الفشل الاجتماعي أقوى سبب لمشكلات الصحة النفسية

نحو 20 % من المراهقين الأميركيين يعانون سنوياً من اضطراباتها

الفشل الاجتماعي أقوى سبب لمشكلات الصحة النفسية
TT

الفشل الاجتماعي أقوى سبب لمشكلات الصحة النفسية

الفشل الاجتماعي أقوى سبب لمشكلات الصحة النفسية

وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة، ونُشرت في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، في مجلة «نتشر- الصحة النفسية» (Nature Mental Health)، أن الفشل الاجتماعي -وبشكل خاص الشجارات العائلية والتنمر من قبل الأقران- كان من أقوى العوامل التي أثرت بالسلب على الصحة النفسية للمراهقين على المدى القريب والبعيد.

تراجع الصحة النفسية

تُعد مشكلة تراجع الصحة النفسية للمراهقين في الولايات المتحدة، واحدة من أهم التحديات التي تواجه القطاع الصحي، وعلى وجه التقريب يعاني نحو 20 في المائة من المراهقين الأميركيين من اضطرابات في الصحة النفسية سنوياً، كما يُعد الانتحار ثاني أهم سبب لوفاة المراهقين بعد الحوادث. وهناك عوامل كثيرة تؤدي إلى ذلك، منها: العوامل الوراثية، والعوامل البيئية، وأحداث الحياة المختلفة، بالإضافة إلى وجود أمراض عضوية مزمنة.

وعلى الرغم من أن تأثير كل عامل من هذه العوامل على الصحة النفسية، يمكن أن يكون بسيطاً بمفرده، فإن اجتماع عدة عوامل يفاقم من تردي الحالة النفسية للمراهق، ولذلك كان من المهم بالنسبة للباحثين التوصل إلى نماذج فعالة للتنبؤ بالمراهقين الأكثر عُرضة لحدوث مشكلات الصحة النفسية.

وقام الباحثون بتحليل بيانات من دراسة سابقة عن التطور المعرفي لمخ المراهقين (ABCD)، وهي دراسة طويلة الأمد ومتعددة المواقع، تتبعت النمو العصبي لأكثر من 11 ألف طفل أميركي، تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عاماً من جميع أنحاء البلاد.

وشملت البيانات كل ما يتعلق بالصحة النفسية للمراهقين، مثل الاختبارات النفسية، والفحوصات التشخيصية للجهاز العصبي، والتاريخ العائلي للإصابة بأمراض نفسية. وباستخدام هذه البيانات، تم تطوير نماذج حاسوبية للتنبؤ بأعراض الصحة النفسية الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى التغيرات التي يمكن أن تحدث في الأعراض بمرور الوقت.

وقام العلماء بتحديد 963 مؤشراً للصحة النفسية عبر 9 فئات رئيسية، تشمل كل فئة جانباً مهماً من العوامل المؤثرة في التكوين النفسي، مثل العلاقات الإنسانية في الأسرة، بما فيها المشاعر الإيجابية والسلبية، والعوامل البيئية المحيطة بالمراهق، بما في ذلك علاقاته في المدرسة وتجمعات الشباب، والعوامل الديموغرافية المختلفة، بجانب العوامل العضوية، مثل وجود خلل عصبي في المخ أو الجهاز العصبي، وذلك من خلال استخدام الأشعة المتطورة، ومنها الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).

الصراعات الأسرية

وجد الفريق البحثي أن الصراعات الأسرية -وخصوصاً الشجار بين الآباء والنقد المتكرر بين أفراد الأسرة- كانت من أقوى المؤشرات على زيادة حدوث مشكلات الصحة النفسية الحالية، مثل الاكتئاب والقلق والمشكلات السلوكية، وفي المقابل كانت بيانات التصوير العصبي من أقل المؤشرات في القدرة على التنبؤ في هذه النماذج.

