أدوية الكوليسترول واحتمال التسبب في مرض السكري

ضرورة التعامل الطبي المتوازن في وصفها

أدوية الكوليسترول واحتمال التسبب في مرض السكري
TT

أدوية الكوليسترول واحتمال التسبب في مرض السكري

أدوية الكوليسترول واحتمال التسبب في مرض السكري

أدوية الستاتين Statin تخفض نسبة الكوليسترول في الدم، عبر خفض إنتاج الكبد له. وهي وإن ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح الطبي لمعالجات ارتفاع الكوليسترول في عام 1987، فإنها تعتبر حتى اليوم حجر الزاوية في معالجة ارتفاع الكوليسترول، والمرتكز الأساسي في خفضه. والسبب أن المصدر الأكبر للكوليسترول (80 في المائة) في الجسم هو من الإنتاج الداخلي في الكبد له، بينما لا يمثل الغذاء المحتوي على كميات عالية من الكوليسترول سوى مصدر لأقل من 20 في المائة من الكوليسترول في الدم.

الستاتين والسكري

وترتفع أهمية العمل على خفضه «بصرامة» -وخصوصاً الكوليسترول الخفيف الضار LDL- لدى الأشخاص الأعلى عُرضة للتضرر المهدد لسلامة الحياة نتيجة ارتفاعه، وتحديداً مرضى شرايين القلب ومرضى السكتات الدماغية، ومرضى السكري، ومرضى ارتفاع ضغط الدم، ومرضى ضعف الكلى. أي لدى طيف واسع جداً من عموم المرضى.

ولكن ثمة إشكالية تتمثل في احتمالات تسبب تناول أحد أنواع هذه الأدوية الخافضة للكوليسترول، بالإصابة الجديدة بمرض السكري، أي بين الذين كانوا قبل ذلك خالين من هذا المرض.

وثمة كثير من الدراسات الطبية حول هذا الأمر. وتناولت الأوساط الطبية هذا الموضوع منذ مدة، بمناقشات علمية وإكلينيكية مستفيضة. وقرأت نتائج الدراسات تلك، وكيفية إجرائها، وراجعت بياناتها، وكيفية التوصل إلى استنتاجاتها. ووضعت نصائح عملية وواقعية للممارسات الإكلينيكية حيالها، تتسم بالتوازن بين الحصول على المكاسب وتقليل احتمالات حصول الأضرار الجانبية.

ولكن الدراسات التي تربط الستاتين بمرض السكري لا تزال تحظى باهتمام وسائل الإعلام، بدرجات مختلفة في دقة العرض. وفي حالات التقارير الإعلامية غير الدقيقة، حول عرض العلاقة «المحتملة» بين أدوية الستاتين والإصابة بمرض السكري، يمكن أن تؤدي إلى شعور بعض من المرضى بالقلق، وربما حتى التوقف عن تناول أدوية الستاتين، وبالتالي ترك أنفسهم عُرضة للمخاطر الصحية «الحقيقية» لارتفاع الكوليسترول.

وصحيح أن ذلك الاحتمال بتسبب الإصابة بالسكري لا ينبغي له أن يصرف انتباه الأطباء عن هدف الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية كأولوية قصوى، عبر العمل الدؤوب على خفض ارتفاع الكوليسترول، إلا أن من المفيد مناقشة هذا الاحتمال مع المريض. وذلك لتوضيح أن أدوية الستاتين ثبت أنها تقلل من الإصابات بتداعيات أمراض القلب والأوعية الدموية ومن الوفيات أيضاً، ولا ينبغي أن يتعارض تناولها بوصفها علاجاً ضرورياً، مع احتمال الإصابة بمرض السكري، لأن بإمكانها الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية وفق توصيات الطبيب، من خلال المتابعة معه في العيادة.

توعية بالإجراءات الوقائية

وكذلك بالإمكان الحد من احتمالات تسببها في مرض السكري، أيضاً عن طريق استمرار المتابعة مع الطبيب، واتخاذ المريض عدداً من الإجراءات الوقائية.

وهذه الإجراءات الوقائية هي بالأصل ضرورية لكل المرضى، بغض النظر عن موضوع علاقة تناول أدوية الستاتين بالإصابة بمرض السكري، مثل الاهتمام الشديد باتباع السلوكيات الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، عبر الحاجة إلى تكثيف الجهود لإنقاص الوزن، وتحسين النظام الغذائي، وزيادة ممارسة التمارين الرياضية.

وفي مقالة علمية بعنوان «خطر الإصابة بمرض السكري مع الستاتينات»، تم نشرها ضمن عدد 12 مايو (أيار) الماضي من المجلة الطبية البريطانية BMJ، أفاد باحثون من الولايات المتحدة وأستراليا بأن تناول أدوية الستاتين لخفض الكوليسترول يرتبط بزيادة «طفيفة» في خطر الإصابة الجديدة بمرض السكري، والذي يكون أعلى لدى الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر أخرى للإصابة بمرض السكري، أو الذين يتناولون جرعات عالية من أدوية الستاتين، أو المتقدمين في السن.

تعديل سلوكيات الحياة

ونصحوا بأنه عند بدء المريض في تناول أدوية الستاتين، يجب التأكيد عليه بأهمية إجرائه تعديلات واضحة على سلوكيات نمط الحياة، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني. هذا مع مراقبة مستويات الغلوكوز في الدم عند بدء العلاج بالستاتين أو زيادة جرعاته.

وفي تحديثاتها هذا العام لبيانها بشأن «ملف السلامة الخاص بالستاتينات: فائدة كبيرة مع مخاطر منخفضة»، أفادت رابطة القلب الأميركية AHA بأن الإصابة بمرض السكرى تحتل المرتبة الثانية من بين مخاطر تناول أدوية الستاتين التي يجدر بالرابطة الحديث عنها وتوضيح موقفها حيالها.

وقالت الرابطة: «يقدم البيان العلمي الصادر عن رابطة القلب الأميركية دليلاً على وجود حد أدنى من المخاطر، 0.2 سنوياً، للإصابة بداء السكري الذي تم تشخيصه حديثاً بعد تناول علاج الستاتين». أي أن من بين كل 1000 مريض بدأوا تناول أدوية الستاتين ولم يكن لديهم مرض السكري، فإن تناول أدوية الستاتين ارتبط بحصول إصابة مريضين جديدين بمرض السكري. ولكن في الوقت نفسه، استفاد نحو 7 مرضى من تناول أدوية الستاتين في منع إصابتهم بالسكتة الدماغية أو نوبة الجلطة القلبية أو الحاجة إلى إجراءات تدخلية أو جراحية لمعالجة تضيقات شرايين القلب.

وأفادت رابطة القلب الأميركية بأن: «آليات التأثير المتسبب في مرض السكري للستاتينات لا تزال غير واضحة». إلا أنها أوضحت قائلة: «ويكون في الغالب بين المرضى الذين لديهم عوامل خطر موجودة مسبقاً لتطوير الإصابة بمرض السكري، مثل البالغين الذين يعانون مسبقاً من حالة ما قبل السكري Pre-Diabetes، أو الذين لديهم متلازمة الأيض Metabolic Syndrome». ولذا تلخصت نصيحتها «الدقيقة والعملية والمتوازنة» بالقول: «من بين المرضى الذين يتناولون أدوية الستاتين، والذين لديهم عوامل خطر للإصابة بمرض السكري، من الحكمة مواصلة (اتباع خطوات) الوقاية بشدة، من خلال تعديل نمط الحياة (فقدان الوزن إذا لزم الأمر وممارسة التمارين الرياضية بشكل أفضل) والفحص الدوري لمرض السكري (تحليل تراكم السكر في الهيموغلوبين HbA1c وقياسات نسبة السكر في الدم)».

عوامل خطر السكري

ومعلوم أن «متلازمة الأيض» هي مجموعة من المشكلات التي تحدث معاً، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض السكري من النوع الثاني. وتشمل تلك المشكلات ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكر في الدم، وزيادة دهون الجسم في منطقة البطن، ومستويات غير طبيعية من الكوليسترول أو الدهون الثلاثية. كما أن من المعلوم أن حالة «ما قبل السكري» هي المرحلة المرضية التي تُسبب ارتفاع سكر الدم لمستويات أعلى من الطبيعي؛ لكنها لا تصل إلى حد مستوى تشخيص الإصابة بمرض السكري من النوع 2. وأن ترك هذه الحالة دون إجراء تغييرات في نمط الحياة، يجعل البالغين والأطفال ممن لديهم حالة «ما قبل السكري»، عرضة بشكل أكبر لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

وتتوافق هذه النصيحة مع نصيحة إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA عند حديثها عن التقارير حول زيادة مخاطر ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم وزيادة تراكم السكر في الهيموغلوبين؛ حيث قالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إنها «لا تزال تعتقد أن فوائد أدوية الستاتين على القلب والأوعية الدموية تفوق هذه المخاطر الصغيرة المتزايدة».

وكذلك في تحديثها للنصائح الطبية للمرضى الصادرة هذا العام، في الإجابة على سؤال: «هل يمكن للستاتينات Statins زيادة نسبة السكر في الدم؟»، أفادت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية CDC قائلة: «يعد وجود مستويات صحية من الكوليسترول والسكر في الدم أمراً مهماً لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. ووجدت بعض الأبحاث أن استخدام أدوية الستاتين يزيد من نسبة السكر في الدم؛ لأن استخدام أدوية الستاتين يمكن أن يمنع الإنسولين في الجسم من القيام بعمله بشكل صحيح. وهذا يمكن أن يعرض الأشخاص الذين يستخدمون أدوية الستاتين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2. وعلى الرغم من المخاطر، فلا يزال استخدام أدوية الستاتين موصى به لعديد من الأشخاص المصابين بداء السكري وغير المصابين به، والذين يعانون من ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. وذلك لأنه على الرغم من وجود مخاطر عند تناول هذا الدواء، فإن هناك مخاطر محتملة أكبر إذا لم تتناوله، مثل الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. وتذكر أن كل شخص مختلف عن غيره؛ لذا الأفضل دائماً التحدث مع طبيبك حول المخاطر والفوائد الفردية لتناول أدوية الستاتين».

التعديلات الواضحة على سلوكيات نمط الحياة تقلل من تأثير أدوية الستاتين

أدوية الكوليسترول والتسبب في مرض السكري... «إعلام الحقائق الإكلينيكية»

ربما يكون النموذج الأمثل للإثارات الإعلامية حول مدى تقديم المعلومات الطبية الصحيحة، هو طرح العلاقة بين تناول أدوية الستاتين والاحتمالات الضئيلة للتسبب في الإصابة بمرض السكري.

ووفق ما أشارت إليه رابطة القلب الأميركية في «سلامة أدوية الستاتين والأحداث السلبية المرتبطة بها: بيان علمي من رابطة القلب الأميركية»، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تظل السبب الرئيسي للوفاة في العالم، وقد أحدثت أدوية الستاتين فرقاً كبيراً في معالجتها وخفض الإصابات بها، وأيضاً خفض تكرار حصولها أو حصول تداعياتها. وأشار البيان إلى أن «أدوية الستاتين الأكثر فعالية تنتج انخفاضاً في كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة بنسبة 55- 60 في المائة»، وهو ما كان له «تأثير كبير في الحد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك الحد من الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية».

ومع ذلك، أشار البيان إلى أن «الدراسات... أبلغت عن زيادة في عدد المرضى الذين توقفوا عن تناول أدوية الستاتين، بعد التغطية الإعلامية السلبية. وأبلغت عن زيادة في حصول أحداث الأوعية الدموية الكبرى السلبية بعد التوقف عن العلاج بأدوية الستاتين».

وأوضح التقرير أن خطر إصابة المرضى الذين يتناولون أدوية الستاتين بمرض السكري «يقتصر إلى حد كبير على المرضى الذين لديهم مسبقاً عددٌ من العوامل التي ترفع بالأصل من خطر الإصابة بمرض السكري». كما أوضح أن الخطورة السنوية المطلقة لاحتمالات الإصابة بمرض السكري، لدى هذه الفئة من المرضى الذين هم بالأصل لديهم عدد من العوامل التي ترفع من احتمالات الإصابة بالسكري، هي 2 لكل 1000 مريض يتناولون أدوية الستاتين.

وأضاف التقرير أيضاً موضحاً أن حجم هذا الاحتمال في التسبب بحصول مرض السكري، يعتمد على الممارسة الإكلينيكية الروتينية في متابعة المرضى، والكشف الدوري عن أي اضطرابات في مستويات سكر الدم، ومدى العمل على اتباع السلوكيات الصحية في نمط الحياة اليومية. وخلص التقرير إلى أن: «العلاج بأدوية الستاتين يقلل بشكل كبير من حصول مضاعفات وتداعيات أمراض شرايين القلب والشرايين الأخرى في الجسم، والتي من بينها الدماغ، لدى أولئك الذين يعانون من مرض السكري أو لا يعانون منه.

