الوصفات السريعة عبر «السوشيال ميديا» تسرق وهج كتب الطبخ

ازدهارها يعود إلى بساطة تحضيرها بوقت وجيز

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
TT
20

الوصفات السريعة عبر «السوشيال ميديا» تسرق وهج كتب الطبخ

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)

أي طبق يخطر اليوم على بال ربة المنزل أو جيل الشباب أصبح تحضيره سهلاً بفضل الصفحات الإلكترونية. فعملية تحضير طبق الـ«فتوتشيني» أو «المغربية» أو «لحم البقر مع عصير البرتقال»، وغيرها من الأكلات الخارجة عن المألوف صارت وصفاتها بمتناول الجميع.

ومن خلال صفحات «إنستغرام»، و«غوغل»، و«يوتيوب»، و«تيك توك» وما يشبهها يمكن لأي شخص تحضير الطبق الذي يريده. وهو ما أسهم في ركود حركة بيع كتب الطبخ، حتى أن من يحتفظ بها في مكتبته نسيها، وغطاها الغبار من قلة استعمالها. المرأة الروبوت «سيري» تدخل أيضاً على خط هذه الظاهرة، فبمجرد أن يسألها صاحب التطبيق عن أسماء وصفات يريدها حتى تدرج له لائحة طويلة منها يمكنه إيجادها عبر الإنترنت. أما تطبيق «تشات جي بي تي»، فهو حقق قفزة في هذا الموضوع. ومن خلال التسامر الإلكتروني يقدم لك آلاف الوصفات وكيفية تحضيرها بلحظات.

بظرف دقائق قليلة يتم تحضير وذكر مكونات أي طبق عبر السوشيال ميديا (إنستغرام)
بظرف دقائق قليلة يتم تحضير وذكر مكونات أي طبق عبر السوشيال ميديا (إنستغرام)

وإذا ما قمنا بجولة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي فسوف نلاحظ اجتياحها من قبل طباخين شباب. كما تتوزع على صفحاتها أنواع طبخ من جميع بلدان العالم.

وبذلك نستطيع تحضير «الطعمية»، أو «الكشري» المصريين، أو «تشيزي تشيكن باستا» من المطبخ الإيطالي. وتطول لائحة المطابخ التي تقدم نفسها عبر تلك الوسائل لتشمل الهند وماليزيا وفرنسا وموسكو وغيرها. وبظرف دقائق قصيرة يطلع المتصفح على مكونات الطبق المدونة على الصفحة، وفي الوقت نفسه يتابع كيفية تحضيره أمامه مباشرة.

ومن الصفحات المشهورة في لبنان تلك الخاصة بمواهب جديدة على الساحة. وكما «فاطمة كيتشن» وفرح كساب ومي بساط، تحضر وصفات طباخين مشهورين. فتطالعنا دانا الحلاني والشيف وداد زعرور وليلى فتح الله وروي حزبون. وجميعهم يقدمون وصفات سريعة لسلطات وأطباق رئيسية ومازات وغيرها.

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)

النساء «ستات البيوت» يجدن في هذه الظاهرة نعمة من نعم الحياة. فهن ما عدن مجبرات على الاتصال بالوالدة أو بالحماة والصديقة والجارة كي يستعلمن عن كيفية تحضير طبق معين. فيما جيل قديم الجدات يرفضن الانخراط فيها تحت شعار.

شريحة من الرجال لفتتها هذه الظاهرة التي تعم وسائل التواصل الاجتماعي، أحياناً يتحمسون لتحضير طبق شاهدوا مكوناته وسرعة في تحضيره، فيصنعونه من باب الحشرية مرات، ولهواية الطبخ التي يتمتعون بها مرات أخرى.

الشيف وداد زعرور تشتهر بأطباقها الخارجة عن المألوف (إنستغرام)
الشيف وداد زعرور تشتهر بأطباقها الخارجة عن المألوف (إنستغرام)

وتقول إلسا ربة منزل في العقد الثالث من عمرها بأن أفكار الطبخ تنهال عليها بالكميات بسبب زوجها. «إنه يمضي وقته يتصفح (غوغل) و(تيك توك). ويفاجئني بأفكار لطبخات لم أسمع بها من قبل، فنتشارك في تحضيرها بدقائق قليلة».

أما جميل الزين من ناحيته فيخبر «الشرق الأوسط» أنه لم يتخيل نفسه يوماً يدخل المطبخ لصنع طبق ما. ولكن «محتوى هذه الصفحات يسيل اللعاب ويفتح الشهية، ويحمسني لدخول المطبخ كوني أعيش وحدي. فأتسلى وأستفيد في الوقت نفسه. وهو ما انعكس إيجاباً على نمط حياة روتيني كنت أعيشه من قبل».

