الغرق... مراجعات علمية لخطوات الوقاية والإسعاف

يهدد الأطفال في حمامات السباحة والمراهقين بالمسطحات المائية

الغرق... مراجعات علمية لخطوات الوقاية والإسعاف
TT

الغرق... مراجعات علمية لخطوات الوقاية والإسعاف

الغرق... مراجعات علمية لخطوات الوقاية والإسعاف

عرض باحثون أميركيون من «جامعة الخدمات الموحدة للعلوم الصحية» في بيثيسدا و«كلية ويسكونسن للطب»، مراجعة علمية حول مستجدات التعامل مع حالات الغرق، بعنوان: «الوقاية من الغرق والاستجابة الطارئة له»، ضمن عدد 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن الطبية (NEJM)».

إحصاءات أميركية
وأكد الباحثون أن «الغرق مشكلة صحية عامة وعالمية، لم تتم دراستها جيداً». واستهلوا عرضهم بالقول: «ننمو كأجنة في بيئة مائية، وربما لهذا السبب يجد كثير منا صعوبة في اعتبار المياه خطرة (مقارنة بالنار أو المرتفعات الشاهقة). ومع ذلك، يموت آلاف الأميركيين كل عام بسبب الغرق». وذكروا تعريف «منظمة الصحة العالمية (WHO)» بقولها: «الغرق هو عملية تحصل فيها المعاناة من تدهور عمل الجهاز التنفسي نتيجة الغمر/ الغطس في سائل».
ولخّص الباحثون نتائج الإحصاءات الطبية الحديثة حول الغرق، في النقاط التالية:
- في عام 2020، حصلت 5420 حالة غرق مُميت في الولايات المتحدة. ولم تشكل حالات الانتحار سوى 9 في المائة منها.
- من عام 2010 إلى 2019، تراجعت بشكل سنوي معدلات حالات الغرق المُميت في الولايات المتحدة بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، ولكنها ارتفعت بنسبة 17 في المائة في عام 2020 (عن عام 2019).
- حالات الغرق المُميت بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً كانت أعلى لدى الذين يعانون من الصرع Epilepsy، أو اضطراب طيف التوحد Autism Spectrum Disorder، أو عدم انتظام ضربات القلب Cardiac Arrhythmias.
- في عام 2020، كانت معدلات الولايات المتحدة للغرق المُميت بين الذكور بالعموم، ضعف تلك التي بين الإناث في كل الأعمار. ولكن المعدلات بين المراهقين والشباب الذكور (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً) نحو 5 أضعاف المعدلات بين الفتيات المراهقات والشابات.
- الغرق حالياً هو السبب الرئيسي لوفاة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة و4 سنوات، بعدما كان السبب الثاني قبل نحو 10 سنوات.
- على مستوى العالم، تحدث أكثر من 90 في المائة من حالات الغرق المُميت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وأفاد الباحثون بأن ظروف الغرق تختلف؛ ذلك أنه قد يحدث في مواقف متفاوتة، اعتماداً على مدى ضعف الشخص وبيئته. ومن المرجح حدوث معظم حالات الغرق المُميت في الولايات المتحدة في أحواض الاستحمام Bathtub بالحمام لدى كل من: الأشخاص المصابون بالصرع، والنساء الأكبر سناً، والأطفال الصغار جداً؛ أي الذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم بمفردهم.
أما الأطفال الأكبر سناً والذين تقل أعمارهم عن 14 عاماً، فمن المرجح أن يغرقوا في حمامات السباحة Swimming Pools، بينما يتعرض المراهقون الأكبر سناً والبالغون، إلى الغرق في المسطحات المائية الطبيعية، كالبحيرات والأنهار والبحر.
وأضاف الباحثون: «وفقاً لمراجعة البيانات من البلدان المختارة، ما بين 10 و30 في المائة من حالات الغرق المميت المرتبطة بالأنشطة المائية، تُعزى إلى تعاطي الكحول آنذاك. كما أن قطاع صيد الأسماك في الولايات المتحدة، شهد معدل وفيات مهنية يبلغ 29 ضعف المعدل الوطني بين جميع العمال، ومعظم الوفيات في هذه الصناعة ناتجة عن الغرق. ويتسبب الغرق أيضاً في معظم الوفيات المرتبطة بالأعاصير وأمواج التسونامي».

الوقاية
وفي جانب الوقاية، أفاد الباحثون بأن «هناك تدابير قائمة على الأدلة، يمكن تطبيقها للوقاية. ونظراً إلى أن الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة للغرق، فإنه غالباً ما يتم التأكيد على ضرورة وجود إشراف من قبل مقدم الرعاية، بصفته المبدأ الأساسي في الوقاية. وأظهرت الدراسات وجود ارتباط بين الإشراف وخطر الإصابة». ولكنهم استدركوا بالقول: «مجرد نصح مقدمي الرعاية بمراقبة أطفالهم، غير كافٍ؛ لأن النصيحة لا تحدد مستوى الإشراف الذي تتطلبه الظروف المختلفة». وأوضحوا ذلك بقولهم: «الإشراف يتطلّب تحقيق مستوى (عالٍ ومتواصل) من اليقظة، وقد لا يكون من الواقعي افتراض قدرة مقدمي الرعاية على تقديمها (بالصفة المطلوبة) لفترات طويلة من الزمن». وذكروا؛ مثالاً على ذلك، حالات غرق الأطفال؛ إذ ينبغي عدم تصور أن المطلوب من «الإشراف» أن الشخص المشرف إما «حاضر» وإما «غائب»، عند استخدام الأطفال الحمام؛ بل يجب أن يكون الإشراف له 3 أبعاد؛ أي: «الانتباه، والقرب، والاستمرارية». كما أن ثمة بُعداً رابعاً في عملية الإشراف، عندما يكون الأطفال الصغار جداً بالقرب من الماء، وهو إشراف بـ«اللمس» أو القرب إلى أقل من «طول الذراع».
ولذا أضاف الباحثون: «نظراً إلى عدم موثوقية الاعتماد على (تطبيق) الإشراف، يُوصى بوضع حواجز مادية حيثما أمكن، لفصل الأشخاص المعرضين للخطر عن مخاطر المياه. وفي أستراليا، على سبيل المثال، ثبت أن السياج ذا الجوانب الأربعة حول حمامات السباحة السكنية، يقلل من غرق الأطفال الصغار بنسبة 83 في المائة. كما تدعم الأدلة العلمية أيضاً جدوى تعليم الأطفال كفاءة التعامل مع المياه؛ بما في ذلك تعليمهم مهارات السباحة الأساسية.

الإسعافات
وفي جانب الاستجابة الطارئة للغرق، قال الباحثون: «من الضروري تعزيز استجابتنا بطريقة منهجية لضحية الغرق. وفي تحليل نتائج 49 دراسة طبية، كانت مدة الغمر في الماء وزيادة مقدار العمر، مؤشرين على نوعية نتائج معالجة الغرق. ومع ذلك، لا تتوفر دراسات عشوائية مقارنة تتناول أياً من الموضوعات الثمانية المتعلقة بالغرق لدى المُصاب، والتي تتطلب تحديثاً، وهي: الإنعاش Resuscitation، وإدارة مجرى هواء التنفس Airway Management، وإدارة إعطاء الأكسجين Oxygen Administration، واستخدام جهاز مزيل الرجفان الخارجي الآلي AED، والإنعاش القلبي الرئوي CPR، واستراتيجيات التهوية Ventilation Strategies، واستخدام الأكسجين الغشائي خارج الجسم Extracorporeal Membrane Oxygenation، وبروتوكولات الخروج من المستشفى.
ولذا أضاف الباحثون: «هناك حاجة ملحة لمزيد من البحث العلمي الدقيق في كيفية إدارة معالجة الغرق. وفي مراجعة علمية جرت عام 2021، قال الباحثون إن هناك نقصاً في الأدلة العلمية عالية الجودة في جميع مراحل رحلة المريض بعد حادث الغرق؛ لا سيما في بيئة المستشفى».
* استشارية في الباطنية

10 حقائق عن الغرق
> عند عرضها الجوانب الصحية المتعلقة بحوادث الغرق، قالت «المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)»: «في حين أن الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر، يمكن لأي شخص أن يغرق. ولكن ليس بالضرورة أن يُؤدي الغرق إلى الوفاة». وأضافت الحقائق التالية عن حالات الغرق في الولايات المتحدة الأميركية:
> الغرق سبب رئيسي لوفاة الأطفال. ولكل طفل يموت من الغرق Fatal Drowning، يتلقى 8 أطفال رعاية الطوارئ بسبب الغرق غير المُميت Non - Fatal Drowning.
> المشاركة في تلقي دروس السباحة يمكن أن تقلل من خطر الغرق بين الأطفال والشباب، خصوصاً الذين لا يتقنون السباحة.
> يموت عدد أكبر من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و4 أعوام بسبب الغرق أكثر من أي سبب آخر للوفاة، باستثناء الإصابة بالعيوب الخلقية.
> بالنسبة إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و14 عاماً، فإن الغرق هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة غير المتعمدة، بعد حوادث السيارات.
> في الولايات المتحدة، هناك 11 حالة وفاة بسبب الغرق يومياً، و22 حالة أخرى يومياً لحالات الغرق غير المُميت.
> الإصابات الناجمة عن الغرق Drowning Injuries غير المُميت، يمكن أن تُؤدي إلى مشكلات صحية طويلة الأمد، كالتلف في الدماغ ومشكلات صحية أخرى؛ بما في ذلك الإعاقة طويلة المدى. وكذلك يمكن أن تتسبب في إقامة مُكلفة في المستشفى.
> أكثر من 40 في المائة من حالات الغرق التي يجري علاجها في أقسام الطوارئ، تتطلب إما دخول المستشفى وإما النقل لمرفق صحي آخر متقدم، لتلقي مزيد من الرعاية الطبية، (مقارنة بـ8 في المائة فقط لجميع إصابات الحوادث غير المقصودة الأخرى).
> نحو 80 في المائة من الناس الذين يموتون من الغرق هم من الذكور. وقد يساهم العديد من العوامل في ارتفاع معدلات الغرق بين الذكور، