الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الاستخبارات البريطانية أبلغت الإسرائيليين بوجود الموقع الحساس في 2008

أكبري يتحدث في تدشين كتاب «الحركة النووية الوطنية» في طهران في اكتوبر 2008 (أ.ب)
أكبري يتحدث في تدشين كتاب «الحركة النووية الوطنية» في طهران في اكتوبر 2008 (أ.ب)
TT

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

أكبري يتحدث في تدشين كتاب «الحركة النووية الوطنية» في طهران في اكتوبر 2008 (أ.ب)
أكبري يتحدث في تدشين كتاب «الحركة النووية الوطنية» في طهران في اكتوبر 2008 (أ.ب)

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009.
وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام. وحسب «نيويورك تايمز»، فإن إعدام أكبري التي تربطه صلات وثيقة بأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أنهى سراً بقي طي الكتمان لمدة 15 عاماً.
في هذا الصدد، ذكرت الصحيفة أن مسؤولاً استخباراتياً بريطانياً رفيع المستوى سافر إلى تل أبيب في أبريل (نيسان) 2008، حاملاً رسالة سرية إلى الإسرائيليين، بشأن وجود جاسوس لدى بريطانيا يمكنه الوصول إلى الأسرار النووية والدفاعية في إيران. وحسب الصحيفة، فإن المعلومات القيمة التي قدمها الجاسوس على مدى سنوات، كان لها دور حيوي في إزالة الشكوك لدى الحكومات الغربية بشأن نيات إيران امتلاك السلاح النووي، وإقناع العالم بفرض عقوبات واسعة النطاق على طهران. وبدأ أكبري، الذي عاش حياة مزدوجة، بتسريب الأسرار النووية إلى المخابرات البريطانية في عام 2004. وكان أكبري قائداً عسكرياً بارزاً في «الحرس الثوري»، ونائباً لوزير الدفاع (علي شمخاني حينذاك)، ويعرف بتعصبه الديني وتشدده السياسي وخطاباته ومقابلاته النارية. ولم يفقد ثقة السلطات حتى بعد انتقاله إلى لندن، حيث واصل تقديم «الاستشارات» لشمخاني وغيره من المسؤولين.
ذكرت «نيويورك تايمز» أن أكبري لم يواجه مشكلة حتى 2019، عندما اعتقل في طهران، بعدما زارها بدعوة من شمخاني. وقالت مصادر مقربة من «الحرس الثوري» للصحيفة، إن «روسيا ساعدت إيران في الكشف عن هوية الجاسوس الذي كشف عن وجود منشأة فوردو النووية، وهو أكبري». وأعادت الصحيفة التذكير بتقرير سابق لها في سبتمبر (أيلول) 2019، ونقلت عن مصادر حينذاك أن منشأة فوردو كشف عنها جاسوس بريطاني، قبل أن يقوم مسؤولون بريطانيون بنقل تلك المعلومات إلى الإسرائيليين. وقالت مصادر أمنية غربية للصحيفة، إن المعلومات بشأن فوردو وأنشطة إيران للحصول على أسلحة نووية هناك كانت واحدة من بين تسريبات أكبري التي جرى نقلها إلى الإسرائيليين في 2008.
وتقول السلطات الإيرانية إنها اعتقلت أكبري بين مارس (آذار) 2019 ومارس 2020، لكنها لم تحدد توقيت اعتقاله.
وبعد إعدام أكبري بيومين، بث الإعلام الحكومي الإيراني اعترافات متلفزة منه، يتحدث فيها عن دوره في تأكيد أهمية محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع الإيراني السابق في شؤون الأبحاث، الذي اغتيل بواسطة رشاش آلي، واتهمت إيران، إسرائيل، بالوقوف وراء اغتياله.
وفي الاعترافات المتلفزة، تحدث أكبري عن «تجنيده» من المخابرات البريطانية، كاشفاً عن تقديمه معلومات، منها تحديد أهمية المسؤولين والأشخاص المؤثرين، لدول أجنبية، خصوصاً في الملف النووي والقضايا المتعلقة بالأنشطة الإقليمية.
ويصرح أكبري في التسجيل: «سُئلت عما إذا كان من الممكن أن يشارك شخص ما، لنفترض الدكتور فخري زاده، في مشروع ما، لقد قلت: لماذا لا يستطيع».
وقبل إعدامه بأيام قليلة، كشفت «بي بي سي فارسي» عن رسالة صوتية من أكبري، وهو يتحدث من داخل السجن، يقول فيها إنه تعرض للتعذيب لأكثر من 10 أشهر، وأُجبر على الاعتراف أمام الكاميرا بجرائم لم يرتكبها. وقال: «لا توجد أدلة ضدي»، مشيراً إلى قيامه بأنشطة اقتصادية في عدة دول أوروبية بعد مغادرة إيران «بشكل قانوني»، لكنه اتُّهم بـ«الهروب» وامتلاك «شركات وهمية».
وقالت إيران إن أكبري كشف هوية وطبيعة نشاط أكثر من 100 مسؤول، أبرزهم فخري زاده.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن دبلوماسي إيراني كبير ومستشار للحكومة، أن أكبري دعا في أحد الاجتماعات الرسمية إلى ضرورة امتلاك إيران سلاحاً نووياً. في 15 يناير الماضي، أي بعد يوم من إعدام أكبري، نشرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية مقتطفات من تصريحات أكبري، من بينها تصريحات أدلى بها في أغسطس (آب) 2003 لوكالة «إيسنا» الحكومية حول ضرورة حصول إيران على سلاح نووي «رادع»، مشدداً على أن «امتلاك هذا النوع من السلاح لا يمكن مقارنته باستخدامه».
وبموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وافقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم في «فوردو»، وحوّلته بدلاً من ذلك إلى «مركز للطاقة النووية والفيزياء والتكنولوجيا».
في يوليو (تموز) العام الماضي، أعلنت إيران العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة في منشأة فوردو. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باشرت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.
وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة في منشأة «نطنز» منذ أبريل 2021 بنسبة قريبة من الـ90 في المائة اللازمة لاستخدام اليورانيوم في صنع الأسلحة.
في فبراير (شباط) الماضي، انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إخفاء إيران القيام بتعديلات جوهرية في طبيعة عمل أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو، معلنة عن امتلاك إيران أجهزة تحمل رؤوساً تمكنها من التحول بسرعة وسهولة لمستويات تخصيب أعلى نقاء.
في وقت لاحق من الشهر نفسه، كشفت تقارير مسربة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عثور مفتشيها على جزيئات يورانيوم مخصبة بنسبة 83.7 في المائة، وهي أعلى نسبة تصل إليها إيران على الإطلاق.
ومع ذلك، قالت إيران إنها لا تنوي تخصيب اليورانيوم بأكثر من 60 في المائة. واتفقت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقيق بشأن منشأ اليورانيوم بنسبة 83.7 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)
شؤون إقليمية لافروف يحذر من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي مع طهران

لافروف يحذر من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي مع طهران

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، لافتاً إلى أن محاولات إضافة «متطلبات جديدة» تعقد جهود العودة إلى مسار المحادثات التي وصلت إلى طريق مسدود منذ أشهر. قال لافروف إنه سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي بسبب «تصرفات الغرب».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.