تزخر صفحات الطبخ الإلكترونية بالملايين من المتابعين من أنحاء العالم. فهواة الطبخ عبر الإنترنت باتوا ينبتون مثل الفطر بغزارة. ومع كل يوم جديد تولد صفحة لأحد صناع المحتوى الغذائي، ويتفاعلون مع متابعيهم من خلال عبارات يرددونها، أهمها، «اضغطي على زر اللايك»، أو يصطحبون أحد أولادهم كي يخلقوا أجواء عائلية تهم ربة البيت. فيثني الولد على طبخ أمه، وتقوم ربة المنزل بتقليدها بدورها.

هذه الظاهرة أثرت أيضاً على برامج الطهي التلفزيونية، فخفت نسبة متابعيها من الجيل الجديد. وتألفت غالبيتها من أعمار نساء متقدمة لا تزال متمسكة بمشاهدة هذا الشيف أو ذاك عبر قنوات فضائية ومحلية.

وفي المقابل تؤكد مسؤولة عن بيع كتب الطبخ في مكتبة في الأشرفية أن حركة بيع هذه الكتب تأثرت لفترة قصيرة. ولكنها عادت واستعادت نشاطها وزخمها حالياً. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع تحديد نسبة البيع ولكنها جارية بشكل جيد. فهناك شريحة من الناس لا تزال تعطي أهمية لكتاب الطبخ».

فرح كساب ومي بساط موهبتا طبخ تطلان عبر صفحات إلكترونية (إنستغرام)
فرح كساب ومي بساط موهبتا طبخ تطلان عبر صفحات إلكترونية (إنستغرام)

وبينهم من يختار شيفاً معيناً أو محتوى كتاب مشهور منذ زمن. برأيهم أن كتاب الطبخ يعطي الوصفات بدقة ويكون أكثر موضوعية. كما أن من يقف وراء تلك الوصفات شخص يوثق به مشهور، وله باع طويل في إعداد الطعام. وهي ميزة لا نلاقيها عبر وسائل التواصل عادة، لأن غالبية الصفحات تقدمها مواهب جديدة أو أشخاص مجهولو الهوية، وبينهم من اتخذها وسيلة ليجمع نسبة مشاهدة مرتفعة تدر مبالغ من المال. فيما تشير نوال في مكتبة في شارع الحمراء، في بيروت، إلى أن حركة بيع هذه الكتب تشهد تراجعاً يوماً بعد يوم، ووحدها ذات المحتوى الخاص بالطبخ اللبناني لا تزال على قيد الحياة.


مقالات ذات صلة

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

لا يحتاج الفطر «عيش الغراب» (Mushrooms) إلى ضوء الشمس لينمو، ويتضاعف حجم الفطر كل 24 ساعة، ويُزرع ويُحصد على مدار العام.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الطواجن من الأطباق الشهيرة خلال شهر رمضان المبارك على المائدة العربية، حيث يتجاوز مفهومها تجمع العائلات حولها، إلى الشوق لروائح الماضي وأساليب الطهي التقليدية.

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات البطاطس المشوية بالنعناع من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

كيف تحضر «السناكس» بطريقة صحية؟

تظل «السناكس» أو المأكولات المسلية الصحية هي النصيحة الذهبية للطهاة، وخبراء التغذية ومدربي اللياقة البدنية؛ لدورها في زيادة الشعور بالشبع

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ
TT
20

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية، والأطباق الشرقية الأصلية، مقدماً تجربة منزلية تشرف عليها 3 سيدات، هن أمهات مؤسسات المطعم الثلاث.

يقول أرنست فايز، أحد مؤسسي المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت فكرة مطعمنا عندما اقترح أحد أصدقائي، الذي تتميز والدته بمهاراتها العالية في إعداد أصناف المحشي، أن نفتتح مطعماً متخصصاً بتحضير هذا الطبق المصري الأصيل. وبالفعل درسنا الفكرة وتبلورت سريعاً، وانطلقت رحلتنا بخبرة و(نَفَس) أمهاتنا لتحقيق هذا الحلم».

ويرى أن «ما يميز مطعمهم هو أن الأمهات هن المشرفات على كل تفاصيل العمل، بدءاً من اختيار ثمار الخضراوات، وصولاً إلى إعداد التسبيكة، ثم الإشراف على عملية الطهي بأكملها، ليكون المنتج النهائي حقاً (محشي ماما) بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

ويضيف أحمد مصطفى، شريك آخر بالمطعم : «ما اكتشفناه خلال التأسيس أن المحشي طبق مظلوم في المطاعم، فهو يُقدم عادة كطبق جانبي أو فاتح شهية، رغم أنه طبق أساسي ومحبوب لمختلف فئات المصريين، لذا قررنا اتخاذ خطوة جريئة بتحويل طبق المحشي إلى طبق رئيسي، حيث أردنا أن نمنح هذا الطبق التقليدي مكانته التي يستحقها، وأن نجعله نجم المائدة، إلى جانب استعادة نكهات الماضي، من خلال قائمة طعام مستوحاة من المطبخ المنزلي المصري الأصيل».

