الطراز «القوطي» في مصر يجمع بين الكنائس والمساجد

القنصلية الإيطالية ببورسعيد الأبرز

فيلا فيرناند بمدينة بورسعيد (الشرق الأوسط)
فيلا فيرناند بمدينة بورسعيد (الشرق الأوسط)
TT

الطراز «القوطي» في مصر يجمع بين الكنائس والمساجد

فيلا فيرناند بمدينة بورسعيد (الشرق الأوسط)
فيلا فيرناند بمدينة بورسعيد (الشرق الأوسط)

رغم شهرة الطراز القوطي الواسعة في الدول الأوروبية، فإنه لم يتم التوسع في تنفيذه في مصر خلال القرون الماضية؛ لكن ثمة مبانٍ تراثية تزيّن مدناً مصرية بُنيت على الطراز نفسه في بدايات القرن الماضي، أبرزها مجمع القنصلية الإيطالية في مدينة بورسعيد الساحلية (شمالي شرق القاهرة)، وأخيراً تم بناء مسجد بمنطقة عزبة النخل (شرق القاهرة) على الطراز القوطي، بعدما كان يقتصر استخدام هذا الطراز على بناء الكنائس فقط. وسلط الضوء على روعة هذا الطراز، الحريقُ الكارثي الذي أصاب «كاتدرائية نوتردام» الشهيرة في قلب العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين الماضي.
محمد كمال، مصور صحافي بمدينة بورسعيد، أحد المهتمين بالحفاظ على التراث يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما شاهدنا بالطبع حريق كاتدرائية نوتردام الشهيرة في باريس، وتأثر المهتمون بالتراث حول العالم بعد انهيار سقفها وبرجها الفريد، كونها واحدة من أهم نماذج العمارة القوطية في العالم، تحمست لإبراز الطراز القوطي في مدينة بورسعيد، وكان مجمع القنصلية الإيطالية شمالي المدينة من أبرز المعالم التراثية المبنية على نفس الطراز»، مضيفاً: «القنصلية عرضت المجمع للبيع في السنوات الماضية بملايين الدولارات؛ لكن بعد رفض المهتمين بالمباني التراثية في بورسعيد قرار البيع والهدم، تراجعت القنصلية أخيراً عن قرار البيع».
وأوضح كمال أن «الطراز القوطي يمثل مرحلة مهمة من العمارة الأوروبية التي تميزت بأشكال هيكلية مميزة وبتعبيرية جديدة في أواخر القرون الوسطى. ومدينة بورسعيد تعد متحفاً معمارياً مفتوحاً يضم أروع الطرز المعمارية لدول البحر المتوسط أبدعها معماريون فرنسيون وإيطاليون وإنجليز ويونانيون، لتكون مجموعة فريدة من المباني التاريخية الجميلة».
يضم مجمع القنصلية الإيطالية ببورسعيد، مدرسة وكنيسة وقنصلية، جميعها مبنية على الطراز القوطي الفريد. وأُسست المدرسة الإيطالية عام 1889 داخل مبنى القنصلية في شارع 23 يوليو وصلاح سالم، قبل تحويله إلى قنصلية، لتصبح ثاني أقدم مدرسة بالمحافظة ضمن سلسلة من مدارس الجاليات الأجنبية التي أُسست بالمدينة وكانت منها المدرسة اليونانية الملحقة بالكنيسة اليونانية في شارع الثلاثيني، ومدرسة ليسيه الحرية، ومدرسة الراهبات الفرينسسكان.
ويوجد في المجمع الإيطالي نصب تذكاري كُتب عليه أسماء 20 جندياً إيطالياً من الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، ودوّنت تحت أسمائهم بالإيطالية جملة تهمّ الإيطاليين: «من أجل الذين لبّوا نداء الوطن وضحّوا بأرواحهم من أجل وطنهم».
في السياق نفسه، تعد فيلا فريناند، التي تقع بشارع عبد السلام عارف، المشهورة بفيلا «ديليسبس» التي تم بناؤها في عشرينات القرن العشرين، من أشهر مباني الطراز القوطي في مصر كذلك، ورغم أنها صغيرة الحجم نسبياً فإنها تتميز بمنظر مبهر وفريد من الخارج في الوقت الذي تحيطها الأبنية المرتفعة من جميع الاتجاهات، وهي ليست متحفاً كما يظن الزائرون؛ بل فيلا سكنية تقيم فيها إحدى العائلات، ويكتفي محبو التراث بمشاهدتها من الخارج.
وتشير دراسات تاريخية إلى أن اسم قوطي بدأ مع مثقفي النهضة الإيطالية المعروفين بـ«الإنسانيين»، ويُنسب إلى قبائل القوط الجرمانية التي اجتاحت إيطاليا في القرن الخامس الميلادي. ويَعتبر الإنسانيون فن القرون الوسطى من إنتاج القوط. ومن أهم سماته استعمال العقود المدببة بأشكالها المختلفة، واستعمال الأقبية ذات الأعصاب المتشابكة، وزيادة المسطح الزجاجي، وتشكيل النوافذ الملونة، والاهتمام بالهيكل الإنشائي للواجهة والحليات ذات الزخارف المتشابكة.
وارتبط الطراز القوطي بعصر إنشاء الكنائس في أوروبا الشمالية. ويتسم هذا الطراز غالباً بطرق إنشائية معينة كالأقواس البارزة والعقود المروحية والدعائم الطائرة (الأكتاف).
وفي القاهرة، تم بناء أول مسجد في مصر على التراث القوطي في حي «عزبة النخل» (شرق القاهرة)، بجوار محطة مترو المنطقة، بعدما عُرف الطراز القوطى بأنه حكر فقط على الكنائس. ويتميز المسجد بوجود 4 مآذن أمامية مدببة من الأعلى، تطل على واجهتين، فيما تزين الواجهات الزجاجية المقوسة شكل المسجد الخارجي، إضافة إلى قباب دائرية زجاجية صغيرة، لونها أزرق، تخفف من سيطرة اللون البيج الفاتح لحوائط المسجد.
من جهته، قال الدكتور حسن عبد البصير، مدير متحف آثار الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الطراز القوطي يتميز بزخارفه الرائعة ويعبر عن التسامح بين الأديان بعد الاستعانة به في بناء الكثير من الأبنية الإسلامية في الأندلس ثم دول شمال أفريقيا»، مضيفاً أن «العمارة الحديثة مزجت بين الكثير من الطرازات المعمارية التاريخية، وبالتالي لن نستطيع وصف بعض المباني التراثية والأثرية المصرية بالقاهرة والمدن التاريخية الأخرى بأنها قوطية فقط»، لافتاً إلى أن «الطراز القوطي رغم شهرته في أوروبا، فإنه لم يتم تطبيقه على نطاق واسع في مصر».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.