الغلوكوما... «اللص الصامت»

التشخيص والعلاج مبكراً يقيان من تلف العصب وفقدان البصر

د. محسن سمعان
د. محسن سمعان
TT

الغلوكوما... «اللص الصامت»

د. محسن سمعان
د. محسن سمعان

الغلوكوما Glaucoma (الماء الأزرق)، مرض يسرق البصر دون أي أعراض ظاهرة، لذا وصف بـ«اللص الصامت»، يصيب العين ويتلف عصبها البصري، الذي ينقل الرؤية من العين إلى الدماغ، بسبب ضغط السائل داخل العين. ومع مرور الوقت يحدث فقدان لألياف العصب وبالتالي فقدان للمجال البصري والرؤية. قد يحدث المرض بسبب ارتفاع ضغط العين عن المعدل الطبيعي، أو بسبب ضعف العصب البصري.
تشريحيا، تمتلئ الغرفة الأمامية للعين (الجزء الداخلي من مقدمة العين) بسائل مائي يسمى الخلط المائي (aqueous humour). ويخلق هذا السائل ضغطاً طبيعياً في العين، ما يحافظ على صحتها وشكلها الصحيح. يعرف هذا الضغط باسم ضغط العين (Intra Ocular Pressure (IOP)) ولا يرتبط بضغط الدم بأي شكل من الأشكال. يختلف السائل المائي الموجود داخل العين عن الدموع.
عادةً ما يتم تصريف السائل المائي بنفس معدل إنتاجه لإبقاء العين عند الضغط الصحيح. يتراوح النطاق الطبيعي لضغط العين تقريباً من 10 إلى 21 ملم زئبق. وإذا لم يتم تصريف السائل بالسرعة التي يتم إنتاجه بها، فسوف يتراكم ويرتفع ضغط العين، وبالتالي يتسبب هذا الضغط في تلف العصب البصري عند النقطة التي يترك فيها الجزء الخلفي من العين. هذه الحالة تسمى «غلوكوما».
يعد العصب البصري مهماً للبصر لأنه مسار الإشارات من شبكية العين، الخلايا الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين، إلى الدماغ متيحا رؤية العالم من حولنا.

- عوامل الإصابة
من هم المعرضون لخطر الإصابة بالغلوكوما؟
يجيب الدكتور محسن سمعان استشاري طب وجراحة العيون والمدير الطبي لمشفى باراكير في دبي بأن لهذا المرض العديد من عوامل الخطر، أشهرها ارتفاع ضغط العين، وهو العامل الوحيد الذي يمكننا معالجته، ولكن هناك عوامل خطر أخرى مثل انخفاض ضغط الدم أو توقف التنفس أثناء النوم، وفي كلا المرضين هناك تغيير في تدفق الدم إلى العصب البصري وبالتالي سوف تعاني العين أكثر من مضاعفات زيادة ضغط العين. ويضيف أن أحد أهم عوامل الخطر أيضاً هو العامل الوراثي حيث إن أحفاد مرضى الغلوكوما عندهم احتمال أكبر ليورثوا الغلوكوما.
ووفقاً للمعهد الوطني الملكي للمكفوفين (Royal National Institute of Blind People، (RNIB)) في المملكة المتحدة لفقدان البصر، يمكن لأي شخص أن يصاب بمرض الغلوكوما، بالنظر إلى العوامل التالية:
- العمر: يعتبر الغلوكوما أكثر شيوعاً مع التقدم في العمر، يصيب 2 في المائة من الأشخاص فوق سن 40. وتزيد النسبة إلى ما يقرب من 10 في المائة من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاماً.
- التاريخ العائلي: إذا تم تشخيص إصابة أحد أفراد العائلة بمرض الغلوكوما وجب على باقي أفرادها مراجعة طبيب العيون، ومن كان عمره يزيد عن 40 عاماً يفحص كل عام.
- العرق: الأصل الأفريقي الكاريبي أكثر عرضة للإصابة بالغلوكوما مفتوح الزاوية ويتطور لديهم في وقت مبكر من الحياة - قبل سن الأربعين، والأصل الشرق آسيوي أكثر عرضة للغلوكوما مغلق الزاوية.
- قصر النظر، يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالغلوكوما مفتوح الزاوية. وطول النظر، بالغلوكوما مغلق الزاوية.
- مرض السكري، يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالغلوكوما.
- استخدام الستيرويدات (steroids)، لفترة طويلة من الزمن، يزيد من خطر الإصابة.

- تصنيف الغلوكوما
يقول الدكتور محسن سمعان يمكننا تصنيف الغلوكوما إلى فئتين رئيسيتين هما:
- الأولى، الغلوكوما الأساسي مفتوح الزاوية وهو الأكثر شيوعاً (80%)، حيث يحدث تلف العصب البصري ببطء على مدى فترة طويلة من الزمن بسبب زيادة ضغط العين إلى أكثر من 21 ملم زئبق.
- الثانية، الغلوكوما ضيق أو مغلق الزاوية (20%)، حيث يحدث تلف العصب البصري بسرعة كبيرة بسبب الارتفاع المفاجئ في ضغط العين.
- أخرى، كما يمكن أن يحدث مرض الغلوكوما نتيجة مرض آخر بالعين أو إصابة في العين أو بسبب الأدوية فيسمى «غلوكوما ثانوي»، أو أن يولد الطفل مصابا بالمرض فيسمى «غلوكوما خِلْقي». هناك أيضاً الغلوكوما الذي يصيب الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و30 عاماً.

- الأعراض
يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار أن الغلوكوما ذا الزاوية المفتوحة مرض صامت بدون أعراض تماماً حيث إن ضغط العين لا يسبب أي ألم، وقد لا يلاحظ المريض أي اختلاف في الرؤية لأن الغلوكوما يؤثر على الرؤية المحيطية (المعروفة أيضاً بالرؤية الجانبية) أولاً، وهي ليست حساسة مثل الرؤية المركزية، فمن الصعب ملاحظة أي تغييرات مبكرة في الرؤية - لكن البصر يتضرر مع مرور الوقت. من المهم إجراء اختبارات العين دوريا وبانتظام لأنها هي الطريقة الوحيدة لمعرفة وتشخيص الإصابة أو نفيها. كلما تم التقاط الغلوكوما وعلاجه في وقت مبكر، أمكن حماية المزيد من النظر. كيف يمكن أن يؤثر الغلوكوما الأساسي مفتوح الزاوية على البصر؟
يصيب مرض الغلوكوما الأساسي مفتوح الزاوية، عادة، كلتا العينين، ولكن قد تتأثر إحدى العينين أكثر من الأخرى. ومع حدوث التلف في العصب البصري، تبدأ البقع العمياء (blind spots) في التكون في الحواف الخارجية للرؤية فتحجب الرؤية المحيطية. إذا لم يتم التشخيص ولم يبدأ العلاج، فإن فقدان البصر يتقدم ببطء بحيث يصبح مجال الرؤية ضيقاً جداً ويمكن أن يبدو المريض كما لو كان ينظر عبر نفق. ومع مرور الوقت وعدم البدء في العلاج، فإن الرؤية المركزية قد تتأثر أيضاً، مما يتسبب في ظهور نقاط عمياء عند النظر إلى الأمام مباشرة.
لسوء الحظ، بمجرد حدوث فقدان البصر، لا يمكن عكسه حيث لا توجد حالياً علاجات يمكنها استعادة العصب التالف. هذا يعني أن من المهم حقاً أن يتم التقاط الغلوكوما وعلاجه مبكراً لمنع تلف العصب البصري في المقام الأول ومن ثم تجنب فقدان البصر.

- التشخيص
أوضح الدكتور محسن سمعان أن هناك ثلاثة قياسات رئيسية للتحقق من الغلوكوما مفتوح الزاوية: قياس ضغط العين، قياس سماكة القرنية، وإجراء تصوير مقطعي للعين (OCT) الذي يتكون من مسح طبقات أو ألياف العصب البصري وتقعره، إضافةً إلى فحوصات أخرى يتم إجراؤها حسب الحاجة:
- قياس ضغط العين (tonometry)، ويتم باستخدام اختبار «نفث الهواء puff of air»، أو باستخدام قطرات مخدرة للعين والقطرة الصفراء والضوء الأزرق وأداة صغيرة تلامس العين بلطف وهي طريقة أكثر دقة.
- قياس سمك القرنية، الذي يمكن أن يساعد في دقة قراءات ضغط العين.
- التصوير المقطعي للعين (OCT)، لعمل مسح مفصل للعصب البصري الذي يمكنه أن يظهر أي تلف في خلايا العصب البصري، وأيضاً لفحص زاوية التصريف بالعين.
- فحص صحة العصب البصري، في الجزء الخلفي من العين باستخدام ضوء ساطع للتحقق من أي تغيرات، كما يمكن التقاط صورة فوتوغرافية للعصب البصري في الجزء الخلفي من العين.
- قياس مجال الرؤية، للتحقق من أي مناطق مفقودة في الرؤية أو وجود نقاط عمياء. أثناء هذا الاختبار، يتم التركيز على منتصف الشاشة والضغط على الزر في كل مرة يرى فيها المريض وميضاً صغيراً من الضوء في مجال الرؤية الجانبية.
يتم عادة النظر إلى نتائج كل هذه الاختبارات معاً لأن مرض الغلوكوما يمكن أن يتواجد حتى لو كان ضغط العين طبيعياً.

- العلاج
أشار الدكتور محسن سمعان إلى أن الهدف من العلاج هو الحفاظ على الرؤية وتوفير حياة طبيعية للمريض، وذلك من خلال الحفاظ على العصب البصري في أفضل الظروف للحصول على مجال بصري جيد. بمجرد أن يتم تشخيص الغلوكوما، يجب أن يبدأ العلاج على الفور بخفض ضغط العين لمنع الضرر عن العصب البصري، وهو عامل الخطر الوحيد الذي يمكننا التحكم فيه، وننجح في معظم الحالات، وذلك من خلال الآتي:
- العلاج بقطرات العين: وهي على أنواع، وظيفتها خفض ضغط العين إما عن طريق تقليل كمية السائل المائي الذي تنتجه العين أو عن طريق زيادة سرعة تصريفه. وتستخدم باستمرار وقد تكون مدى الحياة، مع التزام دقيق من المريض ومراقبة منتظمة لضغط العين للتأكد من مدى فعالية القطرات.
استخدام القطرات لن يغير في قوة البصر، فهي تمنع أي ضرر مستقبلي للبصر، لذا من المهم جداً الاستمرار في استخدامها وعدم التهاون حتى لا يرتفع ضغط العين الذي يتلف العصب البصري، ويؤدي إلى فقدان البصر.
- العلاج بالليزر: أكثره شيوعا هو رأب التربيق (laser trabeculoplasty) وهو أكثر فعالية في الغلوكوما مغلق الزاوية، حيث يتم عمل ثقب صغير في القزحية، يساعد على تصريف السوائل بشكل أفضل مما يقلل من ضغط العين. لكن في حالة الزاوية المفتوحة، هناك أنواع أخرى من الليزر يمكن أن تسهل خروج السائل الموجود داخل العين إلى الدورة الدموية وبالتالي ينخفض الضغط. تجرى علاجات الليزر عادةً في العيادة الخارجية تحت التخدير الموضعي، وتنجح في خفض ضغط العين لدى بعض المرضى، ولكن يظل المريض بحاجة عادةً إلى الاستمرار في استخدام قطرات العين بعد العلاج للحفاظ على استقرار ضغط العين.
- العلاج بالجراحة: وهو الخيار الأخير، وهدفه خفض ضغط العين، أكثر العمليات انتشاراً هي جراحة استئصال الترابيك (trabeculectomy)، لخلق قناة تصريف دائمة جديدة في العين لتصريف السائل المائي إلى منطقة تحت الملتحمة وبالتالي يتم امتصاصه عن طريق الأوعية الدموية، مما يقلل من ضغط العين. قد ينخفض الضغط لدى بعض المرضى بدرجة كافية بحيث لا تكون هناك حاجة للقطرات على العين التي خضعت للعملية.
هناك أنواع أخرى من الجراحة للغلوكوما، يحددها طبيب العيون بالمناقشة مع المريض، مثل تحويلات السائل (aqueous shunts) أو زرع الأنبوب (tube implant).
أخيراً، يؤكد استشاري طب وجراحة العيون الدكتور محسن سمعان أن مرض «الغلوكوما» هو من أهم أسباب العمى، ولحسن الحظ، أنه يمكن تجنبه والوقاية منه بالتوجيه ونشر خصائصه بأنه مرض «صامت» وينصح بعمل الفحص الدوري للتشخيص الباكر والعلاج في الوقت المناسب علما بأن هناك 3.5 في المائة من الأشخاص فوق سن الأربعين مصابين بمرض الغلوكوما وهم لا يعلمون. ويجب أن يتفهم المريض طبيعة هذا المرض وأنه سيستمر مدى الحياة، وعليه أن يتعاون ويلتزم بالعلاج دون إهمال أو نسيان.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الفواكه والخضراوات تساعد على انتظام عملية الهضم خلال الشتاء (جامعة ماريلاند)

