مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى

تحفز خط الدفاع الأول ضد البكتيريا الدخيلة

مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى
TT

مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى

مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى

ضمن تجربة علمية جديدة، طرح باحثون من معهد لايبنيز لبيولوجيا النظم الغذائية في جامعة ميونيخ للتقنية، آلية صحية جديدة تُعزز ما يتمتع به الزنجبيل Ginger من سمعة طيبة في تحفيز جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات. وكان الباحثون الألمان قد نشروا دراستهم العلمية هذه ضمن عدد فبراير (شباط) الماضي من مجلة التغذية الجزيئية وبحوث الغذاء Molecular Nutrition & Food Research.
ووفق تجربتهم المختبرية الجديدة، تسبب تعريض خلايا الدم البيضاء WBC لكميات صغيرة من أحد مكونات الزنجبيل اللاذعة، في وضع خلايا المناعة هذه في حالة تأهب قصوى.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن هذه العملية تتضمن تفاعل خلايا المناعة مع نوع من المستقبلات Receptors في اللسان، التي تلعب دوراً محورياً في إدراك المنبهات الحرارية المؤلمة والإحساس بالتوابل.
مركبات الزنجبيل
ووفق المعايير الشائعة لتقييم الجدوى الغذائية، لا تحتوي جذور الزنجبيل على كميات مهمة من المعادن أو الفيتامينات أو السكريات أو البروتينات أو الدهون. ولكن تأتي الفوائد الصحية للزنجبيل من احتوائه على عدد من المركبات الكيميائية ذات التأثيرات الحيوية في الجسم. ومنها زيوت طيّارة Volatile ذات نكهة ورائحة مميزة، وأخرى مركبات لاذعة Pungent. وتأتي النكهة العطرية والطعم اللاذع المميز للزنجبيل من احتوائه على مزيج من مركبات «زينغيرون» Zingerone، ومركبات شوغول Shogaols، ومركبات «جينجيرول» Gingerols، التي توجد في الزنجبيل بنسبة عالية، مقارنة بغيره (إلى حدّ نسبة 4 في المائة من كمية الوزن). كما يزداد تحريرها وتوفرها للامتصاص في الأمعاء، مع تعرّض الزنجبيل للحرارة (الطهو أو المشروب الساخن).
وكان باحثون من جامعة بوند في كوينزلاند أستراليا قد عرضوا، ضمن عدد يونيو (حزيران) الماضي من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية Am J Clin Nutr، مراجعتهم العلمية بعنوان «الزنجبيل المتناول عن طريق الفم وصحة الإنسان: مراجعة شاملة». وقالوا في مقدمة عرضهم: «يبدو الاستهلاك الغذائي للزنجبيل آمناً، وقد تكون له آثار مفيدة على الإنسان ورفاهيته الصحية. وتدعم الأدلة العلمية الحديثة، الفوائد الصحية للزنجبيل، لمجموعة من الحالات والأعراض».
وقبل ذلك نشرت دراسة لباحثين من جامعة سيول الوطنية في كوريا وجامعة فيتنام الوطنية في هوشي منه، بعنوان «الزنجبيل على صحة الإنسان: مراجعة منهجية شاملة لـ109 دراسات»، في عدد 6 يناير (كانون الثاني) 2020 من مجلة المُغذّيات Nutrients. وفيها قال الباحثون: «تم إجراء عدد كبير من الدراسات الإكلينيكية لفحص تأثيرات الزنجبيل الصحية. وتم عزل ما يقرب من 100 مركب من الزنجبيل، التي ورد أنها تمتلك العديد من الأنشطة الحيوية. ونتيجة لذلك، تم اكتشاف العديد من الأنشطة البيولوجية ذات الصلة، مثل تلك المتعلقة بمضادات الأكسدة ومضادات الميكروبات ومضادات الالتهاب. وفي السنوات الأخيرة، تم توسيع دور الزنجبيل ليشمل مضادات السرطان، والغثيان والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي، وكذلك تحسين نوعية الحياة اليومية».
تحفيز الخلايا المناعية
وبالعودة إلى الدراسة الألمانية الحديثة، أفاد الباحثون أن تعريض خلايا الدم البيضاء لكمية ضئيلة من مركب Gingerol (أي ما يصل إلى الدم عادة وبشكل طبيعي بعد تناول كمية معتدلة من الزنجبيل)، أدى إلى تنشيط عمل خلايا المناعة في الدم.
واستهدف الباحثون في دراستهم تأثير مركبات الزنجبيل اللاذعة على نوعية خلايا «العدلات» Neutrophils من بين أنواع خلايا الدم البيضاء. وهي فصيلة من الخلايا ذات الصلة المباشرة بنشاط المناعة ومكافحة البكتيريا الغازية. وقالوا: «خلايا العدلات هي أكثر الكريات البيضاء وفرة في دم الإنسان، وتمثل 70 في المائة من جميع خلايا الدم البيضاء المنتشرة. إنها الخلايا المناعية الأولى، التي يتم تجنيدها في مواقع الإصابة؛ لذلك غالباً ما يشار إليها على أنها خط الدفاع الأول».
ومن جانب آخر ذي صلة، ذكر الباحثون أن الزنجبيل أصبح حالياً يتمتع بشعبية متزايدة في ألمانيا. ووفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني German Federal Statistical Office، تضاعف حجم الواردات السنوية من جذور الزنجبيل أربع مرات تقريباً خلال السنوات العشر الماضية، ليصل إلى نحو 32 ألف طن. وقالوا إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل «مستويات الاستهلاك العادية» Habitual Dietary Intake من الزنجبيل كافية لتحقيق آثار صحية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المركبات والآليات الجزيئية التي تلعب دوراً في ذلك؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى فريق الباحثين الألمان، بقيادة الدكتورة فيرونيكا سوموزا، مديرة معهد لايبنيز في فريسينج بألمانيا والأستاذة في كلية الكيمياء بجامعة فيينا بالنمسا، بحثاً مكثفاً. وكانت نقطة البداية نتيجة أظهرتها دراسة تجريبية سابقة، وهي أن كميات كبيرة من مركبات الزنجبيل اللاذعة تظهر في الدم (بتركيزات في بلازما الدم من نحو 7 إلى 17 ميكروغراماً لكل لتر)، بعد نحو 30 إلى 60 دقيقة من تناول شاي الزنجبيل. والكمية في تلك التجربة كانت لتراً واحداً من شاي الزنجبيل.
ومن المعروف أن «المركب اللاذع»، مركب الجنجرول Gingerol، يمارس تأثيره في «المذاق» عبر «مستقبل» يُسمى علمياً TRPV1. وهي قناة أيونية تقع على سطح الخلايا العصبية للتذوق في الفم، وتستجيب للمركبات اللاذعة من الفلفل الحار والزنجبيل. ولكن اللافت للنظر، أن خلايا الدم البيضاء تمتلك على سطحها أيضاً هذا المستقبل العصبي. ولذا حاول الباحثون معرفة نوعية تفاعل خلايا الدم البيضاء مع مركب الجنجرول في الزنجبيل، وكيف سيؤثر على نشاط هذه الخلايا المناعية.
وفي النتائج أفاد الباحثون أن حتى التركيز المنخفض جداً (الذي يقارب 15 ميكروغراماً من الجنجرول لكل لتر) كان كافياً لوضع هذه الخلايا المناعية في حالة تأهب قصوى. واستجابت هذه الخلايا لتحفيز المركب اللاذع للزنجبيل، بقوة أكبر بنحو 30 في المائة في التعامل مع العدوى الميكروبية.
وعلقت الدكتورة غابي أندرسن، الباحثة المشاركة، بالقول: «وهكذا، على الأقل في التجارب، فإن تركيزات منخفضة جداً من الزنجبيل كافية للتأثير على نشاط الخلايا المناعية عبر مستقبل TRPV1. وفي الدم، يمكن نظرياً تحقيق هذه التركيزات عن طريق تناول شاي الزنجبيل». وأضافت الدكتورة فيرونيكا سوموزا قائلة: «لذلك، تدعم نتائجنا الافتراض القائل إن تناول كميات شائعة من الزنجبيل قد يكون كافياً لتعديل الاستجابات الخلوية لجهاز المناعة. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها على المستويات الجزيئية والوبائية والطبية، التي يجب معالجتها بمساعدة البحوث الغذائية والصحية الحديثة». وهو ما يفتح الباب لمزيد من الدراسات التطبيقية لهذا التأثير الإيجابي المحتمل في الجسم البشري حال التعرّض للعدوى الميكروبية.

الزنجبيل لتخفيف آلام المفاصل وغثيان الحوامل

> رغم أن الغالب في تفضيل الكثيرين لتناول الزنجبيل (كإضافة إلى الطعام أو المشروبات الساخنة) هو البحث عن الشعور بالدفء في برد الشتاء وتقوية جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات، فإنَّ أقوى التأثيرات الصحية للزنجبيل هي في جوانب تهدئة الجهاز الهضمي وتخفيف الشعور بالغثيان ومنع القيء وتسكين آلام المفاصل وخفض ضغط الدم وضبط نسبة السكر في الدم.
وضمن دراسة المراجعة العلمية للباحثين الأستراليين (التي تقدم ذكرها)، أفادوا أنه بمراجعة نتائج 24 دراسة مراجعة منهجية سابقة حول الزنجبيل وتأثيراته الصحية، ثمة أدلة علمية قوية على تأثيرات الزنجبيل المضادة للقيء عند النساء الحوامل. وكذلك القيء الناجم عن العلاج الكيميائي.
هذا وتنصح الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد، بتناول الزنجبيل، كأحد العلاجات المنزلية الفاعلة والثابتة الجدوى في تخفيف مشكلة الغثيان والقيء لدى الحوامل. وتحديداً، يُشير الباحثون من جامعة ماريلاند إلى أن غراماً واحداً من الزنجبيل كافٍ خلال اليوم لتلك الغاية.
ولتخفيف الغثيان والقيء في حالات دوار غثيان الحركة «Motion Sickness»، يقول الباحثون من «مايو كلينك»: «ثمة عدد من الدراسات الطبية التي تشير إلى أن الزنجبيل أكثر فاعلية من معظم الأدوية المتوفرة لعلاج حالات (دوار غثيان الحركة). ومن هذه الدراسات ما تم على مجموعات من البحّارة، ومنها ما تم بالمقارنة ما بين الزنجبيل والعقاقير المستخدمة بشكل شائع لمعالجة مثل هذه الحالات».
وفي ميدان تأثيرات تسكين الألم، لاحظ الباحثون الأستراليون في مراجعتهم الحديثة أن الدراسات حول الزنجبيل شملت ثلاثة أنواع من الألم. وهي:
- آلام عسر طمث الحيض Dysmenorrhea، حيث كانت النتيجة الإجمالية دليلاً ثابتاً على وجود تأثير مُسكّن مفيد بمقدار متوسط إلى كبير. وأنه في هذا الجانب فعّال.
- آلام المفاصل المزمنة Osteoarthritis لدى كبار السن، وفيها قلل الزنجبيل بشكل ملحوظ من شدة الألم والإعاقة المرتبطة بالألم، مقارنة بالدواء الوهمي.
- آلام الصداع أو الصداع النصفي، حيث لم يجد التحليل العلمي أي تأثير ذي دلالة إحصائية للزنجبيل على استجابة العلاج مقارنة مع الدواء الوهمي.

الزنجبيل وأمراض القلب ومسبباتها
> وفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، يجدر عدم تجاوز تناول كمية 4 غرامات من الزنجبيل الطازج في اليوم الواحد، أي ما يعادل نحو غرام واحد من مسحوق الزنجبيل الجاف. وتزن ملعقة شاي من معجون الزنجبيل الطازج نحو 5 غرامات، بينما تزن ملعقة شاي من مسحوق الزنجبيل الجاف نحو غرامين.
ووفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، فإن المهم بالنسبة لمرضى القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، هو ثلاثة أمور، هي:
- ألا يتناول المرء الزنجبيل بديلاً لأي دواء علاجي، كالأسبرين أو دواء خفض الكولسترول أو خفض ضغط الدم، بدعوى أن الزنجبيل سيحقق الغاية نفسها.
- أن تكون كمية ما يتناوله المرء من الزنجبيل بشكل يومي كمية معتدلة، أي لا تزيد عن غرام واحد، أو نصف ملعقة شاي، من مسحوق الزنجبيل الجاف.
- أن يُخبر المريض طبيبه بأنه يتناول الزنجبيل بشكل يومي وكمية ذلك تقريباً.
وفي جانب سيولة الدم بالذات، هناك حالات مرضية تتطلب منع حصول تخثر الدم وتجلطه بسهولة في داخل الأوردة أو الشرايين، مما يتطلب تناول أنواع مختلفة من الأدوية لهذه الغاية. وتأثيرات الزنجبيل «المفترضة» على سيولة الدم تحصل عبر آليتين، الأولى هي إضعاف قدرة الصفائح الدموية للالتصاق على بعضها بعضاً عند تكوين خثرة التجلط الدموي. والآلية الثانية عبر إعاقة عمل المركبات الكيميائية التي تُوصف بـ«عوامل تكوين تخثر الدم». ولكنها بالجملة تأثيرات طفيفة، تتطلب عدم الإفراط في تناول الزنجبيل، وليس عدم تناول الزنجبيل بالمطلق.
وللتوضيح، تشير إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA إلى أن الزنجبيل من التوابل التي تم في بعض الدراسات الطبية ملاحظة أن له تأثيرات على قوة تخثر الدم، وبالتالي التسبب في زيادة سيولة الدم، وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن دراسات أخرى لم تلاحظ أن للزنجبيل هذه التأثيرات على سيولة الدم. ولذا تنصح بضبط كمية الزنجبيل المتناولة من قبل عموم الناس، وعلى وجه الخصوص من قبل المرضى الذين يتناولون الأسبيرين أو الوارفرين أو أي أدوية أخرى لها علاقة بسيولة الدم، أو المرضى الذين سيذهبون لإجراء عمليات جراحية. كما تجدر ملاحظة أن تناول الزنجبيل ليس بديلاً لتناول الأدوية التي يصفها الطبيب لزيادة سيولة الدم أو لإعاقة التصاق الصفائح الدموية على بعضها بعضاً.


