الفيروس التنفسي المخلوي في مصر... تطمينات رسمية ومخاوف أسرية

«التعليم» تفرض إجراءات احترازية في المدارس

الدكتور رضا حجازي وزير التعليم خلال اجتماعه بأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مدارس مصر (الثلاثاء)
الدكتور رضا حجازي وزير التعليم خلال اجتماعه بأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مدارس مصر (الثلاثاء)
TT

الفيروس التنفسي المخلوي في مصر... تطمينات رسمية ومخاوف أسرية

الدكتور رضا حجازي وزير التعليم خلال اجتماعه بأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مدارس مصر (الثلاثاء)
الدكتور رضا حجازي وزير التعليم خلال اجتماعه بأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب مدارس مصر (الثلاثاء)

ما بين «تطمينات» رسمية حول انتشار الفيروس التنفسي المخلوي في مصر، وتأكيدات علمية بأنه «ليس جديداً ولا يشكل خطورة»، ما زالت المخاوف تسيطر على العديد من الأسر المصرية، خصوصاً أولياء الأمور ممن لديهم أطفال في مراحل التعليم المختلفة عقب قرار وزارة التعليم بفرض إجراءات احترازية في جميع المدارس تجنباً لمزيد من انتشار العدوى.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني «تطبيق جميع الإجراءات الاحترازية بجميع المدارس»، وقالت الوزارة، في بيان صحافي (الثلاثاء)، إنه «في إطار حرص وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني على صحة وسلامة العاملين والطلاب في جميع المنشآت التعليمية، وجهت الوزارة مديري المديريات التعليمية بضرورة تطبيق جميع الإجراءات الاحترازية للوقاية والتعامل مع الأمراض المعدية داخل الفصول التعليمية، وذلك بالتنسيق مع مديرية الصحة بالمحافظة».
وأرسلت الوزارة نسخة من الكتاب الدوري «كتيب تعليمات» إلى كل المديريات التعليمية الذي تضمن توجيهات تطبيق الإجراءات الاحترازية، وتضمنت التوجيهات «قيام كل مدرسة بعقد امتحان آخر (امتحان الشهر) لكل الطلاب المتغيبين عنه بعذر طبي مقبول»، كما قامت الوزارة، بحسب البيان، بإرسال نسخ لكل المديريات التعليمية من دليل وزارة الصحة والسكان الخاص بالوقاية والتعامل مع الأمراض المعدية، والشروط الصحية الواجب توافرها في كل المنشآت التعليمية.
وعبرت نجوى حسن، موظفة، عن قلقها على أطفالها قائلة: «كل ما يرجعوا البيت أقيس درجة حرارتهم»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «ما نسمعه في وسائل الإعلام أصابنا بالرعب، فلدي ابن وابنة في المرحلة الابتدائية، ولا نعرف الانتشار الذي يتحدث عنه الجميع هل هو إنفلونزا أم كورونا أم الفيروس الجديد (تقصد الفيروس التنفسي المخلوي) خوفي على أطفالي قد يدفعني فعلاً إلى منعهم من الذهاب للمدرسة هذه الفترة».
وفي رسالة «طمأنة» رسمية، أعلن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أنه «رغم سرعة انتشار الفيروس التنفسي المخلوي، فإنه أقل قوة من الإنفلونزا»، وقال في تصريحات للتلفزيون الرسمي المصري إن «98 في المائة من المصابين بالفيروس يبدو عليهم أعراض برد اعتيادية، وعادة ما تزول خلال 5 أيام على الأكثر».
واعتبرت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أن «تخوفات الأهالي مشروعة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها وزارة التعليم ليست كافية، فنحن لا نطالب بإغلاق المدارس، لكن نطالب بأن يتم إلغاء ربط حضور التلميذ بدرجات أعمال السنة، فنحن نضطر لإرسال أولادنا إلى المدرسة لأنه يجب أن يحضر 85 في المائة من أيام الدراسة كي يسمح له بدخول الامتحان».
وأشارات الحزاوي إلى أنه «يوجد الكثير من المشكلات في تطبيق الإجراءات الاحترازية بالمدارس، أهمها كثافة الفصول، ومشكلات تهوية الفصول، وكلها ترتبط بسرعة انتشار العدوى».
وأرجع الدكتور سمير عنتر، استشاري الحميات والأمراض المعدية، المدير السابق لمستشفى حميات إمبابة، «حالة القلق المجتمعي» إلى «الخوف العام من العدوى منذ بدء انتشار فيروس كورونا»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفيروس التنفسي ليس جديداً، بل هو فيروس موسمي يرتبط بتغيرات الفصول، وأعراضه أقل من الإنفلونزا، فطالما أن درجة حرارة المريض لم ترتفع، لن يحتاج إلى طبيب، وسيشفى خلال أيام»، متابعاً: «إذا ارتفعت درجة حرارة المريض يستخدم مخفضات الحرارة والمسكنات الخفيفة لمدة 24 ساعة، وإذا لم تنخفض الحرارة يجب أن يذهب للطبيب، وعادة يكون ذلك معناه أن مناعة الجسم ليست جيدة، وأن المريض التقط كمية كبيرة من الفيروس».
وأشار عنتر إلى أنه «على المستوى الوطني للدولة لا يحتاج الفيروس إلى إجراءات خاصة للحد من انتشاره، بل إجراءات الحماية العادية التي يتخذها الأفراد لتجنب العدوى، فمع كل تغير موسمي تظهر الكثير من الفيروسات وتنشط البكتيريا نتيجة التقلبات الجوية، وسوف ينحسر الفيروس تدريجياً مع نهاية الخريف واستقرار الجو، لكنه قد يظل موجوداً بمعدلات أقل حتى فترة الاعتدال في أبريل (نيسان) المقبل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».