أطعمة ضرورية في الشتاء لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء

غالباً ما يرتبط فصل الشتاء بالأطعمة المريحة والعادات الهادئة، وأحياناً ببعض السلوكيات غير الصحية. ومع ذلك، يُعد هذا الموسم فرصة مثالية لإعادة التركيز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أحماض أوميغا 3 الموجودة في  السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)

دور السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم

تعرف الفوائد الصحية للسردين والأسماك الدهنية على نطاق واسع، فمحتواها العالي من الدهون غير المشبعة يُساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
TT

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)

يعاني العديد من الأشخاص حول العالم يومياً من النوبات القلبية، وقد تكون أسباب ذلك متوقعة، مثل ارتفاع ضغط الدم المتكرر وأمراض القلب والكولسترول، وحتى نمط الحياة المليء بالتوتر والقلق وعادات مثل التدخين والأنماط الغذائية السيئة.

ولكن تبرز أيضاً أسباب غير متوقعة للنوبات القلبية، أبرزها، حسب موقع «ويب ميد»:

1- قلة النوم

ستشعر بالضيق والتعب إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم بانتظام، ولكن ذلك قد يزيد أيضاً من خطر إصابتك بنوبة قلبية. في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون عادةً أقل من 6 ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف مقارنةً بمن ينامون من 6 إلى 8 ساعات. لا يعرف الأطباء السبب الدقيق لذلك، لكنهم يعلمون أن قلة النوم قد ترفع ضغط الدم وتؤدي إلى التهابات، وكلاهما ضار بصحة القلب.

2- الصداع النصفي

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم مقارنةً بمن لا يعانون منه. ويبدو أن الصداع النصفي المصحوب بهالة - أي رؤى أو أصوات أو أحاسيس غريبة تبدأ قبل بدء الصداع - يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاكل القلب.

3- الطقس البارد

يُشكّل البرد صدمةً للجسم. فالتواجد في الخارج خلال أشهر الشتاء قد يُؤدي إلى تضييق الشرايين، مما يُصعّب وصول الدم إلى القلب. إضافةً إلى ذلك، يضطر القلب إلى بذل جهد أكبر للحفاظ على دفء الجسم. إذا كنت قلقاً بشأن ذلك، فتوخَّ الحذر في درجات الحرارة المنخفضة، وقلّل من النشاط البدني الشاق، مثل جرف الثلج.

4- تلوث الهواء

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية مع ارتفاع مستويات تلوث الهواء. فالأشخاص الذين يتنفسون هواءً ملوثاً بانتظام أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. وقد يكون الجلوس في زحام المرور خطيراً بشكل خاص؛ لأنه قد يجمع بين عوادم السيارات والغضب أو الإحباط.

5- وجبة دسمة وكبيرة

فكّر ملياً قبل تناول المزيد، فقد لا يقتصر ضررها على زيادة محيط خصرك فقط. فتناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة يرفع مستويات هرمون النورأدرينالين، وهو هرمون التوتر، في الجسم. وهذا بدوره قد يرفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وقد يُسبب نوبات قلبية لدى البعض. كما أن الوجبات الدسمة جداً قد تُسبب ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة نوع معين من الدهون في الدم، مما قد يُلحق ضرراً مؤقتاً ببعض الأوعية الدموية.

6- المشاعر القوية: سلبية كانت أم إيجابية

يُعرف الغضب والحزن والتوتر بأنها عوامل مُحفزة لمشاكل القلب، ولكن قد تؤدي الأحداث السعيدة أحياناً إلى نوبة قلبية أيضاً. ويمكن أن تُحفزها المشاعر المصاحبة لحفلة عيد ميلاد مفاجئة، أو حفل زفاف، أو ولادة حفيد.

7- الإجهاد المفاجئ أو الشديد

يُساعد الحفاظ على لياقتك البدنية على حماية قلبك على المدى الطويل، ولكن الإفراط في ذلك قد يكون خطيراً. نحو 6 في المائة من النوبات القلبية تحدث نتيجة الإجهاد البدني الشديد. ورغم أنك ربما سمعت أن الرياضة وسيلة جيدة لتخفيف التوتر، فمن المهم جداً عدم الإفراط فيها عند الشعور بالغضب أو الانزعاج.

8- الزكام أو الإنفلونزا

عندما يقاوم جهازك المناعي جرثومة، قد يُسبب ذلك التهاباً يُلحق الضرر بالقلب والشرايين. في إحدى الدراسات، كان الأشخاص المصابون بعدوى الجهاز التنفسي أكثر عرضةً للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف. لكن مستوى الخطر لديهم عاد إلى طبيعته بعد شفائهم من العدوى ببضعة أسابيع. كما ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية خلال فترات تفشي الإنفلونزا، وهذا سبب وجيه آخر لتلقي لقاح الإنفلونزا.

9- الربو

تزداد احتمالية إصابتك بنوبة قلبية بنسبة 70 في المائة تقريباً إذا كنت تعاني من هذا المرض الرئوي. حتى مع استخدامك لجهاز الاستنشاق للسيطرة عليه، يبقى خطر إصابتك أعلى من المعتاد. بسبب الربو، قد تميل أيضاً إلى تجاهل ضيق الصدر، الذي قد يكون علامة مبكرة على نوبة قلبية. لا يعرف الأطباء ما إذا كانت مشاكل التنفس تُسبب النوبات القلبية أم أنها ببساطة ناتجة عن سبب مشترك: الالتهاب.

10- النهوض من السرير صباحاً

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية في الصباح؛ إذ يُفرز الدماغ كمية كبيرة من الهرمونات في الجسم لتنشيطه، مما يُشكل ضغطاً إضافياً على القلب. كما قد يُعاني الشخص من الجفاف بعد نوم طويل، مما يزيد من جهد القلب.

11- الكوارث

أظهرت الدراسات أن معدلات الإصابة بالنوبات القلبية ترتفع بعد الكوارث الكبرى كالزلازل والهجمات الإرهابية، ليس فقط مباشرةً بعدها، بل حتى بعد مرور بضع سنوات. قد لا يكون بالإمكان تجنب هذه المواقف، ولكن يمكن اتخاذ خطوات لإدارة التوتر بعد وقوعها، كالحرص على الحصول على قسط كافٍ من الراحة وممارسة الرياضة.

12- الرياضات الجماهيرية

قد تؤدي ممارسة الرياضة، وكذلك مشاهدتها، إلى الإصابة بنوبة قلبية. ففي عام 2006، ارتفعت حالات النوبات القلبية في ألمانيا بشكل ملحوظ خلال مباريات المنتخب الوطني في كأس العالم لكرة القدم. وبعد مباراة السوبر بول عام 1980، زادت حالات النوبات القلبية المميتة في لوس أنجلوس عقب خسارة فريق رامز.

13- الكحول

الإفراط في شرب الكحول قد يؤدي إلى رفع ضغط الدم، ويزيد من أنواع معينة من الكولسترول الضار، ويؤدي إلى زيادة الوزن، وكلها عوامل تضر بالقلب. كما أن هناك عواقب قصيرة المدى؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ليلة واحدة من الإفراط في الشرب قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية خلال الأسبوع التالي.

