طروب لـ«الشرق الأوسط»: أصبح للفن مفهوم لا يُشبه الذي تربّينا عليه

تؤكد أنّ الفنان لا يمكن أن يتكرّر أو يخلفه أحد

طروب لا تزال تحافظ على إطلالاتها الأنيقة (صور الفنانة المعتزلة)
طروب لا تزال تحافظ على إطلالاتها الأنيقة (صور الفنانة المعتزلة)
TT

طروب لـ«الشرق الأوسط»: أصبح للفن مفهوم لا يُشبه الذي تربّينا عليه

طروب لا تزال تحافظ على إطلالاتها الأنيقة (صور الفنانة المعتزلة)
طروب لا تزال تحافظ على إطلالاتها الأنيقة (صور الفنانة المعتزلة)

تنتمي الفنانة اللبنانية المعتزلة طروب إلى زمن الفن الجميل الذي طبعت أهم وجوهه المعروفة في الستينات حتى منتصف التسعينات. اسمها الحقيقي أمل إسماعيل جركس؛ شكلت ثنائياً ناجحاً مع الفنان محمد جمال. فهما تزوّجا وانفصلا، لكنهما حقّقا شهرة واسعة، ولُقّبا بـ«جمال الطروب».

رغم اعتزالها منذ عام 1996، لا يزال اللبنانيون ينتظرون ظهورها في مهرجان أو برنامج. فأحدث إطلالاتها كانت في برنامج «ذا ستايدج» عبر قناة «إل بي سي آي» المحلية، في حلقة كرَّمت محمد جمال. كذلك أطلّت في مهرجان «الزمن الجميل»، فمُنظّمه الدكتور هراتش ساغبازاريان، كرّمها عبره مرات عدّة.

تؤكد طروب أنّ كل فنان لا يمكن أن يتكرّر (صور الفنانة المعتزلة)

منذ اعتزالها، قلَّ ظهورها تحت الأضواء. تقيم طروب حالياً في القاهرة، وتزور لبنان من وقت إلى آخر. فهي تكنّ للبلدين محبّة، لا سيما أنها لبنانية من أصل شركسي. في حديث مع «الشرق الأوسط»، تقول: «بيروت تسكنني عميقاً، وتربطني بها علاقة خاصة. عندما أزورها، أحرص على التوجّه إلى منطقة الروشة، وشارع الحمراء الذي أحتفظ بذكريات جميلة عنه. هناك وُجدتُ دائماً، وتجوّلتُ بين مقاهيه ومحلاته التجارية». وتتابع عن مصر: «لها وَقْع خاص في قلبي؛ تُذكرني بأجمل أيام حياتي الفنية. يومها، شكّلتُ ومحمد جمال ثنائياً مشهوراً، فتُذكرني بتلك المرحلة التي لا أنساها».

قرارها الاعتزال في منتصف التسعينات فاجأ جمهورها، فتساءل عن الأسباب وراءه. مطربة حصدت نجاحاً منقطع النظير، وبقي الناس يردّدون أغنياتها حتى بعد اعتزالها، فكيف استطاعت الانسلاخ عن الفن؟ تجيب: «كل هذه الأمور باتت ورائي، وما عادت تهمّني. أقفلتُ الباب، وما عدتُ أكترثُ للغناء والتمثيل والتلحين. لا أبالغ إن قلتُ بألا مزاج لديّ لدندنة أغنية. حتى الـ(آه) الطربية لم تعد تخرج مني».

حققت طروب نجاحاً كبيراً منذ الستينات (صور الفنانة المعتزلة)

صاحبة أغنيات ضربت الرقم القياسي في انتشارها، تؤكد أنّ هذا الانسلاخ ليس سهلاً: «ينبغي تحلّي المرء بقوة خارقة لفعل ذلك. قوتي وجدتها في الإيمان والصلاة، وهما سعادتي الكبرى».

غنت طروب ولحّنت ومثّلت، فكانت فنانة شاملة تعزف على العود، وصاحبة صوت جميل وإطلالة جاذبة. مَن لا يذكر أغنياتها «عالكورنيش»، و«يا ستي يا ختيارة»، و«أنا مسافرة ودّعوني»، وغيرها... أما أغنيتها الديو مع جمال، «قول كمان»، فتُعدّ الأشهر ضمن هذا النوع. ورغم ازدحام الساحة بالمواهب الغنائية، فإنّ أحداً لم يستطع أن يخلفها. تعلّق: «لا فنان يمكن أن يتكرّر أو يخلفه أحد. لكلٍّ هويته وأسلوبه، ولا يمكن استنساخه مجدداً».

تقول إنها شقّت طريقها بموهبتها، واستحدثت هوية خاصة بها منذ بداياتها: «لم يساعدني أحد في مشواري. توفيق الله فتح أمامي الطريق، وكنت محظوظة لأنها كانت مليئة بالنجاحات».

