ليلة استثنائية مع ألحان محمد عبد الوهاب على المسرح في لندن

مسرح «رويال دروري لين» يستضيف حفلاً لأغاني موسيقار الأجيال نوفمبر القادم

من حفل برلين (يوتيوب)
من حفل برلين (يوتيوب)
TT

ليلة استثنائية مع ألحان محمد عبد الوهاب على المسرح في لندن

من حفل برلين (يوتيوب)
من حفل برلين (يوتيوب)

تحل ألحان وأغاني الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب على خشبة أحد أشهر مسارح العاصمة البريطانية لندن في 23 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم عبر حفل موسيقيّ لليلة واحدة يحتفل بموسيقار الأجيال، ويقدم ألحانه لجمهور من محبي الغناء العربي في ليلة لندنية استثنائية. حفل «محمد عبد الوهاب... والد الموسيقى العربية الحديثة» تقيمه أسرة الفنان الراحل بالتعاون مع المنتجة السعودية منى خاشقجي المهتمة بإعادة إحياء التراث الفني العربي، وسبق أن أنتجت مسرحية غنائية عن أم كلثوم عُرضت في عدد من دول العالم. ستغرد السوبرانو المصرية فاطمة سعيد في الحفل بأعذب ألحان عبد الوهاب على موسيقى أوركسترا مستمدة من الفرقة الفلهارمونية الإنجليزية وأوركسترا لندن العربية بقيادة المايسترو نادر عباسي.

المايسترو نادر عباسي والسوبرانو فاطمة سعيد والمنتجة المشاركة منى خاشقجي

يتحدث عمر خليل، حفيد الموسيقار الراحل، مع «الشرق الأوسط» حول جده وموسيقاه، وعن الحفل، ويتطرق إلى مسلسل تلفزيوني تعمل أسرة محمد عبد الوهاب على إنتاجه عن حياة موسيقار الأجيال.

محمد عبد الوهاب (العائلة)

جمهور الحفل

عبر مشوار فني امتد لأكثر من 80 عاماً جدَّد محمد عبد الوهاب الموسيقى الشرقية، وعُرف عنه الذكاء في معرفة جمهوره، وفي تطوير أسلوبه الموسيقي وتأثره بالموسيقى الغربية الكلاسيكية على وجه التحديد، وامتد تأثيره عبر الأجيال المختلفة، بسبب قدرته على التطور والذكاء في مخاطبة الجمهور.

السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو عن الجمهور الذي يهدف إليه منظِّمو الحفل؛ لمحمد عبد الوهاب شريحة واسعة من الجمهور من أصول عربية، وحتى بعض المستمعين الغربيين المطّلعين على الموسيقى الشرقية، ولكن يبقى التحدي أمام منظِّمي الحفل أن يحددوا الجمهور الذي يتوجهون إليه، وماذا سيختارون من أرشيف هائل من الأغاني والقطع الموسيقية التي تركها الراحل.

يحدد عمر خليل الهدف بسرعة: «الفئة الأساسية تضم الشباب ممن يعرف عن عبد الوهاب عبر الأهل، ولكنّ هناك أيضاً جمهوراً غربياً قد يعرف محمد عبد الوهاب، فالراحل استخدم إيقاعات وآلات غربية، وهو ما قد يجعله معروفاً لدى فئات مختلفة من الجمهور».

عبد الوهاب والموسيقى الغربية

يرى خليل أن للموسيقى الكلاسيكية تأثيراً في موسيقى جده قد يكون بدأ منذ سفره إلى أوروبا مع أمير الشعراء أحمد شوقي في عشرينات القرن الماضي حيث تفتحت ذائقته للموسيقى الكلاسيكية الغربية: «كان من أحلامه أن يقدم موسيقاه بأسلوب كلاسيكي، ولهذا قلنا: لماذا لا نأخذ هذه الخطوة، ونقدم أعماله بطريقة سيمفونية كلاسيكية؟»، وبالفعل قدمت العائلة أكثر من حفل لأعمال الجد المبدع في القاهرة والرياض وبرلين، وكان التوزيع الكلاسيكي حاضراً في بعض المقطوعات، ولكن الجديد في حفل لندن -حسبما يذكر محدثنا- هو أن الحفل كله سيقدَّم على أساس كلاسيكي سيمفوني.

