دواء جديد مضاد للسمنة يخفف مشكلات القلب الصحية

يقلل حدوث النوبة القلبية والسكتة الدماغية

دواء جديد مضاد للسمنة يخفف مشكلات القلب الصحية
TT

دواء جديد مضاد للسمنة يخفف مشكلات القلب الصحية

دواء جديد مضاد للسمنة يخفف مشكلات القلب الصحية

عقّار سيماغلوتيد «semaglutide»، الذي يحظى بشعبية كبيرة لفقدان كبير في الوزن، قد يمنع أيضاً حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفيات لدى الأشخاص الذين يعانون أمراض القلب. جاء هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية، خلال خريف عام 2023، ليُظهِر للمرة الأولى أن علاج السمنة يساعد الناس على العيش لفترة أطول ويقلل مشكلات القلب والأوعية الدموية.

جرى تطوير سيماغلوتيد «semaglutide» بصفته دواءً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، وجرى تسويقه لأول مرة باسم أوزمبيك «Ozempic». وبالإضافة إلى تحسينه التحكم في نسبة السكر بالدم، ساعد الدواء أيضاً الأشخاص على فقدان كميات كبيرة من الوزن. وبعد أن أكدت الدراسات هذه الفائدة، وافقت «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية على نسخة بجرعة أعلى من سيماغلوتيد (تباع باسم Wegovy) للأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة.

أدلة على فوائد العقّار للقلب

قارنت دراسة دورية «نيو إنغلاند» الطبية المذكورة، جرعة 2.4 ملّيغرام من سيماغلوتيد (الجرعة الأعلى من Wegovy) بدواء وهمي، أُجريت على أكثر من 17000 شخص يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية، وكانوا جميعاً يعانون زيادة الوزن أو السمنة، لكن لم يعانِ أي منهم مرض السكري. وعلى مدار فترة متابعة بلغ متوسطها 3.3 سنة، كان الأشخاص الذين تناولوا سيماغلوتيد أقل احتمالاً بنسبة 20 في المائة لأن يتعرضوا لنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو الوفاة بسبب أمراض القلب، مقارنة بأولئك الذين تناولوا دواء وهمياً.

وعن ذلك يقول الدكتور بنجامين سيريكا، طبيب القلب بمستشفى بريغهام آند ويمين، التابع لجامعة هارفارد: «تُسلط النتائج الضوء على حقيقة أن السمنة عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية». وفقَدَ الأشخاص الذين تناولوا سيماغلوتيد ما يقرب من 19 رطلاً (الرطل 453 غراماً تقريباً) في المتوسط، ما يفسر، على الأرجح، سبب تحسن مستويات ضغط الدم والدهون الثلاثية والكوليسترول الضارّ أو البروتين الدهني منخفض الكثافة، والالتهاب، لديهم. ومع ذلك أضاف سيريكا أن عوامل أخرى يمكن أن تكون ضمن الأسباب أيضاً.

محاكاة الهرمون

ينتمي سيماغلوتيد إلى فئة من الأدوية تسمى ناهضات مستقبل البيتيد الشبيه بالغلوكاجون ـ 1 GLP-1 (GLP-1s)، التي تحاكي الهرمونات التي تصنعها الأمعاء والمخ بشكل طبيعي. وتحفز هذه الأدوية البنكرياس على إفراز الأنسولين الذي يساعد بدوره في التحكم بنسبة السكر في الدم، كما أنها تبطئ وتيرة عملية إفراغ المعدة وتقلل الشهية، ما يقلل كمية الطعام التي يتناولها الشخص. كما توجد مستقبلات GLP-1 في القلب والكلى والأوعية الدموية، ما يعني أن بعض الفوائد المتعلقة بالقلب قد لا ترتبط بفقدان الوزن، وفق الدكتور سيريكا.

ويجمع عقّار آخر ذو صلة؛ وهو تريزيباتيد «Tirzepatid»، بينGLP-1 وGIP، وهو هرمون يُعتقد أنه يعزز تأثير GLP-1. يباع تريزيباتيد تحت اسم مونجارو «Mounjaro» لعلاج مرض السكري، وتحت اسم زيبوند «Zepbound» لفقدان الوزن. ويبدو أنه يعزز فقدان الوزن بشكل أكبر من عقّار سيماغلوتيد. وتجري حالياً تجربة سريرية لاختبار تريزيباتيد على الأشخاص المصابين بالسمنة والذين يواجهون ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.

من المرشح لتناول هذه العقاقير؟

إن أي شخص مُصاب بالسكري من النوع الثاني مرشح مناسب لكل من عقّاريْ أوزيمبيك «Ozempic» أو مونجارو «Mounjaro». ويقول الدكتور سيريكا: «لدى كثير من المرضى يحققون نتائج جيدة مع هذه الأدوية، وعادةً ما تجري تغطيتها من قِبل التأمين الصحي». ومع ذلك، لا يعاني سوى نحو 30 في المائة من الأشخاص المصابين بأمراض القلب من مرض السكري، بينما ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 50 في المائة فيما يتعلق بالأشخاص المصابين بأمراض القلب ويعانون زيادة الوزن أو السمنة.

وجرى اعتماد عقّاريْ ويغوفي «Wegovy»، وزيباوند «Zepbound» من قِبل «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية لفقدان الوزن لدى الأشخاص الذين يستوفون تعريف السمنة (مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر)، والذين يقعون أيضاً في الفئة العليا من زيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم من 27 إلى 29.9)، ولديهم مشكلة صحية مرتبطة بزيادة الوزن، مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول.

إلا أن الطلب الكبير على هذه الأدوية تسبَّب في نقص المعروض، كما أنها باهظة الثمن، وتتراوح تكلفتها بين 900 و1600 دولار شهرياً، ولا يغطي برنامج «ميديكير» التأميني الأميركي أي أدوية لفقدان الوزن، رغم أن بعض شركات التأمين الخاصة تفعل ذلك.

ومع ذلك، وبالنظر إلى الاهتمام والحماس الشديدين تجاه هذه الأدوية، يعتقد خبراء أن توصيات استخدامها ستتغير في السنوات المقبلة. ماذا يمكنك أن تفعل إذن؟ يطرح الدكتور سيريكا النصيحة الآتية: «اتصل بشركة التأمين الخاصة بك لمعرفة خياراتك بناءً على حالتك الصحية الحالية، ثم تحدث إلى طبيبك».

تاريخ محبط لأدوية الحمية الغذائية

لعقود من الزمن، كافحت شركات الأدوية لتطوير دواء فعال وآمن للمساعدة في إنقاص الوزن. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور بنجامين سيريكا، أستاذ مشارك في كلية الطب بجامعة هارفارد: «كثير من الأدوية التي كانت واعدة في البداية لم تنجح في اجتياز مرحلة التطوير، وجرى سحب أدوية أخرى من السوق».

ويعود المثال الأكثر شهرة إلى عام مضى، عندما جرى سحب مزيج من عقّاري الفينفلورامين والفينيترمين «المعروف باسم فين - فين» من رفوف الصيدليات، بعد أن أصيب الأشخاص الذين تناولوه بأمراض شديدة في صمامات القلب وارتفاع ضغط الدم الرئوي. وفي عام 2010، جرى كذلك سحب السيبوترامين «ميريديا» من السوق، بعد أن ربطت دراسات تناوله بارتفاع خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

حالة مَرضية صامتة تصيب الكبد... تهدد القلب

صحتك حالة مَرضية صامتة تصيب الكبد... تهدد القلب

حالة مَرضية صامتة تصيب الكبد... تهدد القلب

يعاني عدد كبير من الأميركيين حالة مَرضية خطيرة محتملة تتميز بتراكم الدهون داخل الكبد.

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك تغيّرات في صحة الجهاز الهضمي: متى تطلب مشورة الطبيب؟

تغيّرات في صحة الجهاز الهضمي: متى تطلب مشورة الطبيب؟

نهايات «الجهاز العصبي الثاني» ترتبط بالمعدة والأمعاء.

هايدي غودمان (كمبريدج (ولاية ماساتشوستس الأميركية))
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

يعدّ مزمناً إن استمر 8 أسابيع أو أكثر

مورين سالامون (كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية))
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

دراسة: المشي بهذا العدد من الخطوات يقي من الاكتئاب

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
TT

دراسة: المشي بهذا العدد من الخطوات يقي من الاكتئاب

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إنه من المعروف أن مشي عدد معين من الخطوات اليومية يعزز الصحة، والآن حددت دراسة جديدة عدد الخطوات التي تحتاجها للوقاية من الاكتئاب.

وأضافت أن فريقاً بحثياً بقيادة برونو بيزوزيرو بيروني من جامعة كاستيلا لامانشا الإسبانية، حلّل 33 دراسة شملت 96 ألفاً و173 شخصاً.

وفي مقارنة عدد الخطوات اليومية ومعدلات الاكتئاب، وجدوا أن الأشخاص الذين لديهم عدد أكبر من الخطوات اليومية يميلون إلى الإصابة بأعراض اكتئاب أقل، وفقاً لنتائج الدراسة، التي نُشرت في «جاما» الأسبوع الماضي.

ووجد الباحثون أن الحصول على 5 آلاف خطوة أو أكثر كان مرتبطاً بانخفاض أعراض الاكتئاب، في حين ارتبط عدد الخطوات البالغ 7 آلاف أو أكثر، بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.

وقال الباحثون: «أظهرت نتائجنا ارتباطات مهمة بين ارتفاع عدد الخطوات اليومية وانخفاض أعراض الاكتئاب، فضلاً عن انخفاض انتشار الاكتئاب».

المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

وذكر بيروني: «هناك بالفعل مجموعة كبيرة من الأدلة، بما في ذلك هذه الدراسة، على أن التمرينات مرتبطة بتحسين الحالة المزاجية، وأنها مضاد طبيعي للاكتئاب».

وذكر أن السبب وراء انخفاض الاكتئاب بسبب زيادة عدد الخطوات، ليس نفسياً فحسب؛ بل جسدياً أيضاً. وأضاف أن «التمارين الرياضية تزيد من إفراز هرمونات السعادة - الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين».

وقد وجدت دراسات سابقة أن المشي له تأثيرات على شبكات الدماغ التي تعدّ ضرورية لتحسين الحالة المزاجية والاكتئاب والقلق، وفقاً للطبيب النفسي ريتشارد بيرموديز.

المشي قد يسهم في تحسين الصحة النفسية (جامعة ليدز)

وقال بيرموديز، الذي لم يشارك في الدراسة: «كلما كنا أكثر خمولاً، أو كلما جلسنا أكثر، زاد اكتئابنا»، وأشار إلى أن العوامل الوراثية والعوامل النفسية والضغوط الاجتماعية تلعب أيضاً دوراً في الاكتئاب.

ومع ذلك، «فإننا نعلم أن التعرض للضوء الطبيعي والمشي في الأماكن الطبيعية لهما تأثيرات إيجابية على المزاج».

ويشجع بيرموديز أولئك الذين يعانون من الاكتئاب على «زيادة عدد خطواتهم 100 خطوة كل يوم»، وقال: «إذا كنت تعمل وتجلس على مكتبك معظم الأيام، فقم بجدولة فترات راحة مدتها 15 دقيقة لتدريب عقلك من خلال المشي».