الأطباق المنمنمة تغزو موائد رمضان وتحل مكان الأحجام الكبيرة

الطهاة والمدونون يتبعونها بوصفها موضة طعام

سلطة حبات الحمص مع خس «الكايل» (إنستغرام)
سلطة حبات الحمص مع خس «الكايل» (إنستغرام)
TT

الأطباق المنمنمة تغزو موائد رمضان وتحل مكان الأحجام الكبيرة

سلطة حبات الحمص مع خس «الكايل» (إنستغرام)
سلطة حبات الحمص مع خس «الكايل» (إنستغرام)

تروج في الفترة الأخيرة ما يعرف بأطباق الطعام المنمنمة. وهي تتألف من أصناف طعام تقدم بكميات صغيرة، فتضفي على مائدة الإفطار تنوعاً بالأكلات يرضي جميع أفراد الأسرة. طباخون ومدونون ومقدمو برامج خاصة بالطبخ يتبعونها بوصفها موضة طعام جديدة. من إيجابيات هذه الأطباق الصغيرة، إمكانية تناولها في وقت الإفطار كاملة من دون حاجة ربة المنزل لتخزينها في الثلاجة لعدة أيام. وبالتالي تخول جميع من يجلس على المائدة أن يتذوقها بقطع صغيرة لا تشعرهم سريعاً بالشبع أو الملل.

هذه الطريقة بدلت من عادات ربة المنزل التي استغنت من خلالها عن أطباق الطعام الكبيرة التي تتصدر مائدة الإفطار. وتعرف هذه الموضة بـ«ميني بلايت» فتزيد مشهدية الطعام جمالية. وعادة ما توزع هذه الأطباق على كامل المائدة، بحيث يمكن لأي شخص أن يحصل عليها بسهولة. فلا يعود بحاجة للطلب من جاره على المائدة أن يساعده في وصوله إليها.

طبق الفتوش على أرغفة الخبز المقلية

سلطة الفتوش بالخبز المقرمش (إنستغرام)

يتصدر طبق الفتوش المؤلف من مجموعة خضراوات طازجة سفرة رمضان. واليوم بات يأخذ شكلاً جديداً في طريقة تقديمه ليلتحق بموضة الأطباق المنمنمة. ويعد لذلك أرغفة خبز صغيرة يتم تجويفها في وسط الطبقة الأولى منها. ومن ثم يتم قليها، وبعد أن تبرد يوضع فيها مزيج الفتوش، ويتم توزيع هذه الأرغفة على الحضور لينال كل منهم الكمية المطلوبة بوصفها سلطة تفتح الشهية.

وداعاً الحمص بالطحينة في «الجاط»

لم يعد «الحمص بالطحينة» أحد أهم أطباق الإفطار المقدم في وعاء كبير يتوسط المائدة، حيث صارت ربة المنزل تحضره في صحون صغيرة تقدم على نواحي السفرة. وهو ما يسمح لكل ثنائي بتناولها كاملة وبكميات صغيرة.

وفي الإمكان تحضير هذا الطبق بمكونات مختلفة ليأخذ ألواناً متفرقة، تعكس لون مهروس الأفوكادو الأخضر أو الشمندر السكري الأحمر.

«ميني» الهندباء بالزيت

الهندباء بالزيت لسفرة رمضانية (إنستغرام)

يعد هذا الطبق من أكثرها شهرة في شهر رمضان. وعادة ما لا تغيبه ربة المنزل عن سفرة الإفطار. وهو يتألف من خضار الهندباء التي يتم سلقها، ومن ثم قليها بزيت الزيتون مع البصل المفروم صغيراً، والمتبل بالثوم والكزبراء. ويزين بشرائح بصل محمرة وقطع الليمون الحامض. فتوضع بصحون بورسلين صغيرة لتؤلف طبقاً غنياً بالألياف يفتح الشهية.

سلطة الحمص مع «الكايل»

سلطة حبات الحمص مع خس «الكايل» (إنستغرام)

هو طبق غير تقليدي يدخل اليوم السفرة الرمضانية لمكوناته الشهية والمفيدة في آن واحد. وصفته سريعة وتتألف من حبات الحمص المشوي بعد سلقه، ويضاف إليه خس «الكايل» وشرائح من الشمندر السكري الأحمر والأصفر، كما يطعم بقطع مفرومة من المشمش المجفف وشرائح الأفوكادو. ويزين بحبيبات اللوز المقلي والمقرمش.

الكبة باللبنة لإفطار لذيذ

يصنع هذا النوع من الكبة بأحجام صغيرة يتم حشوها باللبنة. ويتم خلطها مع اللحم البقري المفروم المقلي مع البصل. وتقدم في صحون صغيرة بحيث لا يتجاوز عددها الثلاث قطع في كل منها.

«رولز» اللحم مع خبز المرقوق

الإفطار الشهي مع لفائف اللحم واللبن (إنستغرام)

تعد طبقاً لذيذاً يحبه الكبار والصغار، ولا يستغرق صنعه الكثير من الوقت. ولتحضيره يتم قلي لحم البقر المفروم مع البصل مع قليل من الزبدة وزيت الزيتون. ويضاف إلى هذا الخليط قطع الفليفلة الخضراء والحمراء المفرومة أيضاً. نضع مع المزيج ملعقة كبيرة من هريس البندورة مع رشة بابريكا وملح وأوريغانو وفلفل أسود، ونخلطها مع ملعقتي طحينة ومثلها دبس الرمان. نرفع الخليط عن النار ونوزع عليه البقدونس والنعناع المفروم ناعماً. وعلى رغيف من خبز المرقوق نقوم بثني جوانبه وندهن مساحته بزيت الزيتون. ومن ثم نوزع الخليط على طول الخبز ونلفه وندهنه أيضا بزيت الزيتون. ونقفل أطرافه بخليط الطحين مع الماء. ومن ثم نقطعه أقساماً صغيرة ومتساوية وتوضع في صينية مدهونة بزيت الزيتون. وتدخل الفرن للشواء لنحو 15 دقيقة. وتقدم على المائدة في صحون صغيرة مع اللبن.

كفتة «حسن باشا» مع هريس البطاطا

يُعد هذا الطبق ذات الأصول التركية من ألذ الطبخات التي تقدم في الشهر الكريم. ويتألف من قطع صغيرة من الكفتة مع هريس البطاطا المسلوقة.

مراحل تحضيره بسيطة، تبدأ بصنع كريات كفتة مؤلفة من كمية لحم مخلوطة مع البقدونس والبصل والملح والبهار. يتم تجويفها فيما بعد لشيها لمدة 15 دقيقة. ومن ثم يجري هرس البطاطا المسلوقة ومزجها مع رشة جوزة الطيب وقطعة زبدة وكمية صغيرة من كريما الطبخ. ويحضر لهذا الطبق صلصة البندورة المضاف إليها ملعقة كبيرة من عصير الليمون الحامض وكوب مياه ورشة فلفل أسود وملح، وتضاف إلى الكفتة المشوية. نضع في جوف قوالب الكفتة ملعقة صغيرة من جبن الموزاريلا المبروش. وآخر مرحلة لهذا الطبق تتمثل في غمر كل قطعة لحم بالبطاطا المهروسة. مزينة بقطع بندورة صغيرة يتم إدخالها الفرن لمدة 10 دقائق فتصبح جاهزة للأكل. وتقدم كل ثلاث قطع من قوالب الكفتة في صحون صغيرة توزع على مائدة الإفطار.


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات مبنى «آر إتش» من تصميم المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان (الشرق الأوسط)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة ) محمد الكفراوي (القاهرة)
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)
مذاقات حليب جوز الهند بلآلئ التابيوكا من شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

نصائح الطهاة لاستخدام مشتقات جوز الهند في الطهي

حين تقرّر استخدام جوز الهند في الطهي، فإنك ستجده في أشكال مختلفة؛ إما طازجاً، مجفّفاً، أو حليباً، أو كريمة، وثمرة كاملة أو مبشورة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».