«شيطان التفاصيل» يلاحق الموازنة العراقية حتى ربع الساعة الأخير

محمد الحلبوسي يترأس اجتماع اللجنة المالية لمناقشة بنود قانون الموازنة العامة في 24 مايو الماضي (البرلمان العراقي)
محمد الحلبوسي يترأس اجتماع اللجنة المالية لمناقشة بنود قانون الموازنة العامة في 24 مايو الماضي (البرلمان العراقي)
TT
20

«شيطان التفاصيل» يلاحق الموازنة العراقية حتى ربع الساعة الأخير

محمد الحلبوسي يترأس اجتماع اللجنة المالية لمناقشة بنود قانون الموازنة العامة في 24 مايو الماضي (البرلمان العراقي)
محمد الحلبوسي يترأس اجتماع اللجنة المالية لمناقشة بنود قانون الموازنة العامة في 24 مايو الماضي (البرلمان العراقي)

بين أخذ ورد، وخلافات وتوافقات، كان يفترض أن سفينة الموازنة المالية للعراق رست على بوابة مجلس النواب العراقي الذي أقرّ الخميس الثامن من يونيو (حزيران) الحالي موعداً للتصويت.

وقبل يوم التصويت المفترض، أعلنت قوى الإطار التنسيقي الشيعي أن الموازنة باتت جاهزة للتصويت، وذلك بعد اجتماع مطول عقدته بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في منزل زعيم تحالف الفتح هادي العامري.

وطبقاً لمخرجات الاجتماع، فإن الخلافات حول الموازنة طرأت بعدما أجرى أعضاء في اللجنة المالية تعديلات على فقرتين من الفقرات الخاصة بحصة إقليم كردستان.

وتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بمسودة الموازنة التي جاءت من الحكومة إلى البرلمان.

ومن جانبها، أعلنت وزارة المالية الاتحادية أنها لن تتعاطى مع التعديلات التي أجريت من قِبل أعضاء اللجنة المالية، من منطلق أنه لا يجوز قانوناً أن تجري اللجنة المالية أي تعديلات على الموازنة، وأنه في حال هناك اعتراضات على مواد أو فقرات معينة يمكن إعادة الموازنة ثانية إلى الحكومة، لتتولى بنفسها إجراء التعديلات إذا اقتنعت بأصل الاعتراضات.

وبين هذا وذاك، يستمر الجدل السياسي مرة والفني مرة أخرى بشأن الموازنة المالية لهذه السنة وللسنتين المقبلتين منذ إرسالها من قِبل الحكومة إلى البرلمان قبل نحو أربعة أشهر حتى اليوم. وعلى الرغم من الإحراجات التي تواجهها الطبقة السياسية، أمام المواطنين الذين بدأوا يهددون بعدم الصمت حيال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن إقرار الموازنة، فإن المتغير الذي لم يكن محسوباً عند إجراء المناقشات والمداولات من قِبل القوى السياسية ولجان البرلمان، هو الاتفاق على إجراء انتخابات مجالس المحافظات نهاية العام الحالي.

هذا الاتفاق السياسي، أربك المشهد السياسي برمته؛ الأمر الذي جعل القوى السياسية جميعها تعيد حساباتها حيال رؤيتها للموازنة المالية.

وحيال ذلك، فقد بدأ نوع من الجدل الجديد بين الحكومة من جهة والقوى السياسية من جهة أخرى. فالحكومة وطبقاً للمنهاج الوزاري الذي نالت به حكومة محمد شياع السوداني الثقة من قبل البرلمان يستند على رؤية تقوم على تعزيز عمل الوزارات في تنفيذ المشروعات الخدمية أو تلك التي تتعلق بالبنى التحتية.

لكن التوصل إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات المحلية جعل معظم القوى السياسية تطالب بإجراء مناقلات من بعض الوزارات إلى المحافظات بدعوى أن حصص المحافظات قليلة لاستكمال المشروعات بينما جوهر المسألة - كما يرى المتابعون للشأن السياسي - يكمن في تأمين حصص للأحزاب من خلال الهيمنة على المحافظات بدءاً من السيطرة على مجالسها.

مع ذلك، فإنه مع إعلان قوى الإطار التنسيقي الشيعي، وهو الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، أن توافقاً تاماً حصل بشأن الموازنة، فقد أعلن عدد من النواب الشيعة المعترضين على سياسات قوى الإطار التنسيقي أن الموازنة «خُطفت» من قِبل القوى السياسية وأن نواب البرلمان والعديد من لجانه بمن فيهم اللجنة المعنية بالموازنة وهي اللجنة المالية لم يعودوا يعرفون مصير الموازنة. وكترجمة لهذا الرأي، فإن النواب المعنيين الذين حظوا بتأييد واسع من نواب آخرين أن القوى السياسية خاصة تلك التي وقّعت على «وثيقة الاتفاق السياسي» التي تشكل بموجبها ما يعرف اليوم بـ«ائتلاف إدارة الدولة» الداعم للحكومة الحالية ترفض إجراء أي تعديلات من شأنها الإخلال بالاتفاقات السياسية.

وهذا يعني اتفاق القوى السياسية على عدم إغضاب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بوصفه أحد أركان ائتلاف إدارة الدولة. لذلك؛ فإن التلاعب بزمن الجلسة البرلمانية يعكس استمرار الخلافات بشأن ما تم الاتفاق عليه سياسياً والذي بات مرفوضاً من قِبل قوى برلمانية باتت تتمرد على ما تتفق عليه قياداتها السياسية.

ووفقاً لما يدور في الغرف المغلقة داخل أروقة الكتل السياسية، فإن «شيطان التفاصيل» لا يزال يلاحق مختلف فقرات الموازنة العراقية، سواء ما تعلق منها بموقف الحزب الديموقراطي الكردستاني الرافض التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية في اللحظات الأخيرة أو فيما يتعلق بالأبواب الأخرى الخاصة بالموازنة.

وتتراوح الأجواء بين متفائلة نسبياً أو أقل تفاؤلاً بشأن كيفية التصويت على الموازنة. فهناك من يرى أن الخلافات المتبقية لا يمكن أن تحول دون التصويت على الموازنة، وبين من يرى أنه يمكن البدء بالتصويت المستمر على الموازنة ليس عبر جلسة واحدة بل عدة جلسات؛ وهو ما يعني إبقاء جلسات البرلمان مفتوحة.

وبشأن مدى قانونية الجلسة المفتوحة أو المستمرة، يقول الخبير القانوني علي التميمي لـ «الشرق الأوسط» أن «معنى الجلسة المفتوحة فهي التي تعقد ابتداءً وتبقى بقرار رئيس البرلمان إلى يوم آخر بشكل مفتوح، وعندما تعقد في ذلك اليوم لا تحتاج إلى نِصاب قانوني نصف زائد واحد من العدد الكلي للبرلمان وإنما تعقد بأي عدد يكفي لاتخاذ القرارات».

ويضيف التميمي أن «الجلسة المستمرة؛ فهي التي تعقد بتحقق النصاب نصف العدد الكلي زائد واحد ثم تؤجل ولا تعقد في موعد التأجيل إلا بتحقق النصاب نصف العدد الكلي زائد واحد»، مبيناً أنه «لا يمكن إبقاء الجلسة مفتوحة وفق قرار المحكمة الاتحادية 55 لسنة 2010 وإنما يمكن أن تكون مستمرة وهو ما يعني تأجيلها لأيام للضرورة».


مقالات ذات صلة

السوداني: قلق عراقي من التدخل الأجنبي في سوريا

المشرق العربي رئيس وزارء العراق محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني: قلق عراقي من التدخل الأجنبي في سوريا

أكد رئيس وزارء العراق، محمد شياع السوداني، الخميس، أن الأمن في سوريا مهم  بالنسبة للعراق، وأن الاستقرار والازدهار في البلدين مرتبطان بالأمن فيهما وفي المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي ممثلو ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم خلال أحد الاجتماعات في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

مساعٍ لإقناع الصدر بالمشاركة في انتخابات العراق

يسعى تحالف «إدارة الدولة» الذي يضم القوى المشاركة في حكومة محمد شياع السوداني، الخميس، إلى إقناع زعيم التيار الصدري بالعودة إلى العملية السياسية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي 
موظف في مفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

11 نوفمبر موعداً لانتخابات العراق

حدّدت الحكومة العراقية، أمس (الأربعاء)، يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون يفرزون أوراق الاقتراع أثناء انتخابات مجالس المحافظات العراقية في كركوك (أرشيفية - رويترز)

الحكومة العراقية تُعلن إجراء الانتخابات التشريعية في 11 نوفمبر

أعلنت الحكومة العراقية، الأربعاء، إجراء الانتخابات العامة التشريعية المقبلة في 11 نوفمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مقاتلان من فصائل موالية لإيران بالعراق في صورة تم التقاطها في ديسمبر 2023 (رويترز)

تقرير: إيران تُسلِّح الفصائل الموالية لها في العراق بصواريخ بعيدة المدى

كشف تقرير جديد أن إيران نقلت صواريخ بعيدة المدى إلى القوات الموالية لها في العراق لأول مرة، ما زاد من وجودها العسكري في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عون يتحدث عن «مرونة» من «حزب الله»


الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً بأعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً بأعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
TT
20

عون يتحدث عن «مرونة» من «حزب الله»


الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً بأعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً بأعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» في القصر الجمهوري (الرئاسة اللبنانية)

تحدث الرئيس اللبناني جوزيف عون عن «مرونة» أبداها «حزب الله» للتعاون وفق خطة زمنية معينة لمعالجة ملف سلاحه.

وقال النائب سجيع عطية، بعد لقاء لكتلة «الاعتدال الوطني» مع الرئيس عون، أمس، إن الاجتماع تناول ملف نزع سلاح «حزب الله»، مضيفاً أن «رئيس الجمهورية يتعاطى مع الملف بحكمة».

ونقل عطية عن عون تأكيده أن «الحزب أبدى الكثير من الليونة والمرونة في مسألة التعاون وفق خطة زمنية معينة».

من جانبه، أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجّي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن بلده «أُبلغ بوضوح أن لا إعادة إعمار ومساعدات دولية قبل حصرية السلاح شمال الليطاني وجنوبه».

ولفت رجّى إلى أن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي زارت بيروت، قبل أيام، تحدثت عن أن لدى لبنان حالياً «نافذة» مفتوحة، بحيث أن «الإدارة الأميركية تريد مساعدته لتحرير أرضه وإعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد، لكنّ هناك في المقابل ما هو مطلوب منّا، سواء لجهة الإصلاحات الاقتصادية، وهذا مطلب دولي وعربي خليجي وحتى لبناني، أو لجهة حصرية السلاح».