الحكومة العراقية تحقق تقدماً في معركة الموازنة

بعد حسم الجدل السياسي لصالح تمريرها

لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
TT

الحكومة العراقية تحقق تقدماً في معركة الموازنة

لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)

حددت رئاسة البرلمان العراقي يوم الخميس موعداً للتصويت على الموازنة المالية للأعوام (2023، 2024، 2025) بعد جدل مالي وسياسي استمر لأكثر من 4 أشهر. وتضمن البيان الصادر عن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الخاص بتحديد جلسة الخميس فقرة واحدة وهي «التصويت على الموازنة».

ولم يعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، موقفاً نهائياً لكن بعض نوابه لم يستبعدوا إمكانية مقاطعة الحزب للجلسة المقررة الخميس، نظراً إلى أن الحزب هو المعترض الأكبر على الفقرات التي تخص آلية تصدير النفط من الإقليم وكيفية تسليم وارداته للخزينة الاتحادية. ولا يزال في الوقت متسع للانتهاء من كل الخلافات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، أو تخفيفها إلى أضيق نطاق بعد أن انحسرت إلى الخلاف حول المفردات لا الآليات، وهو ما يضمن موافقته على التصويت لصالح الموازنة، لكن لا يوجد حتى الآن توجه بالمضي قدماً في إقرار الموازنة عن طريق الأغلبية وليس التوافق.

وما دام الكثير من السياقات المعتمدة في العراق بعد عام 2003 على صعيد الخطاب السياسي تتمحور حول كيفية استخدام بعض المفردات في اللغة أو توظيفها، فإن الجميع دفع أثماناً كبيرة بسبب التفسير الذي سرعان ما يتحول إلى تأويل قابل لكل أنواع الجدل. فالدستور العراقي، الذي تم التصويت عليه في عام 2005، كُتب على عجل بطريقة جعلت الكثير من مواده وفقراته أسيرة التفسير الخاطئ الذي تحول بمرور الزمن إلى تأويل يحتمي به كل طرف مقابل الطرف الآخر بسبب أزمة الثقة المتبادلة.

جانب من احتجاجات في بغداد تطالب بتوزيع عادل للرواتب 2 يونيو (إ.ب.أ)

معركة سياسية

وتشير التصريحات التي صدرت خلال الأسبوعين الأخيرين بشأن الموازنة إلى أن غالبيتها تعكس تخندقات متقابلة جعلت من الموازنة معركة سياسية قبل أن تكون مالية، وذلك بعد أن كانت الموازنة على وشك التصويت عليها قبل أن تتدخل اللجنة المالية لتجري عمليات تعديل أدت إلى بروز الخلاف مع الكرد، خاصة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. ولعل ما سوف يتم إطلاقه من تصريحات في غضون الفترة القصيرة المتبقية قبل التصويت سوف يعكس وجهاً آخر للصراع، المخفي أو المعلن، بين مختلف الأطراف السياسية قبل التصويت عليها بعد أن تأخرت كثيراً، ما أثار غضب الحكومة والعراقيين.

وبصرف النظر عن الكيفية التي تم بموجبها حسم الخلافات الأساسية بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان وحكومة محمد شياع السوداني، فإن أضخم موازنة في تاريخ العراق سوف تمرر على الأرجح الخميس. وتشير التصريحات والبيانات الصادرة من الأطراف المختلفة إلى أن الأمور المختلف عليها تمت تسويتها نهائياً، مرة طبقاً لما أبدته اللجان البرلمانية المختلفة من ملاحظات وتعديلات ومرة أخرى طبقاً لوثيقة الاتفاق السياسي التي أبرمت قبل تشكيل الحكومة، وهي التي مهدت لتشكيلها. ولم تعد شقة الخلاف واسعة بين الأطراف، لكنها في الوقت نفسه أساسية كونها تعكس جانباً آخر من المعركة التي خاضتها الحكومة من أجل تمرير هذه الموازنة الكبيرة لمدة 3 سنوات، والتي كانت بحد ذاتها تحدياً نجح السوداني فيه بعد أن اعترضت معظم القوى السياسية على فكرة موازنة لثلاثة أعوام بدلاً عن عام واحد.

السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية (رئاسة الوزراء العراقية)

حياد الحكومة

ويرى البعض أن السوداني كان محايداً وسط عدة خلافات بين الأطراف المختلفة، حيث جرى تبادل العديد من الاتهامات بين القوى التي شكلت ائتلاف «إدارة الدولة»، وأيضاً خلافات الأكراد بحزبيهما الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك في تحالف «السيادة» السني بشأن القضايا التي تم الاتفاق عليها وفق وثيقة «الاتفاق السياسي» التي تتضمن مطالب متقابلة لكل القوى السياسية. ولم يعتبر الفرقاء أن السوداني كرئيس للحكومة كان طرفاً في تلك الخلافات.

وكانت بعض القوى السياسية قد حاولت توجيه نقد للسوداني يتعلق بقضية موظفي إقليم كردستان ومستحقاتهم المالية، إلا أن تحقيق الاتفاق النهائي بشأن الموازنة عكس مرونة الحكومة في كيفية التعامل مع الأزمات الطارئة، كما عكس من جانب آخر إصراراً على أن تمضي الموازنة طبقاً للبرنامج الحكومي الذي قوامه مشاريع خدمية وأخرى تتعلق بالبنى التحتية.


مقالات ذات صلة

جمود يضرب مفاوضات اختيار الرئاسات العراقية

المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

جمود يضرب مفاوضات اختيار الرئاسات العراقية

من المفترض أن يقدم تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق مرشحه النهائي لرئاسة الحكومة خلال أسبوعين «حداً أقصى».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عراقي بأحد شوارع بغداد يمر أمام صورة لمقتدى الصدر مرتدياً الزي العسكري الخاص بـ«سرايا السلام»  (أ.ف.ب)

الصدر يجمّد جناحه العسكري في محافظتين بالعراق

أعلن زعيم «التيار الصدري» في العراق، مقتدى الصدر، الثلاثاء، أنه قرر تجميد جناحه العسكري المعروف باسم «سرايا السلام» في محافظتي البصرة وواسط جنوبي البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع) play-circle

الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

أعلنت الحكومة العراقية، الثلاثاء، توقيع عقوبات تضمنت إعفاءً لمسؤولين عن نشر قرار بتصنيف جماعة «الحوثي» اليمنية، و«حزب الله» اللبناني، منظمتين إرهابيتين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يصادق على دعوة مجلس النواب المنتخب إلى الانعقاد (الرئاسة العراقية) play-circle

الرئيس العراقي يدعو البرلمان الجديد لأول جلسة انعقاد

دعا رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الثلاثاء، البرلمان العراقي الجديد إلى عقد جلسته الأولى في تاريخ الـ29 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر «مجلس القضاء الأعلى» وسط العاصمة العراقية بغداد (إعلام حكومي) play-circle

السجن المؤبد لعراقي جنّد مواطنين للقتال في الحرب الروسية - الأوكرانية

قضت محكمة جنايات محافظة النجف العراقية بالسجن المؤبد عن «جريمة الاتجار بالبشر» بحق مواطن عراقي أدين بتجنيد مواطنين للقتال مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا.

فاضل النشمي (بغداد)

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
TT

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)

على وقع مخاوف من تصعيد إسرائيلي يطيح اتفاق وقف النار مع لبنان، ينعقد في باريس، اليوم (الخميس)، اجتماع رباعي يضم ممثلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، يتناول سبل دعم الجيش اللبناني والاطلاع على جهوده لنزع سلاح «حزب الله».

وتفيد مصادر فرنسية بأن باريس تشعر بخطر داهم محدق بلبنان، في ظل تهديدات إسرائيلية معلنة ومتواترة بالعودة إلى الحرب.

وتقول مصادر مطلعة في باريس إن اجتماع الخميس يندرج في إطار ثلاث أولويات رئيسية؛ أُولاها النظر في عمل آلية «الميكانيزم» المنوطة بها مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان، والنظر في تطويرها.

ويمثّل لجم التصعيد الإسرائيلي في لبنان الأولوية الثانية للاجتماع الذي يشارك فيه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل الذي سيقدم عرضاً للجهود اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة.

أما الأولوية الثالثة فتتعلق بما ستقوله الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بخصوص خطط بلادها في لبنان.


غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار
TT

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس (الأربعاء)، جميع الأطراف في اليمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وذلك بعد تقدم الانفصاليين في الجنوب، في تطور ينذر بتأجيج الحرب الأهلية المستمرة منذ عشر سنوات، بعد فترة هدوء طويلة، طبقاً لما أوردته وكالة «رويترز».

وأشار غوتيريش إلى أن عمليات المنظمة الدولية باتت غير قابلة للاستمرار في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتحديداً العاصمة اليمنية صنعاء، إلى جانب شمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية.

من ناحية ثانية، نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الشائعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.


إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق أمني مع سوريا يخدم الطرفين، لكنه قال إن أي اتفاق من هذا النوع «يجب أن يراعي الوضع بالجنوب»، في إشارة إلى رغبة تل أبيب في جعلها منطقة منزوعة السلاح.

وزعم ساعر في مقابلة مع قناة «العربية الإنجليزية»، أمس، أن تل أبيب، «ليس لها أطماع في أراضي سوريا»، مستدركاً أنها «لا تريد انطلاق أنشطة إرهابية من سوريا».

وفي الشأن اللبناني، قال ساعر إن لدى إسرائيل رغبة في «التطبيع مع لبنان»، عادّاً أن «الخلافات بسيطة، ويُمكن تجاوزها».

وتطرق وزير خارجية إسرائيل، إلى ملف غزة، زاعماً أن سلاح حركة «حماس» هو العقبة أمام الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

من جهته، قال الوسيط المقرب من الإدارة الأميركية، بشارة بحبح، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرحلة الثانية لاتفاق غزة ستبدأ الشهر المقبل.