«سيسكو» لـ«الشرق الأوسط»: كل وظيفة تقريباً ستتحول بواسطة الذكاء الاصطناعي

عبد الإله النجاري المدير العام لشركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (سيسكو)
عبد الإله النجاري المدير العام لشركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (سيسكو)
TT

«سيسكو» لـ«الشرق الأوسط»: كل وظيفة تقريباً ستتحول بواسطة الذكاء الاصطناعي

عبد الإله النجاري المدير العام لشركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (سيسكو)
عبد الإله النجاري المدير العام لشركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (سيسكو)

تشهد منطقة الخليج العربي زيادة كبيرة في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي، مدفوعة باستراتيجيات التحول الرقمي الوطني والرؤى الطموحة، حسب عبد الإله النجاري مدير عام شركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي. وخلال حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط»، على هامش معرض «جايتكس» في دبي، يقدّم النجاري نظرة شاملة حول جهود شركته لتمكين الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال بنية تحتية قوية، وتأمين تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئات عمل جاهزة للمستقبل.

عبد الإله النجاري المدير العام لشركة «سيسكو» في منطقة الخليج والمشرق العربي متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (سيسكو)

ويؤكد النجاري أنه «لا يمكن تحقيق بنية تحتية أو استراتيجية للذكاء الاصطناعي من دون وجود بنية تحتية فعلية». ويشرح: «لا وجود للذكاء الاصطناعي دون شبكات، وقوة حوسبة، ومراكز بيانات، وبيانات». هذا التصريح يعكس نهج «سيسكو» الذي يدور حول تمكين الذكاء الاصطناعي من خلال توفير البنية التحتية اللازمة لدعم المبادرات الواسعة للذكاء الاصطناعي.

تركز شركة «سيسكو» على ابتكارات رئيسية، مثل إطلاق شرائح «G2-100» و«B2-100» التي تدعم سرعات تصل إلى 800 غيغابت على الشبكة. صُممت هذه التطورات لضمان عمل نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال مع تحسين تدفق البيانات عبر الشبكة. ويوضح النجاري أن توفير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي هو الخطوة الأولى، مما يبرز الدور الأساسي لحلول الشبكات من «سيسكو» في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي.

تأمين الذكاء الاصطناعي... استراتيجية ثنائية المسار

مع استمرار دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف الوظائف التجارية، يصبح الأمن أمراً بالغ الأهمية. ويقول النجاري إن «سيسكو» تعتمد على استراتيجية «ثنائية المسار» لتأمين الذكاء الاصطناعي، التي تشمل «تأمين الذكاء الاصطناعي» و«الأمن المدعوم بالذكاء الاصطناعي». يركز الأول على تأمين البنية التحتية التي يعمل فيها الذكاء الاصطناعي، لضمان حماية البيانات الحساسة من الاختراقات، بينما يستخدم الثاني الذكاء الاصطناعي نفسه لتعزيز التدابير الأمنية، مما يسمح لخوارزميات الذكاء الاصطناعي بالكشف عن التهديدات والرد عليها بشكل أسرع من المحللين البشر.

ويعد استحواذ «سيسكو» على منصة تحليل البيانات «سبلانك» (Splunk) استكمالاً لاستراتيجيتها في تأمين الذكاء الاصطناعي. ومن خلال دمج قدرات «سبلانك» (Splunk) مع بيانات شبكة «سيسكو»، يتم إنشاء نظام أكثر قوة للكشف عن التهديدات الأمنية والتنبؤ بها. ويذكر النجاري خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «سيسكو» تستخدم ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي في حلولها الأمنية لتأمين البنية التحتية للعملاء.

تهدف «سيسكو» من دمج الذكاء الاصطناعي في حلولها ليتوافق مع توقعات السوق السعودية (شاترستوك)

يسلط النجاري أيضاً الضوء على حل «هايبر شيلد» (HyperShield) من «سيسكو»، الذي يمتد عبر الشبكة، ويعمل كجدار حماية على كل منفذ. ويقول إن «هايبر شيلد» يشبه وجود «جدار حماية في كل منفذ». يهدف هذا الحل الأمني المدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى تسهيل مراقبة البيانات والتحكم فيها، وضمان الحماية على جميع مستويات الوصول.

