يُعدّ ميكروبيوم الأمعاء ذا أهمية بالغة في جسمك. ببساطة، هو مجتمع هائل من البكتيريا والفطريات والفيروسات والكائنات الدقيقة الأخرى التي تعيش في جهازك الهضمي، وتُنظّم كثيراً من العمليات الفيزيولوجية. يصعب استيعاب حجمه الهائل: إذ يُقدّر عدد الكائنات الدقيقة فيه بنحو 100 تريليون، ويبلغ وزنها الإجمالي أكثر من كيلوغرام واحد، وفقاً لبعض التقديرات.
بناءً على مصطلح «ميكروبيوم الأمعاء»، وفقاً لموقع «سيلف»، قد تفترض أن هذه البيئة الداخلية الغنية تؤثر بشكل أساسي على جهازك الهضمي، لكن تزداد الأدلة على أن تأثيرها يتجاوز ذلك بكثير، ليشمل كل شيء بدءاً من عملية التمثيل الغذائي، مروراً بالمناعة، وصولاً إلى حالتك النفسية.
باختصار: «يؤثر تكوين ميكروبيوم الشخص على صحته العامة»، كما تقول الدكتورة إيمي بوركهارت، طبيبة وأخصائية تغذية مُسجّلة.
يشمل هذا التكوين بكتيريا نافعة تُؤثر إيجاباً، وبكتيريا ضارة (أو مسببات الأمراض) تُؤثر سلباً. إذا اختلّ التوازن (كأن تتجاوز البكتيريا الضارة البكتيريا النافعة)، فقد تشعر بالتعب أو الأرق، أو بالتوتر والاكتئاب والقلق، أو بمشاكل هضمية مثل الانتفاخ والغازات وحرقة المعدة والإمساك والإسهال، أو قد تُصاب بالأمراض بشكل متكرر، على سبيل المثال لا الحصر.
هذا الخلل، المعروف طبياً باسم «اختلال التوازن الميكروبي»، يرتبط بمجموعة واسعة من المشاكل الصحية الخطيرة، بما في ذلك السمنة والسكري وأمراض القلب ومرض التهاب الأمعاء ومتلازمة القولون العصبي، واضطرابات المناعة الذاتية والسرطان.
بينما يتحدد ميكروبيوم الأمعاء بشكل كبير في مرحلة الطفولة المبكرة - تحديداً خلال السنتين أو الثلاث سنوات الأولى من العمر، تلعب عوامل نمط الحياة، مثل النظام الغذائي دوراً مهماً أيضاً.
في الواقع، يُعد تغيير ما نأكله الخطوة الأساسية التي يمكننا اتخاذها «لضمان تعزيز ميكروبيوم صحي»، كما تقول ديزيريه نيلسن، أخصائية التغذية ومطورة وصفات الطعام المتخصصة في التغذية النباتية، لمجلة «سيلف». إليك ثماني عادات غذائية شائعة قد لا تعلم أنها قد تضر بصحتك بدلاً من أن تنفعك.
فوائد شاي الماتشا في علاج القولون العصبي
1. تناول الأطعمة نفسها يومياً
تقول الدكتورة بوركهارت: «تستجيب أنواع مختلفة من البكتيريا في الميكروبيوم لأنواع مختلفة من الأطعمة»، لذا فإن تنويع ما تأكله بدلاً من الاقتصار على النوع نفسه هو مفتاح بناء بيئة صحية في الأمعاء. سيؤدي التنوع في نظامك الغذائي إلى تنوع في الميكروبيوم، والتنوع هو الأهم. وتضيف: «هذا يعني تحسين الهضم، وامتصاص العناصر الغذائية، وتقوية جهاز المناعة». «كما أنه يعزز المرونة، أي قدرة ميكروبيوم الأمعاء على التعافي عند تناول المضادات الحيوية» - التي تُخلّ بتوازن الميكروبيوم بقتل البكتيريا النافعة إلى جانب الضارة - «أو التعافي عند الإصابة بالمرض» - الذي قد يُغير أيضاً من تركيبة الميكروبيوم ووظيفته.
2. الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة
تقول الدكتور بوركهارت: «هذه هي المشكلة الأكثر شيوعاً التي أراها». ورغم أن مصطلح «الأطعمة المصنعة» واسع النطاق، فإنه غالباً ما يشير إلى الأطعمة المُعدلة، بإضافة مواد، مثل المستحلبات والمثبتات والمكثفات والمواد الحافظة - «وهي مواد لا تعرف ماهيتها عند قراءة الملصقات».
وتخص الدكتور بوركهارت بالذكر مادتين مضافتين على وجه الخصوص: كربوكسي ميثيل السليلوز (الموجودة غالباً في الحلوى والعلكة والوجبات الخفيفة والمخبوزات والكاتشب)، وبوليسوربات 80 (الموجودة غالباً في الآيس كريم والأطعمة المعلبة والأطعمة الجاهزة وتتبيلات السلطة).
بينما تقول: «هناك إضافات غذائية أخرى أقل تأثيراً»، إلا أن هذه هي «الإضافات الرئيسية التي نعرف أنها تُغير بشكل كبير ميكروبيوم الأمعاء وتزيد الالتهاب»، وهي حالة قد تُسبب تغيرات ضارة في الكائنات الحية الدقيقة الموجودة، وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
وتوضح الدكتورة بوركهارت تحديداً أنها «تجعل الأمعاء أكثر نفاذية وتُلحق الضرر بالغشاء المخاطي»، وهو الطبقة الواقية من الخلايا التي تُغطي الجزء الداخلي من الأمعاء، مما يسمح بدخول مسببات الأمراض، ويُهيئ بيئة مناسبة للعدوى.
ولمنع هذه التغيرات الضارة، حاول تقليل تناول الأطعمة المُصنعة. وتنصح الدكتورة بوركهارت: «بتناول مزيد من الحبوب الكاملة، وتناول مزيد من الأطعمة الطبيعية، والنباتات، والفواكه، والخضراوات، والبقوليات، وما شابه ذلك».
بينها الشوكولاته... 12 طعاماً لتقوية جهاز مناعتك بشكل طبيعي
3. الإفراط في تناول المشروبات السكرية
إن تناول كميات كبيرة من الأطعمة أو المشروبات السكرية يقلل من التنوع البكتيري، ويزيد من الالتهابات، ويزيد من نفاذية حاجز الأمعاء، وهي أمور غير مرغوب فيها، كما ذكرنا سابقاً. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتجلى انخفاض التنوع البكتيري في انخفاض عدد نوع واحد من البكتيريا.
زيادة في بكتيريا البكتيرويديتس، وزيادة في بكتيريا البروتيوكتيريا - وهو نمط يرتبط غالباً باختلال التوازن الميكروبي في الأمعاء، وما يترتب عليه من مشاكل صحية. لهذا السبب، تنصح الدكتور بوركهارت بالحد من تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة المحلاة، واستبدالها بواسطة الماء أو أي مشروب غير محلى عند الشعور بالعطش.
4. عدم تناول كمية كافية من الألياف
وفقاً لنيلسن، يُعدّ تناول مزيد من الألياف أهم تغيير غذائي يُمكن إجراؤه لتحسين صحة ميكروبيوم الأمعاء. وتصفه الدكتورة بوركهارت بأنه «يشبه الدواء تقريباً». لماذا؟ لأن تناول كميات كبيرة من الألياف يدعم البكتيريا النافعة التي تُساعد على «تحسين وظيفة حاجز الأمعاء، والتواصل مع الجهاز المناعي، والحد من الالتهابات المزمنة»؛ لأن الألياف هي مصدر غذائها الرئيسي.
على النقيض من ذلك، تقول إنّ الامتناع عن تناول الألياف يُحفّز نمو البكتيريا الضارة التي تُسبّب الالتهابات، ولذلك فإنّ اتباع نظام غذائي يعتمد على اللحوم فقط، يُعدّ «أسوأ ما يُمكن فعله لصحة الأمعاء». وتُؤكّد أنّ تناول 30 إلى 50 غراماً من الألياف يومياً «مهم جداً لصحة الأمعاء».
