معرض «أعمال على الورق» أفلام قصيرة بريشة منصور الهبر

يرسمها بلحظتها فتعكس حقيقتها

الأكليريك كما قلم الرصاص و«الميكسد ميديا» يستخدمها الهبر في لوحاته (الشرق الأوسط)
الأكليريك كما قلم الرصاص و«الميكسد ميديا» يستخدمها الهبر في لوحاته (الشرق الأوسط)
TT

معرض «أعمال على الورق» أفلام قصيرة بريشة منصور الهبر

الأكليريك كما قلم الرصاص و«الميكسد ميديا» يستخدمها الهبر في لوحاته (الشرق الأوسط)
الأكليريك كما قلم الرصاص و«الميكسد ميديا» يستخدمها الهبر في لوحاته (الشرق الأوسط)

واقع زمني محدد يتمثل بلحظة حدوثه ينقله الفنان التشكيلي منصور الهبر على أوراق تؤلف لوحاته. معرضه «أعمال على الورق» في غاليري «أرت أون 56» تطبعه مشهدية طفولية. أوراقه المعلقة بواسطة دبابيس (ملاقط) منمنمة تعكس هذا الشعور عند مشاهدها. فهي تشبه إلى حدّ كبير أولى محاولات رسم عند شخص ما. يخيل لناظرها أنها مجرد خربشات مصنوعة بتقنية الباستيل والفحم والأكليريك و«الميكسد ميديا». فهي بمثابة سلسلة درامية تحمل كل قطعة منها موضوعاً محدداً. المرأة تتقدمها، وزحمة الناس تسودها. الوحدة كما العزلة وتسالي الحياة تلونها. كل لوحة منها تنقل أسلوب الهبر الفني على طريقته. «إنها غير مقيّدة بالمنطق العادي»، يوضح منصور الهبر لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «المنطق العادي لا يصنع الفن، فهو برأيي يجب أن يتجاوز الرؤية العامة العادية».

موضوعات مختلفة يتناولها منصور الهبر في لوحاته (الشرق الأوسط)

حالات مختلفة من مشاعر الحب والغضب والفرح والفكر والاسترخاء وغيرها تبرز في لوحاته. لم يشأ أن يعنونها أو يقيّدها باسم ما. فترك لزائر المعرض مساحة من الحرية كي يسميها. كل ورقة من أوراق معرضه تترجم تصرفاً أو حالة قد يمر بها أي منّا. فنتفرّج عليها كمن يقلّب في دفتر ذكرياته الشخصية.

وجوه كثيرة تبرز فيها مرات، فيما تطل وقفة مع الذات مرات أخرى. ويعلق: «لا أستطيع التفريق بين لوحة وأخرى. جميعها أحبّها رسمتها بشغف الفنان وتعنيني بكل تفصيل فيها. وزّعتها في المعرض معلقة بـ«ملاقط» كمن ينشر غسيله. فهي خلطة مشاعر وأفكار يومية مررت بها. وأهم ما فيها هو صدقها، ولا حاجز زجاجياً بينها وبين ناظرها، فتلامسه من دون استئذان وبسهولة».

الورق الذي يستخدمه منصور الهبر من النوع الصلب والمحمي، بحيث لا يتأثر بعوامل الزمن. وغالبيتها رسمها بقلم الرصاص الذي يسهل التعامل معه كما يقول. «إنه المادة التي ترافقنا منذ نعومة أظافرنا. وأول قلم نمسكه بأناملنا كي نتعلم الكتابة أو الرسم، فيحمل كل الصدق والوضوح كما براعم أفكارنا في طفولتنا».

بعض رسومه نفذها وهو يجلس في مقهى وبينها ما استوحاها من جلسة على الشاطئ. ويقدّم عدداً منها كضيوف يزورونه في منزله. وكذلك كـ«موديل» يرسمه طلاب جامعيون فيرسمهم بدوره، ناقلاً تجاربه الجامعية والحياتية في رسومه يولد هذا التفاعل المباشر بين اللوحة الورق ونظرة مشاهدها. فمنصور الهبر هو أستاذ رسم في جامعة «ألبا»، وله تجارب سابقة في معارض محلية وعالمية. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أسلوب تدوين من نوع آخر تقوم على قاعدة الـ(أنا) الداخلية والآخر في المقلب الخارجي. أذهب عنده وأزوره بريشتي. وهؤلاء الناس يبادلونني الزيارات، فيولد هذا المزيج من المشاعر ليؤلف موضوعات لوحاتي».

«أعمال على الورق» في غاليري «أرت أون 56» (الشرق الأوسط)

في حالات الغضب والحزن يركن الهبر إلى ألوان قاتمة كي يعزز هذه المشهدية. «أستخدم الألوان التي تناسب حالة تأمل ساكنة تلبسني. فالألوان عند الرسام هي مرآة بحد ذاتها. تعكس الحالة التي تتحكم بريشته. ولذلك ترينها زاهية فرحة وتنبض بالحياة حيناً، قاتمة وتميل نحو حالة حزن حيناً آخر».

يشبّه منصور الهبر نفسه بالمقاتل المستعد دائماً للانقضاض على ضحيته. «أحمل لوازم الرسم وأدواتي معي أينما حللت، فأكون معها بحالة جهوزية كاملة لترجمة مشهد يلفتني. فما أرسمه ليس تقريراً صحافياً بل مواجهة ساخنة بيني وبين الآخر».

وزّع منصور الهبر لوحاته مجموعات تتصل ببعضها البعض من حيث قالبها الفني، وتنفصل بشكل تام بفعل موضوعاتها. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها بمثابة أفلام قصيرة تحكي في 5 أو 6 رسمات موضوعاً ما. وكل منها تتميز بألوانها وخطوطها، فتغيب عنها فوضى الألوان لتذهب إلى منحى تلك المختارة بدقة».

تتضمن لوحات الهبر كل شاردة وواردة من حياة أي شخص. فهنا تحضر العائلة التي يغيب عنها الحوار ويحضر مكانه «الموبايل». وهناك نرى أحدهم يمسك بكتاب وثانياً يستلقي تحت أشعة الشمس. الطبيعة والحيوانات الأليفة تحضر في لوحات الهبر أيضاً. كما ضجيج الحياة وأجساد تكسّرت بفعل خيبات الأمل. حالات إنسانية تعكس الانفصال عن الذات أو التعمق فيها. ويذكر في بعضها الفلاح والعامل المجتهد والمرأة الوحيدة.

«أعمال على الورق» الذي يجمع حصاد منصور الهبر منذ عام 2016 لغاية عام 2023 تجربة فنية تسودها طبقات متراكمة. تبتعد عن الخيال لتقارب يوميات فنان في أجندة أفلام قصيرة تقدّم عروضها لأول مرة.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.