تنديد يمني واسع بحملات الاعتقال الحوثية في ذمار

مطالبات حقوقية بسرعة الإفراج عن المختطفين

مسلحون حوثيون ضمن استعراض في العاصمة المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون ضمن استعراض في العاصمة المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تنديد يمني واسع بحملات الاعتقال الحوثية في ذمار

مسلحون حوثيون ضمن استعراض في العاصمة المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون ضمن استعراض في العاصمة المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

أثارت حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) موجة تنديد محلية وحقوقية واسعة، وسط مطالبات للمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الانتهاكات والإفراج عن عشرات المدنيين المختطفين في سجون الجماعة.

وخلال الأيام الماضية، شنّت الجماعة حملة مداهمات في مدينة ذمار (مركز المحافظة) وعدد من مديرياتها، أسفرت عن اختطاف ما يقارب 90 مدنياً، بينهم قيادات حزبية ومحلية سابقة وتربويون وأكاديميون وطلبة جامعيون وتجار وأطباء وأئمة مساجد، في سياق حملة قمعية وصفت بأنها «الأوسع منذ شهور» ضد أبناء المحافظة.

وبالتزامن مع ذلك، فرضت الجماعة انتشاراً أمنياً مكثفاً في أحياء المدينة وعدد من المديريات، معلنةً حالة طوارئ غير رسمية، في خطوة عدّها ناشطون مقدمةً لتوسيع دائرة الاعتقالات، وإسكات أي أصوات معارضة.

وفي بيان رسمي، أدانت «الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين» (هيئة حكومية) الحملة الحوثية التي طالت مدنيين من مختلف الفئات، مؤكدة أن الجماعة نفذت عمليات دهم متزامنة في مديريات جبل الشرق، ووصاب العالي، ووصاب السافل، وعتمة، وعنس، ومغرب عنس، مستخدمة عربات مدرعة وعناصر مقنعة، إضافة إلى نساء من «الزينبيات» التابعات لجهاز الأمن النسائي التابع للجماعة.

الحوثيون اعتقلوا 600 يمني على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» (إكس)

وأشارت الهيئة إلى أن عدد المختطفين تجاوز 70 شخصاً في ذمار وحدها، وسط مخاوف متصاعدة على سلامتهم الجسدية والنفسية، لافتة إلى أن اتساع رقعة الحملة يُشير إلى نية الجماعة «ترهيب المجتمع وإخضاعه بالكامل».

وعدّت الهيئة تلك الممارسات «جريمة حرب جماعية» تأتي ضمن سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه وإخماد أي مظاهر للرفض الشعبي، محذّرة من أن استمرار هذه الانتهاكات في ظل الصمت الدولي سيُشجع الجماعة على مزيد من القمع والتنكيل.

وطالبت الهيئة بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وتمكين المنظمات الحقوقية والإنسانية، بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من زيارة أماكن الاحتجاز والاطلاع على أوضاع المعتقلين.

سجون سرية جديدة

وكشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» عن استحداث الحوثيين أكثر من 26 سجناً ومعتقلاً خاصاً في محافظة ذمار، بعضها في مرافق حكومية وأماكن عامة، مثل سجن الأمن والمخابرات، وسجن كلية المجتمع، ومعتقل الاستاد الرياضي، وسجن الغربية، وسجن ذي سحر، ومعتقل المردع في الحدا، إضافة إلى سجون سرية أخرى.

وقالت الشبكة، في بيان، إن الجماعة تستخدم هذه المعتقلات لاحتجاز السكان والمسافرين المارين عبر الخطوط التي تربط ذمار بصنعاء من جهة، وبمحافظات إب وتعز من جهة أخرى، مؤكدة أن عناصر الحوثي حوّلوا ذمار إلى «مركز رئيسي للاعتقال والتعذيب الوحشي».

مع تنامي السخط الشعبي اعتمد الحوثيون القمع المفرط لترهيب السكان (إ.ب.أ)

وأضافت أن أكثر من 1168 مختطفاً ومخفياً قسراً يقبعون في سجون ذمار، بينهم 479 من أبناء المحافظة، مشيرة إلى أن عمليات المداهمة الأخيرة رافقها نهب واسع لمنازل المدنيين، واعتداءات على النساء والأطفال وكبار السن، في مشهد وصفته المنظمة بـ«الاجتثاث الواسع لأبناء المحافظة».

وأكّد البيان أن ما يجري يمثل «انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الخاصة بحماية المدنيين»، محمّلاً الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن سلامة المحتجزين، وداعياً إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.

انتهاكات ممنهجة

وأدانت «منظمة مساواة للحقوق والحريات» ما وصفته بـ«الممارسات الإجرامية» بحق المدنيين في ذمار، معتبرة أن استمرار الاعتقالات التعسفية يُشكل انتهاكاً صارخاً للسلم والأمن الاجتماعي، وتحدياً واضحاً للمواثيق الدولية التي تضمن حرية وأمن الأفراد.

وقالت المنظمة إن هذه الحملة تأتي في سياق سياسة ممنهجة اعتمدتها الجماعة لقمع المجتمع المحلي وتكميم الأفواه، بعد تزايد حالة السخط الشعبي في مناطق سيطرتها. وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين، محمّلة الحوثيين المسؤولية الكاملة عن حياتهم وسلامتهم، ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

البوابة الرئيسية لجامعة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

في غضون ذلك، أفادت مصادر حقوقية في ذمار لـ«الشرق الأوسط» بأن الحوثيين استهدفوا عشرات الأكاديميين والطلاب في جامعة ذمار، التي تحوّلت ساحتها خلال الأيام الأخيرة إلى موقع لتجمع العربات العسكرية التي شاركت في تنفيذ حملات الاختطاف والمداهمات داخل المدينة.

وتأتي هذه الانتهاكات، حسب المصادر، ضمن مساعٍ حوثية لتعميم القمع والخوف، بعد تزايد موجات الرفض الشعبي في المحافظة التي تُعدّ من أكثر المناطق التي تكثف فيها الجماعة أعمال الاستقطاب والتجنيد.

ويؤكد مراقبون أن تصاعد القمع في ذمار يعكس ارتباك قيادة الجماعة وتخوفها من فقدان السيطرة الاجتماعية، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وانحسار مواردها المالية.

وتُشير التقارير الحقوقية إلى أن محافظة ذمار تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى «سجن كبير» يعاني سكانه الملاحقات والتضييق، في وقت يواصل فيه المجتمع الدولي الصمت حيال ما يوصف بأنه «انتهاك شامل لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة الحوثيين».


مقالات ذات صلة

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

العالم العربي مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

أقدمت الجماعة الحوثية على تمكين من تُسميه «الحارس القضائي» من الاستيلاء على ممتلكات وأصول تعود لأسرة أمين عام جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)

37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

37 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إلى اليمن خلال 4 أشهر عبر السواحل الشرقية، وسط اتهامات للحوثيين وشبكات التهريب بارتكاب انتهاكات جسيمة بحقهم

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

فيما يواصل الحوثيون استهداف المنظمات الإغاثية الأممية والدولية والعاملين فيها، كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)

في تصعيد جديد ضمن سياسة التضييق والنهب المنظم، أقدمت الجماعة الحوثية، على تمكين من تُسميه «الحارس القضائي»، من الاستيلاء على ممتلكات وأصول تعود لأسرة أمين عام جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال منذ أغسطس (آب) الماضي، في ظروف قمعية.

وجاءت هذه الخطوة، عقب ضغوط مارستها الجماعة الحوثية على قادة جناح الحزب الموالي لها في صنعاء، انتهت باتخاذ قرار بفصل الأحول من منصبه، في سابقة أثارت موجة غضب واسعة داخل الأوساط المؤتمرية، وعُدت «امتداداً لمسلسل إخضاع الحزب وتفريغه من قياداته غير المنسجمة مع توجهات الجماعة».

وحسب مصادر في الحزب، فإن الحارس القضائي الحوثي وضع يده، بموجب تعليمات الجماعة، على ممتلكات عقارية وتجارية تابعة لأسرة الأحول في العاصمة المختطفة صنعاء، شملت مباني وشركات وأصولاً أخرى، بعضها غير مسجل رسمياً باسم الأسرة، ما يكشف - وفق المصادر - الطابع الانتقامي والسياسي للإجراءات، بعيداً عن أي مسوغ قانوني.

الأمين العام لحزب «المؤتمر الشعبي» بصنعاء غازي الأحول (فيسبوك)

وتفيد المصادر ذاتها، بأن الحارس القضائي كان قد شرع مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في عملية حصر وتتبع دقيقة لجميع ممتلكات الأحول وعائلته، تمهيداً لمصادرتها، في إطار سياسة اعتمدتها الجماعة منذ سنوات لملاحقة الخصوم السياسيين ورجال الأعمال والتجار والبرلمانيين، عبر أدوات قسرية وذرائع قانونية مُفبركة.

وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة، يروّج الحوثيون لوجود «شراكة» مزعومة بين أسرة الأحول ونجل الرئيس اليمني الأسبق أحمد علي عبد الله صالح. غير أن مصادر مطلعة، كشفت عن ضغوط متزامنة تمارسها قيادات حوثية بارزة، لإحالة الأمين العام المعتقل إلى قضاء خاضع للجماعة في صنعاء، تمهيداً لمحاكمته بتهمة «الخيانة».

رفض حزبي

وجاءت إجراءات المصادرة الحوثية، عقب إجبار قادة جناح «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الجماعة، على عقد اجتماع تنظيمي في صنعاء، اتُخذ فيه قرار فصل الأحول، وتعيين شخصية مقرّبة منها، نائباً لرئيس الجناح، وسط انتقادات حادة لتجاهل الاجتماع، قضية اعتقال الأمين العام، وعدم المطالبة بالإفراج عنه، فضلاً عن التغاضي عن الحصار المفروض على منزل رئيس الجناح وعدد من القيادات.

وفي ردود الأفعال، وصف أحمد عبادي المعكر، القيادي في الحزب، قرار فصل الأمين العام، بأنه «منعدم الشرعية وباطل مضموناً وشكلاً»، عادّاً أنه يندرج ضمن «تخلٍ سياسي موثق ومكتمل الأركان».

صادق أبو رأس رئيس جناح حزب «المؤتمر» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وأكد المعكر أن ما جرى «لا يمكن توصيفه بأنه خلاف تنظيمي داخلي، بل هو بيع سياسي واضح للمواقف من أجل المصالح»، مشدداً، على «أن التاريخ سيسجل هذه الخطوة بوصفها سابقة تسقط الهيبة وتفتح باب المساءلة». وأضاف أن «القيادة التي تعجز عن حماية أمينها العام وهو معتقل، لا تملك أخلاقياً ولا سياسياً، صلاحية محاسبته أو فصله».

وأشار إلى أن القرار صدر «من دون جلسة قانونية، ومن دون تمكين الأمين العام من حق الدفاع، في وقت كان غائباً قسراً خلف القضبان»، عادّاً «أن الصمت على اعتقاله يمثل إدانة، وأن القرار ذاته بات وثيقة لا تمحى».

من جهتها، استنكرت أسرة أمين عام جناح «مؤتمر صنعاء»، موقف قادة الجناح الموالين للحوثيين، وعدت ما جرى «تخلياً مخجلاً». وقال شقيقه، عتيق الأحول، في منشور على «فيسبوك»، إن الموقف كان «محبطاً ومهيناً»، لافتاً إلى أن أياً من قادة الجناح، لم يصدر بيان تنديد أو حتى مطالبة بالإفراج عنه، في وقت تتعرض فيه الأسرة للمصادرة والضغط والتهديد.


37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
TT

37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)

على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وسط تراجع التمويل الدولي للمساعدات، وتصاعد القيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك مداهمة مكاتب الأمم المتحدة واعتقال العشرات من موظفيها، لا تزال البلاد تستقبل شهرياً آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الأفريقي، في مشهد يعكس تعقيدات إنسانية وأمنية متشابكة.

وأفادت تقارير محلية وحقوقية بأن السواحل الشرقية لليمن، خصوصاً في محافظة شبوة، تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى وجهة رئيسية للمهاجرين غير النظاميين، بعد تشديد الرقابة الأمنية على السواحل الغربية.

وتتهم منظمات حقوقية، الجماعة الحوثية وشبكات تهريب منظمة، بالتورط في انتهاكات واسعة النطاق بحق هؤلاء المهاجرين؛ تشمل التعذيب، والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال، وصولاً إلى التجنيد القسري للقتال.

شبكات التهريب تجني ملايين الدولارات من نقل المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

وفي هذا السياق، ذكرت شرطة محافظة شبوة أن قارب تهريب أنزل خلال الأيام الماضية، 180 مهاجراً غير شرعي من حملة الجنسية الإثيوبية على ساحل مديرية رضوم، في موجة جديدة من تدفق المهاجرين إلى البلاد.

وأوضحت أن 4 بحارة من الجنسية الصومالية كانوا يقودون القارب، مشيرة إلى «اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة، بما يحفظ الأمن والاستقرار، ويحدّ من المخاطر الناجمة عن تدفقات الهجرة غير النظامية».

تجارة مربحة

وبحسب مصادر أمنية ومحلية يمنية، أصبحت محافظة شبوة قبلة رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، مستفيدة من اتساع سواحلها وضعف الإمكانات الرقابية، الأمر الذي شجع شبكات التهريب على نقل نشاطها إليها.

وتشير تقارير حكومية إلى أن هذه الشبكات تجني ملايين الدولارات سنوياً من تهريب المهاجرين إلى اليمن، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة وهشاشتهم الاجتماعية.

وفي تقرير حديث أصدره «المركز الأميركي للعدالة» (منظمة حقوقية يمنية في الولايات المتحدة)، أكد أن اليمن تحول إلى «ساحة مفتوحة لانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين غير النظاميين»، في ظل غياب الحماية القانونية، وضعف التنسيق الإقليمي والدولي، واستفحال نشاط شبكات الاتجار بالبشر، وتداخلها مع أطراف مسلحة.

اتهامات بتورط الحوثيين في تهريب المهاجرين وتجنيدهم في الأعمال العسكرية (إعلام حكومي)

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «الهروب إلى الموت»، أن الطريق الشرقي للهجرة بات مسرحاً منظماً لعمل شبكات تهريب معقدة تحقق أرباحاً ضخمة، مستفيدة من تقاعس دول العبور عن مكافحة هذه الظاهرة، ومن استمرار النزاع المسلح في اليمن.

ووفقاً للتقرير الحقوقي، شهد اليمن تدفقات بشرية متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، حيث دخل البلاد 77 ألف مهاجر في عام 2022، و97 ألفاً في 2023، و81,342 مهاجراً في 2024، فيما تجاوز عدد الوافدين 37 ألف مهاجر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي فقط. وتتوقع السلطات أن يتضاعف هذا الرقم مع نهاية العام، رغم ظروف الحرب والانهيار الإنساني.

ووثق المركز الحقوقي 661 انتهاكاً بحق المهاجرين غير الشرعيين خلال الفترة بين 2023 و2025؛ «شملت الاختطاف، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاغتصاب، والاستغلال، والتجنيد القسري، إضافة إلى القتل والوفاة جوعاً».

وحمل التقرير، شبكات التهريب، مسؤولية 45 في المائة من هذه الانتهاكات، فيما نسب 35 في المائة منها إلى جماعة الحوثي، وتوزعت النسبة المتبقية على أطراف أخرى مرتبطة بالصراع.

تداعيات خطرة

وحذر التقرير الحقوقي من «التداعيات الخطرة لانخفاض المساعدات الدولية، الذي دفع بعض النساء والفتيات إلى التعرض للاستغلال الجنسي القسري مقابل الغذاء والمأوى». وأشار إلى أن المهاجرين الإثيوبيين يشكلون نحو 89 في المائة من إجمالي المهاجرين، مقابل 11 في المائة من الصوماليين، لافتاً إلى تسجيل 585 حالة وفاة غرقاً خلال العام الماضي وحده.

ودعا المركز الحقوقي، المجتمع الدولي، إلى «اتخاذ إجراءات حازمة ضد شبكات الاتجار بالبشر، وتفعيل مسارات قانونية لحماية المهاجرين»، كما طالب جماعة الحوثي بوقف تجنيد المهاجرين واحتجازهم في مراكز غير مطابقة للمعايير الإنسانية. وحضّ دول القرن الأفريقي، خصوصاً إثيوبيا والصومال، على معالجة جذور الهجرة غير النظامية، والعمل على إعادة مواطنيها المحتجزين.

وأكد المركز أن «الصمت الدولي إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في اليمن، يعني استمرار نزيف الأرواح، في سياق لا يُنظر فيه إلى هؤلاء المهاجرين بوصفهم بشراً لهم حقوق»، متعهداً «مواصلة التوثيق والمناصرة القانونية لمساءلة المتورطين».


العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».