محمد عبد الوهاب في أثناء تصوير أغنية «عاشق الروح»... (خاص)

قدم الموسيقار المصري عمر خيرت بعض ألحان محمد عبد الوهاب بتوزيع أوركسترالي في ألبوم «وهابيّات» فما الجديد الذي ينتظره الجمهور هنا؟ يقول خليل إن ما سيقدمه الحفل سيكون مختلفاً؛ «عمر خيرت قدم ألبومه في الثمانينات، وكان متميزاً بأسلوبه الخاص في التلحين، ولكن ما سنقدمه سيكون مختلفاً». ويلفت إلى أن العائلة قدمت أكثر من حفل لأغاني محمد عبد الوهاب؛ منها حفل أُقيم في برلين بأداء السوبرانو فاطمة سعيد، و«قدمنا أيضاً حفلات في السعودية، وفي مصر مع المايسترو نادر عباسي».

أسأله عن ردود فعل الجمهور في الحفلات السابقة، ويقول إنها كانت إيجابية: «رد الفعل كان دائماً من الناس التي تعرفه أو لا تعرفه سواء في السعودية أو في مصر أو في برلين مع جمهور غربي، كان هناك ترحيب كبير جداً لأن موسيقاه قريبة للجمهور، أرى أن محمد عبد الوهاب قرَّب الموسيقى الغربية للعرب، وهذا الاستقبال هو ما دفعنا لإقامة حفل كامل بالصيغة الكلاسيكية».

المايسترو نادر عباسي (إنستغرام)

كيف اُخْتِيرت الأغنيات التي يقدمها الحفل؟ يقول إن الأمر يختلف حسب المكان الذي ستقدَّم فيه؛ «بلا شك يختلف الاختيار من مكان لمكان، وحسب نوع الحفل الذي نقدمه، فعلى سبيل المثال الحفل الذي قُدِّم ضمن موسم الرياض كانت موسيقاه مزيجاً (هايبرد) بين توزيعات موسيقية كلاسيكية سيمفونية، لكنَّ المغنِّين كانون مطربين شرقيين، نحن هنا نقدم لجمهور يريد سماع أغاني عبد الوهاب بالطريقة التي يعرفها، هو جمهور يريد أن يغني معها، وأن يندمج مع العرض بطريقة مختلفة. في برلين كانت معنا السوبرانو فاطمة سعيد التي أدت ثلاث أغنيات منها «لأ مش أنا اللي أبكي» المعتمدة على إيقاع لاتيني، وقارنها البعض في وقتها بأغنية «غرباء في الليل» لفرنك سيناترا مع أنها صدرت عام 1959، فيما صدرت أغنية سيناترا في عام 1966».

الأغنيتان، حسب عمر خليل، «تلائمان الذائقة الغربية؛ (لأ مش أنا اللي أبكي) كانت لها نواحٍ غربية نستطيع تقديمها لجمهور ألماني وجمهور إنجليزي، والأغنية الأخرى هي (كان أجمل يوم)، وهي معتمدة على تراث فلكلوري إيطالي، وتعد قريبة وسهلة لجمهور لا يعرف عبد الوهاب وموسيقاه».

الحفيد والجد

مع أن خليل لم يدرك جده الموسيقار الكبير في سنوات عطائه؛ إذ وُلد في 1986 قبل أربعة أعوام من وفاة الموسيقار الكبير، وما بقي في ذاكرة الطفل هي صور من الجد وكبير العائلة: «في العموم ذكرياتي عنه عائلية بحتة»، لكنه اكتشف موسيقى جده بعد ذلك: «تجربتي مع موسيقاه جاءت لاحقاً، وأيضاً من ناحية مختلفة؛ فوالدي، وهو زوج ابنته، (حبَّبني) في عبد الوهاب، أعتقد أنني أحببته كمعجب أكثر من كونه جدي، طبعاً عندما وقعت في غرام موسيقاه كنت مدركاً جداً أنه جدي وأني فخور بكوني حفيده، وبدأت أفهم حجم المسؤولية الملقاة على أكتافنا كعائلته من أجل المحافظة وإحياء تراثه الموسيقي».

لا يرى الحفيد صعوبة في جذب الشباب إلى موسيقى جده؛ «المهم جداً هنا ألا نكون عنيدين وأن نقدم لكل جمهور المحتوى الذي يمكن أن يتقبله من دون بذل مجهود، وأعتقد أن هذا ما تميز به محمد عبد الوهاب؛ فقد كان (أستاذاً) في التعامل مع الجمهور، ولهذا أُطلق عليه لقب (موسيقار الأجيال)».

