آلام البواسير... مشكلة شائعة لا تحتمل التأجيل

خطوات علاجية وجراحية للتخلص منها

آلام البواسير... مشكلة شائعة لا تحتمل التأجيل
TT

آلام البواسير... مشكلة شائعة لا تحتمل التأجيل

آلام البواسير... مشكلة شائعة لا تحتمل التأجيل


البواسير شائعة للغاية، ولكن كثيراً من الأشخاص يؤجلون العلاج المطلوب.
- تضخم الأوعية الدموية
لقد وُلدنا جميعاً بعينين، وأذنين، وذراعين، وساقين... وكذلك مقومات البواسير. وفي حين أنها ليست ما نعتقد من أنها جزء من الجسم، فإن الأوعية الدموية المبطنة للشرج والمستقيم هي، رغم ذلك، جزء منا جميعاً، وأمر يستحيي كثيرون من ذكره مع الصحبة المهذبة.
تصبح هذه الأوعية الدموية مشكلة فقط عندما تتضخم. وقبل ذلك؛ فإنها «تسهم في الواقع في قدر من تحكمنا؛ إنها تحفظ الأشياء في مكانها الصحيح»؛ كما تقول الدكتورة آن فابريزيو، اختصاصية أمراض المستقيم والشرج في «مركز بيت إسرائيل ديكونيس الطبي» التابع لجامعة هارفارد.
لكن عندما تظهر الأعراض - التي تتراوح بالكاد بين الملحوظ والمبرح - فإن بإمكانها أن تعطل أيام حياتنا. وقد عانى نحو نصف البالغين بدرجة ما من أعراض «البواسير (hemorrhoids)» بحلول سن 50 عاماً. تقول الدكتورة فابريزيو إن الألم والحكة والتورم والنزف يمكن أن تتطور إلى درجة تنتفخ فيها البواسير بصورة كبيرة وتتطور بها جلطات دموية ذات آلام موجعة.
تضيف الدكتورة: «إنها مشكلة شائعة بشكل لا يصدق، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على نوعية الحياة». لكن كثيراً من الناس يحاولون تجاهلها لمدة طويلة، ويرجع ذلك جزئياً إلى الإحراج الذي يلازمها، لذلك يترددون في الحديث عنها.
- مضاعفات خطيرة
تصنَّف البواسير إلى نوعين اعتماداً على مكان وجودها. يمكن رؤية البواسير الخارجية في الشرج، بينما تكون البواسير الداخلية داخل المستقيم. وتقول الدكتورة فابريزيو إن الأخيرة تميل إلى إحداث نزف بلون أحمر وهاج وغير مؤلم مع حركة الأمعاء، ولكن ليس بكثير من الألم.
إلا إن أي نزف في المستقيم مثير للقلق - وربما يشير إلى سرطان القولون والمستقيم - تجب عنده زيارة الطبيب، حتى إذا كنت غير مكترث، ومقتنعاً بأن البواسير الداخلية هي السبب.
والحمل أحد أهم عوامل خطر البواسير؛ لأنه يكثف الضغط في المستقيم. وتشتمل الحالات الأخرى: الشيخوخة، والإمساك المزمن، أو الإسهال، والسمنة. ولكن من الأكثر لدى النساء تأخير علاج البواسير في السنوات التالية للولادة - عندما تحتدم المشكلة - حيث يوفّقن أمورهن بين الأسرة وأولويات أخرى.
تقول الدكتورة فابريزيو: «هذا خطأ؛ إذ يمكن أن يؤدي تأخير الرعاية إلى مضاعفات خطيرة، إضافة إلى معاناة لا داعي لها لأي أشخاص مصابين بالبواسير». كما تقول: «قد يكونون غير مرتاحين طوال الوقت، ويشعرون بالألم، ويفكرون في البواسير عندما يكون من المفترض أن يركزوا على أشياء أخرى».
عندما تصبح البواسير متضخمة للغاية، يمكن للمخاط أن يتسرب، وكذلك الدم. تضيف الدكتورة فابريزيو: «أسوأ السيناريوهات أن يُصاب الناس بفقر الدم حقاً. ويمكن أن يكون لديهم فقدان كبير للدم؛ مما يضر بصحتهم بصفة عامة».
- استراتيجيات العلاج
غالباً ما تكون علاجات البواسير الدوائية أول ما يجربه المرضى عندما تكون الأعراض خفيفة. وتشتمل هذه الأدوية مُسكنات الألم، جنباً إلى جنب مع حشوات (وسادات) «ويتش هازل (witch hazel pads)» للبواسير، والكريمات والمراهم الموضعية للحد من الحكة والانزعاج. كما يمكن لـ«حمامات المقعدة المُسطحة (الضحلة)؛ (Shallow sitz baths)»، والكمادات الباردة، أن تجلب شعوراً بالراحة.
لكن رغم أن هذه التكتيكات «رائعة للتحكم في الأعراض»، تقول الدكتورة فابريزيو، «فإنها لا تعالج المشكلة الأساسية. ولا تجعل البواسير تختفي. ولهذا السبب لا بد من زيارة الطبيب».
يؤدي طلب الرعاية في وقت مبكر أيضاً إلى توسيع خيارات العلاج قبل أن تتفاقم المشكلة إلى حد الحاجة إلى خيارات أكثر تطرفاً وربما تكون مؤلمة. وإحدى الأدوات هي «تحاميل الهيدروكورتيزون (hydrocortisone suppositories)» التي تُصرف بوصفة طبية، والتي يمكن استخدامها في علاج التهاب البواسير قصير الأجل.
وتضيف الدكتورة أن معظم المرضى الذين يزورون الطبيب في وقت مبكر ويتخذون خطوات نحو سهولة وانتظام حركة الأمعاء يمكنهم، في كثير من الأحيان، تجنب أسوأ أعراض البواسير؛ أو حتى منع ظهور الأعراض على الإطلاق.
بالنسبة إلى البواسير الداخلية، فقد يوصي الطبيب بإجراء لإزالة البواسير عن طريق قطع تدفق الدم. أحد الخيارات هو العلاج بـ«التصليب (sclerotherapy)»، الذي يشمل حقن الأوعية الدموية للبواسير بمواد طبية تؤدي لانكماشها. وهناك وسيلة أخرى هي «الربط (banding)»، حيث يضع الطبيب رباطاً مطاطياً صغيراً حول قاعدة البواسير. في كلتا الحالتين؛ تختفي الأوعية المنتفخة في نهاية المطاف.
بالنسبة إلى البواسير الخارجية الكبيرة المنتفخة، فإن الجراحة التي تسمى «استئصال البواسير (hemorrhoidectomy)» هي خيار الإزالة الدائم والوحيد. تعترف الدكتورة فابريزيو بأن «الإجراء مؤلم، لكنه يستحق العناء في كثير من الأحيان. أخبر المرضى بأن استئصال البواسير يجلب ألماً مؤكداً قصير الأمد، ولكنه يوفر تحسناً في الأعراض على المدى الطويل».
بطبيعة الحال؛ فإن منع البواسير من التضخم في المقام الأول هو النموذج المثالي. توصي الدكتورة فابريزيو بـ«تفادي الإمساك، وذلك عن طريق تناول الأطعمة الغنية بالألياف وشرب كثير من الماء. تجنب أيضاً الإجهاد لمدد طويلة على المرحاض والتنظيف العنيف، مما قد يؤدي إلى مزيد من تهيج الأوعية الدموية».
وتقول الدكتورة أخيراً: «البواسير أمر نتعامل معه لقرون. إن الحديث عنها أكثر من شأنه أن يجعل الناس أكثر ارتياحاً عند زيارة الطبيب في وقت مبكر؛ الأمر الذي قد يكون مريحاً للجميع».
* «رسالة هارفارد» - «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
TT

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)
منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)

توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن جودة الصداقات عبر الشبكات الاجتماعية يمكن أن تسهم في تقليل الشعور بالوحدة، وتعزيز احترام الذات، والثقة بالنفس، مما يقلل من مخاطر الاكتئاب.

وأوضح باحثو جامعة أركنساس في الدراسة التي نُشرت نتائجها، في دورية «Telematics and Informatics»، أن الصداقات الرقمية قد تساعد في كسر الحواجز الاجتماعية، وتشجيع التفاعل الاجتماعي الواقعي. ورغم الانتقادات التي تشير إلى أن هذه العلاقات الافتراضية أقل عمقاً مقارنة بالعلاقات الواقعية، أظهرت الدراسة أن الصداقات المبنية على الاهتمامات المشتركة والدعم المتبادل، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية.

وقد شملت الدراسة مسحاً لآراء 1500 مشارك، تابع الباحثون أكثر من نصفهم بعد مرور 6 أسابيع. وهدفت إلى دراسة تأثير جودة الصداقات على تقدير الذات الدائم والشعور بالوحدة، مع التمييز بين تقدير الذات الدائم الذي يُعد أكثر استقراراً، وتقدير الذات المؤقت الذي يتغير تبعاً للمواقف، مثل الحصول على إعجاب على منشور في وسائل التواصل الاجتماعي.

وطُلب من المشاركين تقييم عبارات مثل «أنا شخص ذو قيمة»، و«أعتقد أن لدي صفات جيدة» على مقياس من 5 نقاط، بالإضافة إلى استبيانات حول شعورهم بالعزلة أو الاستبعاد، خلال الأسبوع الماضي.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شعروا بالقرب والرفقة مع أصدقائهم عبر الشبكات الاجتماعية، شهدوا زيادة ملحوظة في احترام الذات، وهو ما انعكس على تقليل مستويات الوحدة لديهم. واستمر التحسن بعد مرور 6 أسابيع. وكانت هذه التأثيرات أكثر وضوحاً لدى الفئات السنية بين 18 و39 عاماً، بينما كانت أقل تأثيراً على الأفراد الذين تجاوزت سنهم 50 عاماً. وبيَّنت الدراسة أن الأفراد الأكبر سناً قد لا يعدُّون الصداقات الرقمية مكملة للعلاقات الواقعية، مما يجعل تأثيرها أقل إيجابية عليهم.

وأكد الباحثون أن استخدام الشبكات الاجتماعية بطرق إيجابية وموجهة نحو بناء علاقات ذات جودة عالية، يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة الاجتماعية، مما يساهم في تقليل مخاطر الانتحار. واقترح الباحثون الانضمام إلى مجموعات رقمية تهتم بمواضيع غير سياسية قائمة على الاهتمامات المشتركة، مثل تشجيع فريق رياضي معين، أو ممارسة هوايات، كالمشي في الطبيعة أو الزراعة أو مراقبة الطيور. وأشاروا إلى أن هذه الأنشطة يمكن أن تساعد في توسيع الروابط الاجتماعية وتعزيز التفاعل الواقعي، مما يُعزز من الشعور بالرفقة والتقارب.

تجدر الإشارة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين؛ حيث تتيح وسيلة فعّالة للتواصل وبناء علاقات اجتماعية، رغم البعد الجغرافي.