كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

تدفع الأطفال للحصول على الرضا والسعادة أولاً... ثم العزلة والاكتئاب لاحقاً

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟
TT
20

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

كيف تتعامل مع إدمان وسائل التواصل الاجتماعي؟

مع تصاعد الأصوات التي تطالب بحظر استخدام المراهقين والأطفال، تحت سن 16 عاماً، وسائل التواصل الاجتماعي، والدعوات إلى توعية الشباب بضرورة التحكم في عدد الساعات المنقضية في مطالعة هذه الوسائل والحد منها، يجب على أولياء الأمور معرفة مزيد من المعلومات عن منصات التواصل، ولماذا يقبل عليها المراهق؟ وهل يمكن أن تمثل خطورة حقيقية عليه؟ وكيف يمكن حماية أبنائهم من هذه المخاطر؟

إدمان الإنترنت

على الرغم من عدم وجود أعراض سريرية لإدمان الإنترنت بشكل عام ووسائل التواصل بشكل خاص، فإنه في الأغلب الطريقة التي يتعامل بها معظم المراهقين مع هذه الوسائل أقرب ما يكون للسلوك الإدماني «Addictive behavior» من حيث اعتماد المراهق عليها للحصول على الرضا والسعادة؛ لأن تصميم هذه المنصات يكون بطريقة تساعد الطفل على فرز هرمون «الدوبامين (Dopamine)» في الجسم. ويسمى هذا الهرمون «هرمون السعادة»؛ لأنه يعزز الشعور بالرضا. وذلك ما يجعل من الصعب على المراهقين بشكل خاص مقاومة هذا الإحساس.

وتتمثل المشكلة في استخدام الوسائط الرقمية في أنها بطبيعتها تمنح المراهق ما يريده بسرعة وبشكل مستمر. ويحدث إطلاق لـ«الدوبامين» بشكل طبيعي.

وفي البالغين، ومع تطور القشرة المخية في المخ «prefrontal cortex» لديهم، يمكن السيطرة على الشعور بالرضا المستمر والتوقف عن إدمان المنصات. ولكن لسوء الحظ، في المراهقين لا تكون القشرة المخية تطورت بشكل كامل، ما يفسر اندفاع الشباب وتهورهم رغبة منهم في نيل الرضا والإعجاب. ولكن في الأغلب يمكن أن يؤدي إدمان الإنترنت إلى العزلة والاكتئاب لاحقاً مثل الإدمان الحقيقي.

وبالإضافة إلى خطورة ضياع وقت طويل على الإنترنت في المشاهدة السلبية وعدم ممارسة أي نشاط بدني، فإن هناك خطورة أخرى مرتبطة بنوعية المحتوى الذي يتعرّض له المراهق سواء أكان الترويج للعنف أم الآراء المتطرفة أم المواد الإباحية والأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، وأيضاً للنصب والابتزاز الإلكتروني؛ مما يمكن أن يُعرّض المراهق لارتكاب جرائم.

علامات الخطر

هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن استخدام المراهق وسائل التواصل الاجتماعي أصبح مشكلة تقترب من الإدمان مثل:

- الانسحاب من الأنشطة المعتادة له أو عدم الذهاب إليها من الأساس، مفضلاً قضاء الوقت على الإنترنت

- صعوبة التوقف عن استخدام أو حتى تقليل الوقت الذي يقضيه على المنصات المختلفة حتى في حالة الرغبة في ذلك. وفي بعض الأحيان يمكن أن يعاني الطفل من الوجود على الإنترنت مثل تعرضه للتنمر، ولكنه لا يستطيع التوقف عن استخدامه سواء أكان لمحاولة نيل الإعجاب والتخلص من التنمر، أم لرد التنمر بشكل أكثر عنفاً.

- نتيجة لإعطاء الأولوية للإنترنت، يتم إهمال مجالات أخرى مهمة في الحياة مثل الدراسة، والتمارين الرياضية، والعلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء.

- هناك علامات أخرى شديدة الخطورة مثل اللجوء للكذب بشأن استخدام هذه الوسائل ومحاولة إخفاء مواقع البحث، وكذلك الاستمرار في قضاء الوقت على الإنترنت حتى لو تسبب ذلك في مشكلات للمراهق على الأصعدة كافة، سواء في علاقاته مع أصدقائه وأفراد عائلته، أم في الحياة الواقعية بشكل عام؛ في المدرسة أو النادي.

نصائح للآباء

وينصح الأطباء النفسيون الآباء بضرورة توخي الحذر في التعامل مع المراهق، وطمأنته بأنهم مهتمون بمساعدته في المقام الأول وليس عقابه ومحاولة إقناعه بالحد من مطالعة وسائل التواصل بالتدريج؛ لأن الطفل في ذلك الوقت يعاني من اعتياد أقرب ما يكون لأعراض الانسحاب المماثلة للإدمان الفعلي، مثل تعاطي المخدرات، ويحدث تقلب في المزاج ويعاني الطفل من اضطراب النوم والانفعال الشديد عندما يكون غير قادر على متابعة هذه الوسائل.

تُصمّم هذه المنصات لتساعد الأطفال على فرز هرمون «الدوبامين» في الجسم

يجب على الآباء مناقشة الأطفال والمراهقين في تنظيم الوقت على الإنترنت وعدم اللجوء إلى الحظر الصريح أو فرض وقت محدد حتى لا تكون النتيجة عكسية. ولكن يجب تشجيع المراهق على قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، وممارسة النشاط البدني، مع مشاهدة فيلم أو مقاطع فيديو بالمشاركة مع بقية أفراد العائلة. ويجب على أولياء الأمور أن يكونوا قدوة جيدة في التحكم في الوقت الذي يتم قضاؤه في مطالعة وسائل التواصل، حيث تشير الأبحاث إلى أن المراهقين أكثر عرضة لاستخدام الإنترنت بشكل عام عندما يكون لدى والديهم أيضاً استخدام مبالغ فيه بغض النظر عن المحتوى.

يجب تشجيع الأنشطة البديلة في وقت مبكر من الطفولة المبكرة؛ مثل الرياضة، وزيارة الأماكن المفتوحة، والقراءة، وحضور الحفلات المنظمة في المدرسة أو النادي؛ لأن الطفل عادة ما يقول «ليس لدي أي شيء آخر»، خصوصاً في أوقات العطلات الرسمية. لذلك فإن فكرة إيجاد أنشطة ممتعة خارج الشاشة وتنميتها مبكراً تمنح الطفل حينما يصبح مراهقاً بدائل ممتعة بعيداً عن الإنترنت.

يمكن أن تقوم الأسرة بتحديد مناطق خالية من الجوالات الذكية والألواح الإلكترونية في المنزل مثل غرف النوم، والحمامات، وأماكن تناول الطعام، حتى يتم وضع قواعد معينة ملزمة للجميع. ويجب أن يدرك الآباء أن هذه القواعد يمكن أن يتم كسرها، ولذلك يمكن عمل مكافآت لاتباع القواعد، وبالمثل عمل عقوبات معقولة ومنطقية لكسرها.

في النهاية يجب عمل موازنة بين فوائد مطالعة وسائل التواصل مثل العلاقات الاجتماعية والمعرفة ومتابعة الأخبار، وبين مخاطر استخدامها المفرط للدرجة التي تصل إلى الإدمان، ويجب أن يحاول الأطفال تجربة أشياء أخرى حقيقية، وتعلم مهارات جديدة تساعدهم على التخلص من مشاعر الملل، وتنمي قدراتهم الإبداعية والإدراكية.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الأهل يعانون... كيف نجعل المراهقين يتركون هواتفهم ليلاً للنوم؟

يوميات الشرق ما علامات الحرمان من النوم لدى المراهقين؟ (رويترز)

الأهل يعانون... كيف نجعل المراهقين يتركون هواتفهم ليلاً للنوم؟

بالنسبة للعديد من العائلات في جميع أنحاء العالم، أصبح طقس النوم الليلي، المتمثل في دخول المراهقين إلى السرير، ساحة معركة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يشير لون البول الأصفر الباهت أو الصافي عادةً إلى أن كل شيء على ما يرام (رويترز)

وردي أو أزرق أو عكر... ماذا يعكس لون البول عن حالتك الصحية؟

يمكنك معرفة كثير عن حالتك الصحية من خلال لون بولك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسباب غير متوقعة تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي (أ.ب)

15 عادة غير متوقعة تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي

على الرغم من وجود العديد من الطرق لخسارة الوزن بأمان وفعالية، فإن بعض العادات الشائعة قد تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يعد الاستحمام ضرورياً للحفاظ على صحة الجلد وتنظيم درجة حرارة الجسم (أرشيفية-رويترز)

7 أسباب للاستحمام يومياً في الصيف

هناك العديد من الفوائد الصحية المرتبطة بالاستحمام اليومي في الصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟
TT
20

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟

يُسوَّق البلميط المنشاري علاجاً طبيعياً لتضخم البروستاتا، وهو مكمل غذائي رائج يُستخرَج من ثمار أشجار نخيل البلميط المنشاري «saw palmetto»، التي تنمو في جنوب شرقي الولايات المتحدة، كما كتب تشارلي شميدت (*).

ويشير أحد التقديرات إلى أن أكثر من ثلث البالغين في الولايات المتحدة الذين يتناولون المكملات الغذائية يستخدمون البلميط المنشاري تحديداً.

فوائد مزعومة

توجد بعض الأدلة على أن البلميط المنشاري يتمتع بخصائص مضادة للالتهابات، ويعود استخدامه في الطب الشعبي إلى أكثر من قرن. لكن خبراء هارفارد يقولون إنه ينبغي على الرجال النظر إلى فوائده المزعومة لصحة البروستاتا بعين الريبة.

تقول الدكتورة هايدي رايالا، الأستاذة المساعدة في جراحة المسالك البولية في كلية الطب بجامعة هارفارد ومركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي: «من غير المرجح أن يُسبب البلميط المنشاري ضرراً، ولكنه على الأرجح لن يُقدم أي فوائد كبيرة أيضاً».

تضخم البروستاتا الحميد والبلميط المنشاري

من الشائع أن يُصاب الرجال بتضخم البروستاتا، أو ما يُعرف بتضخم البروستاتا الحميد benign prostatic hyperplasia (BPH)، مع التقدم في السن. ويُعوق تضخم البروستاتا الحميد تدفق البول عبر مجرى البول، ما يُسبب أعراضاً انسدادية قد تتفاقم مع مرور الوقت.

ومع ذلك، لا تزال آلية تأثير نبات البلميط المنشاري على البروستاتا لتحسين الأعراض غير واضحة تماماً. وتشير بعض الأدلة إلى أنه يُحاكي تأثيرات بعض الأدوية المُستخدَمة لعلاج تضخم البروستاتا الحميد، بما في ذلك مثبطات اختزال «5-ألفا»؛ مثل فيناسترايد finasteride (بروسكار Proscar)، التي تُقلص غدة البروستاتا.

عيوب الدراسات

في الولايات المتحدة، لا يُعتمد أي مُكمل عشبي علاجاً لتضخم البروستاتا الحميد. تُحذِّر «الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية» من أن الدراسات التي تدعم استخدام نبات البلميط المنشاري لعلاج تضخم البروستاتا الحميد تنطوي على كثير من العيوب، بما في ذلك قصر مدة العلاج، وعدم وجود ضوابط على الأدوية الوهمية. وتأتي غالبية الأدلة الداعمة من دراسات صغيرة تُمولها شركات تبيع المُكملات الغذائية.

