سيرين عبد النور: من بين كل أدواري شخصية «ميا» هي التي تفوز

الفنانة اللبنانية تختار «النوعيّة» وتفتخر بمسلسل «النسيان» ذي «المقاييس العالمية»

الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور بطلة مسلسل «النسيان» (برايم فيديو)
الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور بطلة مسلسل «النسيان» (برايم فيديو)
TT

سيرين عبد النور: من بين كل أدواري شخصية «ميا» هي التي تفوز

الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور بطلة مسلسل «النسيان» (برايم فيديو)
الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور بطلة مسلسل «النسيان» (برايم فيديو)

تسعى منصة «برايم فيديو» العالميّة إلى انطلاقة قوية لقسمها العربي، وقد اختارت مسلسل «النسيان» لتستهلّ به رحلتها مع الدراما العربية. من جهتها، أرادت النجمة اللبنانية، سيرين عبد النور، عودةً تلفزيونية قيّمة، فتبنّت المشروع، متقمّصةً شخصية البطلة «ميا» بكل ما تحمل من أثقالٍ نفسيّة وعاطفيّة.

«أتعبتني ميا كثيراً، لكنني أُغرمتُ بها، وما زلتُ أشتاق إليها رغم انقضاء 9 أشهر على انتهاء التصوير». تشارك سيرين عبد النور «الشرق الأوسط» كواليس التحضير للمسلسل، وظروف تصويره التي شكّلت أصعب تجربة في مسيرتها، بما أنه تَزامنَ ومرضَ والدتها ووفاتها لاحقاً.

ممثلون من العيار الثقيل

يروي العمل التلفزيوني ذو الحلقات الـ15 حكاية الثنائي «ميا» و«حازم»، اللذيْن خسِرا طفلَيهما في ظروف غامضة. وبعد انقضاء 12 عاماً على الحادثة، التي قلبت حياة الطبيبَين رأساً على عقب، تحتفظ الأمّ «ميا» بإصرارها على أنّ الولديْن على قيد الحياة، وتتابع رحلة البحث عنهما. لكن دون الرحلة عقبات كثيرة وقضايا شائكة، كإدمان المهدّئات، ومافيا خطف الأطفال، والخيانة الزوجية، وخذلان الأصدقاء.

راهنَ المنتج محمد مشيش وشركتُه «بلو بي» على المشروع، فوضعَ يده بيدِ السيناريست شادي كيوان ومجموعة من الكتّاب، إضافةً إلى المخرج الفوز طنجور الذي «لوّنَ القصة الجذّابة ولم يساوم على أي تفصيلٍ يخدم مصلحة العمل»، وفق تعبير سيرين عبد النور. تَحصّنَ المسلسل كذلك بممثّلين من العيار الثقيل. فإلى جانب سيرين عبد النور، وقف النجم السوري قيس الشيخ نجيب بطلاً في دور زوجها «حازم»، كما انضمّ إليهما فنانون مخضرمون أثْروا العمل بحضورهم، أمثال يورغو شلهوب، وكارول حاج، وندى بو فرحات، وفادي أبي سمرا.

الممثلون ندى بو فرحات ويورغو شلهوب وكارول حاج (برايم فيديو)

«عندما علمتُ بوجود هذه الأسماء في العمل، شعرتُ برغبةٍ في الاحتفال». انطلاقاً من قناعتها بأنّ حلقة النجاح لا تكتمل سوى باتحاد المواهب، وبأنّ المسلسلات لا تلمع بنجمٍ واحد، تصف سيرين عبد النور ما اختبرته إلى جانب زملائها، بالاستثنائيّ. وعن قيس الشيخ نجيب تقول إنّ «قدمَيه ما زالتا على الأرض، وهذا هو الأهمّ»، وإنّ «الأنا» لم تسيطر على إنسانيّته، ولا على مهنيّته؛ «تعاونّا لإنجاح المشاهد، ولم نكترث لأمورٍ سطحيّة، كمَن سيظهر اسمُه قبل الآخر في الشارة مثلاً». أما ندى بو فرحات، التي جمعتها بها مشاهد كثيرة، فكانت الشريكة المثاليّة على المستوييْن الفني والإنساني. تُعلّق عبد النور: «أشعرَتني بالأمان، وهي كانت بمثابة جمهوري الأوّل».

