جوائز «القاهرة التجريبي» تنحاز لعروض «الممثل الواحد» و«الأساطير»

حفل الختام شهد تكريم الفنان الراحل أحمد راتب

صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
TT

جوائز «القاهرة التجريبي» تنحاز لعروض «الممثل الواحد» و«الأساطير»

صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)
صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)

انحازت جوائز مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لعروض الممثل الواحد والنصوص المعتمدة على الأساطير، واختتم المهرجان فعاليات الدورة الـ31، الأربعاء، بتكريم اسم الفنان الراحل أحمد راتب بعد مرور 8 سنوات على رحيله، لتقديمه أكثر من 500 عمل بين المسرح والسينما والتلفزيون.

وعدّ الناقد المسرحي المصري الدكتور عبد الكريم الحجراوي «تكريم راتب بمثابة رد اعتبار لفنان قدير ومؤثر تعرّض للتجاهل»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن راتب ترك بصمة قوية في معظم أعماله، رغم ظهوره في أدوار مساعدة للبطل، كما في أفلام (طيور الظلام) و(الإرهاب والكباب) و(عمارة يعقوبيان) ومسلسلات (المال والبنون) و(أم كلثوم) و(بوابة الحلواني) ومسرحيات (سُك على بناتك) و(الزعيم) و(روحية اتخطفت)».

كما شمل التكريم كذلك اسم الأكاديمية الراحل الدكتورة عايدة علام، أستاذة فن الديكور المسرحي بجامعة حلوان، التي وافتها المنية قبل انطلاق فعاليات المهرجان بأيام.

وقال الدكتور سامح مهران، رئيس المهرجان، في كلمته بحفل الختام: «على مدار 10 أيام، التقينا واتفقنا واختلفنا، وهذا الاختلاف الدائم هو أساس المسرح»، على حد تعبيره.

تكريم اسم الفنان أحمد راتب (إدارة المهرجان)

وقدّم المخرج اللبناني وليد عوني عرضاً قصيراً، له طابع استعراضي راقص، يبرز أسطورة «الإله تحوت» في الحضارة المصرية القديمة، بصفته إله الحكمة، الذي علّم القدماء الحساب والكتابة.

وفاز العرض الألماني «بابل»، للمخرج فرناندو ميلو، بجائزة «أفضل عرض»، وهو يجسد أسطورة برج بابل، من خلال صياغة ذات حس شاعري، تعتمد على لغة الجسد والإشارة.

ويعتمد العرض الاستعراضي المتحرر من الأفكار التقليدية، مثل القصة أو الحوار، على أن فكرة تجميع البشر في مكان واحد، كما تقول الأسطورة، حتى يتحدثوا بلغة واحدة، ويؤمنوا بالأفكار والقناعات نفسها، هي ضد الطبيعة الإنسانية، وتخالف حكمة إعمار الأرض، وأن التنوع وقبول الآخر هو المسار الطبيعي للإنسان في كل العصور.

لوحة استعراضية للفنان وليد عوني في ختام المهرجان (إدارة المهرجان)

وحصد عرض «أوتو ريتراتو» من الإكوادور جائزتي «أفضل مخرج»، التي ذهبت لمادلين لويزا، كما حصل بطل العرض سنتياجو رودريجو على جائزة «أفضل ممثل».

وتألق المسرح الكويتي في المهرجان من خلال عرض «صمت» للمؤلف سليمان البسام، حاصداً جائزة «أفضل نص مسرحي»، كما نالت بطلته حلا عمران جائزة «أفضل ممثلة»، في حين فاز العرض المصري «ماكبث المصنع» بجائزة «أفضل سينوغرافيا».

وحظيت القضية الفلسطينية بحضور خاص في الجوائز؛ حيث منحت لجنة التحكيم التي يرأسها الكاتب والسينارست مدحت العدل، شهادتي تقدير للعرض الفلسطيني «معتقلة»، والعرض المصري «صدى جدار الصمت» الذي أخرجه وليد عوني، وانقسم إلى عدة «لوحات درامية» حظيت بتفاعل الجمهور، مثل مشهد الأكفان البيضاء والمفارقة البصرية مع الزي الأسود الذي ارتداه الممثلون.

وأشار عبد الكريم الحجراوي إلى أن «من الظواهر اللافتة في هذه الدورة مشاركة دول غير معتاد وجودها في المهرجان، مثل الهند التي شاركت بعرض (بيهولا ليخندار) وجنوب أفريقيا التي شاركت بعرض (الماء)».

جائزة أفضل ممثلة حلا عمران (إدارة المهرجان)

وأضاف: «تعد عروض المونودراما التي تعتمد على الممثل الواحد من أبرز سمات المهرجان في دورته الأخيرة، كما في العرض الكويتي (الصمت) الذي تألقت فيه حلا عمران، والعرض الإسباني (مرثية ميديا)، والعرض الألماني (جرح)، الذي أدته ببراعة الممثلة المصرية المقيمة في الغرب نورا أمين».

وأشار إلى أن «هذه النوعية من العروض شديدة الصعوبة فنياً، وتنطوي على تحدٍّ فارق؛ حيث مطلوب من الممثل أن يعكس تحولات إنسانية ونفسية ودرامية حادة اعتماداً فقط على جسده وملامح وجهه دون قصة أو حوار أو شخصيات».

وكانت الدورة الجديدة من المهرجان قد انطلقت في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، بمشاركة 26 عرضاً، تُمثل 19 دولة، وقُدمت خلالها 7 ورش تدريب في مختلف عناصر العمل المسرحي، إضافة إلى سلسلة ندوات ضمن المحور الفكري الذي يتناول «المسرح وصراعات المركزيات»، مع إصدار 11 كتيباً بين ترجمات ودراسات ومسرحيات.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق فيلم «الفستان الأبيض» يشارك في مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)

«رفعت عيني للسما» و«الفستان الأبيض» يمثلان مصر في «الجونة السينمائي»

اختار مهرجان الجونة السينمائي أول فيلمين مصريين للمشاركة في دورته السابعة، المقررة إقامتها في الفترة من 24 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 1 نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق وليد عوني بين وزير الثقافة المصري د.أحمد هنو ورئيس المهرجان التجريبي د.سامح مهران (حساب عوني على «فيسبوك»)

وليد عوني: مسرحيتي عن فلسطين قطعة من روحي

قال الفنان اللبناني وليد عوني إن عرض «صدى جدار الصمت» الذي قدّمه في افتتاح الدورة الـ31 لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي هو سادس عرض يقدّمه عن فلسطين.

يوميات الشرق أنجلينا جولي مع سلمى حايك ودميان بشير قبل عرض فيلم «بلا دماء» في «تورونتو» (رويترز)

مهرجان «تورونتو» يحتفي بأنجلينا جولي وينتقد ما تبع 11 - 9

«ماريا» ليس كل ما جاءت أنجلينا جولي إلى «تورونتو» من أجله. كانت انتهت للتو من عمليات ما بعد التصوير لفيلم من إخراجها بعنوان «بلا دماء».

محمد رُضا (تورونتو)

رحيل صفية بن زقر صاحبة «موناليزا الحجاز»

صفية بن زقر (دارة صفية بن زقر)
صفية بن زقر (دارة صفية بن زقر)
TT

رحيل صفية بن زقر صاحبة «موناليزا الحجاز»

صفية بن زقر (دارة صفية بن زقر)
صفية بن زقر (دارة صفية بن زقر)

صفية بن زقر... اسم يتردد دائماً عند الحديث عن تاريخ الفنون في السعودية، تبعث سيرتها بنفخات فنية جميلة معطرة بذكريات حارات جدة حيث نشأت وملابس النساء التراثية في المملكة. يعرف الناس لوحتها الشهيرة «الزبون»، حتى وإن كانوا لا يعرفون اسم الفنانة التي نفذتها. وأمس رحلت عن عالمنا صاحبة اللوحة التي أطلق عليها البعض اسم «موناليزا الحجاز». رحلت صاحبة أول متحف خاص في المملكة الذي أقامته لأعمالها وأرشيفها، وأطلقت عليه اسم «دارة صفية بن زقر»؛ حيث احتضنت الصغار والكبار من الفنانين، أقامت المسابقات الفنية للصغار واللقاءات الثقافية للكبار، وحققت من خلال دارتها أحلام ومشاريع العمر.