تقدُّم منطقة الخليج والتحديات

يكشف مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي من «سيسكو» أن 95 في المائة من المؤسسات في المنطقة قد طورت استراتيجيات للذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال البنية التحتية لتنفيذ هذه الاستراتيجيات غير كافية. فعلى سبيل المثال، 98 في المائة من المنظمات في السعودية لديها استراتيجية للذكاء الاصطناعي قيد التنفيذ أو قيد التطوير. ويظهر أن 12 في المائة فقط من المنظمات المحلية السعودية مجهزة بالكامل حالياً بالبنية الأساسية اللازمة لتلبية أحمال عمل الذكاء الاصطناعي. ويبيّن المؤشر كذلك أن 82 في المائة من الشركات تخطط للاستثمار في رفع مهارات الموظفين الحاليين في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُرد ذلك إلى أن 71 في المائة من الشركات قالت إنها تتبنى الذكاء الاصطناعي بمستوى متوسط ​​إلى مرتفع.

تتمثل حلول «سيسكو» لهذه التحديات في إنشاء مراكز بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، تتميز بالمرونة والقابلية للتطوير لتلبية احتياجات الأعمال المختلفة. ويصف النجاري حلول مراكز البيانات بالمعيارية التي صُممت بالتعاون مع شركتي «إنفيديا» (Nvidia) و«إيه إم دي» (AMD). تهدف هذه الحلول إلى تسهيل عملية الدمج السلسة للشركات في مختلف مراحل تبني الذكاء الاصطناعي.

«ويبكس» هو تطبيق متعدد الوظائف لمكالمات الفيديو والصوت الجماعية لسطح المكتب من «سيسكو» (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية

مع استمرار العمل عن بُعد كجزء أساسي من الأعمال الحديثة، تقوم «سيسكو» بدمج الذكاء الاصطناعي في أدوات التعاون مثل «ويبكس» (WebEx). ويوضح عبد الإله النجاري أن الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح العمل من أي مكان، من خلال ميزات مثل الترجمة الفورية (التي لا تتوفر حالياً باللغة العربية)، وملخّصات الاجتماعات، وإبرازات الفيديو، وكلها تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتجربة المستخدم.

كما يشير إلى التحدي المتمثل في دمج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل التي تختلف مستوياتها من حيث النضج الرقمي. ويقول: «الذكاء الاصطناعي يتكيّف مع الاحتياجات المختلفة للأفراد بناءً على احتياجاتهم وبنيتهم التحتية»، مضيفاً أن التكنولوجيا يجب أن تكون متعددة الاستخدامات لتلبية الاستخدامات المتنوعة.

تطوير المهارات لسد فجوة المواهب

يعترف عبد الإله النجاري بأن المنطقة تواجه تحديات كبيرة في تطوير المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يتوقع إنشاء 92 مليون وظيفة جديدة بواسطة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. ويقول: «سيتم تحويل كل وظيفة تقريباً بواسطة الذكاء الاصطناعي». ومع ذلك، لا تزال العديد من المؤسسات تعمل على تحسين مهاراتها لمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي.

ويتجلى التزام «سيسكو» من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات، بما في ذلك «أكاديمية سيسكو للشبكات»، أحد أقدم برامج تحويل مهارات تكنولوجيا المعلومات إلى وظائف في العالم، التي تتعاون مع مؤسسات تعليمية في جميع أنحاء العالم لتمكين المهنيين والطلاب من إنشاء قوة عاملة مقاومة للمستقبل. ومنذ إنشاء «أكاديمية سيسكو للشبكات» في دول مجلس التعاون الخليجي، قامت «سيسكو» بتدريب أكثر من 506000 شخص على مهارات تكنولوجيا المعلومات. تتضمن الأكاديمية الآن مساراً للذكاء الاصطناعي، مما يساعد المشاركين على اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في سوق العمل المدفوع بالذكاء الاصطناعي.

تنفيذ مسؤول للذكاء الاصطناعي

يختتم النجاري حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أهمية التنفيذ المسؤول للذكاء الاصطناعي، ويقول: «نحتاج إلى أن نكون مسؤولين مع الذكاء الاصطناعي»، مشيراً إلى أنه على الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، فإنه يقدم تحديات أخلاقية يجب التعامل معها.

تسعى «سيسكو» إلى أن تقود مسار تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي، مع الالتزام بالمعايير الأخلاقية والتنظيمية. فمع استمرار تبني منطقة الخليج للذكاء الاصطناعي، فإن التزام «سيسكو» بالبنية التحتية، والأمن، وتطوير المواهب؛ يضعها كلاعب رئيسي في التحول الرقمي المستمر.


مقالات ذات صلة

صندوق النقد الدولي: لبنان بحاجة إلى «هبات» ودعم دولي

الاقتصاد رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

صندوق النقد الدولي: لبنان بحاجة إلى «هبات» ودعم دولي

أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن لبنان يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي للتخفيف من الصدمة الاقتصادية التي يعيشها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
خاص شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)

خاص قمة «محللي الأمن» في إندونيسيا تناقش أخطر التهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط

هجمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع وهمية لزيادة المصداقية وأخرى تستغل ثغرات في رقائق الأجهزة الإلكترونية.

نسيم رمضان (بالي (إندونيسيا))
تكنولوجيا تحديث «iOS 18.2» يقدم تصنيف البريد الذكي والردود الذكية وأدوات الكتابة المحسنة مع «Image Playground» وتحسينات تلخيص البريد (أبل)

إليك خصائص الدفعة الثانية من أدوات «أبل» لتعزيز الإبداع بالذكاء الاصطناعي

متوفرة على نظام تشغيل iOS 18.2 (آي أو إس) ونظام تشغيل iPadOS 18.2 (آيباد أو إس) ونظام تشغيل (macOS Sequoia 15.2) لأجهزة الماك.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ نظام مراقبة يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجوه (غيتي)

قواعد أميركية جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التجسس

تهدف القواعد الجديدة من البيت الأبيض بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة الأمن القومي والتجسس إلى «الموازنة بين أهمية التكنولوجيا والحماية من مخاطرها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قمة «محللي الأمن» في إندونيسيا تناقش أخطر التهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط

شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)
شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)
TT

قمة «محللي الأمن» في إندونيسيا تناقش أخطر التهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط

شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)
شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)

استضافت جزيرة بالي الإندونيسية، أمس، مؤتمر «قمة محلّلي الأمن (SAS 2024)»، وهو حدث سنوي يجمع كبار باحثي أمن تكنولوجيا المعلومات والجهات القانونية العالمية والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين. وقد سلط الحدث الذي حضرته «الشرق الأوسط» ونظمته شركة «كاسبرسكي» الضوء على التطورات الحاسمة في مشهد التهديدات السيبرانية العالمية، مركزاً على جوانب مختلفة من الدفاع السيبراني، بما في ذلك البرمجيات الخبيثة، والثغرات الأمنية في الأجهزة، والهجمات المتطورة التي تشنها الهجمات المتقدمة المستمرة (APTs). كانت لهذه النتائج تداعيات كبيرة على مناطق مثل الشرق الأوسط، وخاصةً المملكة العربية السعودية، التي تشهد تحولاً رقمياً سريعاً.

تطور «حصان طروادة» (بايب ماجيك)

ناقشت القمة ظهور «حصان طروادة» (بايب ماجيك/ PipeMagic) الذي تم اكتشافه في الأصل في آسيا في عام 2022. وقد أصبح هذا البرنامج الخبيث مصدر قلق كبير في عام 2024، بعد أن توسع نطاقه لمهاجمة مؤسسات داخل المملكة العربية السعودية بحسب باحثي «كاسبرسكي». يستغل هذا البرنامج الاعتماد المتزايد على التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وخاصة الأدوات الشهيرة مثل «شات جي بي تي» ChatGPT. ويوضح الخبراء أن «حصان طروادة» (بايب ماجيك) يتم تمويهه بشكل تطبيق «ChatGPT» شرعي، مما يخدع المستخدمين لتثبيت برامج خبيثة تمكّن المهاجمين من الوصول غير المصرح به وسرقة بيانات الاعتماد واختراق الشبكات.

يمثل اتجاه «بايب ماجيك» PipeMagic نحو المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة، كما صرح لـ«الشرق الأوسط» سيرغي لوزكين، الباحث الأمني الرئيسي في «كاسبرسكي»، نظراً لتركيز المملكة على التحول الرقمي في إطار «رؤية 2030».