«نسيت نفسي مع ميا»

بعد 24 سنة أمضتها في العمل الدراميّ، وبعد تجربةٍ ثريّة وقفت خلالها إلى جانب أبرز الممثلين العرب، تضع سيرين عبد النور مسلسل «النسيان» في خانة «النضج الفنّي». تختصر هذه المرحلة التي بلغتها، بالقول: «اليوم، ما عادت تهمّني سيرين بقدر ما تهمّني الشخصية التي أؤدّي. مع ميا، نسيت نفسي وفكّرت فيها حصراً».

تذهب الممثلة أبعد من ذلك لتُقرّ بأنّها إذا أرادت «غربلة الأدوار التي قدّمت، فإنّ شخصية ميا هي التي تفوز»، مع العلم بأنّ بطلاتٍ كثيراتٍ من تلك التي جسّدتهنّ، ما زلن عالقاتٍ في ذاكرتها وفي ذاكرة الجمهور.

سيرين عبد النور والممثل السوري قيس الشيخ نجيب (برايم فيديو)

لـ«ميا» فعلاً خصوصيّتها، هي شخصيّة كثيفة درامياً، خلعت من أجلها سيرين عبد النور كل ما تتزيّن به الممثلات عادةً، وارتدت المعطف النفسيّ الثقيل. مع «ميا» خاضت، للمرّة الأولى في مسيرتها، دور المُدمنة. شكّل الأمر تحدّياً لها، هي التي لم تدخّن سيجارة في حياتها، وفق ما تقول. لكنّها استندت إلى ما اختبرته في وثائقيّ «بلا حدود»، الذي سبق أن صوّرته، وعاينت فيه عن قرب حالاتٍ لضحايا إدمان يتلقّون العلاج. كما لجأت إلى طبيبٍ نفسيّ أطلعها على تصرّفات المدمنين.

كانت لافتةً رجفةُ اليدَين التي طبعت شخصية «ميا». وظّفت سيرين عبد النور كثيراً من لغة الجسد والعينَين في هذا الدور، والمسلسل لا يتجنّب أصلاً مساحات الصمت، ولا سيّما في مشاهد «حازم» و«ميا». تُعلّق بالقول إن «التأمّلات والمونولوغ الداخلي الصامت يغلبان في معظم الأحيان الحوار الشفهي».

الأبطال الأطفال

تعاطفَ المشاهدون مع امرأةٍ استسلمت للأدوية المهدّئة، بعد أن حملت ذنب فقدان ولدَيها. تماهَوا مع أمٍّ ذهبت من أقصى الحنان إلى أقصى الهستيريا، وما بين المحطّتين لم تتنازل يوماً عن إيمانها وحدسِها اللذَين أصرّا على أنّ «شمس» و«زين» حيّان يُرزقان.

حملت سيرين عبد النور إلى الدور كثيراً من أمومتها كذلك. تتذكّر مشهداً كانت تتحدث فيه عن «شمس» و«زين»، شعرت خلاله وكأنّها تتحدّث عن ولدَيها تاليا وكريستيانو.

أما العمل إلى جانب الأطفال فكان تجربة خاصة جداً بالنسبة إلى عبد النور. اكتشفت في الممثلين الصغار الذين أدّوا شخصيات «شرارة/ زين»، و«نسيم»، و«سيلا/ شمس» مواهب فريدة وواعدة. على الشاشة، قدّم هذا الثلاثيّ أداء محترفاً وآسراً، وكأنّ خلفهم سنوات من الخبرة أمام الكاميرا. وفي الكواليس، كانوا مثالاً يُحتذى في التهذيب، والاستيعاب، والموهبة، والتواضع، وفق ما تكشف عنه عبد النور. دفعت بها هذه الخبرة معهم إلى القول إنّ «التعامل مع الممثلين الأطفال أجمل بكثير من التعامل مع الراشدين».

قدّم الممثلون الأطفال في مسلسل «النسيان» أداءً محترفاً (برايم فيديو)

العرض متواصل

مَن لم يتمكّنوا من متابعة «النسيان» على منصة «برايم فيديو»، ستكون باستطاعتهم مشاهدته عبر منصاتٍ وقنواتٍ يُعلَن عنها قريباً. وفي وقتٍ ما زالت سيرين عبد النور تستمتع بالنجاح الذي حقّقه «هذا العمل العربي ذو المقاييس العالمية»، تترك أبوابها مفتوحةً لمسلسلاتٍ جديدة. لكنّ النوعيّة هي التي باتت تتحكّم بخياراتها أكثر من أي وقت، «وهذا ما يجب أن يستوعبه الجمهور الذي يطالبني دائماً بمزيدٍ من الإطلالات».

تُبدي أسفها «لأنّ التوجّه التجاريّ بات يغلب النوعيّة الدراميّة في العالم العربي، لكنها تصرّ على قناعتها: «ما عاد يهمّني أن أقدّم أعمالاً لمجرّد أن أكون موجودة على الشاشة».


مقالات ذات صلة

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

يوميات الشرق من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة

أقوى مسلسلات 2025... عودة الوهج إلى دراما المنصات بعد سنتَين من الرتابة

في 2025 استعادت منصات البثّ بعضاً من تألّقها، بفضل مسلسلات شكّلت مفاجأة للجمهور والنقّاد. اخترنا لكم 7 من بين الأفضل.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)

«سنجل ماذر فاذر»... كوميديا عائلية عن التعايش بعد الانفصال

بعد 8 سنوات من الزواج، يقرر كل من «شريف» -الذي يقوم بدوره شريف سلامة- و«سلمى» -ريهام عبد الغفور- الانفصال، أملاً في فرصة ثانية لبدء حياة جديدة.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

«هنومة»... مسلسل عن هند رستم يجدد أزمات دراما السيرة الذاتية

جدد الحديث عن صناعة عمل فني يتناول سيرة الفنانة المصرية الراحلة هند رستم بعنوان «هنومة»، أزمات دراما «السير الذاتية».

داليا ماهر (القاهرة )

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
TT

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)

تبعث أعمال الفنانة التشكيلية راوية غندور زنتوت شعوراً بالسكينة والهدوء. تتحول اللوحة إلى تجربة مريحة لمشاهدها من الضغوطات اليومية، وتأخذه في رحلة خيالية، حيث يمتد خياله في فضاء حر وزاهر، مع جرعات من الأمل التي يتركز الضوء فيها على محورها الأساسي.

في معرضها «ما وراء اللوحة» في مبنى بارك بالاس، تجمع زنتوت نحو 27 لوحة من أعمالها الأخيرة. وقد أنجزتها بين بيروت ومكان إقامتها في الجبل، مستندة على الطاقة الإيجابية لتعكس إحساساً بالفرح والراحة، مبلسمة الجراح والندوب.

تسكن لوحات زنتوت قصص من الحياة، مشبعة بتجارب متراكمة، وقد عبّرت عنها بعدد من طبقات الألوان الأكريليكية، المشرقة أحياناً والقاتمة أحياناً أخرى. ومن خلالها حاكت حوارات صامتة مع زائر المعرض، فبنت جسر تواصلٍ متين وغير منظور في الوقت نفسه، وحوّلته إلى مسار طويل يقود المشاهد نحو الرجاء.

وتحت عناوين مختلفة، ارتكزت أعمالها غالباً على عناصر الطبيعة، لتوضح وجهة نظرها تجاه حياة تتقلب أيامها بين الحلاوة والمرارة. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في لوحات مثل «دائرة الحياة»، و«همسات فجر ذهبي»، وكذلك في أعمال أخرى تحمل عناوين «مشهد مزهر»، و«أفق ذهبي».

تستلهم زنتوت من ألوان طبيعة لبنان موضوعات لوحاتها (راوية زنتوت)

توضح راوية غندور زنتوت، التي اشتهرت باقتباسها من بيروت ومناطق لبنان موضوعات لأعمالها، لـ«الشرق الأوسط» عن معرضها الحالي: «هذه المرة تحتل الطاقة الإيجابية الحيز الأكبر من رسوماتي». وأضافت: «كل لون فيها استخرجته من قصة حياة ومن رموز الطبيعة. فكما قلب الإنسان الأحمر، تناولت الأحلام الزرقاء. وبين الأصفر والأخضر والذهبي، حِكتُ الشمس والفجر والغروب والبحر وغيرها من عناصر الطبيعة».

تقول زنتوت: «أنا عاشقة لبلدي، ولأشجاره وسمائه، وطبيعته هي ملهمتي الأولى، لا سيما أنها تحتوي على مجموعة ألوان لا نهاية لها. وأعدّ نفسي من الفنانين الذين يحبون التعامل مع الألوان واستخدامها كلغة تعبيرية عندما تنتهي الكلمات. أستمد من خلال الألوان إيقاع يومياتي وحياتي ككلّ، وفي عملي (ما وراء اللوحة) رغبت في نقل مشاعري هذه إلى الآخرين».

تتأكد من أفكار زنتوت وأنت تتجول في المعرض، حيث تجد مجموعة من لوحات متراصة تحكي قصصها بالبرتقالي والبنفسجي والأحمر والأزرق والترابي.

وفي أخرى تمزج بريشتها المبدعة بين مجموعة ألوان متناسقة. فتبرز من خلالها انسيابية في تفكيرها وفي طريقة تعاملها مع الأمور. وتعلّق: «الألوان تستحضر شخصية اللوحة وتقودنا إلى أعماقها الدفينة. لم أشأ أن تكون لوحاتي مجرَّد أشكال جميلة وجذّابة. بل حاولت أن تتضمن النحت والمشاعر والأحاسيس والتجارب القابعة وراء اللوحة».

«دوائر الحياة» حكايات وتجارب متراكمة في معرض «ما وراء اللوحة» (راوية زنتوت)

وتشير زنتوت إلى أنها غالباً ما تواكب في أعمالها الأحداث العالمية اليومية، فتتضمن الحروب والمعارك وعوامل الطقس والمناخ، مستخدمة هذه الصور للتعبير عن آرائها ومشاعرها. وتوضح: «في بعض اللوحات اعتمدت الحركة النافرة لتعكس اضطرابات داخلية تسكننا، فتنبثق ألوان ورسوم تمنح شعوراً بالراحة. أما في لوحات أخرى، يطالعك الهدوء بشكل واضح، فيبعث الأمل والحب والرومانسية».

تتمسك زنتوت دائماً بالأمل بوصفه مخرجاً لأي موقف أو حالة حرجة، وتفسّر هذا التأرجح بين الحاضر والغد المجهول من خلال حوارات ملونة بالطموح، مطبقة بذلك القول المأثور: «ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل».

وتشرح زنتوت في حديثها: «هذا الأمل أستحضره دائماً في أعمالي من خلال الضياء، فيلاحظ ناظر اللوحة، مهما بلغت قتامة ألوانها، أن هناك بقعة نور تحيط بها».

تكمل جولتك في المعرض لتستوقفك طبقات من مادة الأكريليك ذات أبعاد ثلاثية، تمثل نبض حياة عصرية وذاكرة بصرية مشبعة بالوجدانيات والحس الصادق.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه نوع من الحوار بين جميع هذه الحالات، فتكون اللوحات بمثابة مرآة للخبرات والتجارب. وعندما ينظر إليها المشاهد، يُجبر على الغوص في أعماقها بعيداً عن السطحية، ليكتشف ما تختزنه كل طبقة من ذكريات وتجارب».


«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
TT

«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)

مع النهضة الفنية التي تمر بها السعودية حالياً من خلال إنشاء هيئات ومؤسسات تعني بالأصوات المعاصرة، ودعم الأجيال الجديدة كان واضحاً أن العودة للبدايات وتقوية الأواصر ما بين رواد الحركة الفنية ومعاصريها هي الأمثل لاستكمال الصورة الثقافية. سرعان ما عادت الأضواء تسلط على أسماء فنانين وفنانات بدأت على أيديهم حركة الفن الحديث في السعودية من الستينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، ومن هنا توالت المعارض والكتب التي منحت الرواد مكانهم المستحق في رحلة تطور الفنون البصرية بالمملكة.

«بدايات» يأتي من تنظيم هيئة الفنون البصرية في المملكة وهو مشروع ضخم اعتمد على التوثيق والتحليل والبحث يختتم بإقامة معرض تقيمه الهيئة في 27 من يناير المقبل في الرياض تحت عنوان «بدايات الحركة الفنية السعودية» يقام في المتحف الوطني السعودي في العاصمة الرياض. يجمع المعرض أعمال نخبة من الفنانين الذين أسهموا في تشكيل المشهد الفني بالمملكة على مدى 3 عقود، مسلطاً الضوء على مرحلة مفصلية شهدت بروز الممارسات الفنية الحديثة والتجريدية في المملكة.

عمل للفنان عبد الحليم رضوي (سوذبيز)

ولعمل معرض بهذا الشمول، اعتمدت هيئة الفنون البصرية مشروعاً بحثياً اعتمد على المقابلات مع الفنانين والمختصين منهم 50 شخصية محورية وإجراء 120 تقريراً و80 زيارة ميدانية، بالتعاون مع فريق استشاري يضم كلاً من الفنان عبد الرحمن السليمان والدكتور محمد الرصيص والدكتور شربل داغر، مستفيدين من خبرتهم الأكاديمية، ومن شهادات الفنانين المباشرة لتوثيق المعارض المبكرة والحراك التعليمي واللغة التعبيرية المحلية التي تبلورت خلال تلك العقود.

