مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

خلال تسلمها الرئاسة المشتركة لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»

جانب من اجتماع اللجنة التنسيقية لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من اجتماع اللجنة التنسيقية لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

جانب من اجتماع اللجنة التنسيقية لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من اجتماع اللجنة التنسيقية لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» في القاهرة (الخارجية المصرية)

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي». جاء ذلك خلال تسلّم مصر رسمياً الرئاسة المشتركة لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» خلفاً للمغرب.
وأشار وزير الخارجية المصري، سامح شكري، (الخميس)، خلال اجتماع اللجنة التنسيقية لـ«المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» في دورته الحادية والعشرين بالقاهرة، إلى أن «مصر تتولى الرئاسة المشتركة للمنتدى في توقيت يواجه فيه المجتمع الدولي تحديات ضخمة من صراعات سياسية، أدت إلى أزمات اقتصادية (طاحنة) أثرت بالأخص في الدول النامية، إلى أزمة مناخ وصراع على الموارد الطبيعية، مما يحتم علينا تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تلك الظاهرة».
وأضاف شكري أنه على الرغم من جهود المجتمع الدولي وما تحقق من هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق، فإن «خطر الإرهاب لم يشهد تراجعاً في منطقتنا، حيث تصاعدت حدة وخطورة الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) الذين ما زالوا يهددون أمن واستقرار الدول».
حضر اجتماع «اللجنة التنسيقية للمنتدى» (الخميس)، نائب الأمين العام لدائرة العمل الخارجي الأوروبي تشارلز فرايز، ومدير إدارة القضايا الشاملة بوزارة الخارجية المغربية إسماعيل شقوري ممثلاً عن دولة الرئاسة المنتهية ولايتها للمنتدى، وممثلو الدول الأعضاء في المنتدى.
ووفق وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد قال وزير الخارجية المصري، إن «اتساع النطاق الجغرافي الذي تنشط فيه التنظيمات الإرهابية، خصوصاً في القارة الأفريقية، أدى إلى سقوط عديد من الضحايا، وتدهور الأوضاع الأمنية، وتهديد السلم المجتمعي، وتراجع النمو الاقتصادي»، مضيفاً أنه «ما زاد من خطورة التهديد الذي تمثله التنظيمات الإرهابية والتعقيدات المرتبطة به، تنامي اعتمادها على التكنولوجيا الحديثة لتحقيق مآربها (الخبيثة)، وفي مقدمتها استغلال شبكة الإنترنت للترويج لخطابها (المنحرف)، سعياً لتجنيد مزيد من الأفراد، فضلاً عن استخدام الطائرات المسيّرة، والعملات الافتراضية وغير ذلك من التطبيقات الحديثة لتعزيز وجودها وتعزيز أنشطتها».
وأوضح الوزير شكري أن «مصر واجهت خلال العقد الماضي (موجة غير مسبوقة) من (التهديدات الإرهابية) استهدفت أمنها ومقدرات شعبها، وراح ضحيتها عدد كبير من المصريين، إلا أننا نجحنا في القضاء على هذا الخطر بفضل جهود وتضحيات القوات المسلحة والشرطة المصريتين، ومن خلال اتباع (مقاربة شاملة) لا تقتصر على الإجراءات الأمنية فحسب، بل تمتد لتشمل إجراءات اقتصادية واجتماعية وتنموية بما في ذلك دحض (الخطاب المُنحرف المُحرض على الإرهاب)، والتصدي للفكر (المُتطرف)، خصوصاً من خلال مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لـ(تجديد الخطاب الديني)، ووجود (مرصد الأزهر لمكافحة التطرف)، و(مركز سلام لدراسات التطرف) بدار الإفتاء المصرية».
وزير الخارجية المصري، قال (الخميس) أيضاً إنه إيماناً بإمكانات «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، فإن مصر عازمة بوصفها رئيساً مشتركاً مع الاتحاد الأوروبي، على أن «تضع مسألة دعم جهود الدول الأفريقية في مكافحة الإرهاب في مقدمة أولوياتها من خلال (تطبيق مقاربة شاملة) تعالج مُسببات الإرهاب وترتكز على بناء القدرات الوطنية، ودعم الجهود الاقتصادية والاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان، وذلك عبر برامج محددة تتسق مع أولويات واحتياجات الدول الأفريقية ذاتها، وتهدف إلى دعم جهودها في تنفيذ الاستراتيجية الأممية لمكافحة الإرهاب».
من جانبه، أكد فرايز، أن «مصر تُعد شريكاً رئيسياً للاتحاد الأوروبي»، مضيفاً: «نعتزم أن يكون هناك فصل جديد مع مصر للتعاون الأمني الثنائي لمكافحة الإرهاب، ورؤية مشتركة داخل (المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب)»، موضحاً أن «المنتدى يحتفل بالذكرى الـ12 لتأسيسه، فعقب تغير المشهد الإرهابي من خلال سقوط (داعش) وتزايد الإرهاب في أفغانستان، فإن ذلك لا يتغير فقط على المستوى الجغرافي»، مشيراً إلى «مخاطر (التطرف) عبر الإنترنت و(المقاتلين الأجانب) من الخارج».
وأوضح فرايز أن «المنتدى أصدر 36 وثيقة طارئة منذ إنشائه في عام 2011، بالإضافة إلى عديد من الإنجازات، وبصفتنا رئيساً بالتشارك مع مصر فقد أقمنا ورش عمل وأنشطة من أجل رفع عمل الكفاءات»، مؤكداً «ضرورة استغلال الخبرات والموارد المتاحة لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض»، مشدداً على «ضرورة الوقاية من (التطرف)».
وبحسب إفادة للمتحدث الرسمي، ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، (الخميس)، فإن «فعاليات (اجتماع اللجنة التنسيقية) تشمل عدداً من الجلسات المغلقة للدول الأعضاء، وتتناول عدداً من الموضوعات ذات الأهمية في مجال مكافحة (الإرهاب والتطرف)، وعلى رأسها التحديات التي تواجه جهود مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية، كما تم تنظيم حدث جانبي على هامش فعاليات الاجتماع بالتعاون مع (مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام)، و(المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون) حول تعزيز الاستجابة المتكاملة للتهديدات الإرهابية من منظور أفريقي».
وأكد متحدث «الخارجية المصرية» أهمية «(المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب) لدوره في إقرار وثائق استرشادية تقوم الآليات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب بالبناء عليها لتطوير الأسس المفاهيمية الخاصة بموضوعات مكافحة (الإرهاب)»، موضحاً أن «مصر طالما كانت عضواً نشطاً في إطار المنتدى، حيث سبق أن ترأست مجموعة عمل بناء القدرات في منطقة شرق أفريقيا في الفترة من 2017 إلى 2022 بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي، كما سبق أن ترأست مجموعة عمل العدالة الجنائية وسيادة القانون بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأميركية بين عامي 2011 و2017».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من قلق المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من قلق المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ود مدني... سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية

قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)
قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)
TT

ود مدني... سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية

قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)
قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)

دخل الجيش السوداني مدينة ود مدني الاستراتيجية بوسط البلاد في 11 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد أن كانت «قوات الدعم السريع» قد انسحبت منها. وكانت «قوات الدعم السريع» قد استولت على المدينة نفسها قبل نحو عام في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد أن كان الجيش قد انسحب منها أيضاً، في سيناريو مشابه لما حدث يوم السبت الماضي. أما المفارقة في المشهدين هي أن القائد العسكري الذي قاد دخول المدينة العام الماضي على رأس «قوات الدعم السريع» حين كان أحد قادتها، هو نفسه الذي دخلها قبل يومين على رأس قوات الجيش، بعد أن انسلخ عن «الدعم السريع» وانضم إلى الجيش. هذا الضابط هو أبو عاقلة كيكل قائد فصيل مسلح يدعى «درع السودان».

في 8 يناير الجاري، بدأ هجوم الجيش على مدينة ود مدني عبر عملية عسكرية كبيرة شنها الجيش بالتعاون مع حركات مسلحة حليفة له. وتقدمت القوات المهاجمة باتجاه المدينة من عدة محاور، هي محور «ميجر 5» ومحور «الخياري» من جهة الشرق عند مدينة الفاو في ولاية القضارف، ومحور مدينة «المناقل» الذي تحرك أيضاً من جهتين، ومحور «ود الحداد» في غرب ولاية الجزيرة، وهي قوات قادمة من ولاية سنار المجاورة.

معارك تكتيكية

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واستطاع الجيش والقوات المتحالفة معه بقيادة فصيل «درع السودان»، تحقيق انتصارات تكتيكية في جهات الشرق والغرب والجنوب، حيث أزال الجيش خلالها تجمعات «قوات الدعم السريع» في عدد من البلدات الصغيرة والقرى في تلك المناطق، لكنه لم يجد مقاومة كبيرة كان يتوقعها. ثم توالت انسحابات «قوات الدعم السريع» شمالاً، ما عدا عمليات محدودة في جهتي سنار والمناقل ومعارك كر وفر في بلدات أم القرى، وود المهيدي، والشبارقة على تخوم مدينة ود مدني عاصمة إقليم ولاية الجزيرة.

وخاض الجيش معارك تكتيكية ضد «قوات الدعم السريع» استمرت ثلاثة أيام، وبعدها مباشرة دخل مدينة ود مدني بـ«سهولة مدهشة» وفق وصف شهود. كما عبرت قوات الجيش جسر «حنتوب» دون مقاومة تذكر، ولم تجد مقاومة في داخل المدينة أيضاً، ثم ظهر قائد «درع السودان» أبو عاقلة كيكل ليعلن للناس «تحرير» ود مدني، في وقت تلاشت فيه «قوات الدعم السريع» التي كانت تتمركز بكثافة في المدينة.

وشبّه الكثيرون سيناريو استعادة ود مدني بسيناريو استيلاء «الدعم السريع» عليها قبل نحو عام، إذ خاضت حينها «قوات الدعم السريع» القادمة من جهة الخرطوم، طوال ثلاثة أيام معارك على أطراف عند منطقة حنتوب، ثم انفتح الطريق الوحيد أمامها إلى داخل المدينة عبر جسر «حنتوب» فعبرته من دون مقاومة تذكر، وحين وصلت مقر قيادة «الفرقة الأولى مشاة» التابعة للجيش في وسط المدينة، وجدته خالياً فسيطرت عليه من دون قتال، وهو ما تكرر قبل يومين عندما عاد الجيش للمقر العسكري ذاته، أيضاً من دون قتال.

دور «درع السودان»

أرشيفية للقائد المنشق أبو عاقلة كيكل (الثالث من اليسار) مع «الدعم السريع» قبل انضمامه للجيش (مواقع التواصل)

ويرجع محللون «كلمة السر» في تطابق أحداث ود مدني وتبادل السيطرة عليها، إلى دور قائد قوات «درع السودان» أبو عاقلة كيكل، وهو ضابط متقاعد من الجيش برتبة رائد؛ إذ إن الرجل قاد السيطرة على المدينة في المرتين، الأولى حين كان مع «قوات الدعم السريع» وهزم الجيش، والثانية عندما كان مع الجيش وهزم «قوات الدعم السريع».

ونشأت قوات «درع السودان» في ديسمبر (كانون الأول) 2022، تحت أعين قيادة الجيش في منطقة سهل البطانة بولاية الجزيرة، بوصفها رد فعل لاتفاقية «سلام جوبا» التي مثلت صُلحاً بين الحكومة المركزية وحركات مسلحة من غرب السودان بشكل أساسي. وكان الغرض من نشأة «درع السودان»، وفق ما ذكر مؤسسها كيكل وقتها، هو إعادة التوازن مع الحركات المسلحة الموقعة على «سلام جوبا».

وفي أغسطس (آب) 2023، أي بعد اشتعال الحرب بأربعة أشهر، فاجأ كيكل الجميع وأعلن انحيازه إلى «قوات الدعم السريع» بدافع «مناصرة قضايا الهامش ومحاربة الإسلاميين»، فسارعت «قوات الدعم السريع» بمنح كيكل رتبة لواء. وظهر كيكل في مدينة ود مدني 18 ديسمبر معلناً «تحريرها» من سيطرة الجيش وتسليمها لـ«قوات الدعم السريع»، بعد أن لعبت قواته دوراً رئيسياً في السيطرة على المدينة الاستراتيجية؛ لكونه يعرف جغرافيا المنطقة جيداً. ثم حقق كيكل مفاجأة أخرى بإعلانه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الانسلاخ مرة أخرى بكامل قواته عن «الدعم السريع» والانحياز للجيش، وقاتل إلى جانبه حتى استرداد المدينة يوم السبت 11 يناير الحالي.

«الدخول من باب الخروج»

سودانيون يحتفلون في بورتسودان بسيطرة الجيش على مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

وشبه المحلل السياسي محمد لطيف أحداث ود مدني بأحداث رواية «الدخول من باب الخروج»، حيث تبادل الجيش و«الدعم السريع» دخول المدينة والانسحاب منها بسرعة مفاجئة في المرتين. واعتبر لطيف ظهور كيكل في الحالتين تأكيداً للتطابق بين عمليتي الدخول والخروج، قائلاً: «كيكل قبل أكثر من عام، ظهر في مقر الفرقة الأولى معلناً الاستيلاء على المدينة، ثم ظهر مرة أخرى الآن في المقر نفسه معلناً استعادة ود مدني للجيش».

واستبعد لطيف حدوث تسوية بين الجانبين المتحاربين، في ظل تردد أحاديث عن تحسن موقف الجيش التفاوضي، وقال إن اعتراف قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» بالهزيمة في ود مدني وتعهده باستمرار الحرب، يقطع الطريق أمام احتمالات التفاوض مع الجيش. وأضاف لطيف أن استعادة الجيش لمدينة ود مدني تعد «أكبر انتصار يحققه الجيش منذ بداية الحرب، وتعيد التوازن المعنوي والعسكري، وربما تجعله أكثر استعداداً للتفاوض مع الطرف الآخر لإنهاء الحرب».