أسأل طروب عن سبب تعلُّق الناس بالزمن الجميل، فما سرّ عدم زواله، رغم مراحل كثيرة شهدتها الساحة؟ تردّ: «كل شيء كان مباركاً في ذلك الزمن. الأمر لم يقتصر على الفن فحسب، بل شمل أهله وجمهوره والدنيا بأكملها. تميّز عن غيره بأصالته، فتحوّل أحلى الأيام، ولن يكون له مثيل أبداً».

حلّت ضيفة على برنامج «ذا ستايدج» في حلقة تكريم الراحل محمد جمال (إل بي سي آي)

ترى أنّ الساحة الفنية اليوم تغيّرت تماماً: «تبدّلت بسرعة هائلة، وطبعتها وسائل التواصل الاجتماعي بهوية مختلفة. أصبح للفن مفهوم لا يُشبه الذي تربّينا عليه. وصار الهابط منه هو الأساس والـ(ترند) الرائج. فالطرب غاب ليحلّ مكانه الـ(هشّك بشّك)، وهذا مؤسف». وتضيف: «لا أتابع الساحة اليوم إلا قليلاً. أتفرّج على مَن يطالعني على الشاشة بالمصادفة، والغالبية تمرّ مرور الكرام. أما الفنانون الذين لا أزال أستمع إليهم، فبقوا أنفسهم منذ بداياتي. لذلك يظلّ الراحلون محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، والسيد درويش، وأمثالهم، المفضّلين عندي».

تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ قرارها الاعتزال لم يأتِ بين ليلة وضحاها: «إشارات عدّة وصلت إليَّ منذ كنتُ في سنّ السادسة عشرة، لكنني أكملتُ طريقي، رغم أنها استوقفتني وفكرتُ فيها». في آخر إشارة تلقّتها، تأكدت أنّ قرارها بات قريباً: «يومها كنتُ مسافرة على متن الخطوط الجوّية الفرنسية، فخُطِفت الطائرة، لكننا هبطنا بخير. شعرتُ أنني نجوتُ بفعل قوة ربانية، وشكّلتْ هذه الإشارة حاجة للابتعاد، فتوالت بعدها إشارات مماثلة دفعتني لحسم قراري».

لا ترفض طروب الغناء، ولا تلوم مَن يمارسه، لكنها توجّه نصيحة لمَن ينوي دخول هذا المجال: «تأكد من موهبتك الخارقة. مهما اختلفتْ رسالتُك الفنية، عليك أن تفكر انطلاقاً من أن هذه نعمة الموهبة. قلّما يطبّق كثيرون هذه القاعدة، لذا؛ فالفن الهابط هو الرائج اليوم».


مقالات ذات صلة

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

يوميات الشرق أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

ما كان لهذا الحفل اللبناني أن ينتهي من دون أن تختمه بأغنيتها «بيروت الأنثى» التي أبكت يوم صدورها بسبب الظروف العصيبة التي مرَّ بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

كوثر وكيل (باريس)
يوميات الشرق نجوم الأغنية المصرية في التسعينات غنّوا روائع الذاكرة (الشرق الأوسط)

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

نجوم الأغنية المصرية في التسعينات، حسام حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد وهشام عباس وإيهاب توفيق، غنّوا روائع الذاكرة في حفل بيروتي حضره الآلاف.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق أريد من الحفل «فعل صلاة» لقدرة الموسيقى على غَسْل الداخل (الشرق الأوسط)

المايسترا مارانا سعد تقود الموسيقى نحو الحبّ الأعظم

في حفل المايسترا اللبنانية الأخت مارانا سعد، يحدُث التسليم للحبّ. ليس بهيئته المُتدَاولة، بل بكينونته. بالعظمة الكامنة في نبضه وجوهره وسُلطته على العناصر.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المغنية الشهيرة تايلور سويفت (د.ب.أ)

دراسة: تايلور سويفت تؤثر إيجاباً على معجبيها فيما يخص «صورة الجسد»

ساعدت نجمة البوب تايلور سويفت معجبيها على تحقيق نظرة أكثر إيجابية بشكل عام حول ثقافة النظام الغذائي والأكل المضطرب وصورة الجسد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف تشتري سلعاً مسروقة قانونية في بريطانيا؟

ساعات «رولكس» التي تبلغ قيمتها عشرات الآلاف من بين المسروقات (شاترستوك)
ساعات «رولكس» التي تبلغ قيمتها عشرات الآلاف من بين المسروقات (شاترستوك)
TT

كيف تشتري سلعاً مسروقة قانونية في بريطانيا؟

ساعات «رولكس» التي تبلغ قيمتها عشرات الآلاف من بين المسروقات (شاترستوك)
ساعات «رولكس» التي تبلغ قيمتها عشرات الآلاف من بين المسروقات (شاترستوك)

هل تساءلت يوماً عما تفعله مراكز الشرطة البريطانية بالمسروقات والممتلكات والبضائع، التي تضبطها من خلال المداهمات، أو تلك المفقودة التي يتم العثور عليها، ولا يُعرف صاحبها؟ الأمر لا يتطلب سوى أن تأخذ دقيقة واحدة للتفكير في العدد الهائل من البضائع والمفقودات المسروقة التي تستردها قوات الشرطة في جميع أنحاء البلاد كل عام. وإذا كنت تفكر في جرائم مثل السرقة والسطو والاحتيال، فإن كمية المضبوطات التي يتعاملون معها مذهلة. أضف إلى ذلك البضائع التي تم شراؤها بشكل غير قانوني من خلال عائدات الجريمة وسيزداد هذا العدد مع مرور الزمن.