سيرغي لوزكين الباحث الأمني الرئيسي في «كاسبرسكي» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

ويشرح لوزكين أن «بايب ماجيك» يستغل التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ويبرز بالتالي تقدم مجرمي الإنترنت في استغلالهم لهذه التقنيات الحديثة. ويوضح تأثير البرنامج الخبيث، قائلاً: «استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كطُعم للبرمجيات الخبيثة يشير إلى فهم أعمق لسلوك المستخدمين وقدرة على استغلال البيئات الرقمية الناشئة».ويضيف: «يجعل هذا البرنامج الخبيث خطيراً بشكل خاص على المؤسسات في الشرق الأوسط التي تدمج الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية بشكل متزايد في عملياتها».

أظهر تحليل «كاسبرسكي» أن «بايب ماجيك» يعمل من خلال «هيكل معياري»، مما يجعله قابلاً للتكيف مع سيناريوهات الهجوم المختلفة. ويقول لوزكين إن هذه المعيارية تُمكّن المهاجمين من تفعيل قدرات محددة مثل تسجيل النقرات على لوحة المفاتيح، وسرقة بيانات الاعتماد، والتحكم عن بعد بالأجهزة، حسب الهدف. ويعد لوزكين أنه مع اكتشاف أكثر من 3 ملايين تهديد ويب في السعودية بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) 2024 مما أثر على 15 في المائة من المستخدمين، يتضح أن المنطقة تظل هدفاً رئيسياً للحملات السيبرانية المتقدمة. وينصح لوزكين المؤسسات في السعودية بإعطاء الأولوية لحلول استخبارات التهديد المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات مثل «بايب ماجيك»والتصدي لها في مراحلها المبكرة.

ثغرات رقائق «يونيسوك»... المخاطر والتداعيات

تم أيضاً في مؤتمر SAS 2024 اكتشاف ثغرات في رقائق «يونيسوك» ( Unisoc system-on-chip) وهي ثغرات لها تداعيات كبيرة على الأجهزة المحمولة وشبكات الاتصالات. تسمح هذه الثغرات للمهاجمين باستغلال قنوات الاتصال داخل الأجهزة، مما يؤدي إلى اختراق أمن الجهاز أو تنفيذ تعليمات برمجية ضارة. يتم استخدام رقائق «يونيسوك» في مجموعة واسعة من الأجهزة، بدءاً من الهواتف الذكية إلى البنية التحتية للاتصالات في الأسواق الناشئة، بما في ذلك الشرق الأوسط.

وأوضح إيفغيني جونشاروف، رئيس فريق الاستجابة للهجمات في أنظمة البنى التحتية في «كاسبرسكي»، أن التحديات المتعلقة بأمان رقائق «يونيسوك» تتطلب نهجاً مزدوجاً، أي معالجة كل من تصميم الأجهزة وبنية البرمجيات. وأضاف: «بينما تعد التحديثات البرمجية ضرورية، فإنها وحدها لا يمكنها معالجة المخاطر المتعلقة بالأجهزة، خاصة في المناطق التي تتمتع باختراق عالٍ للأجهزة المحمولة مثل الشرق الأوسط».

ينصح جونشاروف بإجراء تقييمات أمنية منتظمة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز المرونة السيبرانية. وتقول «كاسبرسكي» إن هذه الثغرات تسلط الضوء على الحاجة إلى إجراءات استباقية، في الدول الخليجية، وخاصة في السعودية، حيث من المتوقع أن تنمو الخدمات الرقمية بشكل كبير في إطار «رؤية 2030».

يوجين كاسبرسكي المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة خلال افتتاح قمة محللي الأمن في إندونيسيا (الشرق الأوسط)

استهداف قطاع العملات الرقمية عالمياً

اكتسبت مجموعة «لازاروس» ( Lazarus) سمعة سيئة بسبب هجماتها البارزة على القطاعات المالية، مع الحملة الأخيرة التي تستهدف المستثمرين في العملات الرقمية على مستوى العالم. وخلال مؤتمر SAS 2024، قدم باحثو «كاسبرسكي» تفاصيل عن كيفية استغلال «لازاروس» لـ«ثغرة يوم الصفر» (zero - day) في متصفح «غوغل كروم» لاختراق أجهزة المستخدمين وسرقة بيانات محافظ العملات الرقمية. كانت هذه الهجمة جزءاً من حملة أوسع، حيث استخدمت موقعاً زائفاً للعبة عملات رقمية لخداع المستخدمين لتنزيل برامج تجسس.

