س: أعلم أن أدمغتنا تؤثر على معظم أعضاء أجسامنا. هل يمكن للدماغ أن يقوي جهازنا المناعي؟
ج: رغم أن الفكرة كانت مثيرة للجدل في البداية، فإن من الواضح الآن أن الدماغ يرسل بانتظام إشارات تؤثر على جهاز المناعة، وأن الجهاز المناعي يرسل إشارات بانتظام إلى الدماغ.

اندهاش علمي
ومع ذلك، اندهش العديد من العلماء من دراسة حديثة أظهرت مدى قوة تأثير الدماغ على جهاز المناعة.
إذ ظهر أنه عندما يدخل عامل مُعدٍ -مثل فيروس أو بكتيريا- إلى جسمك، فإن جهازك المناعي يتعرف عليه بوصفه جسماً غريباً، ويهاجمه.
أما إذا كنت قد واجهت دخيلاً غازياً معيناً من قبل، أو تلقيت لقاحاً ضده، فإن جهازك المناعي يتذكره، ويهاجمه بسرعة، وفعالية أكبر هذه المرة.
ولكن ماذا لو كنت مصاباً بنوع جديد من الفيروسات أو البكتيريا على جسمك؟ لطالما افترضنا هنا أن استجابة الجهاز المناعي تبدأ مباشرة بعد دخول العامل المُعدي إلى الجسم.
«اعتقادات» الدماغ الخاطئة
وتساءلت الدراسة الحديثة المفاجئة، التي نُشرت في عدد أغسطس (آب) 2025 من مجلة «Nature Neuroscience»، عما سيحدث إذا اعتقد دماغك أنك على وشك الإصابة بالعدوى، رغم عدم دخول أي ميكروب إلى جسمك بعد.
وفي الدراسة قدّم العلماء خوذ رأس للواقع الافتراضي لـ250 متطوعاً سليماً. وأظهرت الخوذ على شاشاتها أشخاصاً مختلفين يقتربون من المشاركين في الدراسة. وبينما بدا بعض الأشخاص المقتربين أصحاء، بدا آخرون مصابين: كان بعضهم يسعل، أو يعطس، بينما كان لدى آخرين طفح جلدي سيئ أظهرهم على أنهم مرضى.
نشاط الدماغ عند «اقتراب المرض»
وقد رُصدت أدمغة متطوعي الدراسة من خلال دراسات موجات الدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي وفحوصات الدم لهرمونات الدماغ. وتم تقييم استجابة جهازهم المناعي من خلال دراسات دم متعددة.
عندما رأى متطوعو الدراسة شخصاً سليماً يقترب، لم يكن هناك أي نشاط في أدمغتهم أو جهازهم المناعي. ومع ذلك، عندما رأى متطوعو الدراسة شخصاً «مريضاً» يقترب، بدأ نمط نشاط مميز في مقدمة أدمغتهم، تبعه إطلاق مواد كيميائية في الدم لتنبيه الجهاز المناعي، ثم تنشيطه (كما هو الحال بعد تلقي لقاح أو عدوى فعلية).
بمعنى آخر، يمكن للدماغ أن يُنبه الجهاز المناعي للاستعداد لعدوى وشيكة حتى قبل دخول الميكروب إلى أجسامنا.
تسخير الدماغ لتقوية الجسم
للإجابة عن سؤالك، يبدو أن الدماغ يمتلك القدرة على تقوية الجهاز المناعي. إلا أن السؤال هو: هل يستطيع العلماء تعلم كيفية تسخير قوة الدماغ للتأثير على جهازنا المناعي، وأعضاء أخرى، لتحسين صحتنا؟ هذا مجال بحثي نشط، ومن المرجح أن تشجع هذه الأدلة الحديثة على إجراء المزيد من الدراسات المماثلة حول العلاقة بين العقل والجسم.
• رئيس تحرير رسالة هارفارد الصحية خدمات «تريبيون ميديا»