تدرك العائلة أن هذا هو الطريق الذي سيوصلهم إلى جميع الأجيال: «أنا مدرك أنني عندما أقدم لشخص في العشرينات قطعة من الموسيقى الكلاسيكية العربية التي أُعيدت صياغتها بأسلوب كلاسيكي غربي، قد لا يتفاعل معها، بل ممكن أن يشعر بأنها موسيقى لها علاقة بأجيال أكبر منه، لذلك أنا عندما أخاطب الشباب لا بد أن أقدم لهم الموسيقى بشكل يستطيعون فهمه من دون أن يؤثر ذلك على الأصل، والطريقة هي أن نقدم لهم أغاني عبد الوهاب عبر فنانين محبوبين يمكنهم تقديم صياغة أو ترجمة معاصرة تصل إليهم، عبر أساليب موسيقية وإيقاعات محببة إليهم».

السوبرانو فاطمة سعيد تؤدي لعبد الوهاب في حفل برلين (يوتيوب)

مسلسل درامي

ليست الحفلات الموسيقية فقط هي ما يشغل أسرة موسيقار الأجيال، بل يتردد أن هناك جهوداً قائمة لإنتاج مسلسل درامي عن حياته بالتعاون مع المنتجة السعودية منى خاشقجي والمنتج المصري محمد حفظي، ويؤكد عمر خليل هذا: «فعلاً نعمل منذ سنوات على الموضوع، ونتحدث عن الإنتاج حالياً».

بالنسبة إلى المسلسلات التي تتخذ من أشهر الفنانين موضوعاً هناك نماذج كثيرة لم تنجح، فهل يمثّل هذا الأمر قلقاً لعمر خليل والعائلة؟ يجيب: «طبعاً أيّ مشروع ندخله لإحياء تراث عبد الوهاب مسؤولية كبيرة جداً، لكن لا ينبغي أن نترك للقلق دوراً في وقف مثل هذه المشروعات، لأن شخصية مثل محمد عبد الوهاب تعد أسطورة، يجب أن يكون هناك عمل درامي يتناول حياته ومشواره، قد نقلق أن أغلبية المشاريع المشابهة لم تلقَ النجاح المنشود، وقد يكون ذلك لأسباب متعددة، مثل أنها لم تقدَّم بشكل يتقبله الجمهور، لكن من المهم بالنسبة إلينا أن نتعلم من أخطاء الغير».


مقالات ذات صلة

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

يوميات الشرق منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

فجر فيلم «الست» زخما واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص حبها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية.

داليا ماهر (القاهرة)
أوروبا فرقة تمثل آيسلندا تؤدي أغنية خلال النهائي الكبير لمسابقة الأغنية الأوروبية 2025 في بازل (رويترز)

آيسلندا تقاطع «يوروفيجن» 2026 احتجاجاً على مشاركة إسرائيل

أعلنت هيئة البث العامة في آيسلندا «آر يو في»، اليوم الأربعاء، عدم مشاركة البلاد في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن)، العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (ريكيافيك )
يوميات الشرق محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)

محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

امتدَّت الأمسية نحو 4 ساعات، استمرَّ خلالها الفنان في نثر إبداعاته وسط استمتاع الحضور...

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
TT

ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)

تتميز حيوانات الكنغر بشكلها الفريد وأسلوب حركتها المميز. عند السرعات المنخفضة، تستخدم هذه الحيوانات مشية خماسية الأرجل؛ حيث تلامس أطرافها الأمامية والخلفية وذيلها الأرض، بينما عند السرعات العالية تستخدم مشيتها المميزة بالقفز، ويمتد هذا التميز ليشمل مقدار الطاقة المستهلكة المطلوبة لاتخاذ هذه الحركات، وفق نتائج دراسة جديدة.

حقق فريق الدراسة من جامعة صن شاين كوست الأسترالية، تقدماً ملحوظاً في فهم كيفية زيادة سرعة قفز الكنغر دون تكبّد تكلفة إضافية من الطاقة المبذولة.

وأظهرت دراستهم، المنشورة في مجلة «إي لايف (eLife)» أن تغير وضعية الكنغر عند السرعات العالية يزيد من إجهاد أوتار القدم ومن عملية تخزين الطاقة واستعادتها، وأن عملية التخزين والاستعادة المتزايدة للطاقة تعادل القوة العضلية المطلوبة عند زيادة السرعة.

توضح لورين ثورنتون، الباحثة الرئيسية في الدراسة من كلية العلوم والتكنولوجيا والهندسة، جامعة صن شاين كوست، أن فرضية «تكلفة توليد القوة»، التي تم تطويرها في دراسة سابقة، «تشير إلى أنه كلما زادت سرعة حركة الحيوانات وقلّ زمن ملامستها للأرض، زادت تكلفة الطاقة المبذولة، لكن حيوانات الكنغر تخالف هذا الاتجاه».

وتضيف: «لا تزال الآليات الكامنة وراء قدرة حيوانات الكنغر على فصل سرعة قفزها عن تكلفة الطاقة غير واضحة، لذلك شرعنا في معالجة هذا الأمر من خلال دراسة حركة أطرافها الخلفية، والقوى التي تؤثر على هذه الحركة أثناء قفزها بسرعات مختلفة».

يقول محررو «eLife» إن البحث يقدم أدلة دامغة للمساعدة في الإجابة عن هذا السؤال الذي طال أمده في ميكانيكا الحركة الحيوية، ويمهد الطريق لمزيد من الدراسات للتحقق بشكل أدق من كيفية ارتباط سرعات قفز الكنغر بالتكلفة الأيضية للطاقة.

ابتكرت ثورنتون وزملاؤه نموذجاً ثلاثي الأبعاد للجهاز العضلي الهيكلي للكنغر، بالاعتماد على بيانات التقاط الحركة ثلاثية الأبعاد ولوحة قياس القوة - المتعلقة بالقوة المبذولة على الأرض أثناء القفز - لتحليل حركات الكنغر الأحمر والرمادي.

باستخدام هذا النموذج، قيّموا كيفية تأثير كتلة جسم الحيوان وسرعته على شكله وحركته أثناء القفز، وما يرتبط بها من إجهاد على أوتار عضلات بسط الكاحل؛ وجهد الكاحل المبذول.

وكشفت تحليلاتهم أن وضعية الطرف الخلفي للكنغر تتغير بتغير كتلة الجسم وسرعته، وأن الطرف الخلفي كان أكثر انحناءً مع زيادة سرعة الحركة.

وأظهر تحليل طاقة مفاصل الكنغر أن معظم العمل والطاقة التي يبذلها الحيوان في كل قفزة في الطرف الخلفي تُؤدى بواسطة مفصل الكاحل. ومع ازدياد انحناء الطرف الخلفي مع زيادة السرعة، انخفضت الطاقة الحركية المرنة للكاحل.

تقول ثورنتون: «وجدنا أنه كلما زادت سرعة قفز الكنغر، زاد انحناؤه، ويعود ذلك أساساً إلى تغيير زوايا مفصلي الكاحل ومشط القدم السلامي، مما يُقلل من الطاقة الحركية المرنة للكاحل. ونتيجة لذلك، يزداد إجهاد وتر أخيل، وبالتالي تزداد كمية الطاقة المرنة التي يمكنه تخزينها وإعادتها في كل قفزة».

وتضيف: «وجدنا أن هذا يساعد الكنغر على الحفاظ على نفس مقدار صافي العمل عند الكاحل، ونفس مقدار العمل العضلي، بغض النظر عن السرعة».


حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً، وصدم الخبر محبيها وأصدقاءها لكونه يأتي بعد وقت قصير من ظهورها في كواليس تصوير فيلم نجلها أحمد الفيشاوي «سفاح التجمع» قبل أسابيع قليلة.

ووُري جثمان الراحلة الثرى بمقابر العائلة بحضور عدد من أصدقائها وأقاربها وغياب نجلها أحمد الفيشاوي الموجود خارج مصر، بينما سيكون حاضراً لمراسم العزاء المقرر إقامتها مساء الاثنين بمسجد عمر مكرم (وسط القاهرة) حسبما أعلنت «نقابة الممثلين».

ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنها كانت ذات «مسيرة فنية متميزة، وأسهمت بأعمالها المتنوعة في إثراء المشهد الفني المصري وترك بصمة خاصة لدى الجمهور من خلال أدوار مختلفة».

تشييع جثمان سمية الألفي (الشرق الأوسط)

وُلدت سمية يوسف أحمد الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، وتخرجت في كلية الآداب، قسم علم الاجتماع، وبدأت مسيرتها الفنية في سبعينات القرن الماضي عبر المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون، لتنطلق في مسيرة قدمت خلالها عشرات الأعمال المتنوعة بين الدراما التلفزيونية في المسلسلات والسهرات، أو المسرحيات، بالإضافة إلى بعض المشاركات السينمائية.

وشكَّلت مشاركتها في مسلسل «ليالي الحلمية» بشخصية «البرنسيسة نورهان» نقطة تحول في مسيرتها الفنية، وقدّمت نموذج المرأة الأرستقراطية المرتبطة بزمن اجتماعي يتغير، بينما برزت بأكثر من عمل درامي، من بينها «الراية البيضاء». وغابت الألفي في السنوات الأخيرة مفضِّلةً الابتعاد عن الوسط الفني بسبب مشكلات صحية.

على المستوى الشخصي، تزوجت سمية الألفي الفنان الراحل فاروق الفيشاوي، وأنجبت منه ابنيهما أحمد وعمر، وبعد انفصالهما، تزوجت الملحن مودي الإمام، ثم المخرج جمال عبد الحميد، والفنان مدحت صالح، لكنها جميعها كانت زيجات قصيرة.

ورافقت الألفي والد ابنيها، فاروق الفيشاوي، في محنة مرضه وإصابته بالسرطان، وخلال رحلة العلاج كانت إلى جواره، ووصفته بأنه «حب عمرها» في تصريحات إعلامية عدة.

ونعى عدد من الفنانين والنقاد الراحلة عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم الفنان إدوارد، والإعلامية وفاء الكيلاني، والناقد طارق الشناوي، مقدمين العزاء لعائلتها ونجليها.

وقالت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» إن «مسيرة سمية الألفي لم تكن طويلة زمنياً، وكانت قادرةً على الاستمرار لفترة أطول، لكنها فضَّلت الانسحاب والابتعاد لأسباب تخصها»، مشيرة إلى أنها «قدَّمت أدواراً جيدة ومؤثرة، لكنها لم تحصل على فرص بطولة رغم استحقاقها لها».

شاركت سمية الألفي بعدد كبير من الأعمال (المركز الكاثوليكي للسينما)

وأشارت إلى أن من أبرز أعمالها المسرحية «الأيام المخمورة» مع خالد الصاوي التي قُدِّمت في نهاية التسعينات، لافتة إلى أن السينما لم تكن المساحة الأوسع في مسيرتها، لكن تميُّزها الحقيقي كان في تقديم الأدوار الأرستقراطية بشكل غير مفتعل.

هذا الرأي دعمه الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «سمية الألفي، منذ نهاية السبعينات، احتفظت بخط فني واضح، تَمثَّل في أداء الشخصية الجادة أو (الهانم) وهو خط برز في أعمالها التلفزيونية، خصوصاً في (ليالي الحلمية) و(الراية البيضاء)»، مشيراً إلى أن الأخير منحها فرصة لإظهار موهبتها بشكل أكبر مع كثرة التحولات التي مرَّت بها الشخصية والمساحة التي شغلتها بالأحداث.

وأوضح سعد الدين أنها قدَّمت أدواراً مميزة في أعمال مثل «العطار والسبع بنات» مع نور الشريف، ولم تخشَ تقديم مرحلة عمرية متقدمة، مؤكداً أن جزءاً من تميُّز مسيرتها الفنية اعتمد على دقتها في اختيار أدوارها.


العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
TT

العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)

بدأت الاستعدادات في قاعة «Neon Battersea Power Station» بلندن، لاستقبال المعرض الأثري المصري المؤقت «رمسيس وذهب الفراعنة»، المقرر افتتاحه في 28 فبراير (شباط) المقبل بالعاصمة البريطانية في محطته السابعة، بعد انتهاء فترة عرضه بالعاصمة اليابانية طوكيو.

وتفقد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، الدكتور محمد إسماعيل خالد، جاهزية قاعات العرض من حيث فترات العرض، والإضاءة، وأنظمة الأمن والحماية؛ للاطمئنان على استيفاء كافة المتطلبات اللازمة لافتتاح المعرض، وتوفير أعلى مستويات الحماية والأمان للقطع الأثرية، إلى جانب تطبيق الإجراءات التأمينية والاحترازية المعتمدة، بما يضمن خروج المعرض بالصورة اللائقة بمكانته كـ«أحد أبرز سفراء الحضارة المصرية في الخارج»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار، السبت.