ماذا تُظهر التجارب السريرية العشوائية؟

لا تُظهر أفضل الأبحاث المُجراة أي فوائد لنبات البلميط المنشاري في علاج تضخم البروستاتا الحميد. خلال إحدى الدراسات، عولج 225 رجلاً يعانون من تضخم البروستاتا الحميد من المتوسط ​​إلى الشديد، إما بدواء وهمي أو بجرعة 160 مليغراماً (ملغم) من البلميط المنشاري، مرتين يومياً لمدة عام. لم يكتشف الباحثون أي فرق في النتائج، لكنهم أقروا أيضاً بأن الجرعات التي تم اختبارها في الدراسة ربما كانت منخفضةً جداً بحيث لا تُحدث تأثيرات قابلة للقياس.

لذلك، خلال دراسة لاحقة أكبر، اختبر الباحثون جرعات أعلى من البلميط المنشاري تصل إلى 320 ملغم، تُعطى 3 مرات يومياً. تم توزيع نحو 370 رجلاً، تبلغ أعمارهم 45 عاماً فأكثر، بشكل عشوائي على مجموعات العلاج أو الدواء الوهمي. وبعد عام ونصف العام، أفاد الرجال في كلتا المجموعتين بأنهم لم يشعروا بتحسُّن، أو شعروا بتحسُّن طفيف.

ومن اللافت للنظر أن 40 في المائة من الرجال الذين عولجوا بالدواء الوهمي قالوا إن الأعراض قد تحسَّنت، ما يشير إلى أن الفعل البسيط لتناول حبة دواء (ولو وهمية) قد تكون له علاقة بالفوائد المتوقعة للمكمل.

تحذيرات من التداخلات الصحية

قاد الدراسة الدكتور مايكل باري، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد. يحثّ الرجال على استشارة أطبائهم قبل تجربة البلميط المنشاري، وذلك أساساً لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لانسداد المسالك البولية، التي قد تشمل سرطان المثانة أو البروستاتا. وقد يتداخل البلميط المنشاري مع قدرة الدم على التخثر، ما يجعله محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للرجال الذين يتناولون مميّعات الدم.

نتائج وتعليقات حديثة

تأتي أحدث الأدلة على البلميط المنشاري وتضخم البروستاتا الحميد من «مراجعة كوكرين» لـ27 دراسة مضبوطة بالدواء الوهمي، شارك فيها 4656 شخصاً. وأظهرت النتائج المنشورة عام 2024 عدم وجود أي تحسُّن في أعراض المسالك البولية أو جودة الحياة من تناول البلميط المنشاري (وحده أو مع مكملات عشبية أخرى) لفترات تصل إلى 17 شهراً.

لا توجد أدلة كافية لفاعلية المكملات

وقالت الدكتورة رايالا: «لو كانت مكونات هذه المنتجات العشبية فعالة في علاج أعراض المسالك البولية، لكانت شركات الأدوية قد حصلت بالفعل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية عليها بوصفها أدويةً تتعين على شركات التأمين تغطيتها». وأضافت: «لا بأس بتناولها، ولكن توخَّ الحذر من إنفاق كثير من أموالك الخاصة على هذه البدائل».

وقال الدكتور مارك غارنيك، أستاذ الطب في جورمان براذرز بكلية الطب بجامعة هارفارد ومركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي، ورئيس تحرير «دليل كلية الطب» بجامعة هارفارد لأمراض البروستاتا: «من السهل فهم سبب جاذبية تناول الكثيرين مكملات غذائية طبيعية لعلاج مشكلات المسالك البولية في منتصف العمر». وأضاف: «مع ذلك، لا توجد أدلة كافية على فعالية البلميط المنشاري، وينبغي عدم استخدامه لعلاج تضخم البروستاتا الحميد وغيره من أعراض المسالك البولية الشائعة دون تقييم كامل للسبب المحتمل».

* مدونات «هارفارد» - خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

3/1

البالغين في الولايات المتحدة الذين يتناولون المكملات الغذائية يستخدمون البلميط المنشاري تحديداً