ما أبرز الوظائف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي؟

وكيف ستؤثر التكنولوجيا على سوق العمل؟

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع استخدامها في قطاعات عديدة من سوق العمل ظهرت العديد من الوظائف الجديدة (أ.ف.ب)
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع استخدامها في قطاعات عديدة من سوق العمل ظهرت العديد من الوظائف الجديدة (أ.ف.ب)
TT

ما أبرز الوظائف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي؟

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع استخدامها في قطاعات عديدة من سوق العمل ظهرت العديد من الوظائف الجديدة (أ.ف.ب)
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوسع استخدامها في قطاعات عديدة من سوق العمل ظهرت العديد من الوظائف الجديدة (أ.ف.ب)

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً كبيراً في سوق العمل، وقد يكون من المبكر الحُكم على هذا التحول بصورة كاملة بإيجابياته وسلبياته، لكن الأمر المؤكد هو أن هذا التحول يُسهم في إيجاد وظائف جديدة، وقد يُهدد وظائف أخرى، في حين ستظل بعض المهن بمنأى عن هذا التحول والتهديد ولو مؤقتاً.

في هذا السياق، يجدر بنا استكشاف كيف يسهم الذكاء الاصطناعي فعلياً في إيجاد فرص عمل جديدة داخل سوق العمل.

كيف يُسهم الذكاء الاصطناعي في إيجاد وظائف جديدة؟

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوسع استخدامها في قطاعات عديدة من سوق العمل، ظهرت العديد من الوظائف الجديدة أو تطورت مهن قائمة بفضل الذكاء الاصطناعي، وأبرز هذه الوظائف ما يلي:

مهندس الذكاء الاصطناعي

متخصص في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتطوير تطبيقات وأنظمة تهدف إلى تعزيز كفاءة المؤسسات. يركز على تصميم وتطوير الأدوات والأنظمة والعمليات التي تُسهم في تطبيق الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات الحقيقية التي تواجه العالم، وهنا يأتي دور التخصصات الأخرى.

مهندس الذكاء الاصطناعي هو متخصص يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتطوير تطبيقات وأنظمة تُعزز كفاءة المؤسسات (أ.ف.ب)

مهندس التعلم الآلي

بعد استعراض دور مهندس الذكاء الاصطناعي، يأتي مهندس التعلم الآلي، المتخصص في إجراء أبحاث حول الذكاء الاصطناعي المسؤول عن تعلم الآلة وتصميمه. يقوم بصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية وتحسينها، كما يُطور أنظمة تعلم الآلة التي تُسهم في تعزيز جودة الخوارزميات المستخدمة.

مهندس البيانات

إضافةً إلى ذلك، يقوم مهندس البيانات بإنشاء أنظمة لجمع البيانات الخام وإدارتها وتحويلها إلى معلومات قابلة للاستخدام، ليتمكن علماء البيانات ومحللو الأعمال وغيرهم من متخصصي البيانات من تفسيرها والاستفادة منها في سوق العمل المتطور بفضل الذكاء الاصطناعي.

عالم البيانات

بدوره، يُحدد عالم البيانات الأسئلة التي ينبغي على المؤسسة أو الفريق طرحها، ويُساعدهم في إيجاد حلول لها باستخدام البيانات. وغالباً ما يُطور نماذج تنبؤية تُستخدم لوضع النظريات والتنبؤ بالأنماط والنتائج. وقد يستخدم تقنيات التعلم الآلي لتحسين جودة البيانات.

مهندس البرمجيات

أما مهندسو البرمجيات، الذين يُعرفون أحياناً بـ«المطورين»، فيتخصصون في تصميم وتطوير البرمجيات لأجهزة الكمبيوتر والتطبيقات. وهم يُشكلون الرابط العملي بين الابتكار التقني والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، التي تتأثر بشكل كبير بالذكاء الاصطناعي.

مهندس الرؤية الحاسوبية

يأتي هنا دور المتخصصين في تمكين أجهزة الكمبيوتر من «رؤية» وفهم العالم المرئي. فمهندس الرؤية الحاسوبية يقوم بتصميم وتنفيذ أنظمة للتعامل مع الصور والفيديو، وتحليلها واستخراج المعلومات منها، وهو مجال بات في صميم الابتكارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

البرمجة اللغوية العصبية

وبشكل مشابه، يعمل متخصصو البرمجة اللغوية العصبية على التطبيقات التي تتعامل مع اللغة البشرية وتفسيرها، مثل برامج الدردشة الآلية، ما يُسهم في تحسين التفاعل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي من خلال تحليل وتفسير بيانات اللغة الطبيعية.

مهندس الروبوتات

أما في المجالات الاصطناعية، فإن مهندس الروبوتات يطور تطبيقات روبوتية للعديد من الصناعات، بما في ذلك السيارات، والتصنيع، والدفاع، والطب. كما يُصمّم منتجات جديدة، أو يُجمّع نماذج أولية للاختبار، ويشرف على روبوتات الإنتاج.

باحث في الذكاء الاصطناعي

أخيراً، يُجري باحثو الذكاء الاصطناعي الأبحاث، ويُحللّون ويطوّرون نماذج وأنظمة وخوارزميات جديدة لدعم تطورات الذكاء الاصطناعي، وهم غالباً في طليعة الابتكارات التي تُغيّر وجه سوق العمل باستمرار.

الصفات المشتركة للوظائف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي

تتميز كل هذه الوظائف بأنها تتطلب كفاءات في البرمجة، والتحليل، والابتكار، والتحديث المستمر للمعرفة تماشياً مع تطور الذكاء الاصطناعي في سوق العمل.

مع استعراض الوظائف التي أنشأها أو طورها الذكاء الاصطناعي، تجدر الإشارة إلى أن هناك مهناً لا تعتمد حتى الآن على الذكاء الاصطناعي، أو لا يمكن لهذه التقنية أن تحل محلها بشكل كلي.

وظائف لا تعتمد على الذكاء الاصطناعي

وفيما يلي أمثلة على مهن لا تزال تعتمد في جوهرها على العنصر البشري:

المعلم

رغم تحقيق الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقدم ملحوظ في الفصول الدراسية، حيث ساعدت الأطفال على تنمية مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، فإن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع بناء الثقة والألفة التي يتمتع بها المعلمون البشريون مع طلابهم. ويظل المعلم البشري أيضاً أكثر قدرة على حل الخلافات، والتواصل مع أولياء الأمور.

الذكاء الاصطناعي لا يستطيع بناء الثقة والألفة التي يتمتع بها المعلمون البشريون مع طلابهم (أ.ب)

التمريض

على جانب آخر، قد تقع مهام الرعاية الصحية البسيطة، مثل استرجاع بيانات المرضى، على عاتق الذكاء الاصطناعي. أما التفاعلات المباشرة فتحتاج إلى لمسة إنسانية لا يمتلكها سوى الممرضين وغيرهم من العاملين الصحيين.

الاختصاصي الاجتماعي

وبشكل مشابه، يصعب على الذكاء الاصطناعي أن يستبدل الاختصاصيين الاجتماعيين، نظراً لأن عملهم يتطلب مرونة عالية وحكمة إنسانية ودعماً عاطفياً لفئات حسّاسة في المجتمع.

المعالج النفسي

كذلك، يبذل المعالجون النفسيون جهداً عاطفياً كبيراً أثناء توجيه الناس ومساعدتهم، وهو أمر بعيد حتى الآن عن قدرات الذكاء الاصطناعي.

العمل اليدوي

وإلى جانب ما سبق، ستظل مهن مثل السباك والكهربائي بمنأى عن الذكاء الاصطناعي؛ لأنها تتطلب مهارات يدوية دقيقة يصعب على التقنية الحديثة تعويضها.