ولم يأت اختيار المنسق الفني قسورة حافظ مفاجأة فهو مهتم بالحركة الفنية السعودية الحديثة والمعاصرة عبر غاليري «حافظ»، وقام مؤخراً بتنسيق معرض «خمسين... نظرة على الفن السعودي» في العاصمة البريطانية عن رواد الفن الحديث والمعاصر في المملكة في دار سوذبيز بلندن عام 2024.

من أعمال الراحلة منيرة موصلي (الشرق الأوسط)

وفي معرض «بدايات» عمل حافظ مع مجموعة واسعة من الأعمال الفنية التي تشمل اللوحات والمنحوتات وأعمال على الورق إلى جانب المواد الأرشيفية التي ستمنح المعرض جانباً تسجيلياً وتاريخياً هاماً، وسيركز أيضاً على تفاعل فناني القرن العشرين مع الإرث الثقافي للمملكة، وأيضاً مشاركاتهم العربية والدولية.

وينقسم معرض بدايات: بدايات الحركة الفنية السعودية إلى 3 أقسام رئيسية، يستعرض كل منها تطور المشهد الفني من منظور موضوعي وسياقي، بالاستناد إلى مواد أرشيفية وأعمال فنية. يتناول القسم الأول، أسس حركة الفن الحديث في المملكة العربية السعودية، ونشأة المشهد الفني من خلال التفاعل بين المبادرات الفردية للفنانين والدعم المؤسسي. أما القسم الثاني فيستعرض القضايا الفنية والفكرية التي شكّلت الإنتاج الفني السعودي، متتبعاً تأثيرات الحياة الحديثة، وإعادة صياغة التيارات الفنية ضمن السياقات المحلية. وأخيراً القسم الثالث، الذي يبرز إسهامات 4 فنانين ودورهم المحوري في هذه الحقبة، وهم: عبد الحليم رضوي، محمد السليم، منيرة موصلي، صفية بن زقر.

لوحة للفنانة (دارة صفية بن زقر)

وتشير دينا أمين، الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية إلى أن المعرض سيحتفي بتاريخ الفن مضيفة: «نفخر بإبراز هذا الإرث الفني الغني من خلال تكريم الفنانين الرواد والمبادرات العامة والخاصة التي شكّلت المشهد الفني في تلك الفترة. نأمل أن يشكل هذا المعرض امتداداً حيّاً ومستداماً، يتيح للجمهور الوصول إلى عمق وتنوع تاريخنا البصري».

وقال القيّم الفني للمعرض قسورة حافظ: «يقدّم معرض (بدايات) سرداً شاملاً قائماً على البحث والتوثيق لتاريخ الفن الحديث السعودي؛ فمن خلال الدراسات الأرشيفية، والأعمال الرائدة، والروايات المباشرة للفنانين، نعمل على حفظ أسس الحركة الفنية للأجيال المقبلة. ويشكّل هذا المشروع تكريماً للفنانين الأوائل وإرثاً ثقافياً مستداماً يواصل إلهام الجمهور داخل المملكة وخارجها».

سيصاحب المعرض إصدار مطبوع شامل وفيلم وثائقي، ليشكّلا مرجعاً معرفياً طويل الأمد للباحثين والجمهور، إلى جانب برنامج شامل يضم جلسات حوارية وورش عمل متخصصة تتناول محاور أساسية تشمل التعليم الفني المبكر، دور المعلمين والمؤسسات الرائدة، وممارسات حفظ الأرشيف الفني.


«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
TT

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين لإجراء عملية زراعة الكلى، فضلاً عن التكلفة المالية الباهظة والعقبات القانونية والآثار النفسية والاجتماعية للإصابة بالمرض في عمر الشباب.

المسلسل الذي تقوم ببطولته دينا الشربيني مع أحمد السعدني، وصدقي صخر، وحسن مالك، وفدوى عابد، ومن كتابة الثنائي دينا نجم وسمر عبد الناصر، وإخراج مريم أبو عوف، صُوّر في مصر، ويحكي قصة «ريم» التي تقوم بدورها دينا الشربيني، وهي مرشدة سياحية شابة تتعرض لأزمة صحية خلال جولة إرشادية.

ومع نقلها للمستشفى بواسطة قائد «الأوتوبيس» السياحي الشاب «طه» الذي يقوم بدوره أحمد السعدني، تكتشف إصابتها بالفشل الكلوي وحاجتها إلى تلقي جلسات الغسل الكلوي، لتبدأ بعدها رحلة معاناة على مستويات عدة بداية من زوجها «نادر» الذي يؤدي دوره صدقي صخر، والذي توترت علاقتها معه قبل اكتشاف الإصابة، مروراً بوالدته التي تتحدث باستمرار عن رغبتها في رؤية حفيد لها، في حين يمنع المرض الزوجة من تحقيق هذه الرغبة.

وفي خضم التحديات التي تواجهها بعدم قدرتها على العمل، والمعاناة مع تداعيات الغسيل الكلوي المستمر، تبدأ في رحلة البحث عن متبرع، وهو أمر يجد صعوبات قانونية عدة مرتبطة بوجود شبكات للتبرع بالأعضاء بمقابل مادي بالمخالفة للقانون، في حين تتأرجح علاقتها مع زوجها في كل مرحلة.

الملصق الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

رحلة البحث هذه ترتكب فيها البطلة كثيراً من المخالفات القانونية، وتتعرض فيها لمخاطر عدة، ما بين مطاردات من شبكة للاتجار في البشر تستغل حاجة اللاجئين للهجرة غير المشروعة، مروراً بسيدات يوافقن على التبرع مقابل الحصول على أموال لإنقاذ أنفسهن، وصولاً إلى التعرض للنصب من شخص يطلب مضاعفة المبلغ المالي ويحصل عليه، لكنه يهرب قبل الدخول للمستشفى.

ويركز العمل الذي تم تصويره بين محافظات القاهرة الكبرى، والمنيا في صعيد مصر، ودمياط في دلتا مصر، على إبراز أبعاد متعددة لصعوبة الحصول على متبرع بالأعضاء بشكل قانوني، مع إظهار المخاطر التي يضطر من يرغب في التعافي عبر نقل الأعضاء إلى خوضها حتى مع سعيه لعدم مخالفة القانون.

بطلة العمل دينا الشربيني أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن حماسها للتجربة ارتبط بتأثرها الشديد بالواقع الذي تعيشه الشخصية في الأحداث، مشيرة إلى أنها التقت مجموعة من الأشخاص الذين يمرون بالتجربة نفسها، وجلست وتناقشت معهم بالفعل، مما ساعدها على التحضير للدور.

وعبّرت دينا عن سعادتها بردود الفعل التي وصلت إليها من الجمهور عندما شاهدوا العمل وتابعوا أحداثه، وهو أمر جعلها تشعر بوصول رسالة المسلسل بالفعل، مع تسليط الضوء على الأسباب التي تؤدي للفشل الكلوي بشكل مفاجئ، وغيرها من التفاصيل، مبدية حماسها لحالة الترقب للحلقات من الجمهور، وسؤالها في أي مكان توجد فيه عما سيحدث في الحلقات المقبلة.

صنّاع المسلسل في كواليس التصوير (حساب المخرجة على «فيسبوك»)

وقال الناقد محمد عبد الخالق إن مسلسل «لا تُرد ولا تُستبدل» نجح، رغم مأساوية التجربة التي يطرحها، في لفت انتباه المشاهدين وربطهم بحلقاته، وهو ما انعكس على نسب المشاهدة المرتفعة التي تفسر حالة من التفاعل الحقيقي مع الأحداث، مرجعاً الأمر إلى «الفكرة المختلفة التي خرجت عن الإطار التقليدي لقصص الحب والخيانة والمشكلات اليومية التي سئمها الجمهور لتكرارها خلال السنوات الأخيرة».

وأضاف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط» أن «قسوة الفكرة والغوص في تفاصيل مرض الفشل الكلوي، وتصوير ما يرتبط به من معاناة إنسانية وصعوبة جلسات الغسيل الكلوي... قُدمت بصدق»، لافتاً إلى أن الكاتبتين دينا نجم وسمر عبد الناصر نجحتا في رصد هذه التفاصيل بشكل حقيقي، يعكس معايشة كاملة لتجربة مريض يخضع لغسيل الكلى منذ بدايتها حتى نهايتها.

وأوضح أن «طرح فكرة البحث عن متبرع، بما تحمله من أبعاد قانونية وإنسانية معقدة، أضفى على العمل عمقاً إضافياً»، مشيراً إلى أن «المخرجة مريم أبو عوف استطاعت نقل هذه التجربة القاسية بلغة بصرية هادئة، بعيدة تماماً عن المبالغة أو الاستعراض»، على حد تعبيره.