إن الحفاظ على صحة القلب لا يعتمد على عامل واحد فقط، بل يتطلب مزيجاً من العادات الصحية، مثل اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وأسلوب سليم لإدارة التوتر. وقد يعتقد البعض أن إضافة مكمل غذائي قد توفر حماية إضافية للقلب.
لكن الحذر واجب. فبعكس الأدوية الموصوفة، تُباع المكملات الغذائية غالباً من دون أدلة كافية على فعاليتها أو سلامتها. وفي بعض الحالات، قد تمثل هذه المكملات خطراً على صحة القلب.
ما هي المكملات الغذائية التي قد تضر بصحة قلبك؟
1. خميرة الأرز الأحمر (Red yeast rice)
تُصنّع هذه المكملات من نوع خاص من الخميرة يُزرع على الأرز الأبيض. وتحتوي على مادة «موناكولين K»، وهي المكوّن نفسه الموجود في دواء خفض الكوليسترول «لوفاستاتين» (Mevacor). وتشير دراسات صغيرة إلى أن المكملات التي تحتوي على نسب مرتفعة من هذه المادة قد تساعد على خفض الكوليسترول، وهو ما قد يجذب الأشخاص غير القادرين على تحمل أدوية الستاتين.
تكمن خطورة هذا المكمل الغذائي إنك لا تستطيع معرفة كمية مادة «موناكولين K» الموجودة بداخله، فقد تحتوي بعض المنتجات على نسبة ضئيلة جداً، بينما يحتوي بعضها الآخر على ما يعادل جرعة دوائية منخفضة. وهذا قد يكون خطيراً، خاصة إذا كان الشخص يتناول بالفعل أدوية الستاتين، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى جرعة زائدة تسبب آلاماً عضلية أو حتى انهياراً عضلياً خطيراً ما قد يؤثر على أجهزة الجسم الأخرى، وفقاً لما يؤكده الدكتور بيتر كوهين، أستاذ الطب في كلية طب هارفارد والمتخصص في دراسة المكملات الغذائية.
2. إل-أرجينين (L-arginine)
يُعرف هذا الحمض الأميني بأنه حجر الأساس في إنتاج أكسيد النيتريك، وهو جزيء يساعد على ارتخاء الأوعية الدموية وتوسيعها. وتُسوّق مكملات "إل-أرجينين" باعتبارها وسيلة لتحسين الدورة الدموية، وخفض ضغط الدم، وتعزيز القدرة الجنسية.
لكن على مرضى القلب تجنّب هذا المكمل فوراً. إذ أن إحدى الدراسات إحدى الدراسات التي تابعت تأثيره على مرضى نجوا من نوبات قلبية توقفت بعد وفاة ستة أشخاص كانوا يتناولونه. كما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض مفرط في ضغط الدم عند تناوله مع أدوية الضغط، أو يزيد خطر النزيف عند استخدامه مع مميعات الدم. وإذا كان المريض يتناول أدوية مثبطة للإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، فقد يرفع المكمل مستويات البوتاسيوم في الجسم بشكل خطير.
3. مكملات الثوم (Garlic supplements)
تشير بعض الإعلانات إلى أن كبسولات الثوم تساعد على خفض الكوليسترول وضغط الدم. غير أن نتائج الدراسات جاءت متباينة، سواء كان المكمل مصنوعاً من الثوم الطازج، أو مسحوق الثوم المجفف، أو مستخلص الثوم المعتّق. وتشير بعض الأبحاث الصغيرة إلى أنها قد تخفض ضغط الدم بدرجة طفيفة.
إن خطر تناول مكملات الثوم الغذائية لمرضى القلب يكمن في أنها قد تعزز من تأثير بعض الأدوية القلبية وتسبب مضاعفات خطيرة، مثل زيادة خطر النزيف عند تناولها مع مميعات الدم، أو التسبب بأضرار عضلية عند الجمع بينها وبين أدوية خفض الكوليسترول، فضلاً عن احتمال حدوث انخفاض خطير في ضغط الدم عند استخدامها مع أدوية علاج الضغط.
4. مكملات زيت السمك (Fish oil)
توصلت دراسة بريطانية إلى أن الاستخدام المستمر لمكملات زيت السمك قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.
وزيت السمك غنيٌّ بأحماض «أوميغا 3» الدهنية، والتي أكد عدد من الدراسات السابقة أنها تدعم صحة الدماغ والقلب.
لكن الدراسة الجديدة أثارت الشكوك حول هذا الأمر.
ووفق صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد قام مؤلفو الدراسة بمتابعة الحالة الصحية لأكثر من 415 ألف شخص، تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاماً، لمدة 12 عاماً تقريباً.
وقال نحو 31.5 في المائة من المشاركين إنهم يتناولون مكملات زيت السمك بانتظام.
وارتبطت هذه المكملات الغذائية الشهيرة بزيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني بنسبة 13 في المائة، وعدم انتظام ضربات القلب، وارتفاع خطر الإصابة بسكتة دماغية بنسبة 5 في المائة بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية.
وكان هذا الخطر أكثر احتمالية للحدوث لدى النساء والمدخنين بنسبة 6 في المائة.
لكن بالنسبة لأولئك الذين كانوا يعانون إحدى هذه الحالات قبل المشاركة في الدراسة، فقد جاءت النتائج مختلفة تماماً، حيث ارتبطت مكملات زيت السمك بانخفاض خطر تطور الرجفان الأذيني إلى نوبة قلبية بنسبة 15 في المائة، وانخفاض خطر الوفاة بعد التعرض لقصور القلب بنسبة 9 في المائة.
إلا أن الباحثين أقرّوا بأن المعلومات حول جرعة وتركيبة مكملات زيت السمك التي تناولها المشاركون لم تكن متاحة لدراستهم، كما أن معظم المشاركين كانوا من البيض، لذا قد لا تنطبق النتائج على الأشخاص من أعراق أخرى.
ولفت الباحثون إلى الحاجة لمزيد من الدراسات، لبحث هذا الأمر.
وتُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم؛ حيث تودي بحياة ما يُقدر بنحو 17.9 مليون شخص، كل عام.


