«إعدام الطلاب والمعارضين»... جرائم تطارد نظام القذافي

برلماني ليبي يدعو لمحاسبة المتورطين في أحداث «السابع من أبريل»

مشهد من بنغازي التي شهدت مع طرابلس ممارسات الإعدام في عهد القذافي (أ.ف.ب)
مشهد من بنغازي التي شهدت مع طرابلس ممارسات الإعدام في عهد القذافي (أ.ف.ب)
TT

«إعدام الطلاب والمعارضين»... جرائم تطارد نظام القذافي

مشهد من بنغازي التي شهدت مع طرابلس ممارسات الإعدام في عهد القذافي (أ.ف.ب)
مشهد من بنغازي التي شهدت مع طرابلس ممارسات الإعدام في عهد القذافي (أ.ف.ب)

جدد شهر أبريل (نيسان) أحزان الكثير من الليبيين الذين فقدوا أبناءهم وذويهم خلال أحداث وقعت قبل 46 عاماً في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، ما بين الإعدام شنقاً، أو الاغتيال بالرصاص خارج البلاد، وهي الجرائم التي ينفيها أتباع النظام حتى الآن.
ولا يزال الليبيون يتذكرون وقائع الأحداث الدامية التي وقعت عام 1977، وانتهت حسب رواتها إلى تعليق عدد من طلاب الجامعات والمعارضين على أعواد المشانق في ساحات الجامعات والميادين الليبية في عهد نظام القذافي.
ودعا عضو مجلس النواب الليبي، يوسف العقوري، إلى محاسبة المتورطين في إعدام عدد من الطلاب والمعارضين عام 1977، معرباً عن أسفه لـ«تلك الفترة الحزينة من تاريخ ليبيا».
وأوضح العقوري في بيان نقله المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بليحق، مساء (السبت)، أن «النظام السابق كان قد بدأ حملة قمع واسعة وغير مسبوقة ضد طلاب جامعتي بنغازي وطرابلس، والمواطنين الليبيين بالخارج بزعم معاداة (الثورة) في ذلك الوقت».
وتحل الذكرى الـ54 لـ«ثورة الفاتح» التي قادها الرئيس الراحل معمر القذافي في الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1969، في سبتمبر المقبل.
ويرى العقوري، أن «حملة نظام القذافي آنذاك استهدفت إسكات أصوات طلاب وطالبات الجامعات الذين كانوا يطالبون بحقوقهم الطلابية المشروعة والمتعارف عليها، كما استهدفت جميع الأصوات الوطنية المعارضة للممارسات الإجرامية للنظام السابق بحق الشعب الليبي».
وعن طبيعة ما جرى في تلك الأثناء، قال العقوري، إن «المجموعات الإجرامية استخدمت بتعليمات من نظام القذافي، أبشع أساليب القتل والتعذيب والإذلال، ونصبت المشانق في مدرجات الجامعات، كما نُظمت محاكم خارج القانون، ليعلن بذلك دخول ليبيا في حقبة من العنف والدم وغياب القانون».
ويروي متابعون لهذه الأحداث أن الأجهزة الأمنية، وما يعرف بعناصر «اللجان الثورية»، استهدفت معارضي النظام بشكل واسع، وشنت حملة مداهمات على جامعتي طرابلس وبنغازي، واعتقلت عدداً كبيراً من الطلاب قبل شنقهم على منصات نصبت في حرم الجامعات والشوارع، وأُجبر المواطنون على مشاهدتها.
ويُعتقد أن شرارة هذه الأحداث اندلعت عقب خطاب ألقاه القذافي، في السابع من أبريل عام 1976. عندما تحدث عن الطلاب الذين «يشوهون الجامعة، ويكتبون على جدران الكليات عبارات ضد نظامه».
وقال: «هؤلاء من أعداء الثورة، وتجب تصفيتهم. أنا بدأت المعركة، ووالله العظيم لن أتراجع حتى ينزف الدم، ويجري في الشوارع مع أعداء الثورة».
وسبق لزهراء لنقي «عضو ملتقى الحوار السياسي» الليبي، القول إنه «من أجل المصالحة الوطنية يطالب البعض بتناسي السابع من أبريل، الذي أطلقت فيه حملات مسعورة للقتل والتصفية، تحت شعارات (نحن شرّابين الدم)، الذي شهد إعدام الطلاب في ساحات الجامعات خلال شهر رمضان أيضاً، والذي تم طمسه من الذاكرة السياسية»، معتبرة أن «النسيان هو خسران معركة الحرية... والذاكرة هي مفتاح نضال الشعوب».
