كيف تؤطر تطبيقات الغناء مزاجات المستمعين؟

عبر إتاحة أعمال متشابهة وفق خوارزميات محددة

التطبيقات الغنائية والموسيقية متاحة على الإنترنت (رويترز)
التطبيقات الغنائية والموسيقية متاحة على الإنترنت (رويترز)
TT

كيف تؤطر تطبيقات الغناء مزاجات المستمعين؟

التطبيقات الغنائية والموسيقية متاحة على الإنترنت (رويترز)
التطبيقات الغنائية والموسيقية متاحة على الإنترنت (رويترز)

اعتاد المتخصص في الغرافيك، علاء طلعت (50 عاماً) فتح أحد تطبيقات الموسيقى على الإنترنت خلال طريقه من منزله في مدينة العبور (شرق القاهرة) إلى مكتبه في المهندسين (غرب القاهرة): «عادة أبدأ بأغنية أحبها أو لها ذكريات عندي لعلي الحجار أو محمد منير أو غيرهما، ثم تتوالى أغانٍ للمطرب أو لمطربين آخرين في الفترة الزمنية نفسها».

وعادة ما يجد علاء نفسه مستسلماً للاقتراحات التي يقدمها له التطبيق والمشابهة لما اختاره في النهاية، بحسب ما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أجد نفسي في حالة من النوستالجيا تسليني وتوقظ مشاعر قديمة طوال الطريق الذي يستغرق نحو ساعة، ولا أشغل نفسي بالبحث عن أغانٍ أخرى قد تكون محببة بالنسبة لي».

«تقف وراء تطبيقات الموسيقى مجموعة من الخوارزميات تلعب دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات الاستماع وتأطير مزاج المستمعين، هي ببساطة أنظمة تجمع بيانات عنا وتعيد ترتيبها لتقترح أغاني تشبه التي نحبها، بعضها يربط بين مستخدمين عندهم ذوق مشابه، وبعضها يقيس خصائص الأغاني نفسها، مثل الإيقاع واللحن وطيف الصوت وكلمات الأغاني، وأحياناً يكون هناك خلط بين الطريقتين، وبعض الخوارزميات الأكثر تطوراً تحاول خلق توازن بين إعطاء المستمع ما يعرفه وبين مفاجأته لاكتشاف جديد»، بحسب الخبيرة في الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الإلكترونية، إيمان الوراقي.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تطبيقات الموسيقى تترجم سلوكياتنا مثل التخطي، وإعادة التشغيل، ومدة الاستماع، أو إضافة أغنية للقائمة، إلى مزاجات معينة، فتتحول القوائم والتوصيات لمرايا تعكس أذواقنا، هذه المرايا ليست محايدة، بل تعمل على إبراز جانب على حساب تهميش جانب آخر، فنجد أغنية مشهورة تظهر بشكل أكثر من غيرها، وغالباً ما يتم تصميم النماذج لزيادة وقت الاستماع، وليس بالضرورة لتنوع التجربة، فيكون هناك تثبيت لمزاج معين وتكرار يجعلنا نغوص فيه أكثر».

ولفتت إلى أن «الموضوع له أبعاد اجتماعية وأخلاقية، فحين تسيطر خوارزميات تجارية على الاكتشاف الموسيقي، يظهر نوع من فقاعات الذوق، ويقل التنوع الثقافي، ويتشكل المزاج الجماعي وفق أهداف تجارية».

وتضم المتاجر الإلكترونية سواء الخاصة بنظام التشغيل «أندرويد» أو «أبل» أو على «غوغل» أو «يوتيوب» العديد من التطبيقات المخصصة للموسيقى والغناء، وهي تطبيقات مجانية تتيح ملايين الأغاني، وبعضها يقدم قوائم تشغيل قريبة من ذوق الشخص بحسب اختياره الأول.

أحد التطبيقات للموسيقى والغناء واقتراحات للاستماع (صفحة التطبيق على الإنترنت)

عميد المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون بالإسكندرية، الناقد الموسيقي، الدكتور وليد شوشة، يرى أن «كل الفنون مرهونة بأدوات إنتاجها، وإذا نظرنا للموسيقى ومدى تأثير التطبيقات والخوارزميات على أمزجة المستمعين، فهذا الأمر يعود لمراحل تفاعل الموسيقى مع التكنولوجيا عموماً، وصولاً إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يصل الذكاء الاصطناعي عبر تطبيقات وبرامج متنوعة لطريقة وطبيعة تفكير الأفراد والمجتمعات، ويتواصل معها ويستوعبها ويقدم تدريجياً ما يريد طرحه بشكل مباشر وغير مباشر، وبالتالي يمكن أن يحقق مستقبلاً نوعاً من الهيمنة على ذائقة المتلقي».

ويوضح شوشة أن «دور الخوارزميات يكمن في أنها تتعمق في أغوار النفس البشرية، لمعرفة وفهم سيكولوجية الأفراد والمجتمعات، وعبر هذا الفهم تؤطر الفكر والتلقي وتسهم في تشكيل وعينا وذوقنا واحتياجاتنا الموسيقية».

حين يتوجه محمد كمال (42 عاماً)، من مسكنه بمدينة نصر إلى عمله كمشرف صيانة للأجهزة الإلكترونية بإحدى الشركات الخاصة في التجمع الخامس (شرق القاهرة)، يبدأ في تشغيل تطبيق الأغاني المحبب إليه على الموبايل، ويختار مجموعة أغانٍ لمطربه المفضل، عمرو دياب، لكنه لا يترك باقي الاختيارات للتطبيق، بل يحدد قائمة تضم مطربين آخرين مثل علي الحجار ومحمد فؤاد ومحمد منير ومدحت صالح.

يقول محمد لـ«الشرق الأوسط»: «يساعدني التطبيق الغنائي على اختيار مجموعة أغانٍ وفق مزاجي، وأحياناً يقدم لي اقتراحات ويترك لي الحرية في اختيارها، لكني في النهاية أجدها قريبة من مزاجي للسماع في هذا التوقيت، وهو أمر مفيد بالنسبة لي».

ويتفق الناقد الموسيقي المصري، أحمد السماحي، مع هذا الرأي موضحاً أن «هذه الخاصية تقدم للمستمع أو الجمهور خدمة جليلة، فلو دخلنا على أغنية رومانسية مثل (أنا باعشقك) لميادة الحناوي، لن يأتي لك التطبيق بأغانٍ مشابهة فقط، بل يمكن أن يقترح عليك الأغنية نفسها بأصوات أخرى وهو أمر ممتع».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لو اتجهنا لسماع أغاني المهرجانات فسيقدم لنا التطبيق العديد من أغاني المهرجانات ليعيش المستمع الحالة بطريقة شبه مشبعة»، وإن كانت هذه الخاصية تؤثر فعلاً على الحالة المزاجية للمستمع وتؤطرها وتدعمها بالأجواء النفسية الملائمة، وفق السماحي، فإن «ذلك يعود إلى الذكاء والمهرة في التسويق، فحين تدخل لسماع أغنية مدتها 5 دقايق، يمكنك أن تجد نفسك في إطار مزاجي وفق قائمة تشغيل تمتد لساعة أو ساعتين».

وفي حين تحذر خبيرة الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الإلكترونية من بعض المخاطر المحتملة، قائلة: «في كل مرة يقترح التطبيق أغنية جديدة بناءً على ما سمعناه أو ما فعله غيرنا، نكون جزءاً من حلقة مغلقة، ونبتعد عن التنوع الذي يمكن أن يثري تجاربنا الموسيقية، فهذا التكرار ليس بريئاً، لأنه يعزز نمطاً شعورياً معيناً، ويجعلنا نعيش في دائرة مريحة لكن محدودة، كأننا عالقين في موجة صوتية مستمرة تحركنا دون أن نشعر»، إلا أنها ترى مخرجاً من هذا الأمر وهو «تصميم خوارزميات تراعي التنوع، وتعطي فرصة للاستكشاف، وتتيح للمستخدم التحكم في (مزاج التوصية)».

بينما يرى الناقد الموسيقي المصري، محمود فوزي السيد، أن «هذه التطبيقات لها تأثير مباشر على الأذواق، فهي تحدد من المرشح للاستماع إليه»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «كل تطبيق على حدة يقدم قائمته ويطرح من خلالها ترتيب المطربين، حين يخبرك التطبيق كل فترة أن هذا الأعلى استماعاً يؤثر ذلك على اختيارات المستمع وعلى ذوقه»، وأشار السيد إلى أن هناك مشكلة في بعض المنصات والتطبيقات، وهي أنها لا تعلن عن نسب الاستماع، ويتابع: «الأخطر من ذلك أن بعض التطبيقات والمنصات تعمل على الترويج للبعض، فحين تروج منصات لفكرة أن أغاني المهرجانات هي الأعلى، يذهب المستمع إليها بدافع الفضول، وهنا يتشكل تأثير المنصات على المستمع».


مقالات ذات صلة

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

يوميات الشرق منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

فجر فيلم «الست» زخما واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص حبها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية.

داليا ماهر (القاهرة)
أوروبا فرقة تمثل آيسلندا تؤدي أغنية خلال النهائي الكبير لمسابقة الأغنية الأوروبية 2025 في بازل (رويترز)

آيسلندا تقاطع «يوروفيجن» 2026 احتجاجاً على مشاركة إسرائيل

أعلنت هيئة البث العامة في آيسلندا «آر يو في»، اليوم الأربعاء، عدم مشاركة البلاد في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن)، العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (ريكيافيك )
يوميات الشرق محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)

محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

امتدَّت الأمسية نحو 4 ساعات، استمرَّ خلالها الفنان في نثر إبداعاته وسط استمتاع الحضور...

«الشرق الأوسط» (الرياض)

استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
TT

استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)

يستخدم الملايين من الأشخاص حول العالم تطبيقات المواعدة للعثور على شريك حياة. ورغم مزايا التطبيقات العديدة، كإمكانية تحديد شركاء محتملين عدة ودعوتهم للقاء، فإنها لا تُعدّ دائماً إيجابية للصحة النفسية، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

فالاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة، كالبحث لساعات عن الشريك المثالي، قد يرتبط بمشاكل نفسية. مع ذلك، لم تُجرَ حتى الآن دراسات نفسية شاملة حول هذا الموضوع، ولم تُدمج نتائجها بشكل منهجي لتحديد أنماط عامة تربط بين استخدام تطبيقات المواعدة والصحة النفسية.

دراسة جديدة

نُشرت مؤخراً دراسة تحليلية جديدة في مجلة «الحواسيب في السلوك البشري» الأكاديمية، تركز على سد هذه الفجوة المهمة في الدراسات النفسية المتعلقة بتطبيقات المواعدة. ودمج فريق البحث في هذه الدراسة التحليلية لتطبيقات المواعدة بيانات من 23 دراسة (نُشرت بين عامي 2007 و2024) حول تأثير هذه التطبيقات على الصحة النفسية. وشملت البيانات التي تم تحليلها بيانات أكثر من 26 ألف متطوع.

وأظهرت الدراسات التي تم تحليلها أشكالاً مختلفة من النتائج السلبية لتطبيقات المواعدة على الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والوحدة والتوتر.

صحة نفسية أسوأ

أظهرت نتائج تحليل الدراسات أن مستخدمي تطبيقات المواعدة يعانون مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ، بما في ذلك الاكتئاب والوحدة والقلق والضيق النَفْسِي، مقارنةً بمن لا يستخدمون هذه التطبيقات.

وأظهر مستخدمو تطبيقات المواعدة العزاب مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ مقارنة بمستخدمي تطبيقات المواعدة من المرتبطين.

الحد من الاستخدام المفرط

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التأثير ناتجاً من استخدام الأشخاص ذوي الصحة النفسية المتدهورة لتطبيقات المواعدة بشكل أكبر من الأشخاص السعداء، أو أن استخدام هذه التطبيقات يؤدي إلى مشاكل نفسية.

وعلى الأرجح، يحدث كلا الأمرين بدرجات متفاوتة. وهذا يُبرز ضرورة أن يضع مصممو تطبيقات المواعدة الصحة النفسية للمستخدمين في حسبانهم عند تصميم تطبيقاتهم، وفق «سيكولوجي توداي».

كما ينبغي على المستخدمين التفكير في الحد من الاستخدام المفرط لهذه التطبيقات والتركيز على التفاعلات الواقعية مع الأشخاص الذين التقوهم عبر التطبيق أو بطرق أخرى.


هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
TT

هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم بأن تناول الجزر الصغير قبل النوم يُحسّن جودة النوم، لكن عِلم التغذية لا يدعم فكرة أن الجزر - أو أي طعام آخر - يُساعد على النوم.

والجزر الصغير من الخضراوات منخفضة السُّعرات الحرارية، وهو غني بالألياف والكربوهيدرات والبوتاسيوم وفيتامين ك والبيتا كاروتين، الذي يحوّله الجسم إلى فيتامين أ، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.

وتلعب هذه العناصر الغذائية أدواراً معروفة في الصحة العامة، لكن لا تُصنّفها الهيئات الصحية الفيدرالية على أنها تُساعد على النوم عند تناولها ليلاً، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

ومع ذلك، يُساعد التركيب الغذائي للجزر في تفسير سبب انتشار الحديث عنه على الإنترنت، إذ تقول جيسيكا ماك، خبيرة الصحة في نيويورك: «ينبع هذا الاعتقاد من العناصر الغذائية التي يحتويها الجزر وعلاقتها بتنظيم النوم».

وعلى الرغم من الادعاءات المتداولة على الإنترنت، لا توجد أدلة تُثبت أن الجزر يُحسّن النوم بشكل مباشر. ويقول خبراء التغذية واختصاصيو النوم إن تناول وجبات كبيرة أو دسمة قبل النوم مباشرة قد يُؤثر سلباً على النوم، مُسبباً شعوراً بعدم الراحة أو عسر الهضم. قد تكون الوجبات الخفيفة أسهل هضماً لبعض الأشخاص، لكن استجابة كل فرد تختلف.

وجدت الدراسات ارتباطاً بين زيادة تناول الفاكهة والخضراوات، وزيادة استهلاك الألياف، وتحسين جودة النوم، لكن هذه النتائج تعكس جودة النظام الغذائي بشكل عام، وليس التأثيرات المباشرة لتناول وجبة خفيفة قبل النوم.

وتقول الخبيرة ماك: «الجزر ليس من مُساعِدات النوم، ولا يوجد دليل قاطع على أن تناول الجزر الصغير وحده يُساعد على النوم أسرع». وأضافت أن أي فائدة مُحتملة ستكون غير مباشرة، وأردفت: «يُمكن أن يُساعد الجزر بشكل غير مباشر على النوم عند تناوله بصفته جزءاً من وجبة عشاء مُتوازنة. فقد تُساعد الألياف والكربوهيدرات الطبيعية الموجودة فيه على استقرار مُستويات السكر بالدم طوال الليل، مما قد يُقلل اضطرابات النوم لدى بعض الأشخاص. ومن المُرجّح أن تكون أي فائدة طفيفة وداعمة وليست فورية أو ملحوظة».

وقد خضعت بعض الأطعمة لدراسات مُعمّقة حول علاقتها بالهرمونات والنواقل العصبية المُتعلّقة بالنوم. ووفقاً لماك، فإن الأطعمة التي تحتوي على التربتوفان أو المغنسيوم أو المركبات التي تدعم إنتاج الميلاتونين قد يكون لها ارتباط أقوى بالنوم.

وقالت ماك: «الجزر الصغير غني بالعناصر الغذائية، وسعره مناسب، وسهل التناول، كما أنه يدعم صحة العين، ووظائف المناعة، وصحة الجلد، بفضل محتواه من البيتا كاروتين».

