينشر تحقيقات مهنية تكشف عن بشاعة الممارسات الإسرائيلية عموماً والجيش والمستوطنين ضد الفلسطينيين خصوصاً في الضفة الغربية. وفي الحرب على غزة، كان أول من كشف للجمهور الإسرائيلي حقيقة الممارسات التي يقوم بها جيشهم ضد الفلسطينيين. وهو يظهر أيضاً في بعض القنوات التلفزيونية المحلية وكثير من القنوات الأجنبية ليروي ما يعرفه. ولذلك، يتعرض لهجوم شرس من المتحدثين الآخرين يصل إلى حد التخوين.

وروى في مقال له، الأحد، كيف تعرض لاعتداء جديد، عندما توجه مع ابنه الجندي إلى محل لبيع الشاورما في أور يهودا، يُدعى «عند التركي». وقال: «المشهد شعبي والأسعار أقل شعبية. شخص منظم يوجد على المدخل وطابور من الزبائن الذين جاءوا من قريب ومن بعيد. خدمة ابني العسكرية أوصلته في حينه إلى هذا المكان، ومنذ ذلك الحين وهو يحب أن يأكل هناك. في ظهيرة أول من أمس، كنا هناك مرة أخرى. سرعان ما ثارت ضجة. بدأت بالشتائم بصوت مرتفع وانتهت بدائرة تبعث الرعب حول طاولتنا. وقال أحدهم: ليتك تختنق بالأكل وتموت، قبل أي يضيف: لماذا تسمح لهم بأن يأكلوا هنا؟ لو لم تكن توجد كاميرات لكنت حطمت وجهك. هكذا كانت النهاية: انظروا مَن يأكل هنا. قال شخص للمارة، وهؤلاء وقفوا في دائرة وينظرون إلى الشيطان الذي جاء إلى المدينة. الرجل تقدم واقترب من طاولتنا. غضبه ازداد والعنف كان قريباً جداً. ذهبنا من هناك على صوت الشتائم التي رافقتنا إلى السيارة: تبا لمن يأكل مع هذا النازي. أيضاً وجَّهوا الشتائم إلى ابني. ليس للمرة الأولى ولا للمرة الأخيرة. هذا غير فظيع وليس قصة كبيرة». وتابع قائلاً: «كانت هناك جملة قيلت أكثر من مرة، لم أسمعها من قبل وهي: أنت نازي لأنك تهتم بأطفال غزة».