«بيناريس»... هندي عصري وبنجمتين

سمي تيمناً بمدينة شهيرة بروحانيتها شمال الهند

ديكور عصري وغربي (تصوير: جيمس بايرن)
ديكور عصري وغربي (تصوير: جيمس بايرن)
TT

«بيناريس»... هندي عصري وبنجمتين

ديكور عصري وغربي (تصوير: جيمس بايرن)
ديكور عصري وغربي (تصوير: جيمس بايرن)

لم تتمكن بريطانيا من إبعاد شبح لقب «مدينة بلا مطبخ» بعد، ولا يمكنها أن تزيح من ذهن الناس أن الأكل الهندي هو بمثابة المطبخ الوطني، لدرجة أن أطباق الكاري والفيندالو والـ«تشيكن تيكا» تعد الأطباق الشبه رسمية للبلاد.
هذا هو الحال بالفعل في بريطانيا، ولو أن الوضع اليوم تحسن، لا سيما في لندن، بعدما استطاعت العاصمة خلق خط جديد لها، فلم تتمكن من خلق مطبخ بحد ذاته لكنها استطاعت أن تتبنى مطابخ العالم لتصبح بيتا ثانيا لها.
وبالعودة للمطبخ الهندي، يوجد في لندن بعض من أفضل المطاعم الهندية التي تقدم نكهات الهند المتعددة والمتنوعة من شمالها إلى جنوبها، ولكن غالبا ما تكون تلك المطاعم شعبية، تركز على الطعام أكثر منه على المنطقة والديكور.
وفي حال كنت من محبي المطبخ الهندي وبنفس الوقت من أنصار المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان فيعتبر «بيناريس» Benares من بين العناوين المميزة في منطقة مايفير المعروفة بمطاعمها الراقية.
تدخل بيناريس عبر باب يذكرك بأبواب القصور في الهند، يحرسه رجلا أمن يؤديان لك التحية، وبعدها تصل إلى الردهة السفلى من المبنى وتكون عاملة الاستقبالات بانتظارك عارضة على السيدات أوشحة ملونة مصنوعة في الهند ليخترن من بينها ويزين أجيادهن بها، وعبر سلم واسع وجميل تبدأ بشم رائحة الأطباق الهندية اللذيذة لتصل إلى الطاولات الموزعة بطريقة مريحة بمعنى أنها ليست قريبة جدا من بعضها البعض كما هو الحال في الكثير من المطاعم الجديدة اليوم.
أول ما سيشدك هو ترحيب العاملين والخدمة الجيدة وإلمام الندل بالأطباق، لائحة الطعام مقسمة إلى عدة أقسام تعتمد في بعضها على اللحم أو الأسماك أو الخضار، مع لائحة مخصصة للذواقة المحترفين بحيث تمنحهم فرصة تذوق كمية كبيرة من الأطباق (أقلها سبعة) بأحجام صغيرة، ولكن المعلومة المفيدة هي أن النادل يساعدك في ترتيب واختيار الأطباق بالطريقة التي تعجبك ويمكنك تصميم لائحة التذوق Tasting Menu بالأسلوب والأطباق التي تعجبك.
لكي يحصل أي مطعم على نجمة ميشلان لا بد أن يكون على مستوى الدليل، من الديكور إلى الخدمة ووصولا إلى الأطباق وجودة المكونات وطريقة التقديم، وبيناريس حاصل على نجمتين مما يختصر علي الطريق في تقييمه، ويكون من الأحرى التكلم عن ميزات أطباقه التي جعلت منه عنوانا يترتب على الزوار حجزه قبل فترة من الزمن.
أطباق بيناريس عصرية جدا لأنها هندية بقالب بريطاني، والميزة الأهم هي المزج ما بين النكهات التقليدية والأسلوب الجديد في الطهي والتقديم، طريقة التقديم منمقة جدا ومفعمة بالألوان وليست حريفة جدا لتناسب ذائقة غير الهنود، وإلى جانب الطعام اللذيذ يتخصص بيناريس أيضا بتقديم أنواع مختلفة من المشروبات والكوكتيلات التي تحتوي على البهارات الهندية تتناسب مع الأطباق التي تتناولها، وهنا يتدخل النادل المختص بالمشروب لإعطاء النصائح وتنسيق الطلبيات.
لائحة الطعام هي نتيجة أسفار كثيرة قام بها الطاهي الرئيس في المطعم، والأمر واضح من اختلاف الأطباق التي جاء بها من أكثر من منطقة في الهند التي يختلف مطبخها من إقليم إلى آخر.
ولهؤلاء الذين يفضلون الخصوصية يقدم بيناريس خمس غرف طعام خاصة منفصلة، من بينها غرفة «باركلي» التي تناسب الباحثين عن الخصوصية التامة، والغرفة التي تضم طاولة الطاهي Chef’s Table وتستوعب ستة أشخاص وتطل على المطبخ مباشرة ورؤية الطهاة وهم يحضرون الطعام.
إذا بحثنا عن صفة سلبية في بيناريس فقد تكون فقدانه للروح الهندية الشعبية كليا، فهذا المطعم وكما ذكرت في المقدمة يناسب محبي المطاعم التي تتسم بالروح الجدية وشبه الرسمية، ويختلف تماما عن المطاعم الهندية المعهودة بنمطها الشعبي.

جربنا
> «جال تارانغ» Jal Tarang (كزبرة مع سمسم بالبهارات مع والاسقلوب)
> «هيران كي بوتي» Hiran Ki Boti (لحم الغزال مع البرياني)
> «شوكاندر كفتة» Chukander Kofta (كرات من البنجر مع الكركم وصلصة الكاجو)
> حلوى «بابا دوي» Bhapa Doi مع الفستق
> «كلفي» Kulfi وهذا الطبق تقليدي جدا ومن بين أشهر الحلويات في المطبخ الهندي.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».