المحامي

يُتوقع من المحامين الاحتفاظ بأدوارهم لسنوات مقبلة، كون الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القيم الأخلاقية أو السلوكيات المهنية التي تميز الممارسة القانونية.

اختصاصي الموارد البشرية

أما اختصاصي الموارد البشرية، فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يسهم في فحص السير الذاتية، فإن التفاعل الإنساني يبقى ضرورياً في عمليات المقابلة وحل المشكلات البشرية.

الفنان

وفي المجال الفني، حتى مع إنتاج الذكاء الاصطناعي للأعمال الإبداعية، تظل الأصالة والابتكار الإنساني من نصيب البشر.

في المجال الفني حتى مع إنتاج الذكاء الاصطناعي للأعمال الإبداعية تظل الأصالة والابتكار الإنساني من نصيب البشر (أ.ف.ب)

الصفات المشتركة للوظائف غير القابلة للأتمتة بالذكاء الاصطناعي

تتطلب هذه الوظائف جميعها تفاعلاً مباشراً، وحسّاً إنسانيّاً عالياً، أو مهارات يدوية وإبداعية يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها أو استبدالها في سوق العمل.

بعد استعراض الوظائف التي تأثرت بالذكاء الاصطناعي، وتلك التي لا تزال بمنأى عنه، يحسن بنا تسليط الضوء على الكيفية التي يُعيد بها الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل، والتأثيرات المتوقعة لهذا التحول.

تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل

للتكنولوجيا تاريخ طويل في إعادة تشكيل سوق العمل بشكل جذري، وقد أدَّت كل موجة ابتكار إلى تغيير بنية الأسواق وديناميكياتها. وفي الوقت الحالي، أصبح الذكاء الاصطناعي هو العامل الرئيسي في إعادة تحديد معالم سوق العمل، وإيجاد فرص عمل جديدة.

في الوقت الحالي أصبح الذكاء الاصطناعي هو العامل الرئيسي في إعادة تحديد معالم سوق العمل وإيجاد فرص عمل جديدة (رويترز)

الطلب على العمالة

في ضوء تبني الذكاء الاصطناعي من قِبل الشركات، تُشير تقديرات إلى القدرة على توفير ما يقرب من ربع وقت العامل، خصوصاً في الوظائف المعتمدة على البيانات. وفي حين تبقى الأعمال اليدوية المعقدة أقل تأثراً، من المرجح أن تشهد الوظائف الروتينية والتحليلية تغييرات جذرية في سوق العمل.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد يُسبب فقدان بعض الوظائف في بعض القطاعات، فإنه من المرجح أيضاً أن يؤدي إلى إيجاد فرص عمل جديدة، لا سيما في الوظائف المتخصصة التي تستند إلى تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وصيانتها أو تحليل البيانات الناتجة عنها.

رفع مستوى الكفاءة

يُسهم دمج الذكاء الاصطناعي في سوق العمل ضمن رفع الكفاءة والإنتاجية في المؤسسات والأعمال. إذ تتيح الأتمتة الذكية للموظفين التركيز على المهام الاستراتيجية ذات القيمة، مثل التفكير الإبداعي، وبناء العلاقات، وحل المشكلات المعقدة، في حين يتولَّى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية المتكررة، وهذا التوزيع الفعّال للأدوار يمكن أن يُعزز من إيجاد فرص عمل جديدة تتطلب مهارات متقدمة.

التجربة في مكان العمل

ومع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تتطور تجربة الموظفين في أماكن العمل بشكل واضح؛ حيث تزداد بيئات العمل شمولاً وجاذبية من خلال تقليل الأعباء الروتينية وتحسين جودة حياة الموظفين. سيشعر الكثير من العاملين بأنهم يقضون وقتاً أكبر في الابتكار والتعلم، وسوف تتغير متطلباتهم ومهاراتهم، بما يخدم الابتكار المستمر في سوق العمل.

الذكاء الاصطناعي وإيجاد فرص عمل جديدة

في المجمل، يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم خريطة سوق العمل عبر دفع المؤسسات إلى تبني تقنيات متطورة، ما يزيد من فرص إيجاد وظائف جديدة تتعلق بالتقنية والتحليل والابتكار. وفي المقابل، فإن بعض المهن التقليدية ستحتاج إلى تطوير مستمر لمهارات العنصر البشري لضمان استمراريتها بجانب الذكاء الاصطناعي.

في الختام، يُمثل الذكاء الاصطناعي قوة محورية في سوق العمل اليوم، من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وتطوير وظائف قائمة، مع الحفاظ على أهمية المهن الإنسانية التي لا يُمكن استبدالها. يعتمد مستقبل سوق العمل بشكل متزايد على مدى قدرة الأفراد والمؤسسات على مواكبة التحولات التقنية والاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات.


مقالات ذات صلة

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

أكد خبراء في منتدى القطاع غير الربحي الدولي، الذي انطلق في العاصمة السعودية الرياض، أن الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.


شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»
TT

شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»

أعلنت شركة «نيورالينك»، التابعة لإيلون ماسك، أنّ شريحتها المزروعة في الدماغ باتت قادرة على مساعدة المرضى في تحريك أطراف روبوتية باستخدام الإشارات العصبية، في خطوة تُعد من أبرز التطورات في مجال الواجهات العصبية الحاسوبية، وفقاً لموقع «يورونيوز».

ويأتي هذا التقدّم في حين لا يزال الجهاز في مرحلة التجارب السريرية؛ إذ تتركّز الاختبارات على مستويات الأمان ووظائف الشريحة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض وإصابات تحدّ من قدرتهم على الحركة.

وفي مقطع فيديو نشرته الشركة على منصة «إكس»، ظهر المريض الأميركي روكي ستاوتنبرغ، المصاب بالشلل منذ عام 2006، وهو يحرك ذراعاً روبوتية مستخدماً أفكاره فقط، قبل أن يرفع الذراع إلى وجهه ويقبّلها في مشهد لافت.

وقالت «نيورالينك» في بيان عبر المنصة إن «المشاركين في تجاربنا السريرية تمكنوا من توسيع نطاق التحكم الرقمي ليشمل أجهزة فيزيائية مثل الأذرع الروبوتية المساعدة»، مشيرة إلى أن الشركة تخطط لـ«توسيع قائمة الأجهزة التي يمكن التحكم بها عبر الشريحة مستقبلاً».

وتهدف هذه التقنية إلى مساعدة المرضى المصابين بالشلل على استخدام أجهزتهم الشخصية واستعادة جزء من قدرتهم على الحركة، من خلال واجهة تُعرَف بـ«واجهة الدماغ والحاسوب» (BCI)، وهي تقنية قادرة على تفسير الإشارات الصادرة عن الدماغ وتحويلها إلى أوامر رقمية.

وبحسب الشركة، فقد جرى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي زرع الشريحة في 12 مريضاً حتى سبتمبر (أيلول) 2024. وكان أول المشاركين يعاني من شلل ناتج عن إصابة في الحبل الشوكي، واستطاع بفضل الشريحة تشغيل ألعاب الفيديو ولعبة الشطرنج بواسطة التفكير.

ويعاني باقي المتطوعين إما من إصابات في الحبل الشوكي أو من التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وهو مرض يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على التحكم في عضلات الجسم.

وكشف ماسك أن أكثر من 10 آلاف شخص سجّلوا أسماءهم في سجل المرضى لدى «نيورالينك» على أمل المشاركة في التجارب المستقبلية.

وتعد «نيورالينك» واحدة من عدة شركات تعمل في مضمار تطوير واجهات الدماغ الحاسوبي، في حين تشير بيانات التجارب السريرية الأميركية إلى أن تقنيات مماثلة يجري اختبارها لمساعدة المصابين بالشلل الدماغي، والخرف، والجلطات الدماغية، وغيرها من الحالات الصحية المعقدة.