تم استخدام برمجية «Manuscrypt malware»، وهي أداة تستخدمها «لازاروس» منذ فترة طويلة، في هذه الحملة. تمتاز هذه البرمجية بتنوعها، حيث استخدمت في أكثر من 50 هجمة كبيرة منذ عام 2013. في الهجمة الأخيرة، اعتمدت «لازاروس» على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء عناصر موقع واقعية، بما في ذلك الصور والمواد الترويجية، لزيادة مصداقية الموقع الزائف. وعلق بوريس لارين، الخبير الأمني الرئيسي في «كاسبرسكي»، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «يظهر استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في حملة (لازاروس) قدرة المهاجمين على الابتكار والتكيف، مما يجعل آلية تسليم البرامج الضارة أكثر إقناعاً وصعوبة في الكشف».

ويحذر خبراء «كاسبرسكي» من خطورة وصول هذه البرمجة الخبيثة لتطول المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد انتشاراً في استثمارات العملات الرقمية، ناصحين هؤلاء بتنزيل التطبيقات من المتاجر الرسمية وعدم استخدام روابط غير موثوقة.

كما يشدد لارين على الحاجة إلى تحسين توعية المستخدمين، وتعزيز التوثيق المتعدد العوامل، والتحديثات المنتظمة للبرمجيات والأجهزة لتقليل المخاطر.

قمة محللي الأمن حدث سنوي يجمع كبار باحثي أمن تكنولوجيا المعلومات والجهات القانونية العالمية والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين (الشرق الأوسط)

مشهد التهديدات السيبرانية في السعودية

أظهرت بيانات «كاسبرسكي» من الربع الثالث لعام 2024 أن السعودية احتلت المرتبة 127 عالمياً من حيث انتشار تهديدات الويب. تشمل تهديدات الويب المواقع الضارة التي تستغل ثغرات المتصفح أو تستخدم تقنيات الهندسة الاجتماعية لخداع المستخدمين لتنزيل البرامج الضارة.

أما بالنسبة للتهديدات المحلية فقد تم الإبلاغ عن أكثر من 4.6 مليون إصابة محلية خلال الفترة نفسها، مما أثر على 17 في المائة من المستخدمين وجعل السعودية تحتل المرتبة 118 عالمياً. تنتشر التهديدات المحلية أساساً عبر الوسائط القابلة للإزالة، والملفات المصابة، والمثبتات المعقدة. تبرز هذه التهديدات الحاجة إلى تدابير أمان أقوى، مثل التعامل الآمن مع محركات USB وغيرها من الوسائط القابلة للإزالة.

توضح هذه المعدلات المرتفعة للتهديدات عبر الإنترنت والمحلية المخاطر السيبرانية المتزايدة التي يواجهها المستخدمون في السعودية، مما يؤكد أهمية اتباع نهج قوي متعدد الجوانب للأمن السيبراني.

تعزيز المرونة السيبرانية في السعودية وخارجها

شددت المناقشات في SAS 2024 على الحاجة الملحة لتعزيز تدابير الأمن السيبراني في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع التركيز على السعودية بعدّها منطقة رئيسية، نظراً لتحولها الرقمي السريع في إطار «رؤية 2030». وأوصت «كاسبرسكي» بعدة استراتيجيات لتعزيز دفاعات الأمن السيبراني:

- اعتماد حلول استخبارات التهديدات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات المعقدة والتصدي لها بشكل أكثر فاعلية.

- تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لمشاركة المعرفة، وتطوير الدفاعات، وتحسين قدرات الاستجابة.

- تنفيذ تدابير أمان متعددة الطبقات، بما في ذلك التحديثات المنتظمة، والحماية القوية ضد الهجمات غير المتصلة، والمراقبة المستمرة للبنية التحتية الرقمية.

ومع استمرار التحول الرقمي في عدة دول خليجية، سيكون من الضروري تعزيز الأمن السيبراني من خلال التقنيات المتقدمة، والاستثمارات الاستراتيجية، والشراكات عبر القطاعات لبناء نظام رقمي مرن قادر على مواجهة التهديدات المستقبلية.