أول تواصل عراقي معلن مع الإدارة السورية الجديدة

بغداد تريد «تطمينات» أمنية وسياسية من دمشق

الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)
الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)
TT

أول تواصل عراقي معلن مع الإدارة السورية الجديدة

الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)
الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)

على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، فإن العراق -باستثناء إعادة فتح سفارته في دمشق- انتظر حتى الخميس للتواصل مع الإدارة الجديدة، بقيادة أحمد الشرع.

وطبقاً لما كشفه مصدر سياسي مطلع، فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أوفد، الخميس، رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري مع عدد من المسؤولين إلى دمشق للقاء الشرع... وهذه الزيارة هي أول رحلة خارجية للشطري بعد أقل من أسبوع على توليه منصبه رئيساً لجهاز المخابرات. وتأتي من وجهة نظر مراقبين سياسيين، خطوةً غاية في الأهمية؛ نظراً للملفات المشتركة بين العراق وسوريا، فضلاً عن الهواجس لدى عدد من القوى السياسية العراقية، لا سيما الشيعية منها، حيال التغيير المفاجئ الذي حصل في سوريا.

جانب من اللقاء بين الشرع والشطري (أ.ف.ب)

وكانت حكومة بغداد، قد شددت بعد سقوط الأسد على «ضرورة احترام الإرادة الحرّة» للسوريين، والحفاظ على وحدة أراضي سوريا التي يتشارك معها العراق حدوداً يزيد طولها على 600 كيلومتر». وأكّد رئيس الوزراء العراقي، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، أن بلده «ليس ضد التواصل مع الإدارة (الجديدة) في سوريا، ما دامت هناك مصلحة لاستقرار سوريا والمنطقة».

ونقلت «وكالة الأنباء العراقية»، عن باسم العوادي الناطق باسم الحكومة، أن «الوفد العراقي برئاسة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، التقى الإدارة السورية الجديدة، وجرى بحث التطورات على الساحة السورية ومتطلبات الأمن والاستقرار في الحدود المشتركة بين البلدين».

ولفت أحد المسؤولين المشاركين في الوفد، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أن الوفد «حمل رسالة للسلطات السورية الجديدة تنبه من استغلال الجماعات المسلحة الفراغ الأمني في بعض المناطق، لشنّ هجمات ضد العراق ومناطق أخرى».

وأضاف: «يرغب العراق في الحصول على تطمينات من الجانب السوري في قضايا الحدود والاستقرار الأمني داخل سوريا، والحفاظ على النسيج الداخلي»، مؤكداً ضرورة «عدم تدخل أي طرف في شؤون سوريا الداخلية».

كما نقلت وكالة الانباء الرسمية عن "مصدر رفيع" في بغداد ، ان الادارة السورية أبدت تفهما لمطالب العراق ومخاوفه فيما يتعلق بالملفات التي نوقشت ..واوضحت ، "ان النقاش تناول حماية السجون التي تضم عناصر داعش ..والتعاون في شأن منع عودته وحماية الحدود ،ومطالب تتصل باحترام الاقليات والمراقد المقدسة" .

السوداني متحدثاً عن مبادرة إرساء السلام أمام شيوخ وشخصيات اجتماعية في الموصل (رئاسة الوزراء)

وعدّ السوداني الأسبوع الماضي أن «ثمة حالة من القلق من طبيعة الوضع في الداخل السوري»، داعياً السلطات الجديدة إلى أن «تعطي ضمانات ومؤشرات إيجابية حول (...) إعدادها عملية سياسية لا تقصي أحداً». وأشار يومها إلى استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق بعدما غادر طاقمها إلى لبنان في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).

وفي حين شارك العراق في مؤتمر وزراء الخارجية العرب ومجموعة الاتصال الخاصة بسوريا، الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، فإن السوداني الذي لم يتواصل مباشرة مع الإدارة السورية الجديدة، بزعامة الشرع، كما لم يرد على الرسالة الهاتفية التي أرسلها الأخير إليه، زار كلّاً من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية لمتابعة التطورات في سوريا.

وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي وعضو البرلمان السابق حيدر الملا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة التي بدأها وفد أمني رفيع المستوى، برئاسة رئيس جهاز المخابرات «خطوة في الاتجاه الصحيح قامت بها حكومة السيد محمد شياع السوداني، من خلال فتح حوار مباشر مع القيادة السورية الجديدة»، كاشفاً أنه «سبقت الزيارة الرسمية للوفد الذي يرأسه الشطري، حوارات لوفدين؛ أحدهما لا يحمل صفة حكومية، وضم شخصيتين عراقيتين، ذهبتا بعلم الحكومة للقاء الشرع، في حين اللقاء الثاني كان أمنياً، لكن لم يعلن عنه».

القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (إ.ب.أ)

وأوضح الملا، أن «رئيس الوفد حميد الشطري، رجل سياسة وأمن، ومن ثم فإن اختياره لرئاسة هذا الوفد مهم، وهو الأنسب لهذه المهمة»... وقال: «إن سوريا اليوم تُشكل قلب العالم، ودولة مهمة بالمنطقة، وحدودنا معها تمتد لأكثر من 600 كم، وبالتالي فإن أمن العراق من أمن سوريا، والعكس صحيح». وأشار الملا إلى أن «دعم العراق لسوريا في هذا الوقت، مهم من أجل التحول وإنشاء عملية سياسية صحيحة، في بلد مهم للعراق والمنطقة مثل سوريا».

أحكام مسكوت عنها

يُذكر أن القضاء العراقي سبق أن حكم بالإعدام بحق الشرع، الملقب الجولاني، غيابياً، بتهمة «الإرهاب وقتل العراقيين» عندما كان جزءاً من «داعش» قبل انشقاقه عن أبو بكر البغدادي، وتشكيله في سوريا «جبهة النصرة» التي تحوّلت في ما بعد إلى «هيئة تحرير الشام».

وبخصوص الحكم الصادر بحقه من القضاء العراقي، يقول الخبير القانوني، علي التميمي: «إن حكم الإعدام الصادر غيابياً من القضاء العراقي بحق الجولاني صحيح قانونياً، وهو يخضع لإجراءات قانونية محدّدة، في مقدمتها أن يحضر المتهم، وتعاد المحاكمة عند حضوره خلال مدّة محددة وهي 6 أشهر، وفي حال عدم حضوره خلال المدة المذكورة يتحوّل الحكم الغيابي إلى حكم وجاهي»، مضيفاً أن «حكم الإعدام يبقى قائماً ولا يسقط إلا بإلغائه من قبل القضاء أو المحكمة»، مبيناً أن هذا الحكم «لا يحمل تأثيراً فعلياً في الوقت الراهن، كون العراق أصبح يتعامل مع سياسة دولة بأكملها، وليس فقط مع أفراد ينتمون إلى تنظيمات مسلّحة».

وفي حين صنّفت الولايات المتحدة الأميركية أبو محمد الجولاني، «إرهابياً»، وخصصت مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار أميركي لأي شخص يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه، فإنها تواصلت معه رسمياً عبر وفد رسمي أعلن عن إلغاء المكافأة المخصصة للقبض عليه، وهو الذي صار يعرف باسمه الحقيقي: أحمد الشرع.


مقالات ذات صلة

مراقبون: الطريق طويل أمام العمل العربي المشترك

العالم العربي شارع مطار بغداد الدولي (وكالة الأنباء العراقية)

مراقبون: الطريق طويل أمام العمل العربي المشترك

خلافاً للكثافة الإعلامية التي شهدها القصر الحكومي خلال انطلاق «قمة بغداد» العربية، ساد العاصمة هدوء غير معتاد، في مدينة غالباً ما تشهد زحامات خانقة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قادة الدول العربية في صورة تذكارية قبل انطلاق أعمال القمة العربية العادية الـ34 في بغداد (أ.ف.ب)

«الشرق الأوسط» تنشر النسخة النهائية من «إعلان بغداد»

تضمّنت النسخة النهائية لإعلان بغداد، المقرر اعتماده في ختام القمة العادية الـ34، تأكيد أهمية وجود حكومة مدنية مستقلة في السودان.

فتحية الدخاخني (بغداد)
المشرق العربي قادة يحضرون الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد بالعراق (أ.ب) play-circle

«قمة بغداد»... دعوات لوقف النار في غزة ورفض لتهجير الفلسطينيين

بدأت القمة العربية الرابعة والثلاثون على مستوى القادة في بغداد اليوم السبت لبحث عدد من القضايا الإقليمية على رأسها الأوضاع في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز) play-circle

إردوغان: محادثات مع بغداد وأربيل بشأن تسليم أسلحة «الكردستاني»

كشف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عن أن تركيا تجري محادثات مع السلطات في بغداد وأربيل بالعراق بشأن تفاصيل كيفية تسليم المسلحين الأكراد أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي نائب وزير الخارجية العراقي محمد بحر العلوم يلتقي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد (أ.ف.ب)

وزير الخارجية السوري في بغداد للمشاركة بالقمة العربية

ذكرت وكالة الأنباء العراقية، الجمعة، أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وصل إلى العاصمة بغداد للمشاركة في القمة العربية الرابعة والثلاثين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الرئيس اللبناني: لا خيار أمام «حزب الله» إلا القبول بمفهوم الدولة

الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
TT

الرئيس اللبناني: لا خيار أمام «حزب الله» إلا القبول بمفهوم الدولة

الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم (الأحد)، إن «حزب الله» ليس أمامه خيار إلا القبول بمفهوم الدولة، مضيفاً: «من حق (حزب الله) المشاركة السياسية، لكن السلاح بيد الدولة».

وأضاف عون، في مقابلة مع قناة تلفزيونية مصرية محلية: «طالبنا بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل برعاية أميركية حول الحدود البرية على غرار الحدود البحرية». ومضى يقول: «لم يصلني طلب للتفاوض المباشر مع إسرائيل». وقال إنه لا يمكن لأي أحد الضغط على إسرائيل إلا الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه يعتقد أن نيات واشنطن «إيجابية».

وبالنسبة للمخيمات الفلسطينية في لبنان، قال عون: «سنتخذ الإجراءات التصاعدية ضد كل من يتلاعب بالساحة اللبنانية، وننتظر زيارة (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس لبحث سلاح المخيمات الفلسطينية». وأشار عون إلى أنه سيبحث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم الجيش بالعتاد الهندسي للتعامل مع المتفجرات والأنفاق.