5 أطعمة تساعد على تحسين رائحة الجسم بشكل طبيعي
5. شرب كميات كبيرة من المشروبات الغازية الغنية بالبريبايوتكس بدلاً من تناول الأطعمة الغنية بالألياف
المشروبات الغازية الغنية بالبريبايوتكس هي نوع من المشروبات الغازية التي تحتوي على الألياف، والتي تُغذّي، مثلها مثل غيرها، الميكروبات الموجودة في الأمعاء، وتُحفّز نمو البكتيريا النافعة. للأسف هي لا تُؤدّي وظيفة الأطعمة الكاملة.
توجد المركبات المضادة للأكسدة والالتهابات في الأطعمة النباتية مثل الفواكه والخضراوات، وقد لا تكون معروفة مثل الألياف، لكنها تلعب دوراً كبيراً في «تحفيز نمو ميكروبيوم صحي أيضاً»، كما تقول نيلسن. وهذا في جوهره مثالٌ رائع على أهمية التنوع: فعندما يتعلق الأمر بالحصول على الألياف، تُعد الفواكه والخضراوات خياراً أفضل بكثير.
6. تجنب الأطعمة التي تُسبب اضطرابات هضمية
هناك كثير من النصائح الخاطئة التي تُشير إلى أنه إذا تسببت بعض الأطعمة - مثل البقوليات مثلاً في ظهور أعراض، فهذا يعني أنك تُعاني من عدم تحملها، ويجب عليك تجنبها حفاظاً على صحة أمعائك، بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، كما تقول نيلسن. الأمر كله يتعلق بمحتوى الألياف. لكن زيادة تناول الألياف دفعة واحدة قد تُسبب في البداية مشاكل الجهاز الهضمي نفسها التي يُفترض أن تمنعها، الغازات، والانتفاخ، والإسهال، لأن الجسم غير مُهيأ لهذه الكمية الكبيرة.
لذا، بدلاً من أن تُشير هذه الأعراض إلى عدم تحملك لنوع معين من الطعام، فهي في الواقع «علامة على أنك بحاجة إلى مضاعفة استهلاكك لهذه الأطعمة». لكن مشاكل الجهاز الهضمي ليست حتمية: فالبدء ببطء وبكميات
صغيرة ومنتظمة يُساعد على تقليل احتمالية الإصابة باضطرابات المعدة.
3 أطعمة تعزز عملية التمثيل الغذائي بشكل طبيعي
7. الإفراط في تناول مكملات البروبيوتيك
قد يبدو تناول مكملات البروبيوتيك، سواء كانت حبوباً أو كبسولات أو مسحوقاً أو حلوى غنية بالميكروبات المفيدة بما في ذلك البكتيريا والخمائر، استراتيجية بديهية لتعزيز صحة الأمعاء. بحسب نيلسن، لا تتساوى جميع أنواع البروبيوتيك في الفعالية، ولا تستهدف جميعها الموقع نفسه (أو المشكلة الصحية)، لذا قد لا تُحدث التأثيرات المتوقعة.
في بعض الحالات، قد تأتي البروبيوتيك بنتائج عكسية، مُخلّةً بالتوازن الدقيق للميكروبات ومُسببةً أعراضاً هضمية. إذا كنت لا تزال تعتقد أن مكملات البروبيوتيك ستكون مفيدة، فتنصح نيلسن بالتأكد أولاً من وجود أدلة علمية تدعم النوع الذي تفكر فيه، بعد ذلك، وبناءً على المعلومات الواردة تأكد من ملاءمة ذلك لحالتك الصحية. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في علاج الغازات والانتفاخ، فلا تختر منتجاً يُعالج الإمساك.
8. التعامل مع مكملات البروبيوتيك بوصفها حلاً دائماً
رغم أنك قد تشعر بأن جهودك لتحسين ميكروبيوم أمعائك قد انتهت، فإن نيلسن تقول: «من المهم جداً ألا تجعل مكملات البروبيوتيك خط الدفاع الأول». بعبارة أخرى، لا تجعلها بديلاً عن تغييرات أكبر وأكثر جوهرية في نظامك الغذائي. بدلاً من ذلك، تنصح نيلسن بالنظر إلى مكملات البروبيوتيك على أنها «حل مؤقت». قد يبدو مفهوم «العلاج» مغرياً للبعض، ولكنه في الواقع حلٌّ جذريٌّ.