تصنيع خلايا منتجة للإنسولين.. هل يعالج مرض السكري فعلاً؟

90 % من المرضى مصابون بالنوع الثاني منه

تصنيع خلايا منتجة للإنسولين.. هل يعالج مرض السكري فعلاً؟
TT

تصنيع خلايا منتجة للإنسولين.. هل يعالج مرض السكري فعلاً؟

تصنيع خلايا منتجة للإنسولين.. هل يعالج مرض السكري فعلاً؟

الإثارة الإعلامية ونتائج البحوث الطبية لا تجتمعان، وثمة خلل في ترجمة نتائج البحوث والدراسات الطبية إلى لغة مفهومة للقارئ غير المتخصص في المجالات الطبية، وخصوصا عند إعطاء آمال غير واقعية لمرضى يبحثون عن أي جديد يُمكن أن يكون وسيلة لتخفيف معاناتهم من الأمراض التي تُنهكهم في كل يوم. ومن أحدث الأمثلة هو تحول خبر نجاح باحثي جامعة هارفارد في إنتاج كميات من نوعية خلايا «بيتا» (Beta Cells) ذات الأصول الجذعية إلى خبر بعنوان «لا سكري بين البشر بعد اليوم».
إن ما تمكن باحثو جامعة هارفارد من التوصل إليه هو توجيه عملية النمو لنوعية الخلايا البشرية الجذعية المحفزة human Pluripotent Stem Cells hPSC نحو تكوين خلايا شبيهة بخلايا بيتا البنكرياسية وذات قدرة على صنع هرمون الإنسولين البشري Human Insulin - Producing، بمعنى أن النجاح الذي حصل للباحثين هو في تطوير طريقة جديدة تمكن من الإنتاج الواسع النطاق في المختبرات لتحويل الخلايا الجذعية الجنينية إلى خلايا بيتا البنكرياسية التي تعمل عند حقنها في جسم الفأر على إنتاج هرمون الإنسولين البشري، وبالتالي أصبح بالإمكان إنتاج الملايين من تلك النوعية النادرة من الخلايا.

* خلايا إنتاج الإنسولين
وقال الباحثون في ملخص بحثهم المنشور في عدد 9 أكتوبر (تشرين الأول) من مجلة «الخلية» CELL العلمية، إنهم تمكنوا في المختبر من إنتاج فئة خلايا بيتا المُنتجة للإنسولين، وإن هذا يُوفر لنا مصدرًا غير مسبوق يُمكن الاستفادة منه في زرع خلايا بيتا لمرضى السكري. واعترف الباحثون بأنه جرى في السابق وبنجاح إنتاج خلايا مُنتجة للإنسولين من مصادر خلايا جذعية محفزة، ولكنها كانت تفتقر إلى قدرات وظيفية متخصصة تمكنها من محاكاة عمل خلايا بيتا البشرية، وأنهم نجحوا في إنتاج هذه الخلايا التي سموها «خلايا بيتا المستمدة من خلايا جذعية» stem - cell - derived cells SC، والتي تتميز بعدة خصائص، من أهمها أنها تحتوي على نفس علامات خلايا بيتا البالغة وأنها تتأثر وتتفاعل مع نسبة سكر الغلوكوز عبر بوابات تدفق الكالسيوم، وأنها تحوي حزمة من الحبيبات المحتوية على الإنسولين وأنها قادرة على إنتاج وإفراز كمية من الإنسولين تعادل الكمية التي تنتجها خلايا بيتا البنكرياسية البالغة عند إثارة تلك الخلايا لفعل ذلك. وأضافوا أنهم عندما حقنوها في جسم الفئران تمكنت في فترة وجيزة من البدء الفعلي في إنتاج وإفراز الإنسولين، وهو ما جرى رصده في سائل الدم داخل جسم الفئران، ما أدى إلى تنظيم نسبة سكر الغلوكوز لديها، وعلى وجه الخصوص، تمكنت من خفض نسبة سكر الغلوكوز لدى الفئران المُصابة بمرض السكري بالذات. واستطردوا قائلين إن طريقتهم هذه تمكن من إنتاج مئات الملايين من هذه النوعية من الخلايا البنكرياسية.
البحث العلمي هذا ونتائجه هي خطوة إلى الأمام، ولكن السؤال: هل هي خطوة إلى الأمام في أبحاث الخلايا الجذعية التي لا تزال، بواقعية مجردة في التقييم العلمي العملي، لا تزال تراوح مكانها في التطبيقات العلاجية العملية لخدمة المرضى المُصابين بأنواع شتى من الأمراض، سواء في أمراض القلب أو الدماغ أو الأورام أو الكبد أو الكلى أو الغدد الصماء أو غيرها. أم هي خطوة إلى الأمام في معالجة مرض السكري؟ وإن كانت خطوة إلى الأمام في معالجة مرض السكري، في أي اتجاه من اتجاهات معالجة مرض السكري هي كذلك بالفعل؟
بالنسبة للاحتمال الأول، لا داعي في الاستطراد بعرض واقع التطورات في شؤون أبحاث الخلايا الجذعية لأن عناوين الإثارة الإعلامية حول هذه الدراسة لم تكن حولها ولا دعاية لها ولا لتأكيد احتياج بحوث الخلايا الجذعية لمزيد من الدعم المادي أو اللوجيستي. أما بالنسبة للاحتمال الثاني فإن من الضروري إدراك ما يُعرف في الأوساط الطبية بـ«اتجاهات معالجة مرض السكري» كي نتمكن من وضع هذه الدراسة أمام القارئ غير المتخصص في الشؤون الطبية.

* معالجة السكري
مرض السكري يُنقسم إلى نوعين رئيسين، النوع الأول Type 1 Diabetes، والنوع الثاني Type 2 Diabetes، أو نوع إيه A ونوع بيB. النوع الأول، وهو يصيب نحو 10 في المائة فقط من بين مرضى السكري، هو الذي يُصيب الأطفال نتيجة حصول تدمير لنوعية خلايا بيتا البنكرياسية بفعل عوامل عدة أهمها التهابات فيروسية ميكروبية أو تخبط في عمل جهاز مناعة الجسم، يتم في كل منهما بالمحصلة تلف خلايا بيتا البنكرياسية. ونتيجة هذا التلف في خلايا بيتا البنكرياسية ينعدم إنتاج البنكرياس لهرمون الإنسولين، وبالتالي لا يُوجد في الجسم هرمون يُنظم نسبة السكر في الدم، وبالتالي ترتفع نسبته وتتوالى تداعيات ومضاعفات هذا الانفلات في ضبط نسبة السكر بالدم على المدى القريب والبعيد. ومن هنا لا محالة ولا مناص من أن تعتمد المعالجة حصريًا على ضرورة وجود كمية من الإنسولين في جسم هؤلاء المرضى لضبط نسبة سكر الدم. ولأن الجسم لا يُمكن أن يُنتج الإنسولين مطلقًا، يكون العلاج بإدخال الإنسولين إلى جسم المريض.
وإدخال الإنسولين إلى جسم المريض يكون إما بحقن الإنسولين بالإبرة تحت الجلد، أو بالاستنشاق كما جرى أخيرا على نطاق ضيق وفي بعض دول العالم. وإدخال الإنسولين يُمكن كذلك عبر زرع خلايا تستطيع إنتاج الإنسولين، وهناك اليوم طرق متعددة لزراعة هذه الخلايا، إما بزراعة كامل البنكرياس من إنسان متبرع متوفى أو زراعة خلايا بيتا المستخلصة من أنسجة بنكرياس لعدد من الأشخاص المتبرعين المتوفين. ولا داعي في هذا المقال للاستطراد في عرض هذا الجانب، ولكن في سياق هذه النوعية من زراعة خلايا بيتا البنكرياسية تأتي هذه الدراسة، أي أنها أحد الطرق المقترحة نظريًا.
ولا تزال زراعة خلايا البنكرياس بطيئة في تطورها، ومنذ أولى عمليات زراعة البنكرياس قبل أكثر من 40 سنة، لا تزال زراعة البنكرياس غير واسعة الانتشار مقارنة بزراعة الكبد أو القلب أو الكلى أو نخاع العظم أو القرنية، وهناك أسباب متعددة لعدم النجاح هذا في قطاع زراعة البنكرياس أو خلايا بيتا المستخلصة منه، ولا مجال للاستطراد في ذكرها تشعباتها أيضًا.
إذن، فالدراسة هذه هي خطوة للإمام في اتجاه إنتاج خلايا بيتا التي يُمكن أن تكون مصدرًا لكمية منها كي تُزرع بدلاً من استخلاصها من بنكرياس متبرعين متوفين. وعادة يحتاج المريض الواحد إلى 3 بنكرياس من 3 متبرعين متوفين كي نحصل على عدد من خلايا بيتا يُمكنها إفادة المريض في إنتاج حاجته اليومية من الإنسولين.
ثم السؤال، كم من الممكن أن تستمر في الحياة هذه النوعية من خلايا بيتا المُستمدة من الخلايا الجذعية؟، لا أحد يعلم لأننا لم نزرعها بعد في إنسان، بل في فئران، وفي الفئران كما يظهر من عبارات الباحثين لم تعمّر أسابيع وهو ما لا يُمكن أن يتعرض له المريض، أي في كل بضعة أسابيع عملية زراعة. كما أن من غير المعروف مدى حاجة المريض المزروع في كبده خلايا البنكرياس هذه إلى أدوية تثبيط مناعة الجسم التي من الضروري عادة إعطاؤها للمريض إذا جرت زراعة أنسجة من شخص آخر.
هذا كله مع ملاحظة نقطة مهمة، أن مرضى السكري من النوع الثاني، وهم الذين يُشكلون 90 في المائة، وهم الذين يُشكلون غالبية مرضى السكري، ليست المشكلة لديهم هي انعدام إنتاج الإنسولين من البنكرياس لديهم، بل عدم كفاية ما تُنتجه أجسمهم منه بفعل مقاومة أنسجة أجسامهم لمفعول الإنسولين الموجود لديهم، ولذا كل عمليات زراعة البنكرياس أو زراعة خلايا بيتا أيًا كان مصدرها هي ليست ضمن اتجاهات معالجة السكري لديهم، وغالبًا لن تكون كذلك في أي يوم من الأيام مهما تطورت عمليات زراعة خلايا بيتا.
ومع ملاحظة نقطة مهمة أخرى وهي ما ذكرها الدكتور دوغلاس ميلتون، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة هارفارد، بقوله تعليقًا على نتائج الدراسة: «اعتقد أنه قد تبدأ التجارب على الإنسان بعد 3 سنوات من الآن».



تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
TT

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

ووُجد أن تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية، وخفض الكوليسترول، ومؤشر كتلة الجسم، وحجم الخصر.

تمَّت دراسة نحو 380 إسبانياً يعانون من زيادة الوزن، و«متلازمة التمثيل الغذائي» لمدة 3 سنوات، مع جمع البيانات حول صحتهم، وأوزانهم، وعادات تناول الإفطار.

و«متلازمة التمثيل الغذائي» هي مجموعة من الحالات التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل السكتة الدماغية أو النوبة القلبية. علامات «متلازمة التمثيل الغذائي» هي السمنة، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، وكثير من الدهون في الدم. ويُعتَقد بأن نحو 1 من كل 4 بريطانيين بالغين يعانون من هذه المتلازمة.

وجدت الدراسة الإسبانية أن وجبة إفطار كبيرة، تمثل بين 20 في المائة و30 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، كانت أفضل للصحة من وجبة إفطار صغيرة، أو وجبة ضخمة، أو تخطيها بالكامل.

توصي إرشادات «هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية» بتناول 2000 سعر حراري يومياً للنساء و2500 للرجال. ويجب أن تمثل وجبة الإفطار رُبع هذا الرقم، كما أوصت الدراسة بنحو 500 سعرة حرارية للنساء و625 للرجال.

كان مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص المشاركين في الدراسة الذين تناولوا وجبة إفطار بهذا الحجم كل صباح أقل من أولئك الذين تخطوا وجبة الإفطار، وكانت خصورهم أصغر بمقدار بوصة.

وكان الأشخاص الذين تناولوا وجبات إفطار كبيرة (أكثر من 30 في المائة من السعرات الحرارية اليومية الموصى بها) أكبر حجماً من أولئك الذين تخطوها تماماً.

وتضيف الدراسة مصداقية إلى المثل القديم القائل إن وجبة الإفطار من أهم الوجبات في اليوم. وتُظهر البيانات أنها خفَّضت الكوليسترول، بالإضافة إلى مساعدتها على تحسين كمية الدهون بالدم.

وقالت كارلا أليخاندرا بيريز فيجا، مؤلفة الدراسة، من معهد أبحاث مستشفى ديل مار في برشلونة، لصحيفة «التليغراف»: «لقد ركّزنا حصرياً على تحليل وجبة الإفطار، لذلك لا يمكننا أن نستنتج أن وجبة الإفطار أكثر أهمية من الوجبات الأخرى».

وأضافت: «لكنها دون شك وجبة مهمة، لأنها تلعب دوراً حاسماً في كسر فترة الصيام الطويلة؛ بسبب النوم. في دراستنا، تم تضمين الأفراد الذين تخطوا وجبة الإفطار في المجموعة التي استهلكت طاقة أقل من 20 - 30 في المائة الموصى بها من المدخول اليومي».

وأضافت: «أظهر هؤلاء الأفراد زيادة أكثر بالوزن بمرور الوقت مقارنة بأولئك الذين تناولوا وجبة إفطار معتدلة وعالية الجودة. تشير الأدلة السابقة، بالإضافة إلى النتائج التي توصلنا إليها، إلى أن تناول وجبة إفطار صحية منتظمة قد يدعم التحكم في الوزن».