مرضى السكري وتناول أدوية مضادات الالتهابات ومسكنات الألم

عقاقير شائعة قد تؤدي إلى ضعف القلب

مرضى السكري وتناول أدوية مضادات الالتهابات ومسكنات الألم
TT

مرضى السكري وتناول أدوية مضادات الالتهابات ومسكنات الألم

مرضى السكري وتناول أدوية مضادات الالتهابات ومسكنات الألم

ضمن تنبيه طبي ذي نوعية جديدة حول التأثيرات الصحية السلبية لتناول مُسكنات الألم من فئة «مضادات الالتهاب غير الستيرويدية»، أفادت دراسة أوروبية حديثة بأن تناول هذه النوعية الشائعة جداً من الأدوية من قِبل مرضى السكري غير المُصابين بضعف القلب «HF» أصلاً، ولو كان التناول لفترات زمنية قصيرة، يزيد بشكل كبير من احتمالات دخولهم المستشفى لأول مرة؛ بسبب حصول تراكم لمزيد من السوائل في الجسم، وظهور أعراض ضعف القلب لديهم بشكل واضح (تضطرهم إلى دخول المستشفى).
وبشكل مبدئي عند قراءة هذه النتائج، قد تُعزى أعراض ضعف القلب تلك؛ أي ضيق النفس، وتراكم السوائل (استسقاء) في الرئتين والساقين والبطن، إلى حصول اضطرابات في قدرات الكلى على حفظ توازن السوائل، ومن ثم زيادة تراكم السوائل في الجسم Fluid Overload، وليس نتيجة حصول ضعف حقيقي في مقدار قوة انقباض عضلة القلب؛ أي نتيجة التأثيرات السلبية لتلك الفئة من الأدوية المُسكّنة للألم على وظائف الكلى.

- أدوية شائعة
وترى الأوساط الطبية أن هذه النتيجة تنبِّه مرضى السكري وأطباءهم حول تبِعات عدم انضباط وصف وتناول هذه النوعية الشائعة من الأدوية، دونما ضرورة طبية تفرض ذلك، ودونما متابعة طبية لتأثيرات ذلك على المرضى.
ووفق ما نُشر ضمن عدد 10 أبريل (نيسان) الحالي، في مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب «Journal of the American College of Cardiology»، قدَّم باحثون، من الدنمارك، في قسم أمراض القلب بمستشفى جامعة كوبنهاغن، ومستشفى شمال زيلاند، ومؤسسة القلب الدنماركية «DHF»، ومن المملكة المتحدة في كلية لندن للطب، وجامعة كوين ماري في لندن، دراستهم بعنوان «فشل القلب بعد تناول الأدوية المضادة للالتهابات لدى مرضى السكري من النوع 2 T2DM».
وفي التفاصيل، تشير النتائج أيضاً إلى أن بعض المجموعات الفرعية من مرضى السكري، قد تكون أعلى عُرضة لهذه المخاطر المحتملة في الإصابة بضعف القلب، وهي تشمل مرضى السكري الكبار في السن، ومرضى السكري غير المنضبط، وأولئك الذين جرى لهم وصف أدوية مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لأول مرة.
وخلال الفترة بين 1998 و2021، شمل الباحثون، في الدراسة، أكثر من 330 ألف شخص، متوسط أعمارهم 62 سنة، وتابعوا مِن بينهم مَن هم: مصابون بمرض السكري النوع 2، وليسوا مُصابين بضعف القلب، ولم يكونوا يتناولون أدوية مُسكنات الألم من فئة «مضادات الالتهاب غير الستيرويدية»، خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال الباحثون، في خلاصة النتائج: «لدى مرضى النوع 2 من مرض السكري، جرى استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية على نطاق واسع، وارتبط ذلك بزيادة خطر دخول المستشفى لأول مرة، بسبب أعراض ضعف القلب. ويبدو أن المرضى المتقدمين في السن، وأولئك الذين لديهم مستويات مرتفعة في تراكم السكريات في الهيموغلوبين HbA1c، والمستخدمين الجدد لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAID، هم الأكثر عرضة للإصابة (بأعراض ضعف القلب). ويمكن لهذه النتائج أن توجِّه الأطباء الذين يصفون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية».
لكن المهم هو التالي؛ أن الإشكالية هي في فهم معنى وتداعيات ظهور تلك الحالة من علامات ضعف القلب، الناجمة عن زيادة تراكم السوائل في الجسم (نتيجة اضطراب قدرات الكلى على حفظ توازن سوائل الجسم، وليس نتيجة ضعف حقيقي في قدرة القلب على ضخ الدم)، وهي ما لخصها الدكتور أندرس هولت، الباحث الرئيسي في الدراسة، والطبيب بمستشفى جامعة كوبنهاغن، بأن ذلك قد يبعث على اعتقاد أن الحالة قد تكون أقل حِدة وأهمية، وحتى قد تكون مرتبطة بنتائج أفضل، مقارنة بأشكال أخرى من ضعف القلب الحقيقي.

