اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري

مارس شهر التوعية بالأمراض النادرة

 الأستاذ الدكتور سلمان أحمد الجار الله
الأستاذ الدكتور سلمان أحمد الجار الله
TT

اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري

 الأستاذ الدكتور سلمان أحمد الجار الله
الأستاذ الدكتور سلمان أحمد الجار الله

شهر مارس (آذار) هو شهر التوعية بكثير من الأمراض المزمنة والخطيرة والنادرة. ويعرف الاضطراب النادر بأنه مرض أو حالة تؤثر على أقل من 200 ألف شخص. وبشكل تراكمي، فإن هناك أكثر من 7 آلاف مرض نادر يصيب أكثر من 30 مليون أميركي. ولأهمية الأمراض النادرة، فقد تشكلت، عالمياً، منظمة متخصصة في أبحاث هذه الأمراض وتحديدها ومعالجتها من خلال برامج التعليم والدعوة والبحث والخدمات، أطلق عليها المنظمة الوطنية للأمراض النادرة (The National Organization for Rare Disorders (NORD)).

- التهاب النخاع والعصب البصري
ومن أهم الأمراض النادرة التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها والتوعية بأهميتها ومخاطرها وإمكانية مكافحتها؛ اضطراب التهاب النخاع والعصب البصري الطيفي (NeuroMyelitis Optica Spectrum Disorder (NMOSD)) .
ولمزيد من التوضيح حول هذا المرض، نستضيف أحد المتخصصين في هذا المجال، وهو الأستاذ الدكتور سلمان أحمد الجار الله، أستاذ طب الأعصاب وأمراض المناعة العصبية في جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية، وهو خبير سعودي معتمد من بالتيمور، ماريلاند، الولايات المتحدة الأميركية في علاج هذا المرض (NMOSD)، وفي علاج التصلب المتعدد (MS)، وهو عضو نشط في الفرع السعودي لمرض التصلب العصبي المتعدد، حيث يقود مبادرات محلية متعددة في زيادة الوعي حول مرض التصلب العصبي المتعدد.
ما اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري؟ أوضح أ.د. سلمان الجار الله أن اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري (NMOSD) يُعد من أمراض المناعة الذاتية النادرة والمنهكة التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، ويتميز بتلف مناعي للعصب البصري أو جذع الدماغ أو الحبل الشوكي. يمكن لأي شخص الإصابة بهذا المرض، إلا أن النساء أكثر عرضة للتأثر به 9 مرات من الرجال.
وكان اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري (NMOSD) يُعرف سابقاً بمرض ديفك (Devic disease). وهو يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم، حيث تقوم الخلايا المناعية بإفراز أجسام مضادة لبروتينات موجودة على خلايا المخ والجهاز العصبي مما يؤدي لتضرر الخلايا العصبية.
ويصيب المرض بشكل رئيسي الأعصاب البصرية التي تربط شبكية العين بالدماغ والحبل الشوكي. قد يظهر الاضطراب بعد الإصابة بعدوى، أو يمكن أن ينتج بسبب ارتباطه بحالة أخرى من أمراض المناعة الذاتية. وترتبط الأجسام المضادة غير المنتظمة ببروتينات الجهاز العصبي المركزي مسببةً أضراراً. يعد التهاب النخاع والعصب البصري حالة مختلفة تماماً عن التصلب المتعدد (MS) رغم التشابه بينهما.

- الأسباب والأعراض
> من الأكثر إصابة بالمرض؟ أوضح البروفسور الجار الله أن اضطراب طيف التهاب النخاع والعصب البصري (NMOSD) يحدث في جميع الأجناس، وأن معدل انتشاره يبلغ تقريباً 1 - 10 لكل 100 ألف فرد، ويبدو أنه متشابه في جميع أنحاء العالم، على الرغم من الإبلاغ عن معدلات أعلى إلى حد ما في بعض البلدان. قد يتأثر الأفراد من أي عمر، ولكن عادةً ما يحدث «NMOSD»، خصوصاً الحالات المصلية لـ«AQP4-IgG» عند النساء في منتصف العمر المتأخر. بشكل عام، النساء، خصوصاً أولئك المصابات بـ«AQP4-IgG»، أكثر عرضة 4 أو 5 مرات للتأثر من الرجال بالنموذج المتكرر (الانتكاس). قد يتأثر الأطفال أيضاً بهذه الحالة؛ يصاب الأطفال بشكل أكثر شيوعاً بأعراض الدماغ في البداية، ويبدو أن لديهم تكراراً لظهور أحادي الطور أعلى من البالغين.
> الأسباب. يقول أ.د. سلمان الجار الله إن اضطراب «NMOSD» يُعد أحد أمراض المناعة الذاتية على الرغم من أن السبب الدقيق للمناعة الذاتية غير معروف. أكثر من 95 في المائة من المرضى ليس لديهم أقارب مصابون بالمرض، نحو 3 في المائة أفادوا بوجود أقارب آخرين مصابين بهذه الحالة. هناك ارتباط قوي مع التاريخ الشخصي أو العائلي للمناعة الذاتية، التي توجد في 50 في المائة من الحالات.
تحدث اضطرابات المناعة الذاتية عندما تبدأ دفاعات الجسم الطبيعية ضد الأمراض أو الكائنات الحية الغازية (مثل البكتيريا)، لأسباب غير معروفة، في مهاجمة الأنسجة السليمة فجأة. هذه الدفاعات، لأسباب غير مفهومة على الإطلاق، تهاجم البروتينات في الجهاز العصبي المركزي، خصوصاً أكوابورين-4 (aquaporin-4).
> العلامات والأعراض. أفاد أ.د. سلمان الجار الله بأن الأعراض المميزة لمرض «NMOSD»، تتمثل في التهاب العصب البصري (optic neuritis) أو التهاب النخاع الشوكي (myelitis). ويؤدي التهاب العصب البصري إلى ألم داخل العين يتبعه بسرعة فقدان الرؤية الواضحة (الحدة). عادة، تتأثر عين واحدة فقط (من جانب واحد) على الرغم من إمكانية إصابة كلتا العينين في وقت واحد (ثنائية). اضطراب «NMOSD» قد تسبقه أو لا تسبقه عدوى الجهاز التنفسي العلوي.
المتلازمة الرئيسية الأخرى هي التهاب النخاع الشوكي، والأعراض تميل إلى التأثير على بعض أو على جميع الوظائف الحركية والحسية واللاإرادية (المثانة والأمعاء). وفي حالات نادرة، قد تنحصر الأعراض في جانب واحد من الجسم. وقد يعاني الأفراد المصابون من ألم في العمود الفقري أو الأطراف، وشلل خفيف إلى شديد (شلل نصفي) في الأطراف السفلية، وفقدان السيطرة على الأمعاء والمثانة. قد تكون ردود أفعال الأوتار العميقة مبالغاً فيها، أو قد تتضاءل أو تختفي في البداية ثم تصبح مبالغاً فيها فيما بعد. قد تحدث درجة متفاوتة من فقدان الحواس. قد يعاني الأفراد المصابون أيضاً من تصلب في الرقبة و/ أو آلام الظهر أو الأطراف و/ أو الصداع.
في وقت مبكر من مسار المرض، قد يكون من الصعب التمييز بين «NMOSD» والتصلب المتعدد (MS)، لأن كليهما قد يسبب التهاب العصب البصري والتهاب النخاع كأعراض. ومع ذلك، يميل التهاب العصب البصري والتهاب النخاع إلى أن يكون أكثر حدة في «NMOSD». يعد التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ طبيعياً بشكل أكثر شيوعاً، ولا يُظهر تحليل السائل الشوكي عادةً نطاقات قليلة النسيلة في «NMOSD»، وهي ميزات تساعد في تمييزه عن مرض التصلب العصبي المتعدد.
في معظم حالات «NMOSD»، تتحسن الأعراض الأولية لفقدان البصر أو الشلل مع العلاج القياسي بجرعات عالية من الكورتيكوستيرويدات، ويحدث الشفاء الجزئي لوظيفة الرؤية أو الحركة أو الحسية أو المثانة. ومع ذلك، في الحالات المتكررة، يسبب «NMOSD» في كثير من الأحيان اضطرابات دائمة كبيرة في الرؤية و/ أو وظيفة الحبل الشوكي، مما يؤدي إلى العمى أو ضعف الحركة.

- التشخيص
أوضح أ.د. سلمان الجار الله أن التشخيص يبدأ بإجراء فحص بدني شامل من قبل الطبيب مع أخذ التاريخ الطبي للحالة لاستبعاد أمراض الجهاز العصبي الأخرى التي تتشابه مؤشراتها وأعراضها مع أعراض التهاب النخاع والعصب البصري. في عام 2015، اقترحت اللجنة الدولية لتشخيص التهاب النخاع والعصب البصري معايير لتشخيص هذا المرض، من أهمها:
> الفحص العصبي، يفحص طبيب الأعصاب الحركات وقوة العضلات والتناسق الحركي والشعور والذاكرة والتفكير والرؤية والكلام. وقد يشارك طبيب عيون في هذا الفحص.
> التصوير بالرنين المغناطيسي، لالتقاط صور مفصلة للدماغ والأعصاب البصرية والحبل النخاعي للكشف عن الآفات أو المناطق التالفة في الدماغ أو الأعصاب البصرية أو الحبل النخاعي.
> تحاليل الدم، للكشف عن الغلوبولين المناعي G لبروتين أكوابورين 4، الذي يُطلق عليه أيضاً الجسم المضاد (AQP4-IgG). ويُبيّن هذا التحليل الفرق بين التهاب النخاع والعصب البصري والتصلب المتعدد، ويساعد أيضاً في التوصل إلى تشخيص مبكر لحالة التهاب النخاع والعصب البصري.
> المؤشرات الحيوية الأخرى، مثل البروتين الحمضي الليفي الدبقي بالمصل والسلسلة الخفيفة للخيوط العصبية في المصل للكشف عن انتكاسات المرض. أيضاً تحليل الأجسام المضادة للغلوبولين المناعي G للبروتين السكري للخلايا الدبقية قليلة التغصن المنتجة للميالين بحثاً عن وجود اضطراب التهابي آخر يشبه التهاب النخاع والعصب البصري.
> البزل القَطَني (البزل النخاعي)، يُدخِل طبيب الأعصاب في هذا الفحص إبرة في أسفل الظهر لسحب عينة صغيرة من السائل النخاعي. يحدد هذا الفحص مستويات الخلايا والبروتينات والأجسام المضادة المناعية الموجودة في هذا السائل. ويمكن لهذا الفحص التمييز بين التهاب النخاع والعصب البصري والتصلب المتعدد.
> اختبار الاستجابة للمحفزات، لمعرفة مدى استجابة الدماغ للمحفزات مثل الأصوات أو المناظر أو اللمس، يُجري الطبيب اختبار الجهد المستثار أو اختبار الاستجابة المستثارة، ويُثبِّت أسلاكاً تُعرَف بالأقطاب الكهربائية بفروة الرأس، وفي بعض الحالات بشحمة الأذن والرقبة والذراع والساق والظهر. ويسجل جهاز متصل بالأقطاب الكهربائية استجابة الدماغ للمنبهات. وتساعد هذه الفحوص في الكشف عن الآفات أو المناطق التالفة في الأعصاب أو الحبل النخاعي أو العصب البصري أو الدماغ أو جذع الدماغ.
> التصوير المقطعي بالموجات الضوئية التوافقية، يُقيِّم هذا الفحص حالة عصب شبكية العين ويقيس سُمْكه. تشيع الإصابة بفقدان البصر وترقُّق عصب الشبكية لدى المرضى المصابين بالتهاب العصب البصري الناتج عن التهاب النخاع والعصب البصري أكثر مما لدى الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد.

إبراهيم القرشي (جدة)
صحتك سيدة مصابة بالخرف (رويترز)

4 تمارين قد تقلل من خطر الإصابة بالخرف

كشفت دراسة نُشرت مؤخراً أن ممارسة التمارين الرياضية بشكل متكرر تمنحك الحماية من الخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم
TT

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم تتمثل بشكل رئيسي في الآثار السلبية المُتلفة لعدد من أعضاء الجسم.

تغيرات بنيوية في الأعضاء

والواقع أن ارتفاع ضغط الدم يؤدي إلى حدوث تغيرات بنيوية في عدد من الأعضاء، ما يؤدي إلى خلل في وظائفها المهمة. ويفيد باحثون من كلية طب جامعة بوسطن بالقول: «قد أظهرت العديد من الدراسات حتى الآن العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم وأنواع مختلفة من تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم Hypertension-Mediated Organ Damage. وما لم يتم علاجه، يتطور المرض والتدهور في تلك الأعضاء المستهدفة تدريجياً من عدم ظهور الأعراض إلى ظهور الأعراض. وهذا ما يؤدي في النهاية إلى حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية بشكل واضح.

وتوصي إرشادات ارتفاع ضغط الدم الحالية بتقييم تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم ضمن خطوات التقييم والمتابعة الإكلينيكية الروتينية لجميع المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. كما يؤثر تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم على استراتيجيات الإدارة العلاجية لهؤلاء الأفراد.

مبادئ توجيهية

ومن ناحية أخرى، قد يكشف ذلك التلف في تلك الأعضاء عن وجود حالة مرض ارتفاع ضغط الدم، قبل أو من دون ظهور أي أعراض تدل على ارتفاع ضغط الدم؛ أي وجود مرض ارتفاع ضغط الدم غير المشخص.

وأضافوا: «تؤكد المبادئ التوجيهية الوطنية والدولية لارتفاع ضغط الدم على أهمية فحص الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بحثاً عن وجود تلف في الأعضاء الطرفية المُستهدفة بالضرر. وخاصة القلب والدماغ وشبكية العين والكلى والأوعية الدموية».

كما توضح مجموعة كبيرة من المصادر الطبية أن وجود تلف بنيوي أو تدهور وظيفي في أحد تلك الأعضاء المستهدفة بالضرر، أمرٌ يلعب دوراً محورياً في إدارة معالجة ومتابعة الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم في وقت تشخيصهم وأثناء المتابعة. وذلك لأن وجوده (أي تضرر تلك الأعضاء) قد يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية CVD لدى الفرد.

وعلى سبيل المثال، قد يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من درجة خطر منخفض إلى درجة خطر متوسط. كما أن وجود هذا الأمر (أي التدهور في الأعضاء المستهدفة بالضرر) يشير إلى الحاجة لبدء علاج خفض ارتفاع ضغط الدم لدى الأفراد الأصغر سناً الذين قد يكونون لا يعانون إلّا من ارتفاع ضغط الدم بشكل خفيف. وهم الذين عادة قد لا يتم علاجهم بالأدوية. وعلاوة على ذلك، فإن وجود الضرر في العديد من تلك الأعضاء في الشخص نفسه، يمكن أن يثير الشك في وجود سبب متقدم لارتفاع ضغط الدم، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

أمراض القلب

وإليك الحقائق التالية عن تلك الأعضاء المستهدفة بالضرر نتيجة ارتفاع ضغط الدم، وهي:

1. تضرر القلب. يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يسبب كثيراً من أوجه الضرر على أجزاء القلب المختلفة. ومنها ما يلي:

- مرض الشريان التاجي. حيث يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يسبب زيادة تراكم الدهون والكولسترول في جدران الشرايين التي تمد عضلة القلب بالدم، وبالتالي نشوء تضيُّق وتضرر في عملها على توصيل الكميات اللازمة من الدم إلى عضلة القلب.

ويُعرَف هذا الضرر بمرض الشريان التاجي. وقد يسبب انخفاض تدفق الدم إلى القلب آلاماً في الصدر، ويُطلَق عليها ذبحة صدرية. كما قد يكون سبباً محورياً في حصول انسداد تام في جريان الدم من خلالها، ما يؤدي بشكل مفاجئ إلى نوبة الجلطة القلبية. ويمكن أن تؤدي أيضاً تلك التضيقات والتضرر الذي أصاب عضلة القلب جرّاءها، إلى عدم انتظام ضربات القلب، ويُطلَق عليه اضطراب النظم القلبي.

- فشل وعجز القلب. يتسبب ارتفاع ضغط الدم المستمر والعالي ولفترات طويلة، في إجهاد وإنهاك عضلة القلب؛ لأن وجود ارتفاع ضغط الدم بتلك الصفات يفرض على عضلة القلب أن تنقبض بقوة مُنهكة طوال الوقت. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب أو تيبسها وعدم تأديتها وظيفتها كما ينبغي. ويبدأ القلب المُجهَد في الفشل بالتدريج.

