بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* الغذاء الغربي وسرطان القولون
من الأخطاء الشائعة في معظم مجتمعات العالم المتقدمة منها والنامية التوجه المستمر للتحول إلى النظام الغذائي الغربي الغني بالدهون والفقير في محتواه من الألياف.
لقد لاحظ العلماء والباحثون، حديثا، أن معدلات الإصابة بسرطان القولون هي أعلى بكثير بين الأميركيين الذين هم من أصل أفريقي (65: 100.000)، منها بين أقرانهم من المناطق الريفية بجنوب أفريقيا (أقل من 5: 100.000). ويرتبط ارتفاع تلك المعدلات بارتفاع الاستهلاك في البروتين الحيواني والدهون، وانخفاض استهلاك الألياف. ومن البديهي أنه أصبح معروفا لدى غالبية الناس أن نوع النظام الغذائي الذي يتبعه الشخص يؤثر بشكل عام في صحته إيجابا أو سلبا ويزيد بشكل خاص خطر الإصابة بسرطان القولون.
لقد أثبتت دراسة أميركية بريطانية مشتركة نشرت في العدد الأخير من مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» (Nature Communications) في 28 أبريل (نيسان) الماضي مدى قوة هذا التأثير ومدى سرعة ظهوره، حيث وجد الباحثون آثارا وتغيرات كبيرة خلال أسبوعين فقط بعد تغيير النظام الغذائي. وقام علماء وباحثون من جامعة إمبريال كوليدج في لندن وجامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا بعمل دراسة على مجموعتين من المتطوعين الأصحاء في منتصف العمر، 20 أميركيا من أصل أفريقي و20 شخصا آخرين من ريف جنوب أفريقيا. تبادلت المجموعات الوجبات الغذائية تحت إشراف دقيق وظروف مضبوطة بإحكام، بحيث إن الأفارقة تناولوا النظام الغذائي الغربي الغني بكميات عالية من البروتين والدهون، في حين استهلك الأميركيون الكثير من الألياف وكميات قليلة من الدهون والبروتينات على الطراز الأفريقي.
قام الباحثون، قبل وبعد الدراسة، بفحص منطقة القولون لجميع المشاركين مستخدمين جهاز تنظير القولون (colonoscopy)، ثم أجروا تحليلا لعينات البكتيريا وتحديد خطر الإصابة بسرطان القولون باستخدام عدد من المؤشرات الحيوية. في بداية الدراسة وجد الباحثون أن ما يقرب من نصف الأميركيين لديهم أورام حميدة (polyps) - والتي يمكن أن تتطور مستقبلا إلى سرطان - وفي المقابل كان جميع الأفارقة خالين من هذه الأورام الحميدة.
وبعد تبادل النظام الغذائي بين المجموعتين، وجد أن التغييرات الغذائية قد أدت إلى إحداث تغييرات متبادلة ملحوظة في المؤشرات الحيوية، فثبت أن مجموعة الأميركيين انخفضت لديهم مستويات الالتهاب وكذلك المؤشرات الحيوية لخطر الإصابة بالسرطان بدرجة كبيرة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت بشكل كبير عوامل خطر الإصابة بالسرطان في المجموعة الأفريقية.
وبطبيعة الحال، فإن هذه الدراسة وحدها لن تكفي ليجزم الباحثون وبشكل قاطع بأن تغيير النظام الغذائي قد منع أو تسبب في الإصابة بحالات من سرطان القولون في كل مجموعة على حدة. لكن هذه النتائج تظهر أن أي تغيير في النظام الغذائي يمكنه أن يحدث تأثيرا على نسبة خطر الإصابة بسرطان القولون خلال فترة قصيرة، وبالتالي فإن التوصية العلمية تشير إلى أنه لم يفت الأوان لتغيير النظام الغذائي لأي واحد منا، كما أن هذه النتائج تثير مخاوف العلماء بجدية كبيرة بشأن التغريب المتزايد في الوجبات الغذائية في بلدان العالم خاصة البلدان الأفريقية، أي تحولهم إلى النظام الغذائي الغربي.

* علاج البدانة جراحيًا
من الملاحظ غالبا أن الرجال أقل عناية واهتماما بالنواحي الصحية والمحافظة على تناسق الجسم، لا من أجل الجمال فحسب بل من أجل الوقاية من الأمراض ومضاعفاتها، وهذا يعتبر أحد الأخطاء الشائعة عند الرجال، في حين أن النساء هن على عكس ذلك تماما، وهو أمر حميد ومطلوب. ومما يؤيد ذلك أن جميع الدراسات الوبائية في الولايات المتحدة تظهر توزيعا متساويا بين الجنسين، الذكور والإناث، من حيث الإصابة بالبدانة. ولكن على الرغم من ذلك، تشير الأدبيات إلى أن ما يقرب من 80 في المائة من المرضى الذين يخضعون لجراحات علاج البدانة هم من الإناث. فما هي العوامل التي تكمن وراء هذا التفاوت بين الجنسين؟
إن نتائج أحدث دراسة أجريت بهذا الخصوص، ونشرت بتاريخ 12 مارس (آذار) 2015 في العدد 3 من المجلد 25 من «مجلة تقنيات المناظير الجراحية المتقدمة» (Journal of Laparoendoscopic & Advanced Surgical Techniques)، تشير إلى أن عدم الاهتمام وقلة الوعي الصحي لدى الرجال يفترض أن يكون أحد أسباب هذا التفاوت.
تم إجراء تحليل بأثر رجعي لعينة من المرضى المنومين الذين يعانون من السمنة المفرطة الذين خضعوا لجراحة تقليدية مفتوحة أو بالمنظار لتكميم المعدة أو سواها من الوسائل. وحلل فريق الدراسة (علماء من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو) بيانات 190705 من المرضى في الولايات المتحدة الذين خضعوا لعلاج البدانة جراحيا بين عامي 1998 و2010. وظهر أن 80 في المائة من العمليات الجراحية أجريت في النساء، و20 في المائة فقط في الرجال.
ووفقا لهذه الدراسة فإن العوامل الثقافية هي أيضا المسؤولة عن هذا التقصير عند الرجال، حيث وجد أن النساء كن أكثر وعيا بمشاكل السمنة ومضاعفاتها على الصحة، وبالتالي كن أكثر استعداد لاختيار وتقبل العلاج الجراحي من أجل فقدان الوزن مبكرا دون الانتظار طويلا. في حين أن الرجال يميلون إلى الانتظار حتى حدوث المضاعفات المرضية لاتخاذ القرار.
وهذا ما تؤكده أيضا دراسة قامت بها جامعة ولاية كانساس (Kansas State University) في عام 2014، حيث أفاد 72 - 94 في المائة من الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة بأنهم راضون عن صحتهم ولم يسعوا لطلب المشورة والرعاية الصحية، مقابل فقط 56 إلى 85 في المائة من النساء ذوات الأوزان الزائدة والسمنة.
ووجد في تلك الدراسة أن العمر أيضا يلعب دورا في التوجه للعلاج الجراحي للسمنة، ففي كبار السن البالغين 70 سنة من العمر تغيرت النسبة بين النساء والرجال (80: 20) إلى (70: 30) على التوالي. كما تبين من الدراسة أن النساء، بشكل كبير، كن مؤهلات لمثل هذا التدخل الجراحي من الرجال وذلك في كل الجماعات العرقية المختلفة.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».