- مظاهر ضعف القلب
وقد عقّب الدكتور أندرس هولت على ذلك بقوله إن نتائج التحليل البحثي، في الدراسة الحالية الحديثة، تُقدّم تلميحاً على عكس ذلك تماماً! ذلك أنه، ووفق ما لاحظه الباحثون، كانت معدلات الوفيات، خلال السنوات الخمس التالية، بين مرضى السكري الذين أصابتهم تلك النوبات من «مظاهر وعلامات» ضعف القلب (بعد تناول تلك الأدوية المُسكّنة والتي استدعت دخول المستشفى لدى أولئك المرضى)، هي معدلات مماثلة للوفيات بين المرضى الذين لديهم بالفعل ضعف في القلب نتيجة أسباب أخرى. وقال: «مما قد يشير إلى أن فشل القلب، المرتبط بتناول الأدوية المسكنة للألم من فئة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، هو أكثر من مجرد حمل زائد ومؤقت لتراكم السوائل في الجسم». وأضاف أن تلك الأدوية قد تعزز حصول حالة ضعف القلب، من خلال تأثيراتها المباشرة عليه، وذلك عبر تحفيز حصول اضطرابات نبض القلب «Arrhythmias»، وتليّف البنية التشريحية لعضلة القلب «Heart Fibrosis»، وتضيق الأوعية الدموية للقلب والالتهابات «Subclinical Inflammation»، وارتفاع ضغط الدم.
ونبه إلى أن الدراسة الحالية لا تحدد ما إذا كان ضعف القلب المرتبط بمضادات الالتهاب غير الستيرويدية ينبع من الحمل الزائد والعابر للسوائل في الجسم، أو هو بالفعل نتيجة التأثيرات القلبية المباشرة لها، و«لكن، على الأرجح، مِن كليهما»، كما قال، خصوصاً، وكما يجدر ألّا ننسى، أن الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بحد ذاتها هي عامل قوي جداً للإصابة بضعف القلب؛ نتيجة آليات مَرَضية وتداعيات صحية عدة.
والواقع أن مرضى السكري من النوع 2 هم بحاجة فعلية، وطوال الوقت، للعمل الجادّ على اتباع كل الطرق الصحية الممكنة للوقاية من الإصابة بأي نوع من أمراض القلب؛ لأنهم أعلى عُرضة للإصابة بها. وهذه الطرق الصحية لا تشمل فحسب ضبط ارتفاع نسبة السكر في الدم، ولا ضبط أي اضطرابات في الكولسترول والدهون فحسب، ولا ضبط ارتفاع ضغط الدم فحسب، ولا ضبط وزن الجسم فحسب ضمن المعدلات الطبيعية، ولا الحرص على ممارسة الرياضة البدنية اليومية فحسب، بل أيضاً الاحتماء من أي مسببات مُحتملة لتدهور وظائف الكلى أو سلامة الشرايين في الجسم، أو ارتفاع ضغط الدم، أو تفاقم نشاط عمليات الالتهابات المزمنة، وزيادة كمية المركبات الكيميائية التي تفرزها تلك التفاعلات الالتهابية، وخصوصاً تناول أي أدوية لا ضرورة لها، أو بجرعات تفوق الكافي منها، أو لفترات زمنية طويلة دون حاجة إلى ذلك.

- تحذيرات قبل تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية
> تشترط «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» أن يحتوي الملصق التعريفي لأي من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، من «غير الأسبرين»، على هذه التحذيرات المحددة:
- يمكن أن تزيد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من فرص الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية. قد يكون هذا الخطر أكبر، إذا كنت تعاني من أمراض القلب، أو عوامل الخطر لأمراض القلب (على سبيل المثال، التدخين، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكولسترول، مرض السكري). ومع ذلك، قد يزداد الخطر أيضاً لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض القلب أو عوامل الخطر هذه. يمكن أن يحدث هذا الخطر، في وقت مبكر من العلاج، وقد يزيد مع الاستخدام الأطول.
- يمكن أن تحدث مشكلات القلب التي تسببها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، في الأسابيع الأولى من الاستخدام، وقد تحدث بشكل متكرر مع الجرعات العالية، أو مع الاستخدام طويل الأمد.
- يجب عدم استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي لا تحتوي على الأسبرين، قبل أو بعد جراحة القلب المفتوح لشرايين القلب (جراحة المجازة القلبية).
ولجميع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، بما في ذلك الأسبرين:
- قد تزيد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من فرصة حدوث آثار جانبية خطيرة في المعدة والأمعاء، مثل القرحة والنزيف. يمكن أن تحدث هذه الآثار الجانبية دون علامات تحذير. وقد يكون هذا الخطر أكبر لدى الأشخاص الذين هم من كبار السن، أو لديهم تاريخ سابق من قرحة المعدة أو مشكلات النزيف، أو يتناولون أدوية سيولة الدم، أو يتناولون 3 مشروبات كحولية أو أكثر يومياً.

- متابعة طبية لتناول أدوية فئة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية
- أدوية فئة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية هي واحدة من فئات الأدوية المهمة لدى الأوساط الطبية. وقدَّمت، ولا تزال، خدمات ذات فائدة عالية لكثير من المرضى، في كثير من الحالات المَرَضية. وهي في شأن الأهمية، لا تقل مطلقاً عن المضادات الحيوية وفئات أدوية علاج كل من السكري، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، وأدوية غيرها من الأمراض المزمنة الرئيسية.
وبالأساس، سُمّيت بهذا الاسم للتفريق بينها وبين فئات الأدوية من مشتقات الكورتيزون (الستيرويد) المضادة للالتهابات.
وكغيرها من فئات الأدوية «المؤثرة» في الجسم بشكل عميق، فإن لها آثاراً جانبية ومضاعفات وتداعيات عند تناولها بكميات تفوق الحاجة إليها، ولفترات زمنية طويلة، ودونما ضرورة طبية، ومع عدم متابعة احتمالات تسببها في أضرار على الجسم.
وبالأصل، فإن الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات «المسكنات» يجري تناولها للمساعدة في تخفيف أوجاع الظهر، وآلام الأسنان، وآلام العضلات، والصداع، وآلام الحيض، والتهابات المفاصل، وإصابات الأوتار، والحمى، وغيرها، ومنها الأسبرين وعقاقير أخرى غيره. ومن تلك العقاقير الأخرى غير الأسبرين، كل من إيبوبروفين (أدفيل، موترن)، وديكلوفيناك (فولتارين)، ونابروكسين، وغيرها كثير.
وطريقة عملها بالمجمل هو منع إنتاج مواد كيميائية معينة بالجسم تسبب الالتهاب أو الألم أو ارتفاع حرارة الجسم.
وفي الغالب، عندما يُسمح بتناولها دون وصفة طبية، يُنصح بعدم تجاوز ذلك مدة أكثر من 3 أيام، لعلاج حمى ارتفاع حرارة الجسم، أو 10 أيام، لأي نوع من آلام الجسم، أي الاستخدام لمدى قصير.
ولكن، كما يقول الأطباء في «كليفلاند كلينك»: «إذا سمح لك طبيبك بتناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لفترة طويلة من الوقت، فيجب عليك، أنت وطبيبك، مراقبة الآثار الجانبية الضارة، وإذا لاحظت آثاراً جانبية سيئة، فقد يحتاج علاجك إلى التغيير».
ويضيفون: «المدة التي تستغرقها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في العمل، تعتمد على نوع العقّار من بينها، والحالة التي يجري علاجها. وقد يعمل بعضها في غضون ساعات قليلة، بينما قد يستغرق البعض الآخر أسبوعاً أو أسبوعين. وبشكل عام، بالنسبة لإصابات العضلات الحادّة (الألم المفاجئ الحاد)، نوصي بتلك التي تعمل بسرعة. ومع ذلك، قد يلزم تناولها كل 4 إلى 6 ساعات بسبب وقت العمل القصير. وبالنسبة لالتهابات المفاصل المزمنة، التي تحتاج إلى علاج طويل الأمد، يوصي الأطباء، عادةً، بتلك التي يجري تناولها مرة أو مرتين فقط في اليوم. ومع ذلك يستغرق الأمر وقتًا أطول بشكل عام، حتى يكون لهذه الأدوية تأثير علاجي».
والأهم هو قولهم: «بعد أن تبدأ برنامج هذه الأدوية الخاص بك، قم بمقابلة طبيبك بانتظام؛ للتحقق من أي آثار جانبية ضارة. وإذا لزم الأمر، فقم بإجراء أي تغييرات. قد يلزم إجراء اختبارات الدم، أو الاختبارات الأخرى (بما في ذلك اختبار وظائف الكلى) لهذا الجزء من علاجك».


