الغرب يقصف مواقع «داعش» و«النصرة» في سوريا... والمقاتلون الأجانب ينددون

اعتبروا أن جرائم الحرب «الحقيقية» ترتكبها قوات الأسد

إحدى المقاتلات الأميركية تقلع من حاملة الطائرات جورج دبليو بوش في البحر (أ.ف.ب)
إحدى المقاتلات الأميركية تقلع من حاملة الطائرات جورج دبليو بوش في البحر (أ.ف.ب)
TT

الغرب يقصف مواقع «داعش» و«النصرة» في سوريا... والمقاتلون الأجانب ينددون

إحدى المقاتلات الأميركية تقلع من حاملة الطائرات جورج دبليو بوش في البحر (أ.ف.ب)
إحدى المقاتلات الأميركية تقلع من حاملة الطائرات جورج دبليو بوش في البحر (أ.ف.ب)

ركزت حملة القصف، التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد المقاتلين المتشددين في سوريا، انتباهها على المقاتلين الغربيين بين صفوف «داعش».
وفي المقابلات التلفزيونية التي بثت هذا الأسبوع، أعرب المواطنون الأميركيون والأستراليون والهولنديون ممن سافروا إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد حكومة الأسد، عن شعورهم بالأسى والمرارة جراء الغارات الجوية التي شنتها دولهم ضد المقاتلين المتطرفين.
ومن داخل سوريا، أجرت شبكة «سي بي إس نيوز» الأميركية مقابلة مع مواطن يحمل الجنسيتين الصومالية والأميركية انضم إلى صفوف «جبهة النصرة» قبل عامين، وأصبح يطلق على نفسه اسم «ابن الزبير». وقال الشاب إنه التحق بالتنظيم لتأثره بمعاناة الشعب السوري الذي يتعرض للهجوم من النظام الحاكم. وفي الموجة الأولى من الغارات الجوية الأميركية في أواخر الشهر الماضي قُتل عناصر من «جبهة النصرة» كان اعتبرهم «ابن الزبير» أصدقاء مقربين له.
وعلى الرغم من ذلك، قال الشاب لمراسلة شبكة «سي بي إس نيوز» كلاريسا ورد: «إنني لا أكره الولايات المتحدة، إنها وطني الذي ترعرعت فيه». وسألته المراسلة ورد عن العناصر الذين قتلوا وما احتمالية أنهم كانوا قد فكروا بشن هجوم ضد الغرب، فرد ابن الزبير: «ضربات التحالف هي التي قد تحرك الناس وتخلق رغبة في التوعد لضرب الولايات المتحدة».
وحاولت المراسلة أن تضغط عليه ليجيب عن سؤال ما إن كان سيؤيد شن هجوم «إرهابي» ضد الولايات المتحدة أم لا، وعندها قال ابن الزبير: «أنا لا أعتبره هجوما (إرهابي). إذا حدث أي شيء هنا فهو برأيي رد فعل حيال هذه الإجراءات المتخذة». وأضاف: «ما أعتبره هجوما إرهابيا هو القصف بصواريخ توماهوك التي يجري إطلاقها من أي مكان أينما كان وتؤدي إلى مقتل أشخاص أبرياء».
وقد ترددت تلك المشاعر التي عبر عنها ابن الزبير من طرف أبو أسامة، المتطوع الأسترالي لدى لواء جند الأقصى، وهو لواء متطرف آخر، وذلك أثناء مقابلة أجرتها معه خدمة «سيفن نيوز» الأسترالية يوم الجمعة الماضي.
وبدوره قال المتطرف الأسترالي – الذي يعمل طبيبا مقاتلا لدى اللواء – للصحافي البريطاني المستقل تام حسين إن قطع رؤوس الصحافيين الأميركيين على يد «داعش» يبدو أمرا بسيطا بالمقارنة بمقتل المدنيين جراء الغارات الجوية الغربية. وعندها تساءل أبو أسامة قائلا: «ما الفرق بين صاروخ يضرب بيتا ويتسبب في مقتل 15 طفلا ومقتل شخص واحد مذبوحا؟».
وفي المقابلة التي بثت عقب يوم واحد من تأكيد وزارة الدفاع الأسترالية أن البلاد قد نفذت أولى هجماتها ضد مقاتلي «داعش»، قال الطبيب المتطرف: «أشعر بالأسف لإقدام أستراليا على هذه، لأن ما قامت به سيكون له رد فعل. سوف يكون ذلك سببا يبعث على كراهية الناس للبلاد».
وحاور الصحافي البريطاني المستقل تام حسين الكثير من المتطوعين الهولنديين الذين وضحوا له دوافعهم الشخصية للانتماء إلى تلك الجماعات المتطرفة. ويذكر أنهم تحدثوا الإنجليزية بطلاقة، في تقرير مصور بثه برنامج «نيوويوير» على التلفزيون الهولندي مساء يوم الثلاثاء الماضي.
ويعمل لواء جند الأقصى بشكل مستقل عن تنظيم «داعش»، ولكنه يتقاسمه في هدفه ببناء أمة تسير وفقا لعقيدة متشددة، بما يتماشى مع ما يراه المتشددون.
وفي جزء آخر من تقرير شبكة «سي بي إس نيوز» الذي جرى تصويره داخل سوريا عقب بداية الحملة التي تشنها الولايات المتحدة مع حلفائها ضد المتشددين، قال مقاتل هولندي من أصل تركي معروف باسم يلماز للمراسلة كلاريسا ورد إن التركيز على جرائم الحرب التي يرتكبها «داعش» أمر مضلل، خصوصا عند مقارنتها مع عمليات الذبح التي يرتكبها نظام الأسد. وفي سياق متصل، تساءل يلماز قائلا: «جرائم حرب؟ ما هي جريمة الحرب؟». وأضاف: «ألا يعد مقتل أكثر من 200 ألف شخص جريمة حرب؟ ألا تعد قنابل البراميل والهجمات الكيماوية جريمة حرب؟».
ولفت المتطرف – الذي يدافع أيضا عن «داعش»، وأغضبته الهجمات التي شنت ضد «جبهة النصرة» - إلى أن هذه الهجمات دليل على أن الولايات المتحدة تخوض حربا ضد المسلمين، بحسب قوله، مضيفا: «الحكومة الأميركية كانت عدوا لنا دائما».
وأوضح يلماز - الذي كان جنديا سابقا في الجيش الملكي الهولندي– في مقابلة مطولة مع «نيوويوير» في وقت سابق من هذا عام 2014 أنه ليس لديه أية نية للعودة إلى بلاده وتنفيذ هجوم «إرهابي» هناك، مؤكدا: «إن رجعت إلى بلادي كل ما أريده هو التهام الطعام.. ربما تناول بعض السوشي، والبعض من مشروب دكتور بيبر الغازي، ومعانقة والدتي بشدة».
ومع ذلك، شجب يلماز – قبل وقف حسابه الشخصي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي الشهر الماضي – التدخل الأميركي وغرد بأنه يشعر بالأسى لانضمام الحكومة الهولندية إلى معسكر القصف.

* خدمة «نيويورك تايمز»



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.