صفية بن زقر «الأم الروحية للفنون في السعودية» نعاها محبوها أمس على وسائل التواصل الاجتماعي، وترافقت الدعوات لها بالرحمة مع الثناء والمحبة التي نثرتها على كل من عرفها، قالت عنها الفنانة لولوة الحمود إنها «أيقونة وقامة فنية»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «فقدنا في عام واحد اثنين من أعمدة الفن والثقافة في المملكة، وهما الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، واليوم صفية بن زقر»، وأضافت: «صفية بن زقر كانت رائدة للفن السعودي مع الراحلة منيرة موصلي، ظلت نشيطة للنهاية، وعزاؤنا هو ما تركته لنا متمثلاً في دارتها». تأثرت الحمود بفن صفية بن زقر: «كانت تعطينا الكثير، وأثرت فينا، ولا سيما في ممارسة الطباعة الفنية التي تعلمت أساليبها في أثناء دراستها في كلية سانت مارتن بلندن. عطاؤها لم يتوقف، واستمر حتى نهاية عمرها، ومن أحب أعمالها لدي هي سلسلة الملابس التراثية».

نعى الفنانة قسورة حافظ الذي نسق مؤخراً معرض «خمسين... رحلة الفن السعودي» الذي أقيم في قاعة سوذبيز بلندن، وحرص فيه على عرض نسخة من لوحة «الزبون» لصفية بن زقر، قال لـ«الشرق الأوسط» إنها «سيدة كريمة ولطيفة مع الناس... تذكرك بالناس الطيبين من الأجيال السابقة أو من يطلق عليهم (أهل أول)». ومن الناحية الفنية لم يجد وصفاً أنسب من «رمز وأيقونة ثقافية». يرى أن من أهم إنجازاتها ما سجلته بالريشة والقلم من توثيق لمظاهر الحياة اليومية في منطقة الحجاز بشكل لم يسبقها فيه أحد: «كأن لوحاتها هي أدواتنا للعودة بالزمن إلى حياة قديمة لم تسجلها الكاميرا أو الأفلام». ويصف أسلوبها الفني بالواقعي المختلط بلمحات تأثيرية.

من لوحات صفية بن زقر (دارة صفية بن زقر)

الباحثة والمؤرخة الفنية الدكتورة إيمان الجبرين كان لها حديث طويل مع «الشرق الأوسط» حول ذكرياتها مع الراحلة صفية بن زقر، تحدثت عنها بحب وتقدير وشغف، في بداية حديثها تقول إنَّ الاحتفاء بالراحلة يجب أن يكون بتحقيق آخر أمنياتها «لآخر لحظة، وفي أيامها الأخيرة كانت تلهج بالدعاء أن يسمح لها العمر برؤية مشروعها الأخير، وقد تحقق، وهو كتاب يحمل عنوان (درزة)»، تقول الجبرين: «استغرق العمل في الكتاب عشرة أعوام، وأعده قيمة تاريخية حيث كتب بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية، وضمت فيه رسومات لكل الأزياء الشعبية، ولم تتوقف عند ذلك بل عملت رسوماً توضيحية لكل التفاصيل مثل الغرز وأساليب الخياطة وأسمائها حتى لا يندثر هذا التراث، وحرصت على أن تترجمها بطريقة صحيحة واضحة وبـ3 لغات، حتى صورة الغلاف التي تمثل ثوباً نادراً».

من أهم منجزات الراحلة؛ إقامة «دارة صفية بن زقر» التي حرصت على الإشراف على كل صغيرة وكبيرة بها، تقول الجبرين إن الراحلة حرصت حتى على اختيار قطع البلاط، «كل بلاطة فيها اختارتها، وهي على فراش المرض حين كانت في سويسرا للعلاج، الدارة مكان قيم، بسبب التفاصيل، لها قيمة لا يمكن تعويضها فهي تضم مقتنيات تراثية مثل الملابس وقطع فنية قيمة وأرشيف الفنانة نفسها حيث أودعت كل لوحاتها والأرشيف الصحافي الذي يغطي أخبارها وأخبار معاصريها. هناك أيضاً المساحات الخاصة بها التي تضم الاستوديو، وشهاداتها كلها موجودة، بالإضافة إلى الجناح التي كانت تسكنه، وأضافته للمبنى، في وسط الجناح هناك مقتنيات لا يعرف عنها سوى القلائل من المقربين منها، فهي كانت عندها هواية جمع أشياء نادرة قد لا تخطر على بال أحد، مثل المراوح اليدوية تجمعها من كل دول العالم، ومن المزادات، كذلك أطقم البورسلين المصغرة التي كانت تصنع في الحقبة الفيكتورية».

تحمل الدكتورة إيمان الجبرين الكثير من الذكريات والقصص مع الراحلة التي كانت موضوع رسالتها للدكتوراه، وتقول إنها كانت مبهورة بها وبطاقتها الإيجابية. تتحدث عن مبادراتها السابقة لعصرها فقد أقامت جوائز للأطفال، وكان عندها مجلس نسائي شهري. تتحدث عن مشروع كانت الراحلة تنفذه، وكانت لوحات بطول 12 متراً مقسمة لأجزاء تتناول فيها الرقصات التراثية في المملكة، كانت تحلم أن تعرضها كجدارية تماثل جدارية كنيسة سيستينا في الفاتيكان للفنان مايكل أنجلو.

من لوحات الفنانة (دارة صفية بن زقر)

كانت للراحلة مخاوف من عرض بعض الأعمال التي نفذتها متأثرة بصور ولوحات عالمية استشراقية حتى لا يكون الانطباع أنها تقلد أحداً، ولكن الدكتورة الجبرين ترى أن الفنانة كانت لها لمسات إضافية على تلك الأعمال نفذتها بصفتها باحثة وفنانة، ولكنها امتثلت لطلب الراحلة بعدم نشرها في رسالة الدكتوراه. «كانت لديها أعمال مستوحاة من صور استشراقية، كانت متوترة بسببها، وكانت تتدخل فيها، وتصحح تفاصيل اللباس؛ لأن أغلب الصور لا تصور اللباس الصحيح، وكانت مترددة، لئلا يقول الناس إنَّها قلدت أو نسخت صوراً استشراقية. منها مجموعة مستوحاة من مجموعة أعمال معروضة في ميوزيه دورساي بباريس أغلبها للفنانة بيث موريسو والفنان أوغست رينوار».

أسأل الجبرين عن سبب تشبيه الراحلة بالفنان العالمي بول سيزان، فتقول: «أرى أن بول سيزان كان مكروهاً من أصدقائه، ولا أحب أن نربطها بشخصه، وقد سألتها ذات مرة عن موقفها من التشبيه، فقالت لي (نحن كنا في زمن ننتظر فيه رأي النقاد فينا، وكنا نعد ذلك إطراء وثناء وقد شبهوني ببول سيزان وأيضاً ببول غوغان)».

لوحة للفنانة (دارة صفية بن زقر)

تصفها الجبرين بأنها الأم الروحية للفن السعودي وتستطرد قائلة: «أرى أن أجنحة الفن السعودي تتمثل في الفنانين محمد السليم وعبد الحليم رضوي، ومن السيدات صفية بن زقر ومنيرة موصلي، ولا أعتقد أننا نحتاج لأن نشبهها بأحد أجنبي لنعطيها قيمة، هي وصلت إلى أنها حصلت على وسام الملك عبد العزيز للفنون من الدرجة الأولى، هي الأولى من بين النساء والرجال».

الزبون من أشهر لوحات الفنانة الراحلة (دارة صفية بن زقر)

هل تعتقدين أن لوحة الزبون هي أهم أعمالها؟ تقول الجبرين إن هناك سراً وراء لوحة الزبون «رسمتها الراحلة أربع مرات، كانت تحس بأن الوجه يجب أن يليق بامرأة رفيعة المقام والملبس، قالت أتخيلها امرأة تعطي أوامر في بيتها، ولكن في الوقت نفسه متواضعة». هل كانت اللوحة ذاتية، وتصور الفنانة نفسها؟ تقول محدثتي: «سألتها عن ذلك، وكانت تقول لي إن (كثيرين يقولون إن المرأة تشبه أختي، ولم أكن أريد التسبب في مشكلات لها)، ولكنني أشرت إلى أن اللوحة أيضاً تحمل شبهاً من صفية نفسها، وكانت تضحك، وتقول رسمت لوحة الزبون بناء على صورة لأختي، وهي ترتدي الزي الحجازي، وحاولت أغير الوجه، ولكن في النهاية طلع وجهي أنا».