يقدم المطعم جميع أصناف المحشي الشهيرة، من الكرنب وورق العنب إلى الكوسة والباذنجان والطماطم والبصل والفلفل والبطاطس. وتضم قائمته تشكيلة واسعة من الطواجن الشرقية، منها طاجن ورق العنب باللحم الـ(ستيك)، وطاجن الكرنب بالكوارع، وطاجن الفريك بالكبد والقوانص، وطاجن الدجاج بالبطاطس، وفتة اللحمة، ومختلف أنواع المشاوي، واللحمة المحمرة بالسمن البلدي، والسجق والكبدة، إلى جانب الملوخية والرقاق.

يتابع مصطفى: «أردنا أن نحافظ على التراث الغذائي المصري، لذلك قمنا بإحياء بعض الأطباق التي توارت ونُسيت في البيوت، مثل العدس والويكا والبصارة، التي تعد جزءاً من هويتنا الثقافية»، ونرى أنه من واجبنا الحفاظ عليها، وهو ما يمتد إلى الخبز الشمسي، وهو نوع من الخبز الصعيدي التقليدي، الذي نخبزه داخل المطعم، لنكون أول مطعم في القاهرة يقدمه، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن.

«نقدم أيضاً أطباقاً قد لا تتوفر في المنازل دائماً، مثل العكاوي والكوارع، التي يصعب تحضيرها بشكل يومي، حيث نقدمها بجودة عالية وبطريقة منزلية أيضاً، كما نعمل باستمرار على تطوير القائمة وإضافة أصناف جديدة ترضي جميع الأذواق»، يؤكد صاحب المطعم.

«سر خلطة المحشي هو سر»، يقول «أرنست» مبتسماً: «ما يمكنني قوله هو أننا نتبع طقوس تحضير المحشي كما تفعل الأمهات في المنزل تماماً، ونحرص دائماً على استخدام المكونات الطازجة، لأنها أساس النكهة الأصيلة للمحشي، كما نستخدم أفضل أنواع اللحوم البلدية والسمن البلدي».

ويتابع: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي الأصيل يجب أن يقدم بأفضل صورة، ولأننا هنا في منطقة شبرا الشعبية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، وبالعلاقات الحميمة بين قاطنيها، أردنا أن نقدم تجربة مصرية أصيلة، تنقل الزائر إلى دفء المنزل ورائحة المطبخ المصري التقليدي، بحيث يشعر الزبون وكأنه يتناول الطعام في منزل والدته تماماً».

يعود مصطفى للحديث، موضحاً أن المطعم يسعى أيضاً إلى تغيير الصورة النمطية للأكلات الشعبية وتقديمها بأسلوب يناسب الحياة العصرية، حيث يقدم المطعم فكرة «محشي تو جو»، بتقديم المحشي في عبوات مبتكرة كوجبة سريعة، سواء بالحصول عليها من المطعم أو عن طريق خدمة التوصيل، كما تمتد لمسة الابتكار إلى طبق المُمبار، الذي نقدمه تحت اسم «ممبار بوبس»، حيث يتم تقديم قطع صغيرة في ورق على هيئة «كونو»، ما يسهل حمله وتناوله كوجبة سريعة أثناء التنقل.

ويعّقب صاحب المطعم على ذلك بقوله: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي يمكن أن يكون عصرياً وجذاباً، لذا نسعى إلى تقديم أطباقنا بأفضل شكل ممكن، مع الحفاظ على الطعم الأصيل، ففكرة المحشي والممبار كوجبة سرعة ليست مجرد تغيير في طريقة التقديم، بل هي رؤية لتجديد التراث وتقديمه للأجيال الجديدة».

خلال شهر رمضان، يقدم المطعم قائمة طعامه دون تغيير، التي يأتي أبرزها أصناف المحشي المفضلة من جانب المصريين على المائدة الرمضانية، كما يُضيف وجبة السحور، التي تضم أبرز المأكولات المصرية، وعلى رأسها الفول والفلافل.

لأن «محشي ماما» يسعى إلى تقديم تجربة منزلية أصيلة بكل تفاصيلها، بحسب القائمين عليه، لذا تمتد التجربة إلى ديكورات المكان، التي اعتمدت على اللونين الأخضر والبيج، وهما لون أغلب أصناف المحشي، وكذلك لخلق راحة نفسية للزبائن، إلى جانب إضافة لمسات تراثية للديكور.