يقطف مقدم البرامج اللبناني هشام حداد استوديو عريضاً في «إم تي في» بمحتوى يقارب ما قدمه لمواسم في «إل بي سي آي». يُجدّد، لكنه ينقل «لهون وبس» (برنامجه السابق)، مضافة إليه فقرات «عادية»، إلى ما يعده التجديد. يمتهن الإضحاك ويجيد إدخاله إلى المنازل، وهذا عند كثيرين صحيح. هو ممن يحاولون مسح بعض الهَم والتعويض على المتعبين بأمسية ترفيهية. ينجح حين لا يُفرط في الخلط بين المزاح والمبالغة.
كأنّ النقلة كلّفت ما بدا أنه بيان اعتذار وإعلان ولاء. «تطرُّف» حداد في المواقف يضعه في موقف محرج. فهو حين شنّ هجوماً على «إم تي في» انتصاراً لـ«إل بي سي آي»، استخدم جميع «الأسلحة». وصل به الأمر إلى حدّ التجريح. وأُخذ عليه المسّ بأخلاقيات الزمالة، ومع ذلك لم يكترث. تذرّع بالكوميديا لما بدا أنها «تصفية حسابات» بين محطتين متنافستين، فاتخذ طرفاً وتحوّل صندوق بريد. لكنّ الدولاب دوّار، وحين التقت المصالح عاد إلى ميدان «الخصم» جندياً في جيشه.
المسألة ليست في انتقال مذيع من محطة إلى أخرى، فالمهن عرض وطلب. يصدُق حداد حين يُذكّر بأنّ أساطير كرة القدم يتنقلون بين الفرق ولا تعيب المرء الاستجابة لعروض سخية. ومحق حين «يبرر» قائلاً إنه لم يسفك دماً ولم يعقد صفقات مؤذية كتلك الدارجة في السياسة اللبنانية. سمّاه «انتقالاً مهنياً»، لكن ما فاته أنّ للجمهور ذاكرة، وقد تابعه في مواسم برنامجه وهو يذمّ في «إم تي في» وناسها، ويحتدّ غضباً دفاعاً عن «إل بي سي آي»؛ وفجأة يغادر، مصطحباً الفرقة الموسيقية، مع أمل طالب وإيلي شمالي.
حلقتان عُرضتا من جديده «كتير هلقد»، اتخذ من الأولى مساحة عريضة للتهكم المبطّن على أيام أمضاها في المحطة المنافسة؛ ويمدح، بشيء من المبالغة، المكان المضيف. أحب الناس هشام حداد لقربه منهم ومن البساطة الجميلة. رأوا فيه «فشة خلق» تعاند ضغوط الأحوال العصيبة. وانتظروه كل أسبوع. فهو إن أضحَكَ بصدق، لأنه بعضٌ من الطيبين في بيوتهم المتواضعة، الباحثين عن أوقات حلوة. إن خسر هذا الرصيد، أفلس.
يتغزّل بالاستوديو الواسع والمسافة الفاصلة بينه وبين جاد أبو كرم، مساعده في التقديم والمُعلّق الطريف، سريع البديهة. وعلى سبيل الدعابة، يقترح وضع مرميين للعب «الفوتبول» في الاستراحة. يبهره حجم المكان، وهو يقدّم في حيّزه محتوى لم يتجدد. «كتير هلقد» هو «لهون وبس» وإن اختلف الديكور واتّسعت الأمتار. التجديد ضئيل، أتى بالكوميديين جورج حريق وطوني خياط من أجله. وأضاف إلى فقرة الضيف أكثر الأسئلة الشائعة عنه على «غوغل». الخلاصة، عموماً، تفتقد لمعة.
قد يكون الردّ أنّ الجمهور أحب الرجل في هذا القالب، فلِمَ يبحث عن آخر ربما لا يلقى التصفيق الأكيد؟ هذه وجهة نظر قابلة للنقاش. حداد يعلم تعلّق الناس بدوره الكوميدي. اعتادوه على الشاشة وبات جزءاً من مواعيدهم الثابتة. لذلك، يتمسّك بروحية «لهون وبس» ولا يرى حاجة إلى تغييرات جذرية. يُبقي على الركائز مع لمسات قد لا تبدو بالنسبة إلى كثيرين فارقة. هذا كافٍ، لاعتبار أنّ المشاهدين ليسوا جميعهم نقاداً. فأكثريتهم لا تكترث أكان اسم البرنامج «لهون وبس» أو «كتير هلقد» ما دام مقدّمه لم يغيّر عاداته: يشاهد فيديوهات تحتمل السخرية، فيسخر.
هذه رسالة إيلي شمالي بالنزول إلى الشارع وسؤال المزاج العام عن رأيه بنقلة المقدّم من محطة إلى أخرى. بذكاء، مرَّر الرسالة: لا يهم على أي محطة يُعرض البرنامج؛ المهم أنّ نجمه هو هشام حداد. الشمالي عفوي، يستلطف الناس فقرته، لكن لا بأس بأن يطال النضج المحتوى، من دون أن يقفده حسّه الفكاهي، فيتجاوز كونه قائماً على «الاستهزاء» بالمارة على الكورنيش و«التنمّر» المستتر على درجات ذكائهم.
أتاحت برامج رأس السنة توافر مواد مثيرة للضحك، أحسن حداد استعمالها فأغنت الحلقة الثانية. بدا الإضحاك في الحلقة الأولى هشاً، لضعف المواد المُساعدة. حديثه عن المونديال ومآسي الوضع الاقتصادي والفراغ الرئاسي، انتهى ببسمة عابرة. أسعفته توقعات المنجّمين وساعات الجوائز الطويلة على الشاشات قبل وداع عام والالتحاق بآخر، فعلّق على طريقته وترك العين تغرق بدمع الفرح.
على هذا المستوى، هشام حداد يملأ مقعده. نزول الشيف الشهير أنطوان الحاج إلى الشارع يوم رأس السنة مُحمّلاً بالجوائز، تحوّل على لسانه مادة خصبة للدعابة. لِمَ؟ لأنّ الجائزة قارورة غاز! تحوم النسوة حوله بما يختزل، بطرافة، تفاقم الوجع اللبناني. ومن فرط الاعتداد بقيمة الجائزة، راح يسأل: «ما الطبخة الأولى التي تودّين طهيها بعد ربح القارورة؟!». أنبكي أم نضحك؟
صنع حداد من الفقرة قهقهات عالية. تلي الضحكات استقبال ضيف الحلقة. حضر معتصم النهار في الأولى وزياد برجي في الثانية. جرّب محاورهما الحرج والحصول على سبق. النجم السوري راقٍ في الفراق والوفاق، أعلن الحب لطليقته وقدّم نموذج المحترمين بعد الانفصال. برجي في الألحان والغناء أحلى منه في الخلاف.
هشام حداد ينقل «لهون وبس» إلى «كتير هلقد»
يحطّ في «MTV» بمحتوى يحافظ على النسخة القديمة
هشام حداد ينقل «لهون وبس» إلى «كتير هلقد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة