عادت أزمة «الكلاب الضالة» لتُطل من جديد في مصر، وثمة سجال يتصاعد بين فريقين: أحدهما ينادي بمقترح التصدير للخارج، والثاني يدحض الفكرة، ويرى فيها «اختلالاً بيولوجياً» للتوازن البيئي، و«خرقاً» لحقوق الحيوان في الوقت عينه.
وتقدمت النائبة رشا أبو شقرة، عضو البرلمان المصري، بمقترح إلى وزارتي التنمية المحلية والزراعة، بتصدير «الكلاب الضالة» إلى الدول التي تعتمد عليها في استخدامات عدة. وقالت في جلسة البرلمان، الاثنين، إن «الكلاب الضالة تجاوز عددها 12 مليوناً، ما يُثير الذعر بين المواطنين، إضافة إلى تسببها في نقل بعض الأمراض إلى البشر»، مقترحة: «تصديرها أو عمل حملات تطعيم وإقامة مستعمرات لإيوائها».
ودافعت رشا أبو شقرة عن اقتراحها، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقترح يستهدف حق الحيوان والإنسان على حد سواء»، مشيرة إلى أن «أزمة الكلاب الضالة لها أكثر من جانب. ففي حين تُسبب الذعر للمواطنين، وربما تعرض البعض للعقر أو الهجوم، ثمة آثار سلبية على السياحة أيضاً».
مقترح أبو شقرة ليس الأول؛ ففي عام 2018، صدر قرار حكومي من وزارة الزراعة بتصدير نحو 4100 كلب وقطة إلى عدد من دول العالم التي تسمح بتناول لحومها؛ غير أن القرار قُوبل بهجوم شديد، واعتبره المعنيون بحقوق الحيوان «منافياً للقيم الإنسانية والدينية»، كما أشار الخبراء وقتها لآثار بيئية «ضارة»، في حال تنفيذ مثل هذا القرار، ما أدى إلى تعطيل تنفيذه.
من جانبها، وصفت منى خليل، رئيسة اتحاد جمعيات الرفق بالحيوان، مقترح تصدير الكلاب بأنه «غير منطقي، ولا يعكس خطة واضحة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المقترح لم يوضح أغراض التصدير، ما يطرح من جديد فكرة التصدير لدول تتناول لحم الكلاب التي سبق رفضها». وتوضح كذلك أن «ثمة هجوماً داخلياً في الدول التي تتناول لحم الكلاب والقطط، وحملات لرفض هذا السلوك بغرض تصحيح المسار العام، لا سيما بعدما شهد العالم جائحة (كورونا) الناجمة عن ممارسات غذائية غير مألوفة»، على حد تعبيرها.
وتشير منى خليل إلى الخطة المصرية لحل أزمة «الكلاب الضالة» التي ربما تثير الذعر بين المواطنين، أو تعرّض البعض للعقر أو الهجوم، وهي خطة يقود مسارها النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب (البرلمان)، تقوم على توجيهات علمية لحل الأزمة، وتشمل برنامج «التعقيم والتطعيم»، حسب منى خليل. وقالت إن «هذا البرنامج يأتي ضمن خطة (مصر 2030)؛ حيث تلتزم الدولة بالقضاء على مرض السعار، وفقاً لمعايير مشتركة وضعتها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان».
ونفت منى خليل صحة الأرقام المتداولة عن عدد الكلاب الضالة، وقالت إن «ما تم الإعلان عنه رسمياً من قبل أيمن محروس، رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، يشير إلى وجود ما يقرب من 6.5 مليون كلب ضال في شوارع مصر».
وشهدت مصر عدداً من حوادث عقر وهجوم من كلاب ضالة أو مملوكة لأشخاص في مناطق مختلفة من أنحاء الجمهورية، كان آخرها وفاة طبيبة في حي حدائق الأهرام، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فزعاً، بعد هجوم من «كلاب ضالة». وتوضح تقديرات وزارة الصحة المصرية، أن «نحو مليوني مواطن تعرضوا للعقر خلال عام 2020»، في آخر تحديث رسمي، بينما أشار وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار، مطلع العام الجاري، إلى أن «هذا الرقم يزداد سنوياً بنسبة 20 في المائة».
من جانبها، ترى زينة عصام، مؤسسة ومنسقة مبادرة «شارع أليف»، وممثلة ملف التنوع البيولوجي في مؤتمر المناخ الأخير «كوب 27»، أن مقترح التصدير يعيدنا للوراء؛ حيث تم بالفعل التصدي له منذ 5 سنوات، وتوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «العالم يواجه أزمة تغير المناخ التي تسببت في تضاعف أعداد الزواحف والآفات التي تتغذى عليها الكلاب الضالة، ما يعني أن التخلص من الكلاب الضالة يسبب لا محالة اضطراباً في التوازن البيئي». لكن على الرغم من ذلك، لا ترفض زينة عصام التي سبق أن شاركت في لجان الحفاظ على التوازن البيولوجي، بالشراكة مع الأزهر والكنيسة، مقترح التصدير بشكل كامل؛ بل تضع شرطاً لتنفيذه، وقالت إن «لا مانع من تصدير الكلاب المصرية كسلالة بعد توثيق صفاتها، على أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوقها، على أن تكون لأغراض الحراسة والتدريب».
عودة الجدل في مصر بشأن تصدير «الكلاب الضالة»
المُقترح قُوبل بانتقادات قبل 5 سنوات
عودة الجدل في مصر بشأن تصدير «الكلاب الضالة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة