الشرع لـ«الشرق الأوسط»: سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

قال إنه يطمح بالرؤية التنموية للسعودية والخليج... وأكد أن بلاده «لن يسودها رأي واحد»

TT

الشرع لـ«الشرق الأوسط»: سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع
القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع

شدد القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لـ«الشرق الأوسط» على أن «الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر»، مؤكداً أن بلاده «لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان».

وقال الشرع في المقابلة التي جرت في قصر الشعب الرئاسي بدمشق، الخميس، إن «ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة... أعاد المشروع الإيراني في المنطقة 40 سنة إلى الوراء».

وأعرب عن تطلعه إلى «الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج ونطمح إليها لبلدنا. والمملكة العربية السعودية وضعت خططاً جريئة جداً ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها أيضاً. ولا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نصبو إليه، ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك». وفي ما يلي نص المقابلة:

قدمتم تطمينات للعديد من البلدان الغربية والإقليمية. لكنكم لم تتوجهوا إلى دول الخليج والبلدان العربية الوازنة بأي رسالة مباشرة. أليس لديكم ما تقولونه لهم؟

- بالطبع لدينا ما نقوله للبلدان العربية، خصوصاً أن سوريا كانت تحولت منبراً لإيران تدير منه 4 عواصم عربية أساسية وعاثت حروباً وفساداً في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون. بالتالي ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة من إخراج للميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا كلياً كمنصة للأذرع الإيرانية، وما يعني ذلك من مصالح كبرى للمنطقة برمتها، لم تحققه الوسائل الدبلوماسية وحتى الضغوط.

أحمد الشرع خلال المقابلة مع الزميلة بيسان الشيخ في دمشق الخميس

وعندما استعيدت بوادر العلاقات العربية مع النظام السابق وعودته إلى جامعة الدول العربية مقابل تقديمه بعض التنازلات، كنا واثقين من فشل ذلك مسبقاً لمعرفتنا بأن هذا النظام لن يقدم أي تنازل ولن يستقبل هذه البادرة بحسن نية. بل تسرب إلينا عن لقاء مع الطرف الأردني الذي سأل لماذا الإصرار على تصدير الكبتاغون إليهم، فكانت الإجابة أنه لن يتوقف ما لم تُرفع العقوبات عنه. هذه ليست طريقته.

اليوم نقول إن الأمن الاستراتيجي الخليجي أصبح أكثر أمناً وأماناً لأن المشروع الإيراني في المنطقة عاد 40 سنة إلى الوراء.

أحمد الشرع: وجودنا لا يعني تهديداً لأحد

ولكنكم أيضاً استضفتم شخصيات تثير قلق بلدان عربية، وبعضها مطلوب لديها، فكيف تطمئنون هذه البلدان بأن سوريا لن تتحول ملاذاً لهؤلاء الأشخاص الإشكاليين؟

- نحن اليوم في مرحلة بناء الدولة. الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان. دخل كثيرون إلى الثورة السورية، لكننا اليوم في مرحلة جديدة هي بناء الدولة. ونحن نسعى لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع هذه الدول. سوريا تعبت من الحروب ومن كونها منصة لمصالح الآخرين ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي.

وجودنا في دمشق لا يعني تهديداً لأحد ونحن ندعم ونتطلع إلى الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج ونطمح إليها لبلدنا سوريا. والمملكة العربية السعودية وضعت خططاً جريئة جداً ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها أيضاً. ولا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نصبو إليه، ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك.

كيف ترون العلاقة بالجار اللبناني الذي خضع بدوره لسلطة وتحكم النظام السابق؟

- بالفعل كان هناك قلق كثير وصلنا من الأخوة اللبنانيين بسبب وصولنا إلى دمشق، وأن ذلك سيقوّي طرفاً ضد آخر في لبنان. في الحقيقة لا نسعى لأي علاقة تسلطية مع الجار اللبناني بل علاقة احترام وتبادل، ولا نريد التدخل في الشأن الداخلي اللبناني فلدينا ما يكفي من عمل في بلدنا. نريد بناء علاقات جيدة وسنقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وما يرضيهم يرضينا.

