الأسد تحدث بلغة «المنتصر» وطرح شروطاً للتطبيع مع أنقرة

موسكو تربط التعاون الاقتصادي بالتقدم على المسار السياسي للأزمة

الأسد والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف يستعرضان حرس الشرف في مطار فنوكوفو بموسكو، 14 مارس (د. ب. أ)
الأسد والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف يستعرضان حرس الشرف في مطار فنوكوفو بموسكو، 14 مارس (د. ب. أ)
TT

الأسد تحدث بلغة «المنتصر» وطرح شروطاً للتطبيع مع أنقرة

الأسد والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف يستعرضان حرس الشرف في مطار فنوكوفو بموسكو، 14 مارس (د. ب. أ)
الأسد والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف يستعرضان حرس الشرف في مطار فنوكوفو بموسكو، 14 مارس (د. ب. أ)

قد تكون أبرز نتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، تلك المتعلقة بتعثر جهود موسكو في الإعلان عن اختراق كبير في مسألة تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة. ربما كان الكرملين يأمل في أن تسفر المحادثات عن اتفاقات واضحة في هذا الشأن، خصوصاً أنه وجه إشارات واضحة اثناء إعداد الزيارة أنه يولي أهمية كبرى لهذا المسار.
كان لافتاً تباين لهجة الطرفين وأولوياتهما خلال جولة المحادثات وبعدها مباشرة.
في الشق المفتوح من الحوار مع الرئيس فلاديمير بوتين، تعمد الأخير وضع مقدمات لا تخفى دلالاتها عندما أشار إلى أن نجاح القوات المسلحة الروسية في تقويض التهديد الإرهابي، يضع الأولوية الحالية لـ»ضمان الاستقرار الداخلي وتحسين الوضع الإقتصادي والمعيشي».
وفي اللقاء الذي جرى بين وزيري الخارجية، شدد الوزير سيرغي لافروف على «نضوج ظروف أكثر ملاءمة للتحرك نحو تسوية سياسية في ما يتعلق بسوريا». وأكد أن «موسكو تسعى للتوصل إلى اتفاقات عادلة تستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254».
في الحالين، تركز الموقف السوري حول الاشادة بـ»الموقف الروسي الثابت حيال ملف السيادة ووحدة الأراضي وضرورة خروج كل القوات الأجنبية غير الشرعية».
تطرق الرئيس السوري في تصريحات صحافية رنانة بعد اللقاء، إلى رزمة من المواضيع التي تتعلق بمكان سوريا، كما يراها هو داخل «المحور الروسي» في مواجهة الحرب العالمية الجديدة. وتحدث عن تحول سوريا إلى واحدة من دعائم «التوازن الدولي الجديد» بعد الحرب الأوكرانية، من خلال فكرته حول توسيع حجم ونوعية القواعد العسكرية دائمة الحضور في بلاده.
تحدث أيضا عن اتفاقات على تعاون اقتصادي وتجاري كبير. وصعٌد لهجته ضد سياسات الولايات المتحدة، وأكد اعتراف بلاده بـ»الحدود الروسية الجديدة»، وسخر من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي ووصفه بأنه دمية لدى الغرب.
وتطرق الأسد إلى كل المواضيع المطروحة على الاجندة الدولية، بصفته جزءاً أساسياً من محور الحرب الروسية الجارية حاليا، لكنه لم يذكر كلمة واحدة عن التسوية السياسية في سوريا، ولم يتحدث بحرف عن الحوار بين ومع السوريين، ولا عن اولويات تحسين الاوضاع المعيشية الكارثية في بلاده، ومعالجة ملفات مهمة مثل نقص الطاقة.
في المقابل، حافظ الأسد على مواقفه المعلنة حول موضوع التطبيع مع تركيا، وجدد شروطه للقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. والأكثر من ذلك أنه سخر من تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي أكار حول أن الوجود التركي في سوريا ليس احتلالاً، ورأى فيه «لهجة من القرون الماضية عندما كانت القوة العسكرية تحدد مساحة نفوذ الدولة»، متجاهلاً أن نفس الموقف طرحته روسيا عندما اكدت استعداد تركيا للانسحاب وفقا لتفاهمات تلبي مصالح الطرفين الامنية.
عموما، يمكن الانطلاق من البيان الصادر عن الكرملين لتحري النتائج الأكثر دقة للقمة الروسية - السورية، خصوصا أن كل التصريحات الروسية الرسمية تجاهلت الأفكار التي طرحها الأسد للتموضع السوري في المواجهة الروسية مع الغرب.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الرئيسين ناقشا خلال 3 ساعات رزمة من الملفات، بينها قضايا التعاون في المجال العسكري التقني وتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة.