14- القهوة

للقهوة فوائدها ومضارها. يرفع الكافيين ضغط الدم لفترة وجيزة، مما قد يُسبب نوبة صرع، خاصةً إذا لم تكن تشربها بانتظام أو كنت مُعرضاً لخطر الإصابة بها لأسباب أخرى. عموماً، لا يبدو أن شرب كوب أو كوبين يومياً ضار.


هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
TT

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون، ويُعالج كل شيء من آلام المفاصل إلى تقلبات المزاج.

لكن الحقيقة، كما يقول الخبراء، أكثر تعقيداً.

أفادت الدكتورة هيذر ماسي، الأستاذة المشاركة في علم البيئة القاسية وعلم وظائف الأعضاء بجامعة بورتسموث البريطانية: «هناك الكثير ممن يُؤمنون بفاعلية التعرض للحرارة والبرودة، لكننا لا نملك حتى الآن أدلة كافية تُؤكد فوائدها بشكل قاطع».

وتُوضح أن أجسامنا «مذهلة» في الحفاظ على استقرار درجة حرارتها الداخلية، التي تتراوح عادةً بين 36.5 و37 درجة مئوية.

وفي حياتنا اليومية، نادراً ما نُعرّض هذا النظام للخطر؛ إذ نقضي فترات طويلة في أماكن مُدفأة أو مُكيّفة.

وتُضيف أن تسخين الجسم أو تبريده يُسبب ضغطاً طفيفاً، قد يُحفز استجابات تكيفية أو وقائية، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

العلم وراء الساونا

تكمن جاذبية الساونا في هذه الفكرة، حيث نادراً ما تخلو منها الصالات الرياضية والمنتجعات الصحية هذه الأيام.

بالنسبة للبعض، تُعدّ الساونا مكافأة بعد التمرين، بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي للبعض الآخر، ويُقسم الكثيرون بفوائدها، مُقتنعين بأنّ 15 دقيقة من الحرارة الشديدة تُحدث فرقاً كبيراً في صحة الجسم والعقل.

ولا شكّ في أنّها تُشعِر بالراحة.

قالت الدكتورة ماسي: «عندما تجلس في الساونا وتتعرّق، قد تشعر بمزيد من الاسترخاء والحرية، وتزداد مرونتك، وقد تخفّ آلامك قليلاً... إذن، هناك بالتأكيد بعض الفوائد لاستخدام الساونا، لكن السؤال هو: هل هذه فائدة صحية طويلة الأمد أم أنها فائدة نفسية في المقام الأول؟».

أوضحت ماسي أن دراسة حديثة أجريت على أشخاص خضعوا لجلسات متكررة في أحواض المياه الساخنة، وأظهرت النتائج تغيرات في مستويات الأنسولين وضغط الدم.

وأضافت: «بدأنا بدراسة ما إذا كان تسخين الجسم قد يُفيد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة».

مع ذلك، تحثّ على توخي الحذر عند إطلاق ادعاءات صحية جريئة؛ إذ لا تزال الأدلة العلمية الموثوقة محدودة.

شرحت: «لم نُجرِ تجربة سريرية حقيقية للساونا. أعتقد أننا سنكتشف فوائد في المستقبل، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد».

وأكدت أنه من المعقول حالياً الاستمتاع بهذه العادة لما تُضفيه من شعور، دون افتراض أنها طريق مختصر ومضمون لتحسين الصحة.

وإذا قررت تجربة الساونا أو أحواض المياه الساخنة، تنصح الدكتورة ماسي بالحذر، والبدء تدريجياً، واستشارة طبيبك أولاً إذا كنت تعاني من أي أمراض مزمنة أو كنتِ حاملاً.

ماذا عن السباحة في الماء البارد؟

يُفضّل البعض تجربة عكس ذلك تماماً.

تزداد شعبية مجموعات السباحة في الماء البارد، حيث باتت السباحة في الصباح الباكر مشهداً مألوفاً على الشواطئ والبحيرات والأنهار.

تمارس الدكتورة ماسي، التي سبحت في القناة الإنجليزية وشاركت في بطولة العالم للسباحة في الجليد، السباحة في الماء البارد مرة واحدة أسبوعياً، لكنها لا تمكث فيه سوى بضع دقائق.

