هكذا بدأوا مع جنوب أفريقيا

(تحليل إخباري)

TT

هكذا بدأوا مع جنوب أفريقيا

على الرغم من الهجوم الإسرائيلي الشرس على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي اتخذ ليلة الجمعة - السبت، ونغمة الاستخفاف والاستعلاء التي رافقت ردود الفعل الأولية عليه والشتائم، فإن تل أبيب قلقة للغاية منه. فهي تدرك أن الحملة العالمية ضد نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، بدأت في حينه بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973. واستغرق الأمر حتى سنة 1990، التي سقط فيها نظام الأبرتهايد.
لم تكن في حينه محكمة جنائية دولية للمحاسبة على جرائم الحرب، فهذه الصلاحية تأسست في سنة 2002 وفق ميثاق روما. والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوتين فيها، لذلك فإن قراراتها لا تلزم إسرائيل. والمحكمة لا تستطيع أن تحاكم إسرائيل. ومع ذلك، فإن القيادات الإسرائيلية، من الائتلاف والمعارضة، وفي مقدمتهم رئيس الدولة يتسحاك هيرتسوغ، ورئيسا الحكومتين السابق والحالي، يائير لبيد وبنيامين نتنياهو، بذلا جهوداً خارقة لمنع صدور القرار بشكله الحالي، لأنهم يعرفون تماماً كيف ستكون تبعاته على المكانة الدولية وسيواصلون العمل ضد قرارات مقبلة.
وفي حال اتخاذ قرار في المحكمة يقول إن إسرائيل تقوم باحتلال استعماري في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتسعى لتغيير الوضع الديموغرافي عن طريق طرد مجموعات عرقية (فلسطينية) ونقلها من مكان إلى مكان، وتسلب الأرض لتقيم مستوطنات لليهود عليها، واتخذت قراراً أحادياً بضم القدس والجولان إلى تخوم حدودها، وتدير نظم حكم وقوانين تميز اليهود وتمنحهم حقوقاً تفوق على الفلسطينيين، فإن كل واحد من هذه القرارات وكلها مجتمعة، ستكون بمثابة إدانة بجرائم حرب وإدارة نظام أبرتهايد.
المتوقع أن تحتاج المحكمة إلى سنتين حتى تبت في هذه المسائل، وإذا واصلت إسرائيل سياسة «عدم التعاون» مع المحكمة ووضع العراقيل، فيمكن أن تمتد لفترة أطول قليلاً. والقرار الذي يمكن أن يصدر سيكون بمثابة رأي استشاري فقط، كخطوة أولى. لكن رأياً كهذا من محكمة كهذه، يمكن أن يتحول إلى سلاح بأيدي المنظمات الدولية، وكذلك دول العالم المختلفة، لمحاربة السياسة الإسرائيلية وحتى محاكمة شخصيات إسرائيلية متورطة بتنفيذ تلك السياسة.
وحسب رأي المحامي ميخائيل سفراد، المستشار القانوني لحركة «سلام الآن»، التي تعد واحدة من المنظمات الإسرائيلية التي تكافح سياسة الاحتلال والاستيطان وتتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وتزودها بالمعلومات عن الممارسات الإسرائيلية في المناطق المحتلة، فإن المحكمة الدولية يمكن أن تفتح الباب أمام إجراء تحقيق حول ممارسات إسرائيل، وهذا التحقيق يمكنه أن يتوصل بسهولة إلى الاستنتاج بأن هذه الممارسات تعد جرائم حرب أو جرائم أبرتهايد. ويضيف: «مثل هذا الرأي لن يكون ملزماً لإسرائيل بشيء، ولكنه سيكون ذا أثر ثقيل جداً على مكانة إسرائيل الدولية، ولن يكون مجرد وثيقة أخرى تدين إسرائيل. فعلى سبيل المثال، يحظر على دول العالم أن تقاطع المتاجرة مع إسرائيل. ولكن، إذا صدر قرار بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، فإن هذا القرار سيكون أساساً قانونياً يبرر مقاطعة إسرائيل ويجعل لها أساساً قانونياً فيقولون: نحن نقاطعها لكي تتوقف عن خرق القانون الدولي».
وتتوقع الباحثة بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، بنينا شربيت باروخ، التي شغلت في الماضي منصب رئيسة دائرة القانون الدولي في النيابة العسكرية بالجيش، قراراً شديد اللهجة ضد إسرائيل في المحكمة. ولكن، مدى حدة القرار سيتوقف على أداء حكومة نتنياهو. فإذا اتخذت قرارات تلائم التصريحات التي يدلي بها الوزراء وتنفذ فيها الاتفاقيات الائتلافية، مثل توسيع الاستيطان أو المساس بالفلسطينيين، فإن القرار سيكون أكثر حدة وشدة. وبالتالي سيلحق ضرراً أكبر بإسرائيل.
وعليه، فإن قرار الجمعية العامة سيكون واحداً من مواضيع الاشتباك الداخلي الكثيرة التي ستشهدها إسرائيل بين الحكومة وأحزابها اليمينية المتطرفة من جهة، ودوائر الدولة العميقة التي لا تريد أن تكون في مقام نظام جنوب أفريقيا، ولا أن يلاحق قادتها في القضاء العالمي. والحل الذي اقترحه أحد الوزراء الإسرائيليين، السبت، بتحويل معارضي قرار الأمم المتحدة إلى «مجموعة العالم المتنور التي تحارب الفلسطينيين الرفضيين»، يثير السخرية حتى في تل أبيب. إذ إن دول أوروبا التي صوتت ضد القرار، لن تستطيع منع محاكمها من اعتقال مسؤول إسرائيلي في حال تلقي أدلة بأنه قاد الجيش في عملية هدم بالضفة الغربية. وهناك عدة حركات سلام إسرائيلية، لا تريد لدولتها أن تكون دولة احتلال وأبرتهايد، تعلن من الآن أنها ستتعاون مع المحكمة الدولية وتزودها بأسماء وأدلة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

مقتل 20 فلسطينياً بضربة إسرائيلية على مركز للنازحين بغزة

فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
TT

مقتل 20 فلسطينياً بضربة إسرائيلية على مركز للنازحين بغزة

فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)

أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، الأحد، بأن 20 فلسطينياً قتلوا، بينهم أطفال، وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة غرب خان يونس، جنوب قطاع غزة.

ونقلت الوكالة عن مراسلها أن «قوات الاحتلال قصفت مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بجوار مجمع ناصر الطبي، غرب مدينة خان يونس، تؤوي نازحين، ما أدى لاستشهاد 20 مواطناً من عائلة طافش، بينهم أطفال، وإصابة آخرين». بينما قال مسعفون إن 15 فلسطينياً على الأقل قتلوا وأصيب آخرون في غارة على مركز لإيواء النازحين في خان يونس بقطاع غزة، وفقاً لوكالة «رويترز».

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و976 قتيلاً، إلى جانب 106 آلاف و759 إصابة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.