- تضخم القلب الأيسر. يدفع ارتفاع ضغط الدم القلب إلى العمل بقوة أكبر من اللازم من أجل ضخ الدم لبقية الجسم. وهذا يسبب زيادة سُمك حجرة القلب السفلية اليسرى، التي يُطلَق عليها البطين الأيسر، وتضخمها. أي أن ما يؤدي إلى تضخم عضلة القلب هو مشابه لتضخم عضلات العضد عند بدء إجراء القوة لتكبير حجم عضلات الجسم. وبالتالي يزيد سُمك جدار البطين الأيسر وتضخمه، ما يرفع من احتمال الإصابة بنوبة قلبية والفشل القلبي؛ لأن العضلة المتضخمة في حجمها تتطلب تزويدها بكميات أكبر من الدم عبر الشرايين التاجية، مقارنة بعضلة القلب ذات الكتلة الطبيعية وغير المتضخمة. ويزيد أيضاً من احتمال التعرض للوفاة عندما يتوقف القلب فجأة عن النبض، وهو ما يُطلَق عليه موت القلب المفاجئ.

الدماغ

2. تضرر الدماغ. ما يجدر استحضاره في الذهن أن الدماغ يعتمد على تدفق الدم المغذي له لكي يؤدي وظائفه بشكل صحيح، ولكي يكون المرء في مزاج نفسي جيد ومريح. وحينما لا يتم تزويد الدماغ بالدم الكافي، أو يتم تزويده بالدم باندفاع عالٍ (عند ارتفاع ضغط الدم)، فإن الاختلالات في عمل الدماغ تظهر؛ ولذا يفيد أطباء «مايو كلينك» بالقول: «من الممكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إصابة الدماغ بما يلي:

- النوبة الإقفارية العابرة (TIA). ويُطلق عليها أحياناً السكتة الدماغية العابرة. وتحدث النوبة الإقفارية العابرة عندما يتوقف تدفق الدم إلى جزء من الدماغ لفترة وجيزة، ويمكن أن تسببها الإصابة بتصلّب الشرايين أو جلطات الدم الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم. وفي أغلب الحالات، تكون النوبة الإقفارية العابرة علامة تحذيرية على الإصابة بسكتة دماغية كاملة.

- السكتة الدماغية (Stroke). تحدث السكتة الدماغية عند عدم حصول جزء من الدماغ على ما يكفي من الأكسجين والعناصر المغذية، أو قد تحدث عند وجود نزيف في الدماغ أو حوله. وتؤدي هذه المشكلات إلى موت خلايا الدماغ. وقد تتعرّض الأوعية الدموية التي تضررت من ارتفاع ضغط الدم للتضيّق أو التمزّق أو تسرّب الدم منها. ومن الممكن أن يُسبب ارتفاع ضغط الدم أيضاً تكوُّن جلطات الدم في الشرايين المؤدية إلى الدماغ. وقد تمنع هذه الجلطات تدفق الدم إليه، ما يزيد من احتمالات الإصابة بسكتة دماغية.

- الخَرَف. يمكن أن يُقلِّل تضيّق الشرايين أو انسدادها من تدفق الدم إلى الدماغ. ويمكن أن يسبب هذا نوعاً معيناً من الخَرَف، يسمى الخَرَف الوعائي. كذلك يمكن أن يحدث الخَرَف الوعائي نتيجة التعرّض لسكتة دماغية واحدة أو عدة سكتات دماغية صغيرة تمنع تدفق الدم إلى الدماغ.

- القصور الإدراكي البسيط. تحدث في هذه الحالة مشكلات بسيطة بعض الشيء في الذاكرة أو اللغة أو التفكير لدى المريض مقارنةً بالبالغين الآخرين في العُمر نفسه. ولكن هذه التغيرات لا تكون كبيرة لدرجة تأثيرها على حياته اليومية، مثلما يحدث في حال الخَرَف. وقد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى الإصابة بالقصور الإدراكي البسيط».

الكلى

3. تضرر الكلى. المهمة الرئيسية للكلى العمل على تنقية السوائل الزائدة والفضلات من الدم، إضافة إلى إنتاج عدد من المركبات الكيميائية المهمة للجسم. وهي عمليات تتطلب وجود أوعية دموية صحية وتعمل بكفاءة، كي يتم توصيل الدم إلى الكليتين لتنقيته بشكل متواصل، وكي تحافظ أنسجة الكليتين على حيويتها لتقوم بإنتاج تلك المركبات الكيميائية. ويمكن لارتفاع ضغط الدم أن يتلف كلاً من الأوعية الدموية الموجودة في داخل الكليتين والأوعية التي توصل الدم إليها. وعندما توجد أمراض أخرى مصاحبة لارتفاع ضغط الدم (مرض السكري، وارتفاع الكولسترول)، فإن الضرر سيتفاقم على الكليتين.

وبالتالي فإن وجود الأوعية الدموية التالفة يمنع ويعيق قدرات الكلى على تنقية الدم من الفضلات بفاعلية. ومن ثم يؤدي ذلك إلى تراكم مستويات خطرة من السوائل وفضلات السموم في الجسم. وعندما لا تؤدي الكلى وظيفتها بشكل كافٍ من تلقاء نفسها، تُعرَف هذه الحالة الخطيرة بالفشل الكلوي. وقد يشمل العلاج غسيل الكلى أو زرع الكلى. ويُعد ارتفاع ضغط الدم أحد أكثر الأسباب شيوعاً لحدوث الفشل الكلوي على مستوى العالم.

تلف الأعضاء يشمل الكلى والعين إضافة إلى الأوعية الدموية والقلب والدماغ

الشرايين والعينان

4. تلف الشرايين. يوضح أطباء «مايو كلينك» هذا الجانب بقولهم: «يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم، أو فرط ضغط الدم، إلى تضرر الجسم ببطء على مدار عدة سنوات قبل ظهور الأعراض. وتتميز الشرايين السليمة بالمرونة والقوة والليونة. وتكون بطانتها الداخلية ملساء، ومن ثمّ يتدفق الدم بسهولة مزوداً الأعضاء الحيوية والأنسجة بالعناصر المغذية والأكسجين. ومع مرور الوقت، يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة ضغط الدم المتدفق في الشرايين، على جدرانها. وقد يُسبب ذلك ما يلي:

- تضرر الشرايين وتضيّقها. قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تضرر خلايا البطانة الداخلية للشرايين. وعندما تدخل دهون الطعام إلى مجرى الدم، فإنها قد تتراكم في الشرايين المتضررة. وبمرور الوقت، تصبح جدران الشريان أقل مرونة، ما يحد من تدفق الدم في الجسم.

- تمدد الأوعية الدموية. مع مرور الوقت، قد يُسبب الضغط المستمر للدم المتدفق عبر شريان ضعيف انتفاخ جزء من جدار الشريان، وتُعرف هذه الحالة بتمدد الأوعية الدموية. قد ينفجر الوعاء الدموي المتمدد مسبباً نزيفاً داخل الجسم قد يُهدد الحياة. وقد يُصيب تمدد الأوعية الدموية أي شريان، لكنه أكثر شيوعاً في الشريان الأورطي، وهو أكبر شريان في الجسم.

5. تضرر العينين. تلخص المصادر الطبية ضرر العينين جراء الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم بالقول: «قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية الدقيقة والحساسة التي تزود العينين بالدم، ما يسبب:

- تلف الأوعية الدموية في الشبكية، ويُطلَق عليه أيضاً اعتلال الشبكية. والشبكية هي طبقة من الخلايا التي تعمل على استشعار الضوء في الجدار الخلفي للعين. ويمكن للتلف الذي يلحق بالأوعية الدموية في الشبكية أن يؤدي إلى نزيف في العين، وتَغَيُّم الرؤية وفقدان البصر بالكامل. وتزيد الإصابة بالسكري مع ارتفاع ضغط الدم من احتمال اعتلال الشبكية.

- تراكم السوائل تحت الشبكية، ويُطلَق عليه أيضاً اعتلال المشيمية. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تشوش الرؤية أو تندُّب في بعض الأحيان يضعف الرؤية.

- تلف الأعصاب، ويُطلَق عليه أيضاً الاعتلال العصبي البصري. يمكن أن تؤدي إعاقة تدفق الدم إلى تلف العصب الذي يرسل إشارات ضوئية إلى الدماغ، والذي يُعرف باسم العصب البصري. وقد يؤدي هذا التلف إلى حدوث نزيف في العين أو فقدان البصر.

* استشارية في «الباطنية»