أحمد الشرع في المسجد الأموي وسط دمشق غداة سقوط الأسد

أحمد الشرع: سوريا بثرائها لن يسودها رأي واحد

تحدثتم عن مؤتمر حوار وطني أو لقاء وطني جامع ودستور يؤسس للمرحلة الجديدة في سوريا. ولكن ما هي الآلية التي ستعتمدونها وكيف ستؤمنون تمثيل كافة أطياف الشعب السوري، خصوصاً شريحة من قاعدتكم الشعبية والعسكرية التي قد لا تكون بالضرورة موافقة على خطابكم المعتدل الجديد؟

- قد لا أتفق معك بالجزئية الأخيرة ولكن بشكل عام أنا لا أريد أن أفرض آرائي الشخصية على السوريين، بل أترك ذلك لأصحاب الخبرة والاختصاص من القانونيين ليكون القانون هو الحد الفاصل في صياغة العلاقة بين الناس. لا يمكن أن نتوقع بلداً بحجم سوريا وثرائها بمكوناتها المختلفة وأن يسودها رأي واحد. فالاختلاف هذا جيد وصحي وهذا النصر الذي تحقق ليس نصراً لفئة على أخرى، وإنما هو نصر لجميع السوريين. حتى من كنا نعتقدهم موالين للنظام السابق شهدنا فرحتهم لأنه لم يكن متاحاً للناس التصريح بما تشعر به أو تفكر به. وأنا على ثقة أن السوريين كلهم بمختلف فئاتهم على درجة من الوعي الكفيلة بحماية بلدهم.

باختصار ما أطمح إليه هو التوصل إلى اتفاق جامع ودولة قانون نحتكم إليها في حل خلافاتنا.

أحمد الشرع: لن ننظر بمنطق الثأر

ملف شائك من ملفات كثيرة تنتظركم هو ملف المختفين قسرياً والمغيبين في السجون والمقابر الجماعية. كيف ستحيطون بهذه المسألة؟

-- نحن في الحقيقة لم نواجه نظاماً سياسياً بل كنا نقاتل عصابة مجرمة وسفاحة بكل معنى الكلمة. في السلم والحرب على السواء من اعتقالات وإخفاء قسري وقتل وتهجير وتجويع وكيماوي وتعذيب ممنهج... اليوم نقول إن المسبب انتهى. لذا لا يمكن أن ننظر إلى الأمور بمنطق الثأر، مع الاحتفاظ بالطبع بحق الناس بمحاسبة الأشخاص القائمين على سجن صيدنايا ومن رموا البراميل والكيماوي وارتكبوا فظائع معروفة. هؤلاء لابد من محاسبتهم وملاحقتهم وأسماؤهم معروفة. أما بالنسبة إلى الأفراد غير المعروفين، فيحق للأهالي التقدم بشكاوى ضدهم لمحاسبتهم أيضاً.

أحمد الشرع مستقبلاً المبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق

المهم أننا كسرنا القيود وجاءت منظمات متخصصة لتساعد بهذه المهمة، وسيتم إنشاء وزارة متخصصة لمتابعة ملف المفقودين وتحديد مصيرهم، الأحياء منهم والأموات، لتيسير شؤون عائلاتهم أيضاً من أوراق وفيات وإرث وغير ذلك. هذا عمل كثير ولكننا يجب أن نصل إلى الحقيقة.

على الهامش: ما شعورك وأنت تستضيفنا في قصر الشعب وفي نفس المكان الذي جلس فيه بشار الأسد؟

- (ضاحكاً) إذا صدقت القول فحقيقة لست مرتاحاً أبداً، ولكن هذا مكان يفترض أن يكون مزاراً مفتوحاً أمام الشعب ليتمكنوا من زيارته وأن يلعب الأطفال في هذه الباحات.


مقالات ذات صلة

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

المشرق العربي العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

أقر مياسة خلال التحقيقات الأولية بأنه كان عضواً في اللجنة العسكرية التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة.

«الشرق الأوسط» (اللاذقية (سانا))
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)

3 قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

ذكرت قناة «الإخبارية السورية» التلفزيونية مساء اليوم الثلاثاء أن قذائف «مجهولة المصدر» سقطت في محيط مطار المزة في العاصمة دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)

ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

لا تزال الارتدادات السورية تجد طريقها إلى الشارع اللبناني وتتحول أحياناً إلى احتكاك أو توتر في مناطق شديدة الحساسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري خريطة انتشار النفوذ العسكري الأمني في سوريا لعام 2025 (مركز «جسور»)

تحليل إخباري ماذا تقول خريطة النفوذ العسكري في سوريا بعد عام على التحرير؟

شهدت خريطة السيطرة في سوريا منذ أواخر عام 2024 تحولاً جذرياً أنهى مرحلة جيوسياسية استقرّت ملامحها منذ عام 2020.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

هل تستعد تركيا وسوريا لعملية عسكرية ضد «قسد»؟

أوحت تحركات ميدانية للجيشين التركي والسوري بالاستعداد لشن عملية عسكرية مشتركة حال عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
TT

توقيف طيار كان عضواً في لجنة اقترحت رمي البراميل المتفجرة على السوريين

العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)
العميد فائق مياسة المتورط باستخدام البراميل المتفجرة ضد السوريين (الداخلية السورية)

ألقت قوى الأمن الداخلي في اللاذقية القبض على العميد الطيار فائق أيوب مياسة الذي كان عضواً في اللجنة العسكرية لدى النظام البائد، التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة ضد الشعب السوري الأعزل.

ونقلت وكالة «سانا» الرسمية، عن قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، أن وحدات مديرية الأمن الداخلي في منطقة الحفة، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، نفذت عملية أمنية نوعية، بعد رصد وتتبع دقيق استمر عدة أيام، أسفرت عن إلقاء القبض على العميد الركن الطيار فائق أيوب مياسة المتحدر من قرية لقماني في ريف اللاذقية.

وأشار الأحمد إلى أن مياسة تدرج في المناصب العسكرية، حيث تخرج برتبة ملازم طيار، وعمل في مطار حماة العسكري عام 1982، وعُيّن قائد أركان للواء 63 في مطار تفتناز العسكري بداية الثورة السورية، وتولى مهام تحديد بنك الأهداف بالاشتراك مع غرفتي العمليات الجوية والبرية، الواقعتين في معسكر المسطومة بريف إدلب، لتستهدف تلك المواقع لاحقاً بالطيران المروحي.

برميل أسقطه النظام السوري في بلدة إنخل في درعا جنوب سوريا (أرشيف - رويترز)

وأقر مياسة خلال التحقيقات الأولية بأنه كان عضواً في اللجنة العسكرية التي اقترحت استخدام البراميل المتفجرة في بداية الثورة، كما تولّى مسؤولية تحديد عدد من المواقع في مختلف المحافظات؛ لاستهدافها بالبراميل المتفجرة والألغام البحرية.

وأكد قائد الأمن الداخلي باللاذقية الالتزام ببذل قصارى الجهد لسوق كل مجرم تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة؛ لضمان محاسبته وفقاً للقانون.

وتأتي هذه العملية في إطار جهود وزارة الداخلية والجهات المعنية في ملاحقة ومحاسبة مسؤولي النظام البائد المتورطين بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق الشعب السوري، انطلاقاً من تطبيق العدالة الانتقالية، وضمان حقوق الضحايا وأسرهم، وعدم إفلات أي مجرم من المساءلة.


تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)
جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة، سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة الاحتلال (شرق الخط الأصفر)، والمواقع التي تعمل فيها حركة «حماس» (غرب الخط).

ووفق مصادر ميدانية في الفصائل الفلسطينية في غزة، فإن إسرائيل تسابق الزمن قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، عبر تثبيت حقائق ميدانية جديدة على الأرض عبر نسف المنازل وتسوية الأراضي بما يسمح لها بكشف المنطقة التي تريد أن تصبح منطقة عازلة جديدة في القطاع.

وتتوافق تلك التطورات الميدانية، مع تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الأحد الماضي، من داخل قطاع غزة خلال تفقده قواته، إذ قال إن «الخط الأصفر يشكل خط حدود جديداً، وخط دفاع متقدماً للمستوطنات، وخط هجوم».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

لكن القيادي في «حماس» حسام بدران، رأى أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي «تكشف بوضوح عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار»، ومشيراً إلى أن «مواصلة هدم منازل الفلسطينيين داخل الخط الأصفر تمثل امتداداً للأعمال العسكرية التي كان يفترض أن تتوقف منذ اليوم الأول للاتفاق».

وأكد بدران، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء، أن الحركة تشترط وقف الخروقات الإسرائيلية قبل بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع دعوتها الوسطاء للضغط على إسرائيل.

السيطرة على شارع صلاح الدين

وشرح أحد المصادر من الفصائل لـ«الشرق الأوسط» أن ما تم رصده مؤخراً بشأن نطاق العمل الإسرائيلي في مواقع مختلفة من القطاع بات يؤكد أن «المخطط الحقيقي هو السيطرة على مسافة تقارب 3 كيلومترات من حدود مستوطنات غلاف غزة ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وحتى شارع صلاح الدين الرئيس، وتحديداً قبالة خان يونس، ومدينة غزة وصولاً إلى حدود جباليا وبيت لاهيا».