متابعة التجهيزات لاستقبال معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بلندن (وزارة السياحة والآثار)

ويضم معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» 180 قطعة أثرية تحكي تاريخ الحضارة المصرية القديمة من خلال فترات مختلفة، وتشمل القطع الأثرية مقتنيات من المتحف المصري في التحرير تعود إلى عصر الملك رمسيس الثاني، بالإضافة إلى تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية، وعدد من القطع الأثرية المكتشفة بواسطة البعثة المصرية بمنطقة البوباسطيون بسقّارة، إلى جانب مختارات من مقتنيات متاحف مصرية أخرى. وتبرز القطع الأثرية سمات الحضارة المصرية القديمة منذ عصر الدولة الوسطى حتى العصر المتأخر، من خلال تماثيل، وحُلي، وأدوات تجميل، ولوحات، وكتل حجرية مزخرفة بالنقوش، فضلاً عن عدد من التوابيت الخشبية الملونة، وفق بيان الوزارة.

وعقد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار اجتماعات مع منظمي المعرض، الذي من المقرر أن يستمر حتى 30 أغسطس (آب) 2026، لمناقشة مختلف الإجراءات والرؤى المتعلقة بمراسم الافتتاح الرسمي، بما يضمن تنظيم الحدث على أعلى مستوى، وبما يتناسب مع أهمية المعرض وعظمة الحضارة المصرية.

وأكد خالد أن «المعارض الأثرية الخارجية تمثل نافذة مهمة للتعريف بالحضارة المصرية العريقة أمام شعوب العالم، وإبراز عبقرية وبراعة المصري القديم في مجالات العلم والهندسة والفن وغيرها، بما يسهم في تعزيز التقارب الثقافي بين الشعوب، فضلاً عن كونها أداة فعالة للترويج السياحي لمصر ومقوماتها الثقافية والأثرية عالمياً».

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» لدى عرضه بألمانيا (وزارة السياحة والآثار)

وبدأ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» رحلته حول العالم عام 2021 بمحطته الأولى في مدينة هيوستن بالولايات المتحدة الأميركية، ثم سان فرانسيسكو، ثم العاصمة الفرنسية باريس، قبل أن ينتقل إلى متحف سيدني بأستراليا، ثم مدينة كولون بألمانيا، وصولاً إلى العاصمة اليابانية طوكيو.

ويرى عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ليس مجرد حدث ثقافي عابر، بل هو رسالة حضارية مصرية متجددة إلى العالم، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «رمسيس الثاني هنا لا يُقدَّم كملك عظيم فحسب، بل كرمز لعبقرية الدولة المصرية القديمة، وقدرتها على التنظيم والإبداع والاستمرارية»، ومشيراً إلى أن اختيار لندن، بما تمثله من ثقل ثقافي وإعلامي، كمحطة سابعة للمعرض، يعزز من حضور مصر في الوعي العالمي، ويعيد طرح التاريخ المصري بوصفه تاريخاً إنسانياً مشتركاً.

وتراهن مصر على المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج بوصفها «سفيراً للحضارة المصرية»، ووسيلة للترويج السياحي للمقاصد المصرية عبر العالم، وأقامت من قبل معارض للملك توت عنخ آمون، بالإضافة إلى معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» في شنغهاي بالصين، وجذبت هذه المعارض ملايين السياح لزيارتها منذ عام 2018 حتى العام الحالي.

وبحسب عبد البصير، فإن قيمة هذه المعارض لا تقتصر على عرض القطع، «بل تكمن في السرد العلمي المتوازن الذي يرافق القطع، وفي القدرة على تحويل الأثر الصامت إلى قصة حية عن السلطة، والعقيدة، والفن، والحياة اليومية في مصر القديمة»، وفق قول عبد البصير الذي وصف المعارض الأثرية المؤقتة بأنها «أنجح أدوات القوة الناعمة؛ إذ تجمع بين العلم والدبلوماسية الثقافية، وتؤكد أن حماية التراث وعرضه للعالم هما شكل من أشكال الدفاع عن الهوية».