المبادرات الإنسانية في صنعاء... خط دفاع أول ضد الجوع

رغم القيود المفروضة على أعمال الإغاثة

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على وجبة طعام (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على وجبة طعام (الشرق الأوسط)
TT

المبادرات الإنسانية في صنعاء... خط دفاع أول ضد الجوع

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على وجبة طعام (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على وجبة طعام (الشرق الأوسط)

تسارع أم مازن يومياً للوصول قبيل صلاة العصر إلى أحد المخابز في جنوب العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء للوقوف ساعات في طابور يضم نساءً وأطفالاً ورجالاً؛ أملاً في الحصول على كمية من الخبز وعلبة زبادي يخصصها فاعل خير في المنطقة.

وتؤدي هذه المبادرات الإنسانية لا سيما في شهر رمضان إلى منح الفقراء خط دفاع ضد الجوع، رغم التضييق المتعمد على العمل الإغاثي، ومحاولة الجماعة الحوثية منع التجار وفاعلي الخير من تقديم المساعدات إلا عن طريقها.

ملايين اليمينين فقدوا أعمالهم وسبل العيش نتيجة الصراع (الشرق الأوسط)

وتسرد أم مازن لـ«الشرق الأوسط»، بعضاً من معاناتها وصراعها مع رحلة البحث لتوفير رغيف العيش لها وصغارها، وتقول إن همومها وأوجاعها زادت حدتها بالتصاعد أكثر عقب وفاة زوجها، ما اضطرها للسعي غير مرة بحثاً عن أي عمل سواء في المنازل أو غيرها لتتمكن من مجابهة الوضع القاسي.

ويقول عمال إغاثة في صنعاء إن استمرار تدني الحالة المعيشية للسكان دفع فاعلي خير وميسورين لتخصيص وجبات طعام بسيطة لمئات الأسر الأشد فقراً في عدد من أحياء وحارات صنعاء وضواحيها، بشكل حذر وغير معلن.

وإلى جانب أم مازن يصطف يومياً أمام المخبز حشد من النسوة والأطفال والرجال من مختلف الأعمار، غالبيتهم من النازحين والفقراء والعاطلين عن العمل وأسر الموظفين الحكوميين المحرومين منذ سنوات من الرواتب؛ أملاً في الحصول على الخبز وعلبة الزبادي.

وفي خضم تلك المعاناة وصعوبات العيش، يفيد عمال الإغاثة لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ازدياد كبير وغير مسبوق يومياً في أعداد الأسر اليمنية الباحثة عن وجبات مجانية في مختلف أحياء المدينة.

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (الشرق الأوسط)

وأرجعت المصادر الإغاثية ذلك إلى استمرار تدهور سبل العيش، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة جراء الانقلاب والحرب وغياب أي حلول جدية تفضي إلى سلام شامل ينهي تلك الأوجاع.

تخفيف المعاناة

يؤكد أحد فاعلي الخير في صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أنه منذ حلول رمضان يقوم بتوزيع التمر وبعض الوجبات بطرق غير معلنة على منازل فقراء ومحتاجين في الحي الذي يقطنه وسط المدينة، إضافة إلى توزيعه كميات أخرى على مساجد المنطقة.

ويشير إلى أنه لو يسمح للتجار والميسورين وغيرهم العمل بكل حرية دون أي ضغوط أو ممارسات ابتزازية، لكان ذلك قد خفف ولو جزءاً بسيطاً من معاناة أعداد هائلة من الفقراء الذي باتوا ينتشرون بجميع مناطق اليمن.

ورغم محدودية المبادرات التي يتبناها بين كل فينة وأخرى رجال أعمال وشبان في صنعاء وغيرها، نظراً لاستمرار فرض القيود المشددة، فإن المساعي الخيرية التي يكتب لها النجاح تسهم في التخفيف من معاناة الفقراء الذين باتت تغص بهم أحياء المدينة.

يقدم بعض فاعلي الخير في صنعاء للفقراء الخبز التقليدي «الكدم» (الشرق الأوسط)

وأجبر استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، واتساع رقعة الفقر، وانقطاع الرواتب، وانعدام فرص العمل، آلافاً من اليمنيين في صنعاء وغيرها من المدن تحت سيطرة جماعة الحوثي إما إلى الخروج للشوارع لمد أيديهم طلباً للمساعدة، أو للوقوف يومياً لساعات، أملاً في الحصول على وجبات طعام مجانية.

وتقول تقارير أممية إن نحو 25.5 مليون نسمة في اليمن من إجمالي السكان البالغ 30 مليون نسمة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وبحاجة ماسة إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بشأن المجاعة في اليمن، في تقرير سابق لها، أن يؤدي ارتفاع مستويات الصراع مرة أخرى في اليمن وباب المندب وخليج عدن إلى تقليل فرص اكتساب الدخل للأسر، وإعاقة واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

عشرات الضربات الأميركية للحوثيين

المشرق العربي من آثار انفجار في حي شعوب بصنعاء زعم الحوثيون أنه جراء غارة أميركية (إ.ب.أ)

عشرات الضربات الأميركية للحوثيين

زعمت الجماعة الحوثية مهاجمة إسرائيل وحاملتَي طائرات أميركيتين، أمس، غداة استهداف عشرات الغارات الأميركية مواقع للجماعة في صنعاء ومأرب والحديدة وعمران وصعدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن جماعة الحوثي تحاول إلصاق جرائمها في المناطق المدنية بالقوات الأميركية لخلق حالة من السخط تجاه العملية العسكرية الجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية اعترفت بالتعرض لنحو ألف ضربة أميركية جوية وبحرية خلال 6 أسابيع (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية تستهدف مواقع للحوثيين في 5 محافظات يمنية

بينما زعمت الجماعة الحوثية مهاجمة إسرائيل وحاملتَي طائرات أميركيتين، فقد استهدف أكثر من 40 غارة وضربة أميركية ليل الأحد - فجر الاثنين مواقع للجماعة بـ5 محافظات.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي اجتماع لمجلس دفاع الحوثيين يغيِّب شركاء الجماعة في الانقلاب (إعلام حوثي)

مخاوف من الاختراق تدفع الحوثيين لعزل شركاء الانقلاب

استبعدت الجماعة الحوثية عدداً من القيادات السياسية والحزبية الشريكة معها صورياً في السلطة الانقلابية من حضور اجتماع عالي المستوى لجهة المخاوف من الاختراق الأمني

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي العقيد محمد جابر خلال مشاركته أخيراً لحشد القبائل اليمنية لمواجهة الحوثيين (الشرق الأوسط) play-circle

دعوة القبائل اليمنية لسحب أبنائهم من محارق الموت الحوثية

دعا مسؤولون يمنيون القبائل اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، إلى سرعة سحب أبنائهم من المعسكرات التابعة للجماعة وأهمية الابتعاد عن مواقعهم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)
مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)
TT

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)
مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)

أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، الاثنين، استهداف الحوثيين مناطق مدنية مأهولة في صنعاء ومحيطها ومدن واقعة تحت سيطرتهم القسرية، مؤكداً محاولة الجماعة إلصاق تلك الجرائم بالقوات الأميركية «ضمن مخطط إجرامي يهدف إلى إيقاع ضحايا بين المدنيين؛ لإثارة الرأي العام، وخلق حالة من السخط تجاه العملية العسكرية الجارية». ونشر الإرياني عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، فيديوهات قال إنها لمواطنين وثَّقت خلال اليومين الماضيين، بالصوت والصورة، لحظة إطلاق صاروخ من داخل صنعاء قبل أن يسقط بأحد أحيائها، وأوضح أن «مشاهد من موقع سقوط صاروخ في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية، وتشير الصور إلى أن حجم الأضرار وقُطر الحفرة الناتجة عن سقوط صاروخ في مقبرة ماجل الدمة، لا يتوافقان مع خصائص الذخائر الأميركية المتطورة، ويؤكد استخدام رؤوس تفجيرية صغيرة».

وأضاف الوزير أن «هذا السلوك الإجرامي، الذي يُضاف إلى السجل الأسود لميليشيا الحوثي الحافل بالانتهاكات والجرائم، يعكس مدى استهتار الميليشيا بأرواح المدنيين، وسعيها المحموم لتوظيفهم في حملات دعائية مضللة، في محاولة للتغطية على أزمتها المتفاقمة في ظل تصاعد الضغط العسكري، واتساع دائرة العزلة الداخلية والخارجية المفروضة عليها». وحمَّل الإرياني الحوثيين كامل المسؤولية عن هذه الجرائم المتعمَّدة بحق المدنيين، عادّاً هذه الأفعال «تصعيداً خطيراً يكشف حجم التخبط والانهيار اللذين تعيشهما الميليشيا، نتيجة الضربات الموجِعة التي تتلقاها، وازدياد الرفض الشعبي لمشروعها الطائفي التخريبي الذي يُدار من إيران». وشدّد الوزير على أن «هذه الجرائم لن تمر دون مساءلة»، مؤكداً أن «العدالة ستطول جميع المتورطين فيها من قيادات وعناصر الميليشيا»، وأهاب بوسائل الإعلام لتحرّي الدقة، و«تجنُّب الانسياق خلف الرواية الحوثية المضللة التي تهدف إلى خلط الأوراق، وتزييف الحقائق».