وشارع صلاح الدين طريق حيوي ورئيسي، ويمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، وكانت مسألة السيطرة عليه ذات أهمية عسكرية كبرى خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، وركزت التحركات الإسرائيلية على قطعه بمحاور مختلفة.

شارع صلاح الدين في قطاع غزة

وذكر المصدر أن مدينتي رفح (أقصى جنوب غزة) وبيت حانون (أقصى الشمال)، محتلتان بالكامل، وفي حال انسحبت إسرائيل منهما، فإنها ستتركهما مدمرتين تماماً، وتواصل حالياً الإجهاز على ما تبقى فيهما.

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية تهدف من خلال الاستهدافات المتكررة يومياً دون توقف، سواء بالتقدم براً أم عمليات القصف الجوي والمدفعي والنسف وغيرها، إشعار السكان الذين يحاولون العودة بالقرب من الخط الأصفر، بعدم قدرتهم على البقاء في تلك المناطق وأن حياتهم ستبقى في خطر دائم، وأنهم يجب أن يبقوا في عمق المناطق الغربية للقطاع من دون أن يتقدموا أكثر من ذلك.

منطقة عازلة أعمق

وقبيل الحرب الأخيرة، كانت المنطقة العازلة بين مستوطنات غلاف غزة والقطاع تصل إلى نحو 300 متر فقط من السياج، وفي بعض المناطق تكون أقل في ظل اعتماد القوات الإسرائيلية على أدوات تكنولوجية لكشف أي خطر، الأمر الذي أسهم، وفق بعض التقديرات، في تمكين «حماس» من الهجوم المباغت في السابع من أكتوبر.

وحسب المصادر، تسعى القوات الإسرائيلية حالياً إلى تثبيت سيطرتها الأمنية داخل قطاع غزة، من خلال إظهار قدرتها على توسيع المنطقة العازلة لتصل إلى مسافة شاسعة عبر استخدام وسائل تكنولوجية، وبما «يسمح لها لاحقاً بتثبيت قواعد إطلاق نار جديدة والتعامل مع أي هدف يتحرك في تلك المناطق، وبما يحرم السكان من العودة إليها لاحقاً حتى لو انسحبت إلى مساحات أخرى».

وقال مصدر إن «إسرائيل ستسيطر على تلك المنطقة العازلة الجديدة نارياً عن بُعد، وقد تقوم بعمليات مباغتة عبر قوات خاصة تنصب كمائن فيها، أو من خلال عمليات توغل برية من حين إلى آخر بالتقدم والتراجع كما تفعل حالياً بهدف إشعار السكان بعدم وجود أي أمان بوجودهم في تلك المناطق».

تمركزات استراتجية جديدة

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية حالياً لا تتمركز عند الخط الأصفر تماماً، وهي في حالة حركة مستمرة، تارةً بالتقدم إلى خارجه وتوسيع سيطرتها، وأخرى عبر التراجع إلى مناطق بعيدة أو من خلال التنقل من مكان إلى آخر بما يسمح لها بتجريف مساحات جديدة، أو وضع عربات مفخخة ثم تفجيرها بتلك المناطق.

وأشار أحد المصادر، وهو في منطقة قريبة من وسط قطاع غزة إلى أن القوات الإسرائيلية تحافظ على مسافات معينة في وسط القطاع «ولم تتقدم فيها بشكل كبير حتى الآن، وتحافظ على وجودها عند الخط الأصفر بنسب متفاوتة»، مرجحاً «حفاظها على قوة نارية عند الضرورة».

جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

وقال المصدر إن القوات الإسرائيلية تلجأ إلى استحداث مواقع عسكرية في مناطق استراتيجية ذات طبيعة جغرافية مرتفعة لكشف مساحات كبيرة، كما هي الحال في جبل الصوراني شرق حي التفاح لكشف مناطق واسعة من الحي ومناطق قرب جباليا (شمال غزة)، إلى جانب تلة المنطار التي تكشف حيي الشجاعية والزيتون.

وكشفت المصادر أن القوات الإسرائيلية استحدثت، الأحد الماضي، موقعاً استراتيجياً جديداً على تبة الظهرة، بمنطقة معن شرق خان يونس (جنوب القطاع) يكشف غالبية المدينة بما فيها أجزاء من غربها، ما يظهر سيطرتها الأمنية على غالبية هذه المناطق.

وتسمح هذه المرتفعات العالية، للقوات الإسرائيلية بكشف أي تحركات، وإطلاق النار يومياً تجاه أقرب نقاط ممكنة خاصةً عند شارع صلاح الدين الذي تخطط تلك القوات ليكون بداية المنطقة العازلة بالنسبة لها، كما تشرح المصادر.

ترمب يضغط

وأظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عزمه على المضي قدماً في المرحلة الثانية من خطته في قطاع غزة، بما قد يشمل تنفيذ إسرائيل انسحابا ثانياً محتملاً، بحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وذلك على الرغم من محاولة إسرائيل جعل الخط الأصفر الحالي حدوداً جديدة لغزة.

وقال المحلل العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل إن «ترمب يعتزم إجبار الأطراف على الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي قد تشمل انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من القطاع».

ويقدر هارئيل أن ترمب سيضغط نحو اتفاق ينشر بموجبه الجيش الإسرائيلي قواته على مقربة من الحدود في مساحة أقل، لكنه لأكد ان ذلك سيكون رهن بنتائج لقاء ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو نهاية الشهر الحالي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست بالقدس يوم 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وقالت مصادر عسكرية لـ«هيئة البث الإسرائيلي» (كان) إن الجيش سيبقى متمركزاً على امتداد هذا الخط خلال المرحلة الثانية أيضاً، مع قدرة مراقبة وسيطرة نارية على عموم القطاع دون العودة إلى إدارة شؤون سكانه.

وبحسب المصادر، فإن الانتشار الجديد يحقق لإسرائيل تفوقاً ميدانياً دون تحمل أعباء مدنية تتعلق بالغذاء والمياه والدواء والخدمات الصحية. ووصف مصدر عسكري هذه الصيغة بأنها «إنجاز عملياتي كبير».

لكن التقييم في إسرائيل بحسب محادثات ورسائل أميركية نُقلت إلى تل أبيب أن ترمب لن يوافق على ذلك، وسيطلب من الجيش تنفيذ انسحاب ثاني بحسب خطته.

وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية، أن ترمب بدأ فعلاً بزيادة الضغط للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة. وبحسب القناة فإن نتنياهو الذي سيلتقي ترمب سيكون أمام اختبار بعدما عقد زامير مهمته. وأضافت: «عرض زامير احتياجات إسرائيل الأمنية قبل التقدم في الاتفاق، ووضع رئيس الوزراء نتنياهو في مأزق مع الرئيس ترمب».


3 قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
TT

3 قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)

ذكرت قناة «الإخبارية السورية» التلفزيونية مساء اليوم الثلاثاء أن قذائف «مجهولة المصدر» سقطت في محيط مطار المزة في العاصمة دمشق، من دون أن تسفر عن أي إصابات.

إلى ذلك، كشف مصدر عسكري للوكالة السورية عن «استهداف محيط مطار المزة العسكري بدمشق بـ3 قذائف دون وقوع إصابات أو أضرار مادية». وأوضحت الوكالة: «الجهات المختصة انتشرت في محيط مطار المزة العسكري وبدأت التحقيقات لتحديد مصدر القذائف».

وذكرت «رويترز» في نوفمبر (تشرين الثاني) أن الولايات المتحدة تعتزم تأسيس وجود عسكري في قاعدة جوية بدمشق للمساعدة في تهيئة الظروف لاتفاقية أمنية تتوسط فيه بين سوريا وإسرائيل.

وتقع القاعدة الجوية عند مدخل أجزاء من جنوب سوريا يُتوقع أن تشكل منطقة منزوعة السلاح في إطار اتفاقية عدم اعتداء مستقبلي بين إسرائيل وسوريا.

ونقلت «سانا» في ذلك الوقت عن مصدر في وزارة الخارجية السورية نفيه ما ورد في تقرير «رويترز»، قائلا «لا صحة لما نشرته وكالة رويترز عن القواعد الأميركية في سوريا».

وتتوسط الولايات المتحدة بين سوريا وإسرائيل لخفض التوتر والتوصل إلى اتفاقية أمنية تأمل دمشق أن يفضي إلى التراجع عن عمليات الاستيلاء التي نفذتها إسرائيل على أراضيها في الآونة الأخيرة.