أماني فوزي حبشي: الترجمة حياة جديدة للنص الأصلي في لغة أخرى

المترجمة المصرية قدمت ترجمات متنوعة من الأدب الإيطالي

المترجمة أماني فوزي حبشي
المترجمة أماني فوزي حبشي
TT

أماني فوزي حبشي: الترجمة حياة جديدة للنص الأصلي في لغة أخرى

المترجمة أماني فوزي حبشي
المترجمة أماني فوزي حبشي

تحرص المترجمة المصرية، الدكتورة أماني فوزي حبشي، على تنوع اختياراتها واتساع روافدها، في ترجمة الأدب الإيطالي إلى العربية، فلم يقتصر ذلك على كتابه المعروفين، مثل إيتالو كالفينو، وأومبرتو إيكو، وغيرهما؛ بل ترجمت لأسماء جديدة يتعرّف القارئ العربي عليها للمرة الأولى، منها دومينيكو ستارنونه، وآليتشه كابالي، وغيرهما من كُتاب معاصرين. ونالت أماني فوزي حبشي الجائزة الوطنية الإيطالية للترجمة عام 2003، لإسهاماتها في نشر الثقافة الإيطالية، وحصلت على نجمة التضامن الإيطالي، رتبة فارس، عام 2004.
هنا حوار معها حول اختياراتها في الترجمة، ورؤيتها للأدب الإيطالي المعاصر في سوق النشر العربية.

> تحرصين على تقديم أسماء أدبية إيطالية جديدة للقارئ العربي. بجوار ما قدمت لنجوم هذا الأدب، مثل أومبرتو إيكو وإيتالو كالفينو، كيف تنظرين لمسألة تقديم أسماء جديدة؟ هل ثمة مغامرة في تلك؟ أم تعتبرينها من ركائز مشروعِك؟
- أعتقد أن متابعة إنتاج الأسماء الجديدة هي أساسية للتعرف على التطور في الحركة الأدبية في لغة ما، وهي جزء أساسي من عمل المترجم.
في الحقيقة، ما يدفعني لاختيار أي رواية في البداية هو موضوعها، وأيضاً تقنيات السرد، وخصوصاً لو جديدة، بعدها لا أهتم كثيراً إذا كانت الرواية هي الأولى التي تُرجمت للمؤلف أم لا. الأمر يتعلق أيضاً بأوضاع النشر في العالم العربي، فعلى الرغم من زيادة أعداد دور النشر في الفترة الأخيرة، فإن أغلبها يميل إلى نشر الروايات القديمة، رغبة في تجنب مستحقات حقوق التأليف. ولكن في الفترة الأخيرة بدأ الاهتمام بالأدب الإيطالي المعاصر، وساعد على ذلك أيضاً المِنح الواردة من وزارة الخارجية الإيطالية، والداعمة لمشروعات الترجمة.
> في ترجمتك الجديدة لرواية «إلا أننا نسقط سعداء»، ثمة هامش يجمعك في حوار مع مؤلفها إنريكو جاليانو، نُشر في نهاية الترجمة. حدثينا عن قصة هذا الحوار.
- في الحقيقة، الحوار قامت به جهة النشر الإيطالية، وألحقته بالنص، وقمت بترجمته فقط. ربما اختلط الأمر على دار النشر فوضعت اسمي. أرجح أن ذلك حدث لأنني تحدثت بالفعل مع المؤلف، وغيّرنا عبارتين ربما لن تجيزهما الرقابة، فقررنا الوصول إلى بدائل معاً، ووضعت ما يفيد هذا المعنى في بداية النص. إلا أن فكرة إلحاق حوار مع المؤلف بالنص، أصبح «صيحة» جديدة في الروايات الإيطالية، وإن كان هذا لا ينطبق على جميع دور النشر بالتأكيد، ولكني لاحظت ذلك في أكثر من رواية ترجمتها في الفترة الأخيرة. فإذا لم يكتب المؤلف شيئاً عن ملابسات كتابة الرواية، أو خاتمة، أو تعقيباً عليها، وُضع حوار له لتوضيح الفكرة، ومد القارئ -وربما أيضاً وسائل الإعلام- بالمعلومات عن الرواية وظروف كتابتها.
> حققت ترجمتك لرواية «أربطة» لدومينيكو ستارنونه اهتماماً من جانب القارئ العربي. برأيك، هل أتاحت مساحة المشاعر الإنسانية والعائلية المعقدة في الرواية حالة من ألفة القراءة؟
- برأيي، «أربطة» رواية ذكية جداً، فتقسيمها إلى أصوات الشخصيات بالطريقة التي أبدعها ستارنونه أفسحت للقارئ مكاناً بداخلها. فهناك من تعاطف مع الزوجة، ومن رأى نفسه في الزوج، وبرر له تصرفاته، بالإضافة إلى التعاطف الكبير مع الابنين وما حل بهما. ثم إنه يكتب الرواية بمنأى عن الإدانة، فقد منح لكل شخصية صوتها الذي به تعبر عن نفسها، أولاً الزوجة، ثم الزوج، وصولاً إلى الابن والابنة في الجزء النهائي، بعد أن تابعنا طفولتهما وكيف كانا. وعلى الرغم من عدم ذكرهما كثيراً في الجزأين الأول والثاني، فإنهما كانا في آن واحد سلاح الأم، وأحد الأسباب الرئيسية لتطور القصة، وأهم شاهدين على ما حدث. ربما تلك الزوايا المختلفة من الطرح هي التي منحت لعدد كبير من القراء -على الرغم من التفاوت في الأذواق- ذلك النوع من الألفة مع النص.

> على الرغم من أن رواية «لن نقدم القهوة لسبينوزا» هي الأولى لكاتبتها آليتشه كابالي، فإنها حققت احتفاء بين الجمهور والنقاد في إيطاليا. ما انطباعك عنها خلال ترجمتك لها إلى العربية؟
- كان الكتاب بالنسبة لي مدخلاً مهماً للاطلاع على بعض المذاهب الفلسفية، بالتأكيد من خلال محاولة التعرف على الأسماء المطروحة في الرواية، ولكن أيضاً قدمتها المؤلفة بطريقة ذكية جداً، فالبروفسور في الرواية يحاول ربط الفلسفة بالحياة والتصرفات اليومية، وكيف يمكن للفلسفة والمعرفة عموماً دفعنا إلى تغيير طريقة تفكيرنا ومراجعة حياتنا وما نعيشه؛ بل أحياناً اتخاذ قرارات لم يكن من السهل علينا اتخاذها.
الأحداث ربما تبدو بسيطة، ولكن في الرواية عمق وبعد إنساني في عرض العلاقات، والأحداث تدفع إلى التأمل، وربما النظر لحياتنا العادية بطريقة مختلفة.
> يقول كثيرون إن النص الأصلي يفقد من جوهره مهما بلغت دقة الترجمة. هل تتفقين مع هذا الرأي؟ هل ثمة مواءمات لغوية وأسلوبية تقومين بها، ليصل النص بشكل سلس للقارئ العربي؟
- النص يكتسب حياة جديدة خلال الرحلة من بلده ولغته إلى لغة وبلد آخرين، ولهذا لا أظن أنه يفقد جوهره، والدليل على ذلك نجاح بعض النصوص في نسختها المترجمة أكثر من نجاحها في اللغة الأصلية.
يقول أومبرتو إيكو في كتابه عن الترجمة: «أن تقول الشيء نفسه تقريباً»: «إن الترجمة هي عملية تفاوض مستمرة، إذ يتحتم على المترجم أن يتفاوض مع الحضور المهيمن للنص المصدر، ومع الصورة التي لا تزال غير محددة للقارئ الذي يترجم له، وأحياناً عليه أن يتفاوض مع الناشر، فضلاً على فهم المترجم للسياق التاريخي والإطار الحضاري الذي أوجد النص، إلى جانب حوارات ذهنية مستفيضة يخوضها المترجم مع الثقافة التي أنتجت النص الأصلي، وكذلك مع الثقافة التي سيذهب إليها النص المترجم. هذا التفاوض المتعدد الأوجه والأطراف، هو الذي يقود، في النهاية إلى تحديد خيارات المترجم، من ناحية التأويل والحذف والإضافة والتعديل، ونقل ظلال الكلمات وحرارة العبارات في الأصل، فعملية الترجمة محمّلة بخصوصيات دلالية وجمالية، تجعل منها، لا مجرد نقل؛ بل (محاولة إبداعية) أخرى موازية للنص الأصلي».
فالتفاوض إذن عملية ضرورية. في روايتَي «لن نقدم القهوة لسبينوزا» و«في عمق البحر؛ حيث لا يُلمس الأرض»، ونظراً للجوء المؤلفين كثيراً للدعابة من خلال اللعب بالكلمات المتشابهة في النطق أحياناً، حاولت بطرق كثيرة أن أوظف اللغة والهوامش لتصل الدعابة بشكل ما للقارئ. وأكثر ما يسعد المترجم أن يعبر القارئ له عن أن نبرة النص أيضاً وصلت إليه، وليس مجرد المعنى.

ومشكلة أخرى تحتاج لنوع خاص من التفاوض، هي استخدام اللهجات في النص، أحياناً يضطر المترجم (إلى العربية أو غيرها حسبما اطلعت عليه من ترجمات لروايات إيطالية إلى الإنجليزية) إلى التخلي تماماً عن محاولة العثور على بدائل، واستخدام لغة موحدة للنص كله، وبالتالي يفقد النص إحدى الميزات وإن كان لا يفقد جوهره بالتأكيد.
> خضتِ تجربة صفحة «المقهى الثقافي الإيطالي» قبل سنوات، فما الغرض منها؟ وهل لمستِ حالة من التواصل بين القراء والمقهى وما يقدمه؟
- جاءت فكرة المقهى من محاولة عمل بيبليوغرافيا للأعمال الإيطالية المترجمة، والتعريف بالمترجمين الشباب، والتعارف بين المترجمين من مختلف الدول العربية، والتعريف بهم أيضاً.
يتواصل القراء مع الصفحة من خلال التعليق على ما ننشره، أو طلب معلومات عن كتب معينة لا يستطيعون العثور عليها، أو الاستفسار عن أماكن بيع الترجمات التي نشارك خبر صدورها. أحياناً يراسلنا بعض الناشرين للحصول على وسيلة للتواصل مع بعض المترجمين، والبعض يرسل لنا مقالاته أو ما كتبه على موقعه لنشاركه على الصفحة. وأطرف شيء هو سؤال البعض عن عنوان المقهى للذهاب إليه!
> هل يمكن أن يتخلى المترجم المحترف في اختياراته عن ذائقته الأدبية الخاصة، في مقابل الإنتاج والنشر؟
- أعتقد أن الذائقة الأدبية تتطور مع القراءات المختلفة والكثيرة. وأحياناً لا يفكر المترجم في ذائقته فقط، ولكن في ذائقة القارئ أيضاً. فأنا أعمل من مبدأ أن ذائقتي الخاصة محدودة وتخصني، ولا بد من النظر إلى ما يعجب القارئ الإيطالي أيضاً، وما نال إعجاب النقاد، والذي ربما يستحق أن يطّلع عليه القارئ العربي.
تظهر ذائقتي كقارئة فيما أختاره من أعمال، ربما لم تنل نجاحاً كبيراً في إيطاليا، ولكن أرى أنها ستحظى بقبول في العالم العربي، ربما من منطلق أنها تناسب ما يحدث فيه، تكشف وتعري وتُنطق المسكوت عنه، وتتناول موضوعات نحتاجها ولكن لا نجرؤ على تناولها أحياناً.
> في تقديرك، إلى أي مدى تستوعب الترجمة العربية حالياً اتجاهات الإنتاج الأدبي المعاصر في إيطاليا؟
- الإنتاج الأدبي المعاصر في إيطاليا غزير وغني إلى درجة كبيرة، ولكن طبعاً حجم ترجمته مقارنة مثلاً بما يترجم من الإنجليزية ضئيل جداً. ولكن في الفترة الحالية الوضع أفضل بكثير مما كان عندما بدأت الترجمة في التسعينات، وبدأت دور النشر العربية تلتفت للأدب الإيطالي بصورة أفضل في الفترة الأخيرة. وكما ذكرت، يعود هذا أيضاً لدعم إيطاليا من جهتها مادياً لحركة ترجمة أعمالها.
> هل تمنحكِ الترجمة هامشاً من الاستمتاع بها وسط ما تنطوي عليه من إشكاليات، غير مشاغل الحياة اليومية؟
- بالنسبة لي الترجمة عمل ممتع في كل وقت، على الرغم من متاعبها. فكما ذكرت من قبل: مشاركة ما قرأته وأعجبني مع آخرين من خلال ترجمته لهم، بمثابة إعداد ومشاركة وجبة جيدة مع أصدقاء. لكن الترجمة تفتح لنا آفاق المعرفة، فأحياناً لترجمة كتاب واحد أجد نفسي أقرأ كثيراً من الكتب الأخرى؛ بل أحيانا أشاهد أفلاماً وأسمع أغاني اقترحها عليَّ النص. والأهم من كل هذا المترجم يتطور مع كل كتاب يترجمه، من خلال قراءة النص مع آخرين (محررين، ومدققين لغويين) فالتعلم يحدث بشكل دوري ومستمر. وبالنسبة لي، أجد في التعلم متعة كبيرة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».