مجوهرات مسروقة يتم عرضها في مزاد للشرطة (مزاد الشرطة)

السؤال الطبيعي: ما هو مصير كل هذه الممتلكات؟ وماذا تفعل بها الشرطة في نهاية المطاف؟ الإجابة عن ذلك، كخطوة أولى، تكمن في محاولة منها للمّ شملها مع المالكين الحقيقيين، وهذا يعتبر من أولوية أفراد الشرطة الأولى. فالشرطة ليست لديها القدرة على الاحتفاظ بالأشياء المفقودة أو المسروقة إلى الأبد، وإذا لم يتمكنوا من معرفة أصحابها الأصليين، فإنهم يبيعونها عبر مزادات تابعة لها ومخصصة لهذا الغرض.

ويمكن أن تكون مبيعات مزادات الشرطة بمثابة منجم ذهب للمساومات والصفقات؛ إذ يمكنك الحصول على قطع قيمة بسعر رائع أو زهيد.

وحسب تقرير للشرطة البريطانية على موقعها الرسمي، فإنها تطمئن المشترين بالقول: «لا تقلقوا، ولا تحملوا هماً، نحن نعلم جيداً أن موقع (موني سيفيرز/ MoneySavers) - التابع للشرطة - يلتزم بالقانون. ونحن لسنا بصدد تشجيعك على خرق القانون، وإنما يتعلق الأمر كله بالممتلكات أو البضائع المفقودة أو المسروقة التي تم استردادها من أيدي المجرمين، عندما لا تتمكن الشرطة (البريطانية) من العثور على أصحابها الشرعيين».

لا يوجد سعر مبدئي للعناصر الفاخرة في المزاد (شاترستوك)

تقوم العديد من مراكز الشرطة في جميع أنحاء المملكة المتحدة ببيع المسروقات التي صادرتها. ولأن هذا الأمر ليس معروفاً على نطاق واسع، ولأن الشرطة تبيع أشياء كان يتعين عليها تخزينها أو التخلص منها؛ فإن هذا الأمر يصب في مصلحة المواطنين ويتيح لهم الحصول على صفقات جيدة للغاية. فعلى سبيل المثال، تم بيع دراجة أطفال مقابل 99 بنساً، وغيتار كلاسيكي مقابل 14 جنيهاً إسترلينياً (شاملة خدمة التوصيل)، وساعة «أرماني» مقابل 15 جنيهاً إسترلينياً.

وحسب تقرير الشرطة، هناك ثلاث طرق رئيسية تنتهجها القوات النظامية للتخلص من هذه الأشياء، ومن المفيد التحقق من ذلك، لكن الطريقة المناسبة لك شخصياً هي أن تعتمد على ما هو متاح بالقرب من منطقتك.

مجوهرات معروضة في مزاد للشرطة (مزاد «البريطانية»)

وتؤكد الشرطة أنها تبذل قصارى جهدها للوصول إلى المالك الشرعي للممتلكات، قبل الشروع في بيعها. كما تطلب من المواطنين الذين تعرضوا للسرقة أن يبلغوا الشرطة في حال رصدوا قطعة تخصهم على موقع المزاد «Bumblee Auctions»، وتوصي الشرطة بأنه يجب عليهم بعث رسالة إلكترونية عبر الحساب التالي: [email protected].

وبحسب الشرطة، فمن النادر أن يجد أي شخص أي قطعة تخصه بعد بيعها بالفعل، ولكن في حال حصل ذلك، فستتصل الشرطة بالمشتري وتتفاوض معه في محاولة لاستعادة ما اشتراه. وتضيف الشرطة: «إذا عثرت على شيء يخصك على موقع (eBay)، أو أحد المزادات، فسيتعين عليك الاتصال بالشرطة المسؤولة عن عملية البيع».

يُذكر أن الكثير من مراكز الشرطة داخل إنجلترا وويلز تستخدم موقعاً على غرار «eBay»، يُعرف باسم «Bumblee Auctions»، بهدف بيع الممتلكات أو السلع التي جرت مصادرتها من مجرمين.

ومن غير المستغرب أن أكثر الفئات شيوعاً في المزادات كانت أكثر الأشياء احتمالاً أن تتعرض للسرقة مثل دراجات وكاميرات ومجوهرات وأدوات وأجهزة ألعاب.

وحسب التقرير، ينبغي الانتباه إلى أنه في أغلب الأحيان ستضطر للذهاب وتسلم ما اشتريته بنفسك، لذلك عليك النظر إلى أي مركز للشرطة تتعامل معه قبل التقدم بطلب شراء. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يمكنك سداد مصاريف توصيل البضاعة إليك.