وسائل التواصل الاجتماعي تعزز الشعور بالتوتر والتعاسة

الدراسة تحثّ على تقليل الوقت الذي يقضيه الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي (موقع بيك جمبو)
الدراسة تحثّ على تقليل الوقت الذي يقضيه الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي (موقع بيك جمبو)
TT

وسائل التواصل الاجتماعي تعزز الشعور بالتوتر والتعاسة

الدراسة تحثّ على تقليل الوقت الذي يقضيه الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي (موقع بيك جمبو)
الدراسة تحثّ على تقليل الوقت الذي يقضيه الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي (موقع بيك جمبو)

وجدت دراسة ألمانية أن وسائل التواصل الاجتماعي تعزِّز لدى بعض الأشخاص الشعور بالتوتر والتعاسة وعدم الرضا عن الحياة.

وأوضح الباحثون أن هذا الشعور السلبي رُصد لدى الأشخاص من ذوي العقلية المادية الذين يقرنون سعادتهم عادةً باقتناء السلع المادية، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «تيليميتكس آند إنفورماتيكس ريبورتس».

ويميل أصحاب العقلية المادية لاعتقاد أن الأشياء المادية، مثل الملابس والسيارات والسفر، هي الشيء الأكثر أهمية في الحياة، ويسعون دائماً وراء الثروة والنجاح المادي والتركيز على المظاهر الخارجية أكثر من غيرهم.

ووفق الباحثين، توفر وسائل التواصل الاجتماعي لهؤلاء الأشخاص فرصة مثالية لمقارنة أنفسهم بالآخرين، ما يجعلهم عرضة للسلوك السلبي والإدماني، ويزيد الشعور بالتوتر والقلق بشأن فقدان الأشياء المادية، وهذا يضغط عليهم ويؤدي في النهاية لانخفاض الشعور بالرضا عن الحياة ويجعلهم أقل سعادة.

للوصول إلى النتائج، أجرى الباحثون استطلاعاً للرأي عبر الإنترنت شارك فيه 1230 شخصاً، وكان على المشاركين استخدام منصة واحدة على الأقل من وسائل التواصل الاجتماعي، مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. وفي المتوسط، ذكر المشاركون أنهم يقضون ما يزيد قليلاً عن ساعتين يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي.

واستخدم فريق البحث 6 استبيانات مختلفة لتحديد مدى امتلاك المشاركين اتجاهاً مادياً، وميلهم لمقارنة أنفسهم بالآخرين، وما إذا كانوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكثر نشاطاً، وما إذا كانوا مُدمنين لوسائل التواصل الاجتماعي، ومدى شعورهم بالتوتر أو الرضا عن حياتهم.

وتبيَّن للباحثين أنه من السهل جداً إجراء هذه المقارنة على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في المقام الأول من خلال الاستخدام السلبي؛ أيْ من خلال مراقبة المحتوى المنشور من قِبل المستخدمين الآخرين حول الأشياء المادية، كما جرى ربط المادية والاستخدام السلبي بالاستخدام الإدماني لوسائل التواصل الاجتماعي.

من جانبه، قال الباحث الرئيسي للدراسة بكلية علم النفس في جامعة الرور بألمانيا، الدكتور فيليب أوزيميك: «إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يجعل المستخدمين يفكرون باستمرار في تلك المنصات، ويخشون أن يفوتهم شيء، إذا لم يكونوا متصلين بالإنترنت، وهذا بدوره يؤدي لأعراض ضعف الصحة العقلية؛ وأبرزها الإجهاد».

وأوضح أوزيميك، عبر موقع الجامعة، أن الحلقة الأخيرة في سلسلة إدمان مواقع التواصل هي انخفاض الرضا عن الحياة، لذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من الأشياء التي تجعل الأشخاص يشعرون بالتعاسة.

وأشار إلى أن الدراسة تقدم دليلاً إضافياً على أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بالمخاطر، خصوصاً لدى الأشخاص من ذوي العقلية المادية، وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص؛ لأن تلك المنصات يمكن أن تؤدي لزيادة القيم المادية، لذا من الجيد أن يكون الشخص على دراية بمقدار الوقت الذي يقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي وأن يقلله.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».