وفقا للناطق الرئاسي، فإنه «بشكل عام ، بنتيجة المحادثات ، تم اتخاذ قرار من المحتمل أن يسمح في الأسابيع أو الأشهر القادمة بالتوقيع على وثيقة مهمة للغاية بشأن زيادة تطوير التعاون التجاري والاقتصادي. أما بالنسبة للتعاون في المجالات الحساسة ، مثل التعاون العسكري التقني ، فقد نوقش بالطبع أيضًا».
ووصف بيسكوف المفاوضات بأنها «جوهرية للغاية». وأشار إلى أن بوتين والأسد استمعا أيضا إلى تقارير كبار الموظفين ، ومنهم رئيس اللجنة الحكومية الدولية للتعاون التجاري والاقتصادي إيريك فايزولين ، ووزير مالية الاتحاد الروسي أنطون سيلوانوف.
وقال بيسكوف إن الاجتماع تطرق أيضا إلى موضوع تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا ، وحدد أنه «لا يمكن الإعلان عن جميع نتائج المفاوضات لأسباب واضحة».
وردا على سؤال حول لقاء محتمل بين رئيسي سوريا وتركيا ، أشار المتحدث باسم الكرملين إلى أن «مثل هذا الاجتماع يجب أن يسبقه عدد من الاتصالات على مستوى مجموعات العمل» وأن «العمل في هذا الاتجاه جار وسوف يستمر».
ويظهر في تعليق الكرملين على نتائج المحادثات بوضوح، حجم التباين في فهم طبيعة العلاقة وأولويات المرحلة المقبلة.
وقال مصدر دبلوماسي روسي لـ»الشرق الأوسط»، إن ثمة «استغراباً من سلوك الأسد الإعلامي وحتى سلوكه أثناء جولة المفاوضات» حيث كان واضحا «عدم استعداد الرئيس السوري للخوض في مبادئ الحل السياسي، وظهر أنه غير مدرك لأهمية الخطوات الروسية في اطلاق مسار التطبيع مع أنقرة بصفة أن هذه الخطوة تضع في ملف واحد متكامل رزمة من القضايا ذات الأولوية تبدأ من مواضيع اللاجئين ولا تنتهي عند ضمان أمن وسيادة سوريا في مناطقها الحدودية بما يفتح على ملف التسوية النهائية».
ورأى المصدر أن المؤسف أن «الرئيس السوري لا يظهر ادراكاً ان الوضع في منطقة خفض التصعيد في ادلب ليس مستقرا، وان التنسيق مع تركيا مطلوب كضمانة اساسية لترتيب هذا الامر لاحقا».
عموما، وفقا للمصدر المطلع على المحادثات، «تم ابلاغ رسالة واضحة للقيادة السورية بضرورة التعامل بشكل جدي وايجابي مع الملفات المطروحة، وانطلاقا من ذلك تم التوافق على ان يبدأ مسؤولون سوريون وأتراك بلقاءات خلال الفترة القريبة المقبلة».
في ملف التسوية السياسية، تم التأكيد من جانب موسكو على «قواعد التسوية القائمة على القرار 2254 ومخرجات مؤتمر سوتشي، والدور الأساسي للأمم المتحدة».
أما ما يتعلق بملف التعاون الاقتصادي التجاري الحيوي جدا بالنسبة إلى سوريا حاليا، فقد حمل كلام بيسكوف عن احتمال أن يوقع الطرفان «اتفاقا بالغ الأهمية حول التعاون الاقتصادي التجاري خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة» دلالات مهمة، لجهة تأكيد أن موسكو ربطت عمليا التقدم في الملف الاقتصادي بتحقيق نتائج عملية على المسار السياسي، وخصوصا في المسائل التي تقترحها موسكو وعلى رأسها حاليا موضوع التطبيع مع أنقرة.
في هذا المجال، أعاد المصدر الدبلوماسي التذكير بأنه «في الفترة السابقة امتنعت وزارة المالية الروسية عن الاستجابة لطلبات اللجنة الاقتصادية الروسية والسورية، الخاصة بتمويل بعض المشاريع او اعطاء قروض، نظرا لعدم توفر ضمانات بسبب الوضع الداخلي عدم المستقر في سوريا والذي نتيجته لا تتوفر الشروط المتعارف عليها والمطلوبة للقوانين الخاصة بروسيا و تعاملها التجاري الاقتصادي مع الدول الاخرى».
وزاد أنه «لذلك هذا الوضع يتطلب قرارًا خاصًا توافق عليه سلطات المراقبة الخاصة للحفاظ على القوانين الفدرالية».
وقال الدبلوماسي إنه «بالاضافة الى ذلك هناك تساؤلات من عدد من البرلمانيين الروس، لماذا تقدم روسيا مساعدات في الوقت الذي لا تتجاوب السلطات السورية مع مساعي روسيا للتسوية السورية؟».
وأعرب عن قناعة بأن «الرئيس بشار الاسد استوعب خلال هذه الزيارة إنه لا يمكن ان يبقى الوضع على ما هو عليه. والمساعدات ستبقى محدودة طالما لم تتوفر الشروط والوضع الذي يتناسب مع الشروط الروسية لتنمية العلاقات مع الدول الاخرى».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.