تطورات في تشخيص «داء القلب النشواني الأميلويدي» وعلاجه

تداوٍ آمن وفعال ونتائجه مرضية للغاية

تطورات في تشخيص «داء القلب النشواني الأميلويدي» وعلاجه
TT

تطورات في تشخيص «داء القلب النشواني الأميلويدي» وعلاجه

تطورات في تشخيص «داء القلب النشواني الأميلويدي» وعلاجه

إن من أكبر الانتصارات الطبية أن يتمكن العلماء والباحثون من التوصل لوسيلة علاجية تساعد في تخفيف المعاناة من أحد الأمراض القاسية والشديدة التي استعصى على الأطباء علاجها، وأودت بحياة المصابين بها، في كثير من الحالات.
إن أحد تلك الأمراض هو «داء القلب النشواني» أو «الأميلويدي» (cardiac amyloidosis) الذي كان، إلى عهد قريب، يعتبر أحد الأمراض النادرة لصعوبة تشخيصه وانعدام سبل علاجه، وأضحى اليوم مرضا كغيره لحد كبير يمكن تشخيصه مبكرا وعلاج أنواع منه دوائيا مع تحسين نوعية الحياة للمرضى المصابين به.

داء قلبي
حول هذا الحدث الطبي، نظمت شركة «فايزر – السعودية» مؤتمرا افتراضيا خاصا بداء القلب النشواني (الأميلويدي) ترأسه الدكتور إسلام العياري المدير الطبي للأمراض الوراثية والنادرة، وضم مجموعة من الأطباء واختصاصيي أمراض القلب وبعض الكيانات المعنية بالرعاية الصحية بالمملكة، من جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض ومركز الملك فهد لجراحة أمراض القلب بالرياض. قدم المؤتمر لمحةً شاملة عن أحدث التطورات ذات الصلة بداء القلب النشواني (الأميلويدي)، إسهاماً في توفير مستويات رعاية طبية وعلاجية أفضل تجاه هذا المرض النادر.
حضر ملحق «صحتك» هذا المؤتمر وناقش عددا من المتحدثين حول وضع المرض قبل وبعد تطبيق مستجدات التشخيص والعلاج الحديثة.
> ما هو داء القلب الأميلويدي؟ وما معدلات انتشاره؟ أجاب الأستاذ الدكتور كمال الغلاييني أستاذ واستشاري أمراض القلب وكيل كلية الطب جامعة الملك عبد العزيز موضحا أن داء القلب النشواني (الأميلويدي) هو تشخيص نسيجي تندرج ضمنه عدة أمراض مختلفة. ويكمن المنشأ المرضي فيه من خلال ترسب «البروتين النشواني» في الأنسجة الحية والأعضاء، مما يؤدي لنشوء المرض. وسمي بالنشواني لأن صبغة بروتين الأميلويد تشبه صبغة النشا. ومادة الأميلويد هي مادة بروتينية تتكون من خيوط رفيعة دقيقة جداً لكنها قاسية غير متفرعة وغير قابلة للذوبان أو الانحلال وتترسب خارج الخلايا في مكان بعينه أو عدة أماكن وأعضاء داخل الجسم.
وأشار إلى تنامي معدلات المرض مع ازدياد عدد السكان المتقدمين في السن ومع تطور الأدوات التشخيصية، مؤكداً على الدور الهام الذي قد تلعبه الجهود التطويرية العالمية للتعرف على مسببات المرض وإدارته والتعامل معه بفاعلية.
ويتأخر عادة داء القلب النشواني (الأميلويدي) غير الوراثي في الظهور، ويظهر بعد العقد السادس من العمر، وتزداد نسبته في الذكور. ولا يزال معدل انتشاره الحقيقي غير معروف، وقد يكون بسبب عدم تشخيصه في كثير من الحالات. ويعتبر تثقيف المريض ضرورياً لمنع حدوث المضاعفات.

تطور عملية التشخيص
> ماذا ازداد الاهتمام بهذا المرض في الآونة الأخيرة وبالذات في السنوات الثلاث الماضية؟ وكيف تطورت عملية التشخيص؟ أجاب الدكتور سليمان خرابشة الأستاذ في جامعة الفيصل استشاري أمراض القلب ورئيس قسم وحدة القلب الحرجة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض وهو من أوائل من شخص مرض القلب الأميلويدي في المملكة العربية السعودية، موضحا أن تشخيص هذا المرض في السابق كان صعبا ويستلزم أخذ عينة من القلب عن طريق القسطرة وهي طريقة تحمل نوعا من الخطورة إضافة إلى عدم وجود علاج عدا العلاجات الداعمة فقط كمدرات البول، وكان معدل العيش لا يتعدى السنتين أو الثلاث بعد التشخيص خاصةً إذا كان متأخرا.
أما الآن، فمع تطور وسائل التشخيص واستخدام الطب النووي أمكن خلال ساعات تقريبا تشخيص الحالة والبدء بالعلاج وتم تسجيل حوالي 4000 مريض في المملكة.
ومما يساعدنا في التشخيص أن داء القلب النشواني يكون ملازما لقصور عضلة القلب الانبساطي وتكون كفاءة القلب قريبة من الطبيعي، كما أن هناك علامات في تخطيط وتصوير القلب التلفزيوني (إيكو) تشير لتضخم عضلة القلب ولوجود سوائل حول القلب، فتنبه لاحتمال وجود المرض في مراحله الأولى، وقد أمكن تشخيص المرض بين هؤلاء بنسبة 15 - 17 في المائة وبنسبة حوالي 13 في المائة بين مرضى تضيق الصمام الأبهر مع ضغط معتدل.
وهناك أعراض أخرى مهمة تساعد في التنبؤ بالمرض مبكرا، مثل متلازمة النفق الرسغي (carpal tunnel syndrome) التي تسبق ظهور المرض بعشر سنين تقريبا، فيتم اكتشاف المرض في مراحل مبكرة جدا.
ولداء القلب النشواني عدة أنواع، ثلاثة منها تعتبر الأكثر شيوعا عالميا وتمثل 95 في المائة من الحالات.
- الأول، النوع الشيخوخي والذي يؤثر على كبار السن بعد الـ65 ويكون غالبا مصاحبا لهبوط القلب الانبساطي وتجمع السوائل في الرئتين والقدمين.
- الثاني، النوع الوراثي ويصيب الرجال والنساء وتبدأ أعراضه بتنميل في اليدين والرجلين مع مشاكل في الأمعاء وفقدان الشهية والوزن، ويأتي في عمر أصغر.
- الثالث، مرض خلايا البلازما التي تفرز أجساما مضادة تؤدي للترسب، ويأتي بعد سن الخمسين للرجال والنساء.

الفريق المعالج
يقول الدكتور خرابشة إن علاج داء القلب النشواني الأميلويدي يقوم به فريق من الأطباء وليس طبيبا واحدا، حسب الأنظمة المعمول بها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. يتكون الفريق الطبي من طبيب قلب متخصص في هبوط عضلة القلب، وآخر متخصص في تصوير القلب (إيكو)، وثالث متخصص في إلكترو فسيولوجيا القلب، إضافة إلى طبيب أعصاب (قد يبدأ المرض بخدر وتنميل في الأطراف والأصابع)، طبيب أمراض الدم (قد يبدأ المرض بسبب أجسام مضادة تترسب في الجسم)، طبيب كلى (قد تحدث الترسبات في الكلى)، طبيب الأشعة (من أجل التشخيص) ويكون متخصصا في تصوير القلب وبالذات الطب النووي.
إن مريض داء القلب النشواني، عادة، يحتاج للكشف لدى معظم أعضاء هذا الفريق الطبي حتى نصل لوضع التشخيص الدقيق الصحيح ومن ثم يتم إعطاء العلاج الصحيح بالجرعة المناسبة الصحيحة لحالة المريض.
ومن الناحية العملية والإكلينيكية، يبدي الدكتور سليمان خرابشة تفاؤله بنتائج العلاج الحديث المرضية، للدواء الذي تم التوصل إليه قبل ثلاث سنوات، فهناك مرضى بالمستشفى تحت العلاج بهذا الدواء الحديث وما زالوا على قيد الحياة لأكثر من سنة وسنتين وهم في وضع متحسن باستمرار خلافا لما كانت عليه التوقعات قبل هذا العلاج الحديث.

مستجدات العلاج
> ماذا عن علاجات داء القلب النشواني بشقيها العلاج العادي سابقا والعلاج المتخصص حديثا؟ أجابت الدكتورة فخر زهير الأيوبي رئيسة جمعية الصيدلة الإكلينيكية لأمراض القلب في جمعية القلب السعودية والاستشارية الصيدلية في مركز الملك فهد لجراحة أمراض القلب - جامعة الملك سعود – بأن الداء النشواني هو مرض يصيب عدة أعضاء في الجسم ويؤدي إلى اعتلالات عديدة في مختلف الأجهزة، ومنه النوع الذي يصيب عضلة القلب بسبب ترسب بروتينات شاذة خارج الخلايا ويعرف بالداء النشواني القلبي (Cardiac Amyloidosis) ويتميز بترسب الأميلويد (Amyloid) خارج الخلية في جميع أنحاء القلب (الأميلويد من الناحية المجهرية مادة ليفية يبلغ قطرها 10 نانومتر)، فتؤدي إلى زيادة سماكة الجدار البطيني، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط في الأذينين وتوسعهما.
ويطلق على هذا النوع بالمرض النادر لعدة أسباب أولها صعوبة التشخيص، وثانيها عدم وجود أدوية لعلاجه، فلم يكن هناك، حتى عهد قريب، علاج نوعي متخصص ما عدا العلاج الداعم ثم زراعة الأعضاء كالقلب والرئة والكبد والكلية ومع ذلك فإن فرص الحياة كانت ضئيلة وتعد بالشهور.
وحديثا في عام 2018، توفر لهذا المرض علاج فعال وآمن وبأقل المضاعفات الجانبية، تم اعتماده من الهيئات الطبية المسؤولة بأميركا وكندا وأوروبا وأخيرا بالمملكة من قبل هيئة الغذاء والدواء السعودية، يعمل على منع ترسب الأميلويد، المادة المسببة للداء النشواني وتضخم عضلة القلب، وبالتالي تتم المحافظة على كفاءة عضلة القلب.
ولقد تمت دراسة الدواء وجرعاته على مرضى سعوديين وهو آمن وأعطى نتائج جيدة حيث زادت كفاءة القلب وتحسنت جودة حياة المريض بشكل كبير عما كانت عليه سابقا. ويؤدي توفير هذا العلاج إلى منع المضاعفات الخطيرة والمشاكل الصحية العديدة التي تصاحب المرض وتنغص على المريض حياته وتثقل على ميزانية أسرته وعلى الدولة. ولوضع خريطة العلاج، لا بد من معرفة سبب قصور عضلة القلب فلكل مريض طريقة وآلية تختلف عن غيره من المرضى.
يستخدم العلاج على شكل أقراص اسمها تافاميديس Tafamidis بجرعة فموية واحدة 61 مليغراما يوميا لداء القلب النشواني من النوع غير الوراثي. والهدف من إعطاء هذا العلاج الحديث هو السيطرة على المرض مبكرا قبل أن تصل شدته لضرورة التدخل العنيف في العلاج مثل زراعة القلب والأعضاء الأخرى وذلك بمنع الترسبات الجديدة. وبالنسبة للترسبات القديمة فهناك دراسات قائمة على حيوانات التجارب بإعطاء أجسام مضادة لهذه البروتينات تحفز الخلايا الآكلة البالعة (Phagocytes) على أن تبتلع هذه البروتينات وتخلص الجسم منها ولكن نتائجها تستغرق وقتا طويلا.
ويرتكز عمل الدواء على محاور ثلاثة، أولها علاج عضلة القلب وتخفيف السوائل عليها، ثانيا زيادة انقباضية عضلة القلب وليس سرعته حتى يتمكن القلب من ضخ كمية أكبر من الدم إلى الجسم وزيادة تروية الأطراف في الرجلين واليدين، وثالثا تحسين كهربائية القلب وتنظيم النبض.
وخلال العلاج، يجب مراقبة كافة الأدوية التي يتناولها المريض كأدوية تنظيم الضغط والهرمونات التي تعمل على الكلى فهناك أدوية ممنوعة وأخرى يمكن إعطاؤها بحذر شديد ومتابعة دقيقة حتى لا يتأثر منها المريض بدرجة قد تدخله في حالة عكسية تضطره للتنويم في المستشفى.
> دور الصيدلي الإكلينيكي. تؤكد د. الأيوبي على أهمية وجود الصيدلي في العيادة:
- لمشاركة الطبيب المعالج في شرح أبعاد المرض وماهية العلاج وآلية عمل الدواء بلغة مبسطة دون استخدام المصطلحات العلمية.
- التأكد من عدم وجود صعوبة في التنفس أو تورمات في القدمين أو في البطن أو في القلب.
- الوصول مع الطبيب المعالج إلى الجرعة المناسبة التي سيكون لها التأثير والفائدة في الجسم ضد هذا المرض بأقل قدر من الآثار الجانبية.

نجاح العلاج
ولإنجاح فعالية هذا الدواء والحصول على النتائج المتوقعة، يجب مراعاة الآتي:
- أن يكون العلاج متوفرا وبدون انقطاع، وأن يكون سعره في المتناول أو أن تغطيه شركات التأمين أو الدولة (وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول التي تعد على الأصابع في العالم التي وفرت هذا العلاج لمرضى داء القلب النشواني).
- تحديد المريض الصحيح المناسب لهذا العلاج، بحيث لا يعطى الدواء لمريض لا يستحقه أو لم يتم تشخيصه بطريقة صحيحة.
- على الأطباء من كافة التخصصات الطبية الوصول إلى التشخيص المبكر ومعرفة أي نوع هو من أمراض القلب لنحدد كفاءة ونجاح العلاج مع المتابعة بشكل دائم.
- توعية الأطباء خصوصا أطباء الأسرة والرعاية الأولية والكلى والأعصاب وأمراض الدم بأعراض هذا المرض من أجل سرعة التشخيص مبكرا والإحالة إلى العيادة المتخصصة.
- ضرورة تخفيف وتسهيل التعاملات الخاصة بالدواء في القطاع الصحي من التراخيص والموافقات ووضع آلية خاصة لجعله متوفرا للمرضى المحتاجين له.
- امتثال المريض لتعليمات طبيبه المعالج خصوصا فيما يتعلق بوقت أخذ العلاج قبل الأكل أو بعده وعلاقة الدواء مع أدوية أخرى وماذا يعمل لو نسي إحدى الجرعات.
- أن يحفظ العلاج في أماكن حفظ سليمة بعيدا عن الرطوبة وعن متناول الأطفال.
- تثقيف المريض وذويه بآلية عمل العلاج وضرورة الالتزام بأخذه يوميا دون نسيان أي جرعة حتى لا يفشل العلاج ويعود إلى الوسائل الأخرى العنيفة التي نحن بصدد البعد عنها وتلافيها بإذن الله تعالى.

• استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.