ثلاثة أسباب رئيسية تجعل العودة إلى المفاوضات مع إيران مستبعدة

فرنسا متمسكة بالتواصل مع طهران لدورها في الأزمات الإقليمية

ثلاثة أسباب رئيسية تجعل العودة إلى المفاوضات مع إيران مستبعدة
TT

ثلاثة أسباب رئيسية تجعل العودة إلى المفاوضات مع إيران مستبعدة

ثلاثة أسباب رئيسية تجعل العودة إلى المفاوضات مع إيران مستبعدة

(تحليل إخباري)
ثمة اعتراف من على جانبي الحلف الأطلسي أن محاولة إحياء الاتفاق النووي مع إيران المبرم في صيف عام 2015 الذي تدور بشأنه مفاوضات شاقة منذ شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، دخلت في الثلاجة أو ربما ماتت تماماً، لا بل إن إعلان الوفاة غير الرسمي جاء على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن، المعنيّ الأول بهذه المسألة. ففي مقطع فيديو صُوِّر منتصف الشهر الماضي، بمناسبة حديث له مع مجموعة من المعارضين الإيرانيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، قال بايدن إن الاتفاق «قد مات ولكن لن نعلن وفاته». وقبل ذلك بشهر، أعلن روبرت مالي، المبعوث الأميركي للملف النووي وأكثر الدبلوماسيين الأميركيين خبرة بهذا الموضع كونه كان من الطاقم المفاوض في العام 2015، في حديث صحافي، ما حَرفيته: «ليس من مهامي أن أعطي شهادة وفاة للاتفاق». ويضاف إلى ما سبق سيل من التصريحات الأميركية التي تؤكد أن الزمن الحالي «ليس للتفاوض» بشأن برنامج إيران النووي بعد الإخفاق الذي صدم الدبلوماسيين الأوروبيين والأميركيين في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي بعدما توصلوا مع الوفد الإيراني، بوساطة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومساعده الإسباني أنريكي مورا، إلى اتفاق تفصيلي متكامل. وقتها كان التفاوض يجري حول تحديد تاريخ للتوقيع الرسمي في فيينا.
بيد أن إيران، عقب عودة وفدها إلى طهران، عادت لتطرح مجدداً تمسكها بإغلاق ملف المواقع الثلاثة التي عثر فيها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً على جزيئات نووية تؤشر لعمليات تخصيب، ما عُدَّ «تهرباً» إيرانياً وانعكاساً لصراعات داخلية. ولأن هذه المسألة ليست جزءاً من الاتفاق، فقد رفض الغربيون التنازل. ورغم المحاولات التي جرت لاحقاً، فإنها بقيت من غير حل. ورمت لاحقاً مصادر دبلوماسية فرنسية كامل المسؤولية على طهران بقولها: «الاتفاق موجود على الطاولة ولا ينقصه سوى توقيع إيران ليصبح نافذاً».
تقول مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس إن ثلاثة أسباب تجعل اليوم العودة إلى المفاوضات «أبعد مما كانت عليه في أي وقت مضى»، وأولها أنْ لا أحد أوروبياً أو غربياً «جاهز» اليوم للجلوس مقابل مبعوث إيراني للبحث في البرنامج النووي فيما طهران مواظبة على عمليات الإعدام والقمع بالتوازي مع مزيد من الانخراط في الحرب الروسية على أوكرانيا. والسبب الثاني أن السير في خطوة من هذا القبيل سيُنظر إليها، حسب المصادر الأوروبية، على أنها «إعادة تأهيل» للطرف الإيراني وتوفير شهادة «حسن سلوك واحترام» له بينما الدول الغربية من على جانبي الأطلسي تراكم العقوبات على المسؤولين عن القمع وعن التعاون العسكري الإيراني - الروسي. وثالث الأسباب أنْ لا أحد في العواصم المعنية يعتقد اليوم بـ«فائدة» إعادة ملف التفاوض باستثناء طهران التي تحاول الإيحاء بأن التواصل مستمر مع الجانب الأميركي عبر الوسطاء الغربيين وغير الغربيين.
من هذه الزاوية يتعين النظر إلى اللقاء الذي حصل بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان وجوزيب بوريل في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على هامش أعمال قمة «بغداد - 2» التي استضافها الأردن، والزيارة التي قام بها الأول إلى مسقط يوم 28 الشهر نفسه، والتي أشار فيها إلى أن نافذة المفاوضات النووية «ما زالت مفتوحة ولكنها لن تبقى كذلك إلى الأبد». كما أفاد عبداللهيان بأن الملف النووي كان على رأس جدول المحادثات التي أجراها مع سلطان عمان ونظيره وزير الخارجية العماني. وسبق لـعبداللهيان أن أعلن أكثر من مرة أن ثمة «تبادل رسائل» مع واشنطن عبر الوسيط الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبته مسقط سابقاً في تسهيل التواصل بين طهران وواشنطن، ولذا يبدو واضحاً أن الجانب الإيراني يسعى إلى إعادة تفعيل هذه القناة الدبلوماسية. بيد أن المصادر الأوروبية تنبه إلى أن ما يصدر عن عبداللهيان أو عن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية «يتعين التعاطي معه بكثير من الحذر» ولا يعني توافر فرصة جديدة، والدليل على ذلك أن المحاولات التي قامت بها الوكالة الدولية لتسوية ملف المواقع الثلاثة غير المعلنة لم تثمر، وبقي الملف عالقاً. يضاف إلى ما سبق أن البرنامج النووي الإيراني يتقدم بخطوات كبيرة وأبرزها بدء إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة في موقع «فوردو» بالغ التحصين، وأن التقارير المتوافرة تشير كلها إلى أن طهران تمتلك من اليورانيوم مرتفع التخصيب ما يجعلها اليوم «قرب» الحافة النووية إن لم تكن قد تخطتها.
من بين جميع الأطراف الأوروبية المعنية بالملف النووي، يعدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأكثر انخراطاً. فقد كان ماكرون المسؤول الغربي الوحيد الذي التقى الرئيس إبراهيم رئيسي في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، أي بعد أربعة أيام من وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، وانطلاق الاحتجاجات ومعها القمع الأعمى. وقد انصبّت الانتقادات عليه بسبب مبادرته التي عُدّت أنها جاءت في غير وقتها. بيد أن ماكرون من دعاة الواقعية السياسية. ففي الطائرة التي حملته على طريق العودة من قمة «بغداد 2» سئل ماكرون عن تعليقه على قول بايدن إن الاتفاق النووي قد مات، وجاء رده كالتالي: «إذا كان هذا ما يعتقده، فعليه أن يعلن ذلك وأن يوضحه». ولا يبدو أن ماكرون، رغم مواقف باريس شديدة الانتقاد لإيران في الأسابيع الأخيرة بسبب القمع من جهة ومساعدة روسيا في حربها الدائرة في أوكرانيا من جهة ثانية، راغب في القطيعة مع طهران. وبرأيه، فإنه يتعين «تأطير الأنشطة النووية الإيرانية وكذلك الباليستية فضلاً عن وضع حد لدورها الإقليمي المزعزع للاستقرار» في تلميح إلى ما تقوم به طهران في اليمن والعراق وسوريا ولبنان... وكانت لافتة دعوته العراق، في كلمته الافتتاحية لقمة «بغداد 2» للخروج من الهيمنة الإيرانية.
بيد أن المقاربة الفرنسية العامة لا تعني أن باريس جاهزة اليوم لمبادرةٍ ما في الملف النووي. فالعلاقات بينها وبين طهران بالغة التوتر لسببين إضافيين: الأول، اعتبار ماكرون، بمناسبة استقباله يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) أربع ناشطات إيرانيات في قصر الإليزيه، أن ما يحصل في إيران «ثورة» وعمد إلى تكرار هذا التوصيف عدة مرات لاحقاً. والآخر، تبعات نشر مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة رسوماً كاريكاتيرية للمرشد الإيراني علي خامنئي، ورد طهران العنيف على ذلك وإغلاق «مركز الأبحاث الفرنسي» في طهران، فضلاً عن المظاهرات المعادية لباريس أمام السفارة الفرنسية والشعارات المنددة بـ«الإهانة» الفرنسية للمقامات الإيرانية العليا. ومن مظاهر التوتر بين الجانبين أن مشروع قانون قدمته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ يدعو الحكومة والاتحاد الأوروبي إلى وضع حد للمفاوضات النووية وإغلاق المجال الجوي الأوروبي في وجه الطائرات الإيرانية وفرض عقوبات على الحرس الثوري ووضعه على لائحة التنظيمات الإرهابية. بيد أن هذا الاقتراح لا يعني تغييراً في السياسة الفرنسية، إذ يعود للحكومة الأخذ به أو إبقاؤه جانباً.
بناءً على ما سبق، لا يبدو أن باريس «وهو ما يصح على لندن وبرلين» راغبةٌ في وأد المساعي الدبلوماسية رغم التشدد الواضح في اللهجة والإدانات. باريس ترى أن «المشكلات الإقليمية لا يمكن حلها من غير إيران». ورغم حديث ماكرون عن «الثورة»، فإنه «لا أحد اليوم يرى أن النظام مهدَّد حقيقةً بالزوال، ولذا يتعين استمرار التواصل معه». لكنَّ هذا لا يعني، وفق المصادر الأوروبية، أن مبادرة جديدة بخصوص الملف النووي ستُطرح غداً لأن التوجه العام اليوم منصبٌّ على تشديد العقوبات على طهران التي لا تبدو من جانبها مستعجلة في التجاوب مع المطالب الغربية بفضل «تحالفها» المزدوج مع الصين وروسيا وبالتالي ترى أنها قادرة على الانتظار.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
TT

إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)

شهدت مدينة يافا إضراباً عاماً، الاثنين، احتجاجاً على الاعتداء العنصري الذي قام به 3 مستوطنين يهود متطرفين، السبت الماضي، على امرأة محجبة في الشهر التاسع من حملها.

وتركز الاحتجاج على إدانة تصرف الشرطة الإسرائيلية، التي لم تعتقل المعتدين، وقبضت على 14 شخصاً من مواطني يافا المحتجين.

وجاء الإضراب في وقت جلبت فيه الشرطة المعتقلين، طالبة تمديد اعتقالهم لـ3 أيام لغرض التحقيق، لكن القاضي رد طلب الشرطة باستهجان، وأمر بالإفراج عن جميع المعتقلين، وقال إن ادعاءاتها بأنهم يحرضون على العنف في الدولة غير صحيحة.

كيف حدث الاعتداء؟

تعرضت عائلة الشاب فادي خيمل من مدينة يافا، مساء السبت، لاعتداء عنصري نفذه 3 من المستوطنين في حيّ العجمي، حيث رش المعتدون أفراد العائلة بغاز الفلفل المُدمِع، واعتدوا عليهم بآلات حادة، وكانت السيدة حنان (زوجة فادي خيمل)، وهي حامل في شهرها التاسع، داخل السيارة برفقة طفليهما البالغين من العمر 5 و7 سنوات، بالإضافة إلى والدته التي تجاوزت الستين من عمرها.

وتروي حنان (30 عاماً): «كنت أقود سيارتي وزوجي يقود سيارة حماتي أمامي، وراحوا يشتمونني».

وتضيف: «بصق (أحدهم) نحو ابنتي الطفلة، فنزلت حماتي من السيارة تتحدث إليهم، لكنهم لم يحترموها؛ بل دفعوها أرضاً. وهنا لاحظت أن أحدهم كان مسلحاً، فرحت أستخدم آلة تنبيه السيارة، وأصيح: إنه مسلح، احذروا، وقد حضر بعض المارة اليهود والعرب وأوقفوا الاعتداء».

ولا يزال بعض أفراد العائلة يتلقون العلاج في المستشفى، ويعاني الطفلان من آلام في جسديهما والعينين من جرّاء الاعتداء.

اعتقال المحتجين على الاعتداء

خرج عشرات المواطنين من عرب يافا يتظاهرون احتجاجاً، وراحوا يهتفون ضد المستوطنين واعتداءاتهم، ويطالبون بتطهير يافا من سمومهم، إذ إنهم قدموا قبل 20 عاماً من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى يافا، لغرض تهويدها ومحاربة خطر تحولها إلى مدينة ذات أكثرية عربية، وقد فرقتهم الشرطة، بزعم أن مظاهرتهم غير قانونية، واعتقلت 4 منهم.

ثم أكملت حملة الاعتقال في ساعات الفجر من يوم الأحد، وبينهم نائب رئيس الهيئة الإسلامية المنتخبة، الشيخ عصام السطل، والشيخ محمد محاميد، عضو الهيئة وإمام مسجد النزهة، والأستاذ مجد راس، وهو مربٍّ، والمحامي عبد الفتاح زبدة، المتحدث الرسمي باسم الهيئة الإسلامية المنتخبة، وإبراهيم سوري رئيس لجنة الصيادين، والشيخ محمد عايش إمام مسجد البحر، وغيرهم.

وقال رئيس الهيئة الإسلامية في يافا، عبد القادر أبو شحادة، إن «ما حصل مع حنان خيمل لن يتوقف عندها، إنما سيستمرّ من قِبل هؤلاء المتطرّفين الذين لا يروننا بشراً».

وذكر أن «ما تعرّضت له حنان صعب، ويوضح عقلية هؤلاء المتطرفين، ويجب علينا في ظلّ هذا التطرّف، أن نكون يداً واحدة، وهذا ما نراه في يافا اليوم. ما يحصل في يافا، بدأ قبل 20 عاماً، عندما بدأت (النواة التوراتية) تدخل إلى المدينة، وهذه الجماعات خطر على الجميع، وترى الجميع أعداء، وغير آدميين».

متظاهرون من عرب إسرائيل أمام مكتب بنيامين نتنياهو في القدس (وسائل إعلام إسرائيلية)

وقالت صبحيّة أبو شحادة، وهي شقيقة ضحيّة الاعتداء، حنان خيمل: «نقف هنا لنطالب بحقّ حنان التي اعتُدي عليها في المكان الذي يفترض أنه الأكثر أماناً، وهو حارتها؛ فالمستوطنون المعتدون عليها حتى هذه اللحظة طلقاء من دون عقاب».

وقالت سُميّة صافي، والدة المعتقل محمد صافي: «قوات كبيرة من الشرطة اقتحمت منزلنا، الأحد، في مدينة يافا، واعتقلت ابني محمد، وذلك لأنه شارك، أمس، في المظاهرة بالقرب من حديقة الغزازوة، التي طالبت باعتقال المعتدين على العائلة العربية في يافا».

وأضافت: «عندما اعتقلوه كان يعتني بطفله البالغ من العمر شهراً واحداً، بينما كانت والدته تشتري أغراضاً، ولم تقبل الشرطة أن تنتظر حتى تأتي والدته، وتركت الطفل لي على الرغم من أنني أعاني من كسور في يدي».


إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي
صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي
TT

إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي
صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي

قالت طهران إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لا يحق لها المطالبة بتفتيش المراكز النووية التي تعرضت لهجمات عسكرية»، مشددة على ضرورة وجود «بروتوكولات واضحة» تتيح مثل هذا التفتيش قبل السماح به.

وجدد رئيس الوكالة التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، في الأيام الأخيرة ضغوطه على طهران للوصول إلى ثلاث منشآت رئيسية لتخصيب اليورانيوم، طالتها ضربات إسرائيلية وأميركية في يونيو (حزيران).

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، الجهاز الموازي للجيش النظامي، إضافة إلى مسؤولين وعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف 3 مواقع نووية داخل إيران.

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع التي استهدفتها الضربات، منتقدةً امتناع الوكالة عن إدانة تلك الهجمات. كما ربط قانون أقره البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بالحصول على موافقات من مجلس الأمن القومي، الذي تطلبت قراراته مصادقة المرشد علي خامنئي.

وأفاد غروسي في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، ونشرت اليوم (الاثنين)، بأن «الوكالة الذرية» عادت إلى تنفيذ عمليات تفتيش في إيران، لكن دون التمكن من الوصول إلى المنشآت النووية الرئيسية.

وأوضح غروسي، تعليقاً على ما إذا كان قد تحقق أي تقدم عملي في استئناف عمليات التفتيش بعد الضربات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في يونيو، ومتى سيتمكن خبراء الوكالة من استعادة الوصول إلى مواقع نطنز وأصفهان وفوردو، أن «هذا هو السؤال الأهم الذي نواجهه حالياً في إيران».

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حُفَراً في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم عقب الضربات الأميركية (رويترز)

وأضاف أن الوكالة تمكنت من استعادة واستئناف أنشطة التفتيش، لكنها لا تزال «محدودة للغاية»، مشيراً إلى أن فرق الوكالة «مسموح لها فقط بدخول المواقع التي لم تتعرض لهجمات». وقال: «هذا أمر إيجابي من حيث إن هذه المواقع مدرجة ضمن القائمة المتفق عليها للتفتيش، وهو أمر مهم بالنسبة لنا، لكن بطبيعة الحال فإن المواقع الثلاثة الأخرى في نطنز وأصفهان وفوردو أكثر أهمية؛ إذ لا تزال تحتوي على كميات كبيرة من المواد والمعدات النووية، ونحن بحاجة إلى العودة إليها».

ولفت غروسي إلى أن الوكالة تجري حواراً منتظماً مع إيران، غير أن مستوى التعاون لا يزال محدوداً. وأضاف: «بدأنا حواراً مع إيران. أنا على اتصال منتظم جداً بوزير الخارجية ومسؤولين آخرين، لكن مستوى التعاون يبقى محدوداً. هذه هي الحالة الراهنة».

في طهران، وجه رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، انتقادات لمطالب غروسي، وقال في تصريحات للصحافيين، إن إيران منحت الإذن بتفتيش المواقع التي لم تتعرض لأي اعتداء، «لكن الإشكال يتركز في المراكز التي تعرضت لهجوم عسكري؛ إذ لا بد من وجود بروتوكول محدد للتعامل مع هذه الحالات»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وصرح إسلامي: «الوكالة التي لم تُدِن هذه الهجمات، ولا تمتلك تعليمات أو إرشادات للتعامل مع مثل هذه الظروف، لا يحق لها الادعاء بإجراء تفتيش». وتابع أن «الضغوط التي تمارسها ثلاث دول أوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل لا تهمنا، ولن يكون لها تأثير».

وشدد إسلامي على أن غروسي «مطالب بتقديم إجابات للمجتمع الدولي؛ لأن مثل هذه الهجمات قد تطول أي دولة»، مشيراً إلى أن «المنشآت النووية الإيرانية كانت خاضعة لإشراف الوكالة، وعلى الوكالة أن توضح لماذا لم تُدِن الهجمات، وما هي البروتوكولات أو التعليمات التي تعتمدها في حال تعرض مواقع نووية لهجوم عسكري».

بدوره، قال المتحدث باسم «الذرية الإيرانية»، بهروز كمالوندي، إن عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الهجمات العسكرية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، واقتصرت على الأجزاء من المواقع النووية التي لم تتعرض للهجوم.

ولفت كمالوندي إلى أن جميع عمليات التفتيش التي نفذتها الوكالة خلال الأشهر الأخيرة جرت بإذن من المجلس الأعلى للأمن القومي ووفقاً للقانون الذي أقره البرلمان الإيراني.

وأضاف أن هذه التفتيشات شملت فقط القطاعات من الصناعة النووية التي لم تتضرر، مشيراً إلى أن تفتيش المواقع التي تعرضت لهجمات عسكرية يتطلب مساراً منفصلاً، نظراً لعدم وجود بروتوكولات أو ترتيبات خاصة بحالات الحرب في اتفاق الضمانات. وأكد أن إيران أبلغت الوكالة بذلك مراراً، وأنه ينبغي إعداد اتفاق منفصل لتفتيش هذه المواقع.

وشدد كمالوندي على أنه في ظل تعرض البلاد ومنشآتها لهجمات، من الطبيعي أن تكون الاعتبارات الأمنية في مقدمة الأولويات، مؤكداً أن ممارسة الضغوط للإسراع في منح الوصول «لن تؤدي إلى نتيجة».

ونبه إلى أن أمن البلاد والمنشآت النووية يفرض التعامل مع هذا الملف «بحسابات دقيقة، ووفق القانون، وبعد التأكد من عدم وجود أي خطر يهدد المنشآت النووية».

في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بوساطة مصرية على إطار عمل جديد للتعاون، غير أن طهران أعلنت لاحقاً اعتباره مُلغى بعد أن فعلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مسار إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

عراقجي خلال إفادة حول المفاوضات النووية يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي والمتحدث باسم اللجنة النائب إبراهيم رضائي (أرشيفية - موقع البرلمان الإيراني)

وخلال الأسابيع التالية، أجرى وزير الخارجية المصري، اتصالات مع نظيره الإيراني ومدير الوكالة الذرية في محاولة لإحياء «تفاهم القاهرة» واحتواء التوتر، لكن إيران أعلنت رسمياً طي هذا المسار رداً على قرار مجلس محافظي الوكالة في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الذي دعاها إلى التعاون مع المفتشين الدوليين.

وسبق ذلك تأكيد مسؤولين إيرانيين انتهاء الاتفاق، فيما أبدت طهران استعدادها قبل قرار المجلس لبحث وساطة صينية - روسية بهدف استئناف التعاون مع الوكالة الذرية.

وقبل الهجمات على منشآتها النووية، كانت إيران تخصّب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى الاستخدام العسكري، وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران كانت تمتلك نحو 441 كيلوغراماً من هذه المادة عند اندلاع الحرب، قبل أن يتعذر عليها التحقق من المخزون منذ 13 يونيو.

وتؤكد الدول الغربية عدم وجود حاجة مدنية لهذا المستوى من التخصيب، فيما تقول «الوكالة الذرية» إن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة سلاحاً نووياً التي تخصب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة.

وكان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد اعتمد، في 20 نوفمبر، قراراً يطالب إيران بإبلاغ الوكالة دون تأخير بوضع مخزونات اليورانيوم المخصب والمنشآت النووية التي تعرضت للقصف. وقالت طهران إنه يمثل «إجراءً غير قانوني وغير مبرر».

وقال عراقجي، في مقابلة الشهر الماضي، إن تفتيش المواقع التي تعرضت للهجوم في يونيو يتطلب «نهجاً جديداً».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قال غروسي إن إيران لا تبدو منخرطة حالياً في تخصيب نشط، لكنه أشار إلى رصد تحركات متجددة في مواقع نووية، وسط تقارير غربية عن تسريع أعمال بناء في منشأة تحت الأرض قرب نطنز.


إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» تسير بشكل جديد بفضل إصرار حكومته، وأن عملية التخلص من أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، وتطهير الكهوف الجبلية في شرق وجنوب شرقي البلاد مستمرة.

وفي الوقت ذاته، نظم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، مسيرة اختتمها أمام مقر البرلمان التركي في أنقرة، احتجاجاً على زيادة مخصصات الدفاع في الموازنة العامة الجديدة لعام 2026، في الوقت الذي تستمر فيه الجهود لإتمام «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإرهاب».

التخلص من الأسلحة

وقال إردوغان خلال لقاء مع طلاب جامعيين في إسطنبول ليل الأحد– الاثنين، ضمن لقاءات الشباب التي ينظمها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إن الإرهاب تسبب في إراقة دماء الأبرياء في شرق وجنوب شرقي البلاد على مدى سنوات طويلة، وإنه بفعل إصرار حكومته تم تطهير المنطقة من الإرهاب. وأضاف إردوغان: «أُخليَت الكهوف، وأُحرقَت الأسلحة، وما زالت تُحرَق، واليوم نجد السلام والهدوء في شرق وجنوب شرقي الأناضول. يستطيع الناس صعود الجبال، ويمكن لرعاة الأغنام أن يتجولوا دون خوف».

الرئيس التركي إردوغان خلال لقاء مع شباب من الجامعات التركية في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)

وأطلق رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» من البرلمان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بتأييد من إردوغان، داعياً من خلالها زعيم حزب «العمال الكردستاني»، السجين في جزيرة إيمرالي غرب تركيا منذ 26 سنة، عبد الله أوجلان، إلى توجيه نداء لحل الحزب، ونزع أسلحته، مقابل خطوات قانونية تتيح إطلاق سراحه، وعودة مسلحي الحزب الذين سيتركون أسلحتهم.

أوجلان وجَّه نداءً إلى حزب «العمال الكردستاني» لحل نفسه وإلقاء أسلحته في 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

واستجابةً لدعوة أوجلان التي حملت عنوان «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي» التي أطلقها في 27 فبراير الماضي، أعلن «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته، في 12 مايو (أيار)، منهياً مرحلة من الكفاح المسلح امتدت 47 عاماً، وأحرق 30 من عناصره أسلحتهم في مراسم رمزية في محافظة السليمانية في شمال العراق، في 11 يوليو (تموز)، وأعقب ذلك إعلان الحزب، في 26 أكتوبر، سحب مسلحيه من الأراضي التركية، ثم أعلن انسحابه من منطقة زاب التي تشكل معقلاً استراتيجياً له في شمال العراق، في 17 نوفمبر (تشرين الثاني).

أوجلان و«قانون السلام»

وبالتوازي مع هذه الخطوات، شكَّل البرلمان التركي في 5 أغسطس (آب) لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» التي عقدت 19 جلسة استماع، للأحزاب وخبراء القانون والأكاديميين وممثلي جمعيات المحاربين القدماء ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب لقاء لوفد منها مع أوجلان في سجن إيمرالي، وتعمل حالياً على إعداد تقريرها النهائي حول الخطوات القانونية المقترحة في إطار عملية السلام.

مسلحون من حزب «العمال الكردستاني» خلال مراسم إحراق الأسلحة رمزياً في 11 يوليو الماضي (رويترز)

وعقب لقائه وفد اللجنة البرلمانية، طالب أوجلان خلال لقاء مع «وفد إيمرالي» بوضع ما سماه «قانون السلام» للمرحلة الانتقالية، داعياً إلى أن يتضمن مبادئ «المساواة في المواطنة» والتخلي عن مفهوم الدولة القومية، وضمان ديمقراطية الحكم المحلي، كما نقلت عنه عضو الوفد النائبة بروين بولدان.

وأيد بهشلي في لقاء «وفد إيمرالي»، الجمعة، الإسراع بإقرار التدابير القانونية اللازمة لإنجاح العملية الجارية وإقرار «قانون السلام».

وينتقد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» تقاعس الحكومة عن اتخاذ التدابير اللازمة مقابل خطوات «العمال الكردستاني»، ويطالب بتغيير وضع أوجلان في السجن، وتمكينه من قيادة عملية السلام بحرية.

الإنفاق الدفاعي

وفي الوقت ذاته، نظم الحزب مسيرة انطلقت في عدد من الولايات، اختُتمت أمام مقر البرلمان، تحت شعار «خبز، سلام، حرية» احتجاجاً على زيادة ميزانية الدفاع في الفترة التي تستمر فيها عملية السلام، والمطالبة بزيادة الأجور في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وتضمن مشروع الموازنة العام لتركيا لعام 2026 التي يناقشها البرلمان حالياً، زيادة مخصصات الدفاع والأمن الداخلي بنسبة 34 في المائة، إلى 2.155 تريليون ليرة تركية (نحو 49 مليار دولار).

الرئيسان المشاركان لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» تونجر باكيرهان وتولاي حاتم أوغولاري تقدما مسيرة للاحتجاج على مخصصات الدفاع في ميزانية تركيا الجديدة (حساب الحزب في إكس)

وتقدم المسيرة أمام البرلمان الرئيسان المشاركان للحزب: تونجر باكيرهان، وتولاي حاتم أوغولاري، وعدد من النواب.

وطالبت أوغولاري بـ«ميزانية للخبز والسلام» وخفض مخصصات الأسلحة، وتحقيق العدالة الضريبية، قائلة إن الموازنة التي أعدها حزبا «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» هي «ميزانية للمُقرَّبين من الحكومة، وللحرب، وليست للشعب. لهذا السبب نرفضها».

وبدوره، عد باكيرهان أن البرلمان يناقش ميزانية تصب في مصلحة رأس المال والحرب وجماعات الضغط المؤيدة للفائدة، لا في مصلحة العمال والمتقاعدين والشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، وأنهم سيواصلون النضال في الشوارع وفي البرلمان من أجل هذه الفئات.

وقال نائب الحزب عن ولاية هكاري، جنوب شرقي تركيا، وزير بارلاك، إن هناك تناقضاً بين خطاب السلام و«عملية حل المشكلة الكردية» بالوسائل الديمقراطية وزيادة ميزانية الحرب، مضيفاً أنه «في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الحادة، لا يجوز إنفاق هذه الميزانية على السياسات الأمنية، ويجب استخدام هذه الأموال لصالح الشعب».