مقالات ذات صلة

بعد ظهور تحدٍ على «تيك توك»... ما خطورة حلاقة رموش العين؟

صحتك تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 % (أرشيفية - رويترز)

بعد ظهور تحدٍ على «تيك توك»... ما خطورة حلاقة رموش العين؟

بعد انتشار تحدٍ على موقع «تيك توك» يدفع الرجال لحلاقة رموشهم، فماذا عن المخاطر الصحية الناجمة عن العبث برموشك؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يتأثر أكثر من 6 ملايين أميركي بألزهايمر (فاندربيلت)

الخمول يزيد احتمالات الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعتي بيتسبرغ وفاندربيلت بالولايات المتحدة عن أن الوقت الذي يقضيه كبار السن في الجلوس أو الاستلقاء هو عامل خطر للإصابة بألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الحرمان من النوم لثلاث ليالٍ فقط يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب (رويترز)

3 أيام فقط من هذه العادة السيئة تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

تُعد أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة، إذ تودي بحياة حوالي 700 ألف أميركي سنوياً.

«الشرق الأوسط» (ستوكلهوم)
صحتك المشي لمدة 15 دقيقة بعد الأكل لا يفيد فقط من يعانون من مشكلات صحية مثل مقاومة الإنسولين أو مرحلة ما قبل السكري بل هو مفيد لكل الأشخاص (أ.ب)

فوائد مذهلة للمشي 15 دقيقة بعد تناول الطعام

يشدد خبراء الصحة على أهمية تبني عادات بسيطة ومستدامة تسهم في تحسين اللياقة البدنية والصحة العامة. ومن بين هذه العادات: المشي لمدة 15 دقيقة بعد تناول الوجبات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك لكن هل لجرعات زيت الزيتون على معدة فارغة أي فوائد؟

المؤثرون يشجعون عليه... هل لشرب زيت الزيتون على معدة فارغة فوائد سحرية؟

يُعدّ زيت الزيتون من أكثر الدهون الصحية التي يُمكن تناولها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

بعد ظهور تحدٍ على «تيك توك»... ما خطورة حلاقة رموش العين؟

تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 % (أرشيفية - رويترز)
تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 % (أرشيفية - رويترز)
TT

بعد ظهور تحدٍ على «تيك توك»... ما خطورة حلاقة رموش العين؟

تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 % (أرشيفية - رويترز)
تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 % (أرشيفية - رويترز)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة مقاطع فيديو لرجال يزيلون رموشهم، سواءً بالقص أو الحلاقة. ويستند هذا التوجه إلى فكرة أن الرموش القصيرة تبدو أكثر رجولة.

يمكن للشعر أن يُخبرنا الكثير عن قيمنا الاجتماعية والثقافية. وكما يقول عالم الاجتماع الكندي أنتوني سينوت، يُمكن للشعر أن يُمثل أفكاراً راسخة حول الجنس البيولوجي، مثل: «للجنسين المختلفين شعر مختلف» و«شعر الرأس وشعر الجسم مختلفان»، وفقاً لما ذكره لموقع «سينس ألرت» العلمي.

ولكن ماذا عن المخاطر الصحية الناجمة عن العبث برموشك؟

هل يُحدد النوع طول الرموش؟

تمتلك معظم الكائنات ذوات الدم الحار رموشاً. تبدأ رموش الإنسان بالنمو في الرحم في نحو الأسبوع السابع من الحمل، وتكتمل بحلول الشهر السادس.

عادةً، يكون لدينا ما بين 100 و150 رمشاً على الجفن العلوي، تنمو في صفين أو ثلاثة صفوف. بينما يكون عدد الرموش على الجفن السفلي أقل بنصف هذا العدد.

يبلغ طول الرموش عادةً نحو ثلث عرض العين. الرموش السفلية أقصر (6-8 ملم) مقارنةً بالرموش العلوية (8-12 ملم).

تُحدد جيناتك كثافة الرموش وطولها وسمكها وتجعيدها. ولكن لا يوجد دليل على أن هذه الاختلافات التشريحية مرتبطة بالجنس والنوع.

هذا يعني أن فكرة كون رموش الرجال «طبيعية» قصيرة، وأن رموش النساء أطول وأغمق وأكثر كثافة، فكرة ثقافية وليست بيولوجية.

للرموش وظائف مهمة عديدة

تُشكّل الرموش حاجزاً ضد الغبار والحشرات والبكتيريا والمواد الكيميائية (مثل مثبتات الشعر ومزيلات العرق)، مما يمنعها من دخول العينين.

تُشكّل الدموع غشاءً سائلاً يُغطّي العين للحفاظ على ترطيبها. كما تمنع الرموش جفاف هذا الغشاء بفعل الهواء.

من الناحية الديناميكية الهوائية، تُعدّ الرموش متوسطة الطول (8 مم) مثاليةً لمنع جفاف سطح العين. فالرموش القصيرة جداً تُعرّض سطح العين للهواء، بينما تُمكّن الرموش الطويلة جداً من توجيه تدفق هواء أكبر نحوه.

كما تحمي الرموش أعيننا من وهج الضوء، مما يُقلّل من كمية الضوء التي تدخل العين بنسبة تصل إلى 24 في المائة.

والرموش حساسة للغاية، لذا فإن لمسها يُحفّز رد فعل الرمش الذي يُغلق العين. وهذا يحميها من المواد غير المرغوب فيها. كما يُنشّط الرمش إفراز الدموع وتوزيعها على سطح العين.

وتساعدنا الرموش على التواصل الاجتماعي بين البشر وحركاتها لها دلائل في إشارات الجسد.

ماذا لو لم يكن لديكِ رموش؟

قد يفقد الناس رموشهم لأسباب مختلفة. على سبيل المثال، غالباً ما يؤدي العلاج الكيميائي للسرطان إلى تساقط الشعر - بما في ذلك الرموش - وكذلك الثعلبة، وهي حالة مناعة ذاتية تدفع الجسم إلى مهاجمة بصيلات الشعر. يقوم بعض الأشخاص أيضاً بنزع رموشهم عند الشعور بالقلق أو التوتر.

إذا لم تتمكني من إيقاف هذا السلوك، وكان تساقط رموشكِ ملحوظاً ويؤثر على حياتكِ اليومية، فقد تكونين مصابة بحالة تُسمى «هوس نتف الشعر».

تُعرف الرغبة القهرية في قص أو حلاقة الشعر (بدلاً من نتف الشعر) باسم «هوس نتف الشعر».

إذا كنتِ قلقة، فعليكِ استشارة طبيبكِ للحصول على الدعم.

بغض النظر عن كيفية تساقط الشعر، فمن دون رموش، من المرجح أن يشعر الشخص بانزعاج أكبر. يمكن أن تدخل المزيد من الجزيئات الغريبة إلى العين - مما يعرضكِ لخطر أكبر للإصابة - وستُرمشين أكثر لمحاولة غسلها.

هل إزالة الرموش خطيرة؟

وضع شفرات حادة بالقرب من عينيكِ يعني أنه في حال ارتطامكِ أو انزلاقكِ أو حتى رمشكِ، فإنكِ تُخاطرين بإصابة الجفن أو القرنية (الغطاء الشفاف المُقبب في مقدمة العين).

يجب أن يكون أي شيء يقترب من عينكِ نظيفاً جداً. إذا لم تكن الشفرات مُعقمة، فقد تُسبب البكتيريا التهاب الجفن أو التهاب الملتحمة («العين الوردية»).

هل تنمو الرموش المحلوقة مجدداً؟

نعم. إذا تم قص الرموش أو حلقها، فإن بصيلة الشعر (الكيس المحيط بالشعرة) تبقى في جلد الجفن، مما يسمح للشعر بالاستمرار في النمو.

تنمو الرموش بمعدل 0.12 ملم يومياً، أو 3.6 ملم شهرياً. قد يستغرق نمو رموشكِ إلى طولها الطبيعي ما يصل إلى ثلاثة أو أربعة أشهر.

لا تؤثر الحلاقة على طول أو سمك أو لون رموشك التي تنمو مرة أخرى - فسوف تنمو مرة أخرى بنفس الطريقة التي كانت عليها من قبل (ما لم يكن هناك ضرر لا رجعة فيه للبصيلة نفسها).