في عالم تشهد فيه تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي تطوراً متسارعاً ومُبهراً، وتزداد فيه المجالات التي دخلتها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، كما يزداد عدد مستخدمي تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي بصورة ملحوظة، يبرز السؤال المهم: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل مكان الإنسان؟
وفقاً لتقرير نشرته مجلة «فوربس»، سيظل الدماغ البشري أحد أكثر أنظمة معالجة المعلومات تطوراً وكفاءةً على الإطلاق. وفي حين أن الذكاء الاصطناعي قادر على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط، فإنه يفتقر إلى الفهم الدقيق الذي يأتي بشكل طبيعي إلى البشر. ولذلك فإن قدرتنا على «قراءة ما بين السطور»، وفهم السياق، بناءً على معلومات محدودة شيئان لا تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي محاكاتهما، على الرغم من قوتها الحسابية المذهلة.

ما المجالات التي أصبح فيها الذكاء الاصطناعي يؤدي مهام البشر؟
على سبيل المثال، الوظائف اليدوية، مثل السكرتيرات، أصبحت معرضة لخطر الأتمتة، في حين ارتفع الطلب على وظائف أخرى، مثل متخصص التعلم الآلي (تعليم أجهزة الكمبيوتر كيفية التعلم من البيانات والتحسن مع الخبرة) ومحللي أمن المعلومات.
ويزداد احتمال أن يُعزز الذكاء الاصطناعي وظائف العاملين في المناصب الأكثر مهارة أو إبداعاً، بدلاً من استبدالهم. وسواء أرغم الذكاء الاصطناعي الموظفين على تعلم أدوات جديدة أو استحوذ على وظائفهم، فمن المتوقع أن يُحفِّز جهود تطوير المهارات على مستوى الأفراد والشركات.

عوامل تفوّق الذكاء البشري على الذكاء الاصطناعي
فهم العواطف
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل المشاعر والتعرُّف على تعبيرات الوجه، لكنه لا يستطيع فهم العواطف أو تجربتها حقاً. يعدُّ هذا القيد بالغ الأهمية لأن الذكاء العاطفي يحرك كثيراً من القرارات الأكثر أهمية في العمل والحياة. سواء كان الأمر يتعلق بالتفاوض على صفقة معقدة، أو إدارة فريق خلال أزمة، أو تطوير منتجات تتوافق مع المستهلكين على مستوى أعمق، فإن الذكاء العاطفي البشري يظل لا يمكن الاستغناء عنه.
القدرة على الخيال والإبداع
ويظل أكثر ما يميز الإنسان هو قدرته على تخيل أشياء لم تكن موجودة قط وتحويلها إلى حقيقة. في حين أن الذكاء الاصطناعي قادر على توليد اختلافات بناءً على الأنماط الموجودة، إلا أنه غير قادر على تصور أفكار جديدة حقاً أو فهم أهميتها العميقة. إن الابتكار لا يتطلب الإبداع فحسب، بل يتطلب أيضاً فهم الاحتياجات الإنسانية، والرغبات، والفروق الدقيقة في المجتمع، وهي أمور تظل فريدة من نوعها في الإنسان.
اتخاذ قرارات أخلاقية
أيضاً هناك لحظات معقدة يجب فيها اتخاذ قرارات أخلاقية معينة، في مجالات مثل الرعاية الصحية أو القانون أو الأعمال، ورغم أن الذكاء الاصطناعي قادر على توفير رؤى تعتمد على البيانات، فإنه لا يستطيع أن يزن الآثار الأخلاقية أو يصدر أحكاماً قائمة على القيم. وتتطلب هذه القرارات فهم القيم الإنسانية، والمعايير المجتمعية، والقدرة على تحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة.

ميزة الشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي
بدلاً من استبدال البشر، أصبح الذكاء الاصطناعي أداتنا الأقوى للتطوير. يمكن التفكير في الأمر كما لو كان لديك مساعد لامع قادر على التعامل مع المهام الروتينية، ومعالجة المعلومات بسرعة، وتقديم رؤى قيمة، لكنه في النهاية يحتاج إلى الحكمة البشرية لتوجيه تطبيقه. تتيح لنا هذه الشراكة التركيز على ما نقوم به بشكل أفضل: التفكير الاستراتيجي، وبناء العلاقات، وحل المشكلات بشكل إبداعي.
ووفق «فوربس»، فالتحول الحقيقي الذي يحدث لا يتعلق بالاستبدال، بل يتعلق بالارتقاء. فمع تولي الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية والمتكررة، أصبح البشر أحراراً في التركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى والتي تتطلب قدرات بشرية فريدة. وهذا التحول يخلق أدواراً وفرصاً جديدة لم نكن لنتخيلها قبل عقد من الزمان، مما يثبت أن التقدم التكنولوجي لا يلغي العمل البشري، بل يطوره.
تأثير الذكاء الاصطناعي في سوق العمل
أدت أتمتة الأعمال بطبيعة الحال إلى مخاوف بشأن فقدان الوظائف. ويعتقد الموظفون أن نحو ثلث مهامهم يمكن أن يؤديها الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من المكاسب التي حققها الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، فإن تأثيره كان متفاوتاً على مختلف الصناعات والمهن.