تجد الأمر «مؤلماً» في البداية، لكن تلك الصدمة الأولية هي ما يسعى إليه الناس.

تشرح قائلة: «عند الغطس لأول مرة، ينتابك شعورٌ بالاختناق اللاإرادي وتسارع في التنفس». يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتزداد هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.

وتضيف: «تصل هذه الاستجابة إلى ذروتها بعد نحو 30 ثانية، ثم تتلاشى بسرعة كبيرة».

يُقلل التعرض المتكرر من استجابة الصدمة، وبعد عدة مرات، يمكن تقليلها بنسبة 50 في المائة تقريباً.


الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
TT

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع. وبينما تُعتبر العلاجات النفسية وتغييرات نمط الحياة، وأحياناً الأدوية، عناصر أساسية في إدارة القلق، فإن صحة الأمعاء تُعدُّ جانباً غالباً ما يُغفل عنه.

وتزداد الأدلة التي تُشير إلى أن توازن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في الأمعاء -المعروفة باسم الميكروبيوم المعوي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، ولا سيما حالات القلق والاكتئاب، وفقاً لموقع «هيلث لاين».

وعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن الأفراد الذين يعانون من القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات، واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء.

وعندما يختل توازن الأمعاء، قد يُساهم ذلك في حدوث التهاب، ويُعطِّل إنتاج النواقل العصبية المنظمة للمزاج، مثل السيروتونين. لذا، فإن دعم صحة الأمعاء قد يُساعد في تخفيف أعراض القلق وتحسين الصحة النفسية العامة.

وفيما يلي بعض الطرق المُستندة إلى الأدلة لتحسين صحة الأمعاء، والتي قد تُساعد أيضاً في دعم التوازن العاطفي:

اختر الأطعمة الكاملة المفيدة للأمعاء

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في صحة ميكروبيوم الأمعاء. فالأطعمة المُصنَّعة بكثرة، والسكريات المُضافة، والدهون المُشبعة، تُغذي البكتيريا الضارة، وتُعزز الالتهابات، وهما عاملان قد يُؤثران سلباً على الصحة النفسية.

فحاول استبدال الأطعمة الكاملة بالأطعمة فائقة المعالجة، والغنية بالسكريات والدهون.

وتشمل هذه الأطعمة:

الأطعمة الغنية بالألياف: البروكلي، والكرنب، والشوفان، والبازلاء، والأفوكادو، والكمثرى، والموز، والتوت، فهي غنية بالألياف التي تُساعد على الهضم الصحي.

الأطعمة الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية: سمك السلمون، والماكريل، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الكتان، فهي غنية بأحماض «أوميغا 3» التي قد تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين الهضم.

تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك

يعتمد توازن ميكروبيوم الأمعاء على كلٍّ من البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) والبريبيوتيك (الألياف التي تغذيها). ويمكن أن يساعد تناول مزيج من كليهما في دعم التنوع الميكروبي، المرتبط بصحة عقلية وهضمية أفضل.

من طرق إدخال البروبيوتيك والبريبيوتيك في نظامك الغذائي ما يلي:

أطعمة غنية بالبروبيوتيك: مخلل الملفوف، والكفير، والكيمتشي، والكومبوتشا، وخل التفاح، والكفاس، والزبادي عالي الجودة.

أطعمة غنية بالبريبيوتيك: الجيكاما، والهليون، وجذر الهندباء البرية، وأوراق الهندباء، والبصل، والثوم، والكراث.

مارِس عادات هضم صحية

لا يقتصر دعم الهضم على ما تأكله فحسب؛ بل تلعب العادات اليومية دوراً أساسياً في صحة الأمعاء والصحة النفسية.

حافظ على رطوبة جسمك: يساعد الماء على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، ويدعم امتصاص العناصر الغذائية.

تناول الطعام بوعي: تناول الطعام ببطء وفي جو هادئ يُحسِّن الهضم ويُخفف التوتر.

مارس الرياضة بانتظام: النشاط البدني يدعم انتظام حركة الأمعاء ووظائفها.

احصل على قسط كافٍ من النوم: قلة النوم تُخلُّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتزيد من القلق. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.