إضافة إلى ذلك، عند النظر في الزيادة في حالات مرض السكري التي تم تشخيصها حديثاً، من المهم أن نلاحظ أن هذا يمثل حدثاً أقل دراماتيكية وتهديداً بكثير من حدوث نوبة الجلطة القلبية المؤدية إلى احتشاء عضلة القلب Myocardial Infarction أو السكتة الدماغية Stroke أو الوفاة بسبب القلب أو الأوعية الدموية Cardiovascular Death.

وكما تقول الدكتورة كوني بي نيومان، من كلية الطب بجامعة نيويورك، والتي ترأست لجنة خبراء كتابة البيان: «يوفر البيان العلمي لرابطة القلب الأميركية أساساً قائماً على الأدلة لتقديم المشورة للمرضى».

وهو ما علقت عليه الدكتورة سافيثا سوبرامانيان (أستاذة مشاركة في الطب، قسم التمثيل الغذائي والغدد الصماء والتغذية، جامعة واشنطن بسياتل) قائلة: «إذا كان شخص ما يحتاج إلى عقار ستاتين، فإن الأمر دائماً ما يكون بمثابة مناقشة مع المريض. يجب عليك التحدث مع المرضى؛ لأن هناك كثيراً من المعلومات؛ خصوصاً على الإنترنت. لدى الناس كثير من الآراء، ولسوء الحظ، تعرضت أدوية الستاتين لكثير من الانتقادات، على الرغم من أنها مفيدة جداً».


مقالات ذات صلة

الشعور بالقلق في الصباح... ما أسبابه؟ وكيف تعالج ذلك؟

يوميات الشرق ارتفاع القلق بعد وقت قصير من الاستيقاظ قد تسببه الهرمونات أو التوقعات بشأن اليوم القادم (رويترز)

الشعور بالقلق في الصباح... ما أسبابه؟ وكيف تعالج ذلك؟

تتقلب مستويات القلق لدى كثير من الأشخاص طوال اليوم. يجد بعضهم أن قلقهم يكون في أعلى مستوياته خلال ساعات الصباح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كلب كورجي يدعى كرانش يشارك في برنامج مهارات اكتشاف الرائحة في مركز «بين فيت» التابع لجامعة بنسلفانيا. (مركز بين فيت - موقع صوت أميركا)

هل يمكن للنحل والكلاب اكتشاف السرطان قبل التكنولوجيا؟

اكتشف باحثون في جامعة ولاية ميشيغان مؤخراً أن النحل، بحاسة الشم القوية لديه، يمكنه اكتشاف سرطان الرئة من خلال أنفاس المريض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك مجموعة من أدوية البرد (أرشيفية - رويترز)

خبير يقترح وقف دواء شائع للبرد والإنفلونزا: «مضيعة للمال»

يقول أحد خبراء الأدوية إنه يجب حظر العديد من علاجات البرد والإنفلونزا الشائعة لأنها مضيعة للمال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الممرضة سوزان ماكغوان (فيسبوك)

ربط وفاة ممرّضة بريطانية باستخدام دواء لمعالجة البدانة

رُبطت وفاة ممرضة بريطانية للمرة الأولى باستخدام علاج ضد البدانة تقول لندن إنها ترغب في توسيع قاعدة المستفيدين منه لتخفيف الضغط على نظام الصحة العامة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي «اللطيف» مع أطفالهن (رويترز)

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

تشير أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة «اكتئاب ما بعد الولادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

خبير يقترح وقف دواء شائع للبرد والإنفلونزا: «مضيعة للمال»

مجموعة من أدوية البرد (أرشيفية - رويترز)
مجموعة من أدوية البرد (أرشيفية - رويترز)
TT

خبير يقترح وقف دواء شائع للبرد والإنفلونزا: «مضيعة للمال»

مجموعة من أدوية البرد (أرشيفية - رويترز)
مجموعة من أدوية البرد (أرشيفية - رويترز)

يقول خبير أدوية إنه يجب وقف العديد من علاجات البرد والإنفلونزا الشائعة لأنها مضيعة للمال.

وكانت وكالة «رويترز» للأنباء أفادت أول من أمس (الخميس) بأن هيئة الغذاء والدواء الأميركية اقترحت وقف تناول عقار الفينيليفرين عن طريق الفم، والذي يستخدم على نطاق واسع في شراب البرد والسعال، كمكون نشط في الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية لعلاج احتقان الأنف، مشيرة إلى أنه غير فعال.

وقال هشام العبيدي، أستاذ الصيدلة في جامعة ريدينغ وممارس الصيدلة، إن هيدروكلوريد الفينيليفرين له نشاط ضئيل عند تناوله عن طريق الفم، وتابع: «رغم امتصاصه في مجرى الدم، فإنه يتحلل على نطاق واسع في الكبد، مما يؤدي إلى تأثير دوائي ضئيل أو معدوم»، حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وأضاف العبيدي إنه على النقيض من ذلك، فإن رذاذ الأنف فعال، ويفسر: «عندما يتم إعطاء الفينيليفرين عن طريق الأنف، فإنه يتجاوز الجهاز الهضمي ويتجنب عملية التمثيل الغذائي الأولي التي تحدث مع الإعطاء عن طريق الفم. وهذا يسمح لمستويات أعلى من الدواء بالعمل مباشرة على بطانة الأنف، حيث يمكنه تضييق الأوعية الدموية وتخفيف الاحتقان بشكل أكثر فاعلية».

وتابع العبيدي أنه يجب التوقف عن تناول النسخة الفموية لأنها «ليس لها تأثير وبالتالي لا ينبغي بيعها حقاً وإلا فهي مضيعة لأموال الناس».

في الولايات المتحدة، إذا تم المضي قدماً في اقتراح إدارة الغذاء والدواء، فسيتم سحب الأقراص والحبوب، وهو ما من شأنه أن يهز صناعة بملايين الدولارات.

واتفقت الطبيبة هيلين وول على أن المنتجات التي تحتوي على فينيليفرين والتي يتم تناولها عن طريق الفم كانت مضيعة للمال، لكنها قالت إن بعض الأشخاص يجدون أنها تساعد في تخفيف الأعراض لأنها تحتوي على الباراسيتامول وهي «دافئة ومريحة»، وأضافت: «هذا ما يفعله الناس عندما يمرضون وهو جزء من عملية الشعور بأنهم يسيطرون على الموقف وهو أمر مفيد للتحسن في معظم الأمراض».

وأردفت «إذا كان ذلك مفيداً، فهو ليس مضيعة للمال، على ما أعتقد، وعُرف الفينيليفرين منذ فترة طويلة بأنه دواء قديم وأعتقد أن الأدلة على فاعليته عن طريق الفم ضئيلة».

وتابعت الدكتورة وول أنه إذا تم تناول مثل هذه المنتجات بانتظام، فقد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم لدى بعض الأشخاص، واستطردت: «أنا شخصياً أستخدم الباراسيتامول وبعض فيتامين سي ومزيل احتقان الأنف لمدة لا تزيد عن 7 أيام عندما أصاب بنزلة برد وأشرب الكثير من السوائل».

وأفادت: «باعتباري متخصصة في المجال الطبي، أعتقد أن حظرها يجب أن يكون على أساس مخاوف تتعلق بالسلامة لأنها تبدو مفيدة لبعض الأشخاص».

وتسعى إدارة الغذاء والدواء الآن إلى الحصول على تعليقات عامة بشأن هذا الأمر المقترح.

في الوقت الحالي، قد تستمر الشركات في تسويق المنتجات الدوائية التي تحتوي على فينيليفرين عن طريق الفم كمزيل للاحتقان الأنفي.

ومع ذلك، قالت إدارة الغذاء والدواء إنها ستوفر للمصنعين الوقت المناسب لإعادة صياغة الأدوية التي تحتوي على فينيليفرين عن طريق الفم أو إزالة مثل هذه الأدوية من السوق.

وقالت جمعية منتجات الرعاية الصحية للمستهلك في بيان لها، إنها «شعرت بخيبة أمل إزاء اقتراح إدارة الغذاء والدواء بعكس وجهة نظرها الراسخة بشأن فينيليفرين عن طريق الفم». وأضافت الجمعية أنها ستراجع الأمر المقترح وتقدم التعليقات وفقاً لذلك.