هل طوت الجزائر أزمتها مع مدريد حول نزاع الصحراء؟

الرئيس الجزائري مستقبلاً تشارلز ميشال رئيس «المجلس الأوروبي» (د.ب.أ)
الرئيس الجزائري مستقبلاً تشارلز ميشال رئيس «المجلس الأوروبي» (د.ب.أ)
TT

هل طوت الجزائر أزمتها مع مدريد حول نزاع الصحراء؟

الرئيس الجزائري مستقبلاً تشارلز ميشال رئيس «المجلس الأوروبي» (د.ب.أ)
الرئيس الجزائري مستقبلاً تشارلز ميشال رئيس «المجلس الأوروبي» (د.ب.أ)

هل طوت الجزائر أزمتها الطاقوية ذات الخلفية السياسية مع مدريد؟
الجواب على هذا التساؤل جاء في تصريحات تشارلز ميشال، رئيس «المجلس الأوروبي»، الذي أكد لوكالة الأنباء الإسبانية الخاصة «يوروبا برس»، أمس، أنه «لا يوجد تهديد من جانب الجزائر بشأن إمداد إسبانيا بالغاز». كما أبرز شارلز أن مباحثاته التي أجراها في الجزائر مطلع الشهر مع الرئيس عبد المجيد تبون تناولت «إمكانية رفع حصة أوروبا من الغاز الجزائري عن طريق إسبانيا». مشيراً إلى أنه لم يحصل على تأكيد من طرف المسؤولين الجزائريين بخصوص زيادة إمدادات الغاز إلى إسبانيا من عدمه.
ولأول مرة منذ بداية الأزمة بين البلدين المتوسطين في مارس (آذار) الماضي، تلوح في الأفق مؤشرات على نهاية التوتر الحاد في علاقات البلدين، والذي نشأ بعد أن انتقدت الجزائر مدريد بشدة، حينما أعلنت تأييدها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء. علماً بأن الجزائر تؤيد فكرة استفتاء تقرير المصير لإنهاء النزاع، الذي كان سبباً غير مباشر في قرارها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس (آب) 2021.
وأكد المسؤول الأوروبي على «التزام الجزائر بإمداد أوروبا بالغاز (...) ولم أسمع من المسؤولين في الجزائر أي تهديد بقطع الغاز عن إسبانيا، بل بالعكس من ذلك، لمست أن الجزائر تعد شريكاً موثوقاً في تموين كامل أوروبا بالطاقة». ويفهم من كلام ميشال أن الحكومة الإسبانية كانت تتوقع أن تراجع الجزائر عقود الغاز التي تربطها معها، أو على الأقل إعادة النظر في الأسعار، في سياق عقوبات اقتصادية اتخذتها ضدها، ومنها وقف استيراد منتجات ومواد زراعية ولحوم الماشية.
كما تحدث ميشال عن و«جود إمكانية لزيادة إمدادات الغاز لإسبانيا»، مبرزاً أن الطرف الأوروبي بصدد مناقشة ذلك مع نظيره الجزائري. كما أشار إلى أنه من الممكن اللجوء إلى خيار إقامة خط أنابيب غاز جزائري ثانٍ لجلب الغاز إلى إيطاليا، مع فكرة تحسين الربط الكهربائي بين الجزائر والقارة الأوروبية. وقال بهذا الخصوص: «توجد صعوبات تواجهها أوروبا بخصوص إبرام عقود واتفاقيات لتوريد الغاز، طويلة الأمد، وفق ما تريده الجزائر وغيرها من الدول المصدرة».
وكان ميشال قد صرح عقب لقائه الرئيس الجزائري في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي، أنه «من الضروري مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، من خلال تحديد الأولويات المشتركة، بما يعود بالمنفعة المشتركة على الطرفين». لكن الجزائر تعتبر «اتفاق الشراكة» مجحفاُ بالنسبة لها، وذلك منذ بدء تنفيذه في 2005. باعتبار أنه جعل منها سوقاً مفتوحة للمنتتجات الأوروبية، من دون أن تتمكن بضاعتها من دخول أسواق القارة القديمة.
يشار إلى أن الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» للطاقة، كلاوديو ديسكالزي، صرح الأربعاء الماضي أن إمدادات الغاز من الجزائر والنرويج «توفّر شتاءً دافئاً لروما إذا كانت درجات البرودة في نطاقها المعتاد». مبرزاً أن حجم تدفقات الغاز الجزائري إلى إيطاليا تضاعف في الآونة الحالية، مقارنة بالمعدلات السابقة.
وفي شهر مارس الماضي، سحبت الجزائر سفيرها بمدريد، بعد إعلان انحيازها إلى مقترح الرباط لحل النزاع الصحراوي المستمر منذ 1975، تاريخ خروج إسبانيا من الأراضي الصحراوية المغربية. وقالت الخارجية الجزائرية يومها إنها «استغربت الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة بالصحراء، وعليه قررنا استدعاء سفيرنا في مدريد فوراً للتشاور». وبعد أسابيع من ذلك نقلت الجزائر سفيرها إلى فرنسا، وبقي المنصب في مدريد شاغراً في مؤشر على انسداد حاد في العلاقات بين البلدين.
ولاحقاً، أبلغت الجزائر إسبانيا قرارها برفع أسعار الغاز، الذي تصدره لها عبر أنبوب يربط صحراءها بجنوب أوروبا. وتعهدت بإمداد إيطاليا بكميات كبيرة من الطاقة في السنوات المقبلة لتعويض الغاز الروسي، مما أوحى بأن هذا الإجراء سيكون على حساب حصة إسبانيا من الغاز.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.