وأشارت الخبيرة إلى أمثلة تشمل الزبادي والحليب والمكسرات والبذور والشوفان والموز والكيوي والكرز والحبوب الكاملة، ولاحظت أن «تناول الكربوهيدرات مع البروتين على العشاء أو كوجبة خفيفة مسائية يُسهم في تحسين جودة النوم، من خلال دعم إنتاج السيروتونين وتوازن سكر الدم».


«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
TT

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)

ولَّى زمن الاندهاش أمام سطحيِّة الحبكة وخفَّة الأحداث في «Emily in Paris» (إميلي في باريس). بعد خمسة مواسم من الإبهار البصري والتركيز على الجماليَّات على حساب القصة، بات من الممكن التغافل عن أسباب الانتقاد. فهوية المسلسل صارت معروفة، مزيجٌ من الحكايات اللطيفة المحفِّزة على الحلم والصالحة لتمرير الوقت، تزيِّنها أزياء فائقة الأناقة والجرأة، وأهم ما في خلطة المسلسل الكثير من الأهداف التسويقية.

في موسمه الخامس الذي حلَّ قبل أيام على منصة «نتفليكس»، بدا مسلسل «Emily in Paris» أشبه بإعلان ترويجيّ طويل لعددٍ لا يُحصى من العلامات التجارية. من دُور الأزياء الإيطالية، مروراً بمستحضرات التجميل الفرنسية، وليس انتهاءً بأسماء معروفة من منتجات القهوة والكحول. وكأنّها احتفاليّة لرُعاةٍ تجاريين موَّلوا رحلة (إميلي) من باريس إلى روما.

الشابة الأميركية التي أحدثت إطلالتها ضجّة عالمية في الموسم الأول، نقلت مقرّ إقامتها من العاصمة الفرنسية حيث بدأت مغامرتها عام 2020، إلى روما. لحقت بالحب المتمثّل بالشاب الإيطالي مارتشيللو موراتوري، وبطموحها المهني لتسلُّم الفرع الإيطالي من شركة التسويق حيث تعمل. لكن كالعادة، صاحبة الشركة المتغطرسة (سيلفي غراتو) تقف لإميلي بالمرصاد، فهي وفريقها انتقلوا جميعاً إلى روما لاستكمال مجريات القصة هناك.

بشعرٍ قصير وتسريحاتٍ جريئة تكمّلها جرأة الملابس، تطلّ إميلي على معجبيها وهُم كثُر. لا بدّ من الاعتراف بأنّ أداء الممثلة ليلي كولنز اكتسب مزيداً من النضج والقدرة على الإقناع مع مرور المواسم. غير أنّ مناخ روما لم يلائم المسلسل كثيراً، رغم توظيف عناصر الجاذبيّة كافةً؛ من جمال المدينة بأبنيتها التاريخية ومعالمها الأثرية وساحاتها الصاخبة، مروراً بالمائدة الإيطالية بما فيها من باستا وأطباقٍ ملوّنة شهية، وليس انتهاءً بأناقة الإيطاليين ولُطفهم.

مارتشيللو موراتوري حبيب إميلي الإيطالي (نتفليكس)

يتّضح منذ البداية أن المسلسل لم يجد لنفسه حبكة يوحّد بها بنيته الدرامية، ما يعرّض الإيقاع للرتابة والمُشاهد للشرود، لولا أدوات الزينة وهي كثيرة. من بينها على سبيل المثال صديقة إميلي (ميندي تشن)، العائدة بحيويّتها وصوتها الساحر وأغانيها التي لا تغيب عن أيٍ من الحلقات العشر. وتنضمّ إلى أسرة المسلسل الممثلة المخضرمة ميني درايفر بشخصية (الأميرة جاين) الغارقة وزوجَها الأمير الإيطالي في الإفلاس، فتحاول الاستفادة من صداقتها مع سيلفي غراتو للترويج لنفسها ولقَصرها وجَمع بعض المال.

انضمام الممثلة ميني درايفر إلى أسرة «إميلي في باريس» (نتفليكس)

تترافق البنية الدرامية المترنّحة واهتزاز قصة الحب بين إميلي ومارتشيللو، ما يستدعي عودةً سريعة إلى باريس. كالسمكة التي رجعت إلى الماء، يتنفّس المسلسل بعض الصعداء في موطنه الطبيعي. تمدّ باريس حبل الإنقاذ إلى إميلي ورفاقها، فبدءاً من الحلقة الخامسة يسترجع المسلسل جزءاً من مزاجه المعهود.

يتسارع إيقاع الأحداث قليلاً فتُمتَحن الصداقة ما بين إميلي وميندي، كما تختبر البطلة قدرتها على منح فرصٍ ثانية لمَن خذلوها. أما سيلفي، فيعود جزءٌ من ماضيها ليُضفي بعض الإثارة والتشويق. غير أنّ معظم الحبكات الفرعية تعاني من البَتر، لا سيما تلك التي تبرز في الحلقة السادسة حيث تزور إميلي السفارة الأميركية في باريس وتتعرف على أحد الموظفين هناك.

تخضع الصداقة بين إميلي وميندي لامتحان في هذا الموسم (نتفليكس)

وحدَه الثابت والعائد أبداً إلى حياة إميلي (الشيف غابرييل)، حبُّها الباريسي الأول. فرغم التغييرات الكثيرة التي تطرأ على حياته في هذا الموسم، تعود به الطريق دوماً إليها. مثلُه مثلُ مشاهدي المسلسل، الذين وإن علموا بهفواته وخفّته أحياناً، فإنهم أوفياء لمُشاهدة أيِ موسمٍ جديدٍ منه.

إلى جانب إميلي، يقف مارتشيللو داخل دائرة الضوء في هذا الموسم. فإذا كانت ثمة حبكة ما في المسلسل، هي تدور حوله. من علاقته بعائلته الثرية، وإرث والده مصمم الأزياء، مروراً بمشاعره تجاه إميلي، وصولاً إلى مستقبله المهني. نرى إميلي تضع اهتماماتها الشخصية جانباً من أجل الدفع بحبيبها إلى الأمام. يبدو وكأن الجميع يتجرّأ على اقتناص فرصٍ جديدة باستثناء إميلي، المتشبّثة بكرسيّها الباريسي داخل شركة سيلفي غراتو.

العودة إلى باريس تعيد للمسلسل بعض إشراقته (نتفليكس)

لعلَّ الرسالة الوحيدة التي يتضمنها المسلسل والتي تبعث على التفكير قليلاً، هي تلك الجرأة التي تتسلّح بها بعض شخصياته للتخلِّي عن الماضي وابتكار حياة جديدة. يغادر الشيف غابرييل مطعمه الباريسي ليعمل طاهياً على متن يختٍ خاص برجل أعمال نافذ. أما (نيكو)، حبيب ميندي، فيترك إمبراطورية والده للأزياء ليؤسس عمله الخاص بالشراكة مع مارتشيللو. حتى (سيلفي) التي تجاوزت سنّ المجازفة، تمتد إليها العدوى فتطلب الطلاق من زوجها.

كما أنّ لفترة أعياد نهاية السنة سحرها الخاص، كذلك لمسلسل «Emily in Paris»، وقد اختارت «نتفليكس» التوقيت الأذكى للعَرض.

لا توحي نهاية الموسم الخامس بأنه سيكون الأخير في السلسلة (نتفليكس)

قبل أيام من انطلاق الموسم الخامس، دخل مؤلِّف المسلسل الكاتب والمخرج الأميركي دارن ستار إلى قصر الإليزيه مكرّماً. هناك، قدّم له إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف، وهو أعلى تكريم في فرنسا. توجَّه الرئيس الفرنسي إلى الضيف قائلاً: «لقد جعلت فرنسا تلمع حول العالم»، في إشارةٍ إلى الدور الذي لعبه «Emily in Paris» في التسويق للسياحة والمطاعم والأزياء في باريس. مع العلم بأن السيدة الفرنسية الأولى، بريجيت ماكرون، كانت لها إطلالة خاطفة في الموسم الرابع من المسلسل.