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
TT

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)

سلطت الأبحاث الضوء على التأثيرات السلبية لشرب الكحول على جسم الإنسان، بما يشمل الصحة الجسدية والنفسية. وكشفت دراسة أميركية حديثة عن تأثيرات إضافية لشرب الكحول؛ إذ أظهرت أنه يعزز السلوك العدواني، ويؤثر على إدراك الألم، إلى جانب تأثيراته السلبية الأخرى.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو، أن هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين الكحول والعدوانية، ما قد يسهم في تطوير استراتيجيات للحد من العنف المرتبط بالكحول، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Journal of Studies on Alcohol and Drugs».

وأُجريت الدراسة الجديدة على مرحلتين: شملت المرحلة الأولى 543 مشاركاً، والثانية 327 مشاركاً، جميعهم يستهلكون 3- 4 مشروبات كحولية على الأقل مرة شهرياً. وتم تقديم مشروبات كحولية وأخرى وهمية تحتوي على عصير برتقال مع كمية ضئيلة للغاية من الكحول لتقليد طعم المشروب، لضمان عدم معرفة المشاركين بنوع المشروب.

وبعد شرب المشروب، خضع المشاركون لاختبار يقيس عتبة الألم باستخدام صدمات كهربائية قصيرة على أصابعهم. ثم شاركوا في اختبار تنافسي عبر الإنترنت؛ حيث كان بإمكان «الفائز» توجيه صدمة كهربائية إلى «الخاسر».

في الواقع، لم يكن هناك خِصم حقيقي، وتم اختيار «الفائز» عشوائياً لمعرفة مدى استعداد المشاركين لإلحاق الألم بالآخرين.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شربوا الكحول أظهروا قدرة أكبر على تحمل الألم؛ حيث كانت مستويات الصدمات التي وصفوها بأنها «مؤلمة» أعلى، مقارنة بمن تناولوا المشروبات الوهمية.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا الكحول كانوا أكثر ميلاً لإلحاق الألم بالآخرين. وكلما زادت قدرتهم على تحمل الألم، زادت شدة وطول الصدمات التي اختاروا توجيهها للآخرين، ما يفسر جانباً من السلوك العدواني المرتبط بتناول المشروبات الكحولية.

في المقابل، كان المشاركون الذين شربوا المشروبات الوهمية أقل عدوانية؛ حيث كانوا أكثر شعوراً بألمهم الخاص، ولم يرغبوا في إلحاق الألم بالآخرين.

الوصول إلى الدم

ووفق وزارة الصحة الأسترالية، فإن الكحول يصل إلى الدم عبر جدران المعدة والأمعاء الدقيقة، وينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ؛ حيث يبطئ نشاط الدماغ، مما يؤثر على التفكير، والمشاعر، والسلوك. بينما يتولى الكبد مهمة تكسير معظم الكحول وتحويله إلى مواد أقل سمية.

وتوضح الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أن الشرب المفرط للكحول يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الإدمان، وزيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة، وضعف الخصوبة، والضعف الجنسي، وأمراض الكبد، مثل التليف والفشل الكبدي، وأمراض القلب والجهاز الدوري، مثل ارتفاع ضغط الدم، واعتلال عضلة القلب، والسكتات الدماغية. كما يتسبب الكحول في سلوكيات غير لائقة تؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة؛ خصوصاً في حالات الإدمان.

ويشير «المعهد الوطني لإساءة استخدام الكحوليات وإدمانها» في الولايات المتحدة، إلى أن الكحول يعطل مسارات التواصل في الدماغ، مما يضعف التفكير والمزاج. كما يتسبب في مشاكل القلب، مثل اضطراب النبض والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى التهاب البنكرياس المزمن، ما يؤثر على الهضم، كما أنه يضعف المناعة، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي. ووفق المعهد، فإن الكحول مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطانات، مثل الثدي، والقولون، والكبد.