ولعب الاختلاف في الجنس دوراً مهماً في اختلاف نماذج المشكلات النفسية. وفي المجمل أظهرت الفتيات أعراضاً أكثر وضوحاً لتراجع الصحة النفسية، مقارنة بالفتيان، كما كانت الأعراض أكثر حدة وتفاقماً مع مرور الوقت، سواء كانت هذه الأعراض داخلية، مثل الحزن والقلق، أو خارجية مثل زيادة الوزن والتراجع الدراسي.

ورصدت الدراسة أيضاً وجود تمييز واضح في كيفية التعرض للتنمر بين الجنسين، وبشكل عام كانت الفتيات هن الأكثر عرضة للتنمر من قِبل الأقران مقارنة بالفتيان، ولكن اختلف شكل التنمر؛ إذ عانت الفتيات أكثر من تعرضهن للنميمة والعزلة، بينما تأثرت الصحة النفسية للفتيان بشكل أكبر بالعدوان؛ سواء الجسدي أو اللفظي من الأقران.

وأكدت الدراسة أن البيانات المتعلقة بالتصوير العصبي -سواء الأشعة على المخ أو رسم الأعصاب- على الرغم من أنها لم تكن مؤشراً قوياً لأعراض الصحة النفسية بشكل عام لدى هذه الفئة من المراهقين، فإنها قد تكون شديدة الأهمية في بعض الحالات الأخرى، ولا يمكن الاستغناء عنها، للتأكد من عدم وجود مرض عضوي في المخ يمكن أن يؤثر بالسلب على الصحة النفسية.

وبحثت الدراسة في تأثير التغيرات العضوية في المخ بمرور الوقت على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و13 عاماً، من الذين أبلغوا عن إصابتهم بتجارب مثل الذهان، (الذهان يختلف عن الأعراض النفسية المعتادة من القلق والاكتئاب؛ حيث تسيطر على الطفل أفكار وتصورات غير عادية). وعندما تكون هذه التصورات مستمرة ومزعجة، ترتبط بزيادة خطر الإصابة باضطراب نفسي حاد في مرحلة البلوغ، مثل الإصابة بالفصام.

ووجد الباحثون أن المجموعة الصغيرة من المشاركين الذين عانوا من اضطرابات نفسية مزمنة ومزعجة، شهدت تغيرات أكبر في بنية المخ. منها على سبيل المثال: انخفاض في سمك القشرة المخية ومساحتها وحجمها، ونقص حاد في الاختبارات الإدراكية بمرور الوقت، مقارنة بمن عانوا من اضطرابات نفسية مؤقتة أو لم يعانوا منها على الإطلاق.

كما وجدت الدراسة أيضاً أن هذه التغيرات في بنية المخ، وضعف الإدراك، تساعد في تفسير العلاقة بين عوامل الخطر البيئية، (مثل التعرض للضائقة المالية، والعيش في أحياء غير آمنة)، وزيادة خطر الإصابة باضطرابات نفسية مزمنة ومزعجة؛ لأن استمرار التعرض للضغوط البيئية لفترات طويلة يُسبب تغيرات عضوية فعلية في المخ، ما يجعل الطفل أكثر عرضة للأفكار والتصورات غير الطبيعية.

في النهاية، قال الباحثون إن زيادة الوعي بجميع العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للمراهق بشكل عام، وبالبيئة الاجتماعية المحيطة به بشكل خاص، من الممكن أن تساهم بشكل فعال في الكشف المبكر عن مشكلات الصحة النفسية، والتدخل السريع لحلها من المحيطين بالمراهقين، مثل الآباء والمعلمين والأطباء.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

صحتك الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

يمكن لنوعية الطعام الذي نتناوله قبل النوم أن يلعب دوراً حاسماً في تحسين جودة النوم ومدته، في وقت يعاني فيه ملايين الأشخاص حول العالم من قلة النوم واضطراباته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)

واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

كشف فريق بحثي دولي عن مركّب طبيعي جديد مستخلص من البكتريا، يتمتع بقدرة عالية على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية دون التسبب في آثار جانبية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)

«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

كشفت دراسة جديدة أن «المواد الكيميائية الأبدية» قد تتسبب في الإصابة بمرض خطير قد يستمر مدى الحياة وهو مرض التصلب المتعدد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تناول كميات كبيرة من الفلفل الحار قد يؤدي إلى تهيج البروستاتا (رويترز)

دور الفلفل الحار في التهاب البروستاتا

يلعب النظام الغذائي دوراً أساسياً في الوقاية من أمراض غدة البروستاتا، أو زيادة مخاطرها، ويسهم بعض الأطعمة في التهاب أو تضخم البروستاتا، ومنها الفلفل الحار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
TT

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)

يمكن لنوعية الطعام الذي نتناوله قبل النوم أن يلعب دوراً حاسماً في تحسين جودة النوم ومدته، في وقت يعاني فيه ملايين الأشخاص حول العالم من قلة النوم واضطراباته.

فوفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، لا يحصل ما يقرب من ثلث البالغين على عدد الساعات الموصى بها من النوم، التي تتراوح بين 7 و9 ساعات يومياً.

ولا يقتصر تأثير قلة النوم على الشعور بالإرهاق فقط، بل يمتد ليضعف جهاز المناعة، ويزيد خطر الإصابات أثناء التمارين الرياضية، كما يؤثر سلباً على الهرمونات المنظمة للشهية، ما يؤدي إلى زيادة الإحساس بالجوع والرغبة في تناول أطعمة غير صحية.

وحسب خبراء التغذية، فإن تبني عادات غذائية ذكية قبل النوم يمكن أن يساعد الجسم على الاسترخاء والدخول في نوم أعمق وأكثر جودة، بفضل عناصر غذائية تعزز إفراز هرمونات النوم وتقلل التوتر، حسب مجلة «Real Simple» الأميركية.

وفيما يلي أبرز 10 أطعمة ينصح خبراء التغذية بتناولها قبل النوم:

اللوز

حفنة واحدة من اللوز توفر نحو 25 في المائة من الاحتياج اليومي للمغنسيوم لدى النساء، وهو معدن أساسي يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتحسين جودة النوم، خاصة لدى من يعانون الأرق.

الخضراوات الورقية

مثل السبانخ والجرجير والكرنب، وهي غنية بالمغنسيوم وفيتامين «سي»، الذي يساهم في تقليل التوتر، ما يساعد على النوم المتواصل، خاصة لمن يستيقظون ليلاً ويصعب عليهم العودة للنوم.

الكيوي

فاكهة صغيرة لكنها غنية بالسيروتونين، وهو ناقل عصبي ينظم النوم. وأظهرت دراسات أن تناول حبة أو اثنتين من الكيوي قبل النوم قد يحسّن سرعة الدخول في النوم ومدته وكفاءته.

الحمص

يعد مصدراً نباتياً للتريبتوفان، وهو حمض أميني يساعد على زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين الذي ينظم دورة النوم والاستيقاظ، ما يجعله خياراً مثالياً كوجبة خفيفة مسائية، مثل الحمص المهروس (الحمص بطحينة).

الكرز الحامض

يتميز باحتوائه على نسبة مرتفعة من هرمون الميلاتونين المنظم لدورة النوم والاستيقاظ. وتشير دراسات إلى أن تناوله قد يزيد مدة النوم ويحسّن جودته، خصوصاً لدى المصابين بالأرق.

التوت الأحمر

مصدر ممتاز للألياف؛ إذ يحتوي الكوب الواحد على 8 غرامات من الألياف. وقد ربطت دراسات بين الأنظمة الغذائية منخفضة الألياف وتراجع النوم العميق، في حين ارتبطت زيادة الألياف بنوم أكثر جودة.

أسماك السلمون

تجمع بين أحماض «أوميغا-3» الدهنية وفيتامين «د»، وهما عنصران يساعدان على تعزيز إنتاج السيروتونين وتقليل هرمونات التوتر، ما ينعكس إيجاباً على جودة النوم.

الشوفان

كشفت دراسات أن الأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات الصحية قد تقلل اضطرابات النوم مقارنة بالأنظمة المرتفعة بالبروتين أو الدهون. ويعد الشوفان مصدراً جيداً للكربوهيدرات المعقدة والمغنسيوم.

الزبادي

يلعب الزبادي دوراً مهماً في دعم صحة الأمعاء، التي ترتبط بشكل وثيق بإيقاع النوم والمزاج. فالزبادي الغني بالبروبيوتيك يعزز تنوع البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما قد يسهم في تحسين إيقاع النوم وجودته.

الفواكه الحمضية

مثل البرتقال والجريب فروت والليمون، وهي غنية بفيتامين «سي»، الذي يساعد على خفض مستويات هرمونات التوتر في الجسم، مما يسهل الاستغراق في النوم والاستمرار فيه.

ويؤكد خبراء التغذية أن تحسين النوم لا يعتمد فقط على عدد الساعات، بل على جودة النوم أيضاً، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مزيج من التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم، وعادات الاسترخاء اليومية.


واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
TT

واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)

كشف فريق بحثي دولي عن مركّب طبيعي جديد مستخلص من البكتيريا، يتمتع بقدرة عالية على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية دون التسبب في آثار جانبية ضارة.

وأوضح الباحثون من جامعة ميجو اليابانية وجامعة شولالونغكورن التايلاندية في النتائج التي نُشرت، النتائج، الجمعة بدورية «Science of The Total Environment» أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة واعدة نحو تطوير واقيات شمس صديقة للبيئة وأكثر أماناً للاستخدام البشري.

وتُعد واقيات الشمس من أهم وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية؛ إذ تقلّل مخاطر حروق الجلد والشيخوخة المبكرة وسرطان الجلد. ومع اعتماد معظم المنتجات الحالية على مرشحات كيميائية أو معدنية قد تسبب تهيجاً جلدياً أو أضراراً بيئية، يتجه البحث العلمي نحو تطوير واقيات شمس طبيعية أكثر أماناً وفعالية باستخدام مركبات حيوية.

ونجح الباحثون في اكتشاف المركّب الجديد الذي تنتجه البكتيريا الزرقاء المحبة للحرارة، المعروفة باسم «سيانوبكتيريا»، التي تعيش في البيئات القاسية مثل الينابيع الساخنة في تايلاند.

وتُعد السيانوبكتيريا من أقدم الكائنات الحية القادرة على البناء الضوئي وإنتاج الأكسجين، وتشتهر بقدرتها على البقاء في ظروف بيئية قاسية مثل الحرارة المرتفعة والملوحة العالية والإشعاع الشديد. وللتكيّف مع هذه الظروف، تنتج هذه الكائنات مجموعة واسعة من المركبات الحيوية المعروفة بدورها الطبيعي في الحماية من الأشعة فوق البنفسجية والعمل كمضادات أكسدة.

وينتمي المركّب، الذي أُطلق عليه اسم «GlcHMS326»، إلى فئة الأحماض الأمينية، ويتميز بتركيبته الكيميائية الفريدة التي تمنحه خصائص استثنائية، تجعل منه فعالاً كواقٍ طبيعي من الأشعة فوق البنفسجية ومضاداً للأكسدة في الوقت نفسه.

وبحسب نتائج الدراسة، يعمل المركب الجديد عن طريق امتصاص الأشعة فوق البنفسجية من نوعي «UV-A» و«UV-B»، ما يحمي الخلايا من التلف الناتج عن الأشعة الضارة.

وأظهرت التجارب أن إنتاج هذا المركب يزداد بشكل واضح عند تعرض البكتيريا للأشعة فوق البنفسجية، وكذلك عند التعرض للإجهاد الملحي، بينما لا يرتبط بالإجهاد الحراري، رغم أن الكائنات المنتجة له تعيش في بيئات مرتفعة الحرارة.

تقليل تلف الخلايا

كما بيّنت النتائج أن المركب يمتلك نشاطاً مضاداً للأكسدة يفوق المركبات التقليدية المستخدمة للحماية من الأشعة فوق البنفسجية، إذ أظهر قدرة أعلى على مكافحة الجذور الحرة؛ ما يساهم في تقليل تلف الخلايا وتأخير مظاهر الشيخوخة الناتجة عن التعرض للشمس.

وأكد الباحثون أن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على المجال العلمي فحسب، بل تمتد إلى التطبيقات الصناعية، حيث يمكن استخدام هذا المركب بديلاً طبيعي لبعض المرشحات الكيميائية الشائعة في واقيات الشمس، والتي ترتبط أحياناً بتهيج الجلد أو أضرار بيئية، خصوصاً على النظم البحرية.

وأشار الفريق إلى أن السيانوبكتيريا يمكن استغلالها كمصانع حيوية لإنتاج المركب على نطاق واسع بطرق مستدامة، ما يعزز فرص إدخاله في صناعات مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، إضافة إلى التطبيقات الدوائية المرتبطة بمكافحة الإجهاد التأكسدي.


«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
TT

«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)

لطالما تحدثت الدراسات والأبحاث السابقة عن مخاطر «المواد الكيميائية الأبدية» على الصحة، حيث عرفت هذه المواد بتسببها في السرطان ومشكلات الكبد والغدة الدرقية، والعيوب الخلقية، وأمراض الكلى، وانخفاض المناعة، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وغيرها من المشكلات الصحية الخطيرة.

والمواد الكيميائية الأبدية هي مواد لا تتحلل بسهولة في البيئة، وتوجد في كثير من المنتجات، مثل مستحضرات التجميل، وأواني الطهي غير اللاصقة، والهواتف الجوالة، كما تستخدم في تغليف المواد الغذائية لجعل الأغلفة مقاومة للشحوم والماء.

وقد كشفت دراسة جديدة أن هذه المواد قد تتسبب أيضاً في الإصابة بمرض خطير قد يستمر مدى الحياة وهو مرض التصلب المتعدد، بحسب ما نقلته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

والتصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي، مما يعطل التواصل بين الدماغ وبقية الجسم. ويتسبب ذلك في مجموعة واسعة من الأعراض المحتملة، بما في ذلك مشكلات في الرؤية أو حركة الذراع أو الساق أو الإحساس أو التوازن أو الإدراك.

وفي الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحليل عينات دم من 900 شخص في السويد تم تشخيص إصابتهم بالتصلب المتعدد مؤخراً، وقارنوها بعينات من أشخاص غير مصابين بالمرض.

وقام الباحثون بقياس مستويات المواد الكيميائية الأبدية في كل مجموعة، ثم استخدموا نماذج إحصائية لمعرفة مدى ارتباط التعرض للمواد الكيميائية باحتمالية الإصابة بالتصلب المتعدد.

ونظراً لأن الأشخاص يتعرضون عادةً لعدة مواد كيميائية في آنٍ واحد، فقد بحث الفريق أيضاً في كيفية تأثير التعرض لأكثر من مادة على خطر الإصابة.

ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يتعرضون لاثنين من أخطر أنواع «المواد الكيميائية الأبدية»، وهما حمض البيرفلوروكتان سلفونيك (PFOS) وثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs) - هم أكثر عرضة للإصابة بالتصلب المتعدد بنحو مرتين، مقارنة بغيرهم الذين لم يتعرضوا لهاتين المادتين.

وأشار الفريق إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى حقيقة أن «المواد الكيميائية الأبدية» قد تتداخل مع الجهاز المناعي، إما بإضعافه أو بتحفيزه بشكل مفرط.

وهذا الخلل المناعي قد يتسبب في أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد.

كما أشاروا إلى أنها قد تتسبب في أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي ومرض التهاب الأمعاء.

ويقول الخبراء إن هناك خطوات يمكن اتخاذها للحد من التعرض لـ«المواد الكيميائية الأبدية» مثل ترشيح مياه الشرب وتجنب استخدام أواني الطهي غير اللاصقة وعبوات الطعام المقاومة للدهون.