غير أن مصطفى الزائدي أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية، رأى أن ما جرى في «السابع من أبريل، كان حراكاً طلابياً مدنياً، لم تقع فيه حوادث عنف»، كما كان «لإبعاد الجامعة عن التجاذبات الحزبية؛ لكن العملاء يحاولون شيطنة الأحداث التاريخية».
وعلى الرغم من مرور 46 عاماً على الأحداث التي يصنفها ليبيون على أنها «مذبحة»، قال العقوري: «نستذكر في هذه الذكرى عشرات الضحايا الذين تمت تصفيتهم خارج نطاق القانون، والمئات الذين تم سجنهم في أبشع الظروف، كما تمت تصفية المعارضين الليبيين بالخارج في حملة أثرت على صورة ليبيا دولياً». وفيما انتهى العقوري، مترحماً على «أرواح شهداء تلك الفترة العصيبة من تاريخ ليبيا»، دعا إلى «محاسبة المتورطين في تلك الأحداث»، وأكد على أن «تلك الأحداث الرهيبة ستظل دائماً في ذاكرة الشعب الليبي كشاهد على جرائم النظام السابق».
وروى الكاتب والمؤرخ الليبي شكري السنكي، جانباً من الأحداث، وأكد أن السابـع من أبريل ذكرى ما سماها بـ«حفلات الإعدام، التي كان يقيمها القذافي، في هذا اليوم كل عام خلال سنوات حكمه الطويلة البغيضة».
وتابع: «وقائعها كانت تجري في الجامعات والميادين العامة، وفي مناطق البلاد المختلفة»، وأن «الطلبة في جامعتي طرابلس وبنغازي كانوا يساقون ليشهدوا إعدام زملائهم شنقاً في ساحات الجامعــة، عقاباً لهم على تصديهم لقمع الحريات وتغييب القانون، ورفضهم تدخلات السلطة في شأن اتحادهم الطلابي، وصدهم محاولاتها جعل الاتحاد بوقاً لها، فيما عُرف بمظاهرات يناير (كانون الثاني) 1976».
ونوه السنكي بأن «بداية الإعدامات العلنية في الجامعات والشوارع والميادين العامة، كانت في بنغازي»، وقال: «في السابع من أبريل أعدمت سلطات القذافي محمد الطيب بن سعود، وعمر علي دبوب شنقاً في (ميدان الكاتدرائية)، المعروف بميدان الاتحاد الاشتراكي، وفي اليوم نفسه أعدم شنقاً عمر صادق الورفلي المخزومي (مطرب)، بالإضافة إلى أحمد فؤاد فتح الله، وهو عامل مصري الجنسية في ميناء بنغازي، وشاهد المواطنون الموجودون في الميناء ونواحـي ميدان الكاتدرائية مشاهد الإعدام المفزعة، وأرواح هؤلاء الأبرياء وهي تفارق الحياة بعد تعليقهم على حبل المشنقة».
ويرى السنكي أن «حفلات الإعدام توالت في شهر أبريل من كل عام»، مشيراً إلى أن: «مصطفى أرحومة النويري أعدم شنقاً في عام 1984 بجامعة بنغازي، عندما اقتيد إِلى حبل المشنقة ثم تركوه يتدلى، كما أعدم شنقاً رشيد منصور كعبار في الشهر نفسه من ذلك العام بساحة كلية الصيدلة بجامعة طرابلس، بعدما أُنزل من سيارة عسكرية مصفحة، واقتيد إلى حبل المشنقة ظلماً وعدواناً، كما فعل الإيطاليون بجده المجاهد الهادي كعبار».
وتحدث السنكي، عن أن «التصفية الجسدية بالخارج وصلت إلى ما يقارب 30 عملية اغتيال، كان آخرها العملية التي نفذتها العناصر الإرهابية الإجرامية في لندن في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، وكان ضحيتها المعارض البارز الشهيد علي بوزيد».
وانتهى إلى أن عمليات الإعدام كانت تنقل مباشرة على شاشات التلفزيون، ويُرغم الناس على حضورها، وتحدث وسط انطلاق الأهازيج والأغاني والزغاريد والتصفيق، ومن بين الهتافات الشهيرة حينها: «اطلع يا خفاش الليل... جاك السابع من أبريل»، و: «صفيهم بالدم يا قائد... سير ولا تهتم يا قائد»، و«ما نبوش كلام لسان... نبو شنقة في الميدان».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.


مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يزور القاهرة للمشاركة في منتدى الشراكة الروسي– الأفريقي، ما عدّه خبراء تفعيلاً لاتفاقية «الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي» الموقعة بين البلدين، ما يعزز تقارب المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن عدد من القضايا الإقليمية.

ووقع الرئيس المصري ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 «اتفاقية بشأن الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين»، التي تشمل العلاقات التجارية والصناعية وتستمر لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد.

وأعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، مشيراً إلى أهمية «مواصلة تعزيز التعاون المشترك، لا سيما ما يتعلق بمشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع محطة الضبعة النووية، إلى جانب ملفات التعاون الاستراتيجي الأخرى بين البلدين»، بحسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي.

وأعرب وزير الخارجية الروسي عن «تطلع بلاده لمواصلة العمل مع الجانب المصري للارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين لآفاق أرحب، ومواصلة البناء على ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين من تفاهمات لتطوير العلاقات خلال زيارة السيسي لروسيا في مايو (أيار) الماضي»، وفق متحدث الرئاسة المصرية.

وتعمل مصر على إنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 289 كيلومتراً شمال غربي القاهرة، بتمويل وتكنولوجية روسيين.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شارك الرئيس المصري، ونظيره الروسي عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة النووية، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي.

وأكدت عضو مجلس الشيوخ المصري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «أهمية زيارة لافروف للقاهرة لا سيما أنها تأتي في إطار اللقاءات الدورية لتفعيل الشراكة الشاملة بين البلدين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الطاقة تعد أبرز ملامح التعاون الروسي- المصري من خلال مشروع محطة الضبعة النووية».

وأشارت إلى «شراكة متميزة بين البلدين في مختلف المجالات، على رأسها الاقتصاد، الذي يشمل إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بعدّها نقلة في العلاقات، إلى جانب التعاون في مجال الأمن والتكنولوجيا، والتعاون العسكري والأمني بين البلدين والتنسيق بينهما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، والمناورات العسكرية المتكررة بين البلدين».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

وبحسب مراقبين، فإن مشروع «الضبعة» يعزز التقارب بين مصر وروسيا لسنوات مقبلة، وإن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يتطور بصورة سريعة وستكون المنطقة الصناعية الروسية محطة مهمة في هذا التعاون.

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد أكد في مؤتمر صحافي مشترك، الجمعة، مع لافروف، على أهمية «تسريع وتيرة التعاون في المنطقة الصناعية الروسية». وعدّ مشروع «الضبعة» «لحظة تاريخيّة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين». بينما أوضح لافروف خلال المؤتمر أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا وصل العام الماضي إلى 9.3 مليار دولار بزيادة 31 في المائة مقارنة بعام 2023.

وأشار متحدث الرئاسة المصرية، السبت، إلى أن لقاء الرئيس السيسي ووزير الخارجية الروسي تناول عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في قطاع غزة والسودان وليبيا، حيث «جرى التأكيد على ضرورة وقف الحرب في غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع التصعيد في المنطقة، مع الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومقدرات شعوبها».

وفي هذا الإطار «ثمن وزير الخارجية الروسي التنسيق والتشاور السياسي القائم بين القاهرة وموسكو»، مؤكداً أهمية تكثيف هذا التشاور بشأن القضايا محل الاهتمام المشترك، وفق متحدث الرئاسة.

وعلى صعيد الأزمة الروسية - الأوكرانية، أكد السيسي «دعم مصر لكل الجهود الرامية لإنهاء الأزمة عبر الحلول السياسية»، لافتاً إلى «استعداد القاهرة لتقديم كل الدعم اللازم للجهود الدولية في هذا الإطار».

وأوضحت عضو مجلس الشيوخ المصري أن «موقف روسيا قريب من الموقف المصري في كثير من القضايا، ويقترب من التطابق بالنسبة لغزة»، مشيرة إلى أن «الأزمة الأوكرانية لها درجة من الخصوصية، فالتوازن المصري في العلاقات الخارجية أتاح للقاهرة لعب دور وساطة في الإطار العربي والأفريقي، لكن تعقيدات الأزمة لم تسمح لأي جهود وساطة بالنجاح».

وكان لافروف قد أشار في المؤتمر الصحافي مع نظيره المصري، الجمعة، إلى «الاتفاق على توسيع التنسيق السياسي بين مصر وروسيا في المحافل الدولية وفي إطار الحوارات بين روسيا والدول العربية».