أكلات الشتاء وأحاديثه طقوس تبعث الدفء في أجساد أهل فلسطين

محصول نبات الملفوف الشتوي في غزة (الشرق الأوسط)
محصول نبات الملفوف الشتوي في غزة (الشرق الأوسط)
TT

أكلات الشتاء وأحاديثه طقوس تبعث الدفء في أجساد أهل فلسطين

محصول نبات الملفوف الشتوي في غزة (الشرق الأوسط)
محصول نبات الملفوف الشتوي في غزة (الشرق الأوسط)

حول موقد النار ووسط الأجواء الهادئة، يحرص الحاج الغزي أبو محمد شبير على تجميع أسرته لتبادل أطراف الحديث خلال أيام فصل الشتاء الباردة، بينما يُسند لزوجته «مهمة الإبداع» في تحضير المكونات اللازمة لإعداد الأكلات الشتوية التي تمتاز بطعمها اللذيذ والدافئ.
يقول الرجل في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط» إنّ «تفاصيل الشتاء ممتعة، والأكلات التي يُحبّ تناولها في هذا الفصل البارد، معظمها تنحدر أصولها من التراث الفلسطيني والعربي وهي ذات نكهات ممتازة».
ويوضح الرجل الستيني أنّه اعتاد منذ سنوات طويلة على تناول الأطعمة الدافئة في فصل الشتاء وتشمل «الخبيزة، والمفتول، وشوربة العدس، والحمصيص، والمجدرة، والملفوف، والزهرة، والسبانخ، والمسخن، وغيرها من الوجبات التي يرتبط اسمها ببرودة الطقس»، مبيّناً أنّ موائدها تجمع الصّغار قبل الكبار على الرغم من بساطة تكاليف تحضيرها ومكوناتها، وذلك لارتباطها بالتراث والأرض، والذكريات الجميلة في نفوس الفلسطينيين.
وتختلف أصناف الطعام الشتوي في فلسطين باختلاف أماكن السّكن، وفقاً لكلام شبير، ويضيف مثلاً تشتهر مدينة غزة، بأكلات السماقية والرمانية، التي يكثر إعدادها في فصل الشتاء وفي المناسبات السعيدة كذلك، وفي المناطق الريفية يكثر تحضير الوجبات التي يرتبط إعدادها بمكون العدس، متابعاً «بينما المناطق الساحلية فيزيد تناول أهلها من الأسماك المشوية والفسيخ خلال الشتاء، وذلك بسبب انتعاش موسم الصيد، وكثرة الأسماك في أوقات المنخفضات الجوية».
ويبيّن خلال حديثه أنّ بعض الخضراوات التي تعتبر مياه الأمطار عاملاً أساسياً في إنباتها بالشكل الصحيح، تحمل مذاقاً خاصاً كذلك، يذكر منها «نبات الفجل، والبصل الأخضر، والجرجير، والبنجر، والجزر، والبطاطا الحلوة»، لافتاً إلى أنّ بعضاً من أبناء الجيل الجديد يعكفون عن تناول تلك الأطعمة بسبب تطورات الحياة التي حملت معها تغيرات في أشكال وأنواع الطعام، الأمر الذي يهدّد في كثير من الأحيان مستقبل تلك الوجبات، التي يجب علينا كفلسطينيين تعزيزها، كونها من بين الشواهد المهمة على تجذرنا بالتراث.
ولا يقف الاهتمام بالأطعمة الشتوية في فلسطين، على جانب الوجبات الرئيسية، فالمطبخ التراثي الفلسطيني، يَعج بأنواعٍ مختلفة من الحلويات والمشروبات التي يزيد إعدادها في أوقات البرد، وتُحدث أماني زقول (35 سنة)، التي تلقّت خلال الفترة الماضية عددا من التدريبات في أعداد الحلوى، أنّ أشهر الأصناف التي يُقبل عليها الناس، هي «النمورة، والبسبوسة، والكنافة النابلسية، والحِلبة، والعوامة، والقطايف، وغيرها من الأنواع التي يزيد عددها على العشرين»، وفقاً لكلامها.
وتنوه خلال حديثها أنّ أيامها لا تخلو من تجارب إعداد تلك الحلويات لزوجها وأطفالها الثلاثة الذين يُقبلون على تناولها بشكلٍ كبير، وكذلك لا تقدم زقول لضيوفها الذين يزورنها في المنزل، إلّا من تلك الأصناف التي تعدّها بيديها، مشيرة إلى أنّها في الغالب تحظى بإعجابهم، وهو الأمر الذي حفّزها على التفكير بموضوع افتتاح محل خاص بإنتاج الحلوى التراثية الفلسطينية الخاصة بفصل الشتاء: «وهي الآن في مرحلة تجهيز المعدات اللازمة والبحث عن المكان الملائم لمشروعها».
وتشتهر في فلسطين أنواع مختلفة من المشروبات، التي يعدّها الناس لتوفير سعرات حرارية ودفء خاصّ لأجسادهم وقت البرد، منها السحلب، والحلبة المطحونة، والكاكاو الحلو، والينسون، والقرفة المطحونة، والزنجبيل، وغيرها. ويلفت الشابّ إبراهيم موسى الذي يعمل على بيع مشروب السّحلب لطلبة المدارس والمارة في شوارع مخيم جباليا الواقع شمال غزة في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ فصل الشتاء يشكّل مصدر رزق له، ويخلّصه قليلاً من شبح البطالة الذي يحاصره، وذلك كون الناس يقبلون بكثافة على ما يبيعه.
بدوره، يؤكّد الخبير في مجال التغذية عدلي سكيك، أنّ المائدة الشعبية الفلسطينية، التي تشكل جزءاً من الهوية الوطنية، مليئة بالأكلات الصّحية والمفيدة للجسم خاصّة في فصل الشتاء الذي يحتاج لكثير من الدفء بمجرد أن تفرض المنخفضات الجوية طقسها البارد نفسها على المواطنين الفلسطينيين، مستدركاً أنّ «الأكلات والحلوى الشتوية تحتوي على كثير من الفوائد والفيتامينات المغذية والواقية، التي تحمي الجسد من الفيروسات والأمراض الكثيرة التي يمكن أن تصيبه بسبب تقلبات الجو».


مقالات ذات صلة

«الوحوش»... مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـأكثر من 100 دولار

يوميات الشرق «اليونيسكو» أدرجت عام 2017 فن إعداد بيتزا نابولي في قائمة التراث غير المادي للبشرية (رويترز)

«الوحوش»... مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـأكثر من 100 دولار

شنّ مطعم بريطاني حملة جديدة ضد البيتزا بالأناناس، إذ رغم إدراجه إياها في قائمة طعامه، حدد سعراً باهظاً لها هو 100 جنيه إسترليني (أكثر من 123.5 دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

لقاح لمكافحة زيادة الوزن قد يصبح واقعاً... ما القصة؟

اكتشف الباحثون في جامعة كولورادو بولدر الأميركية الآليات اللازمة لإنتاج لقاح رائد يمكن أن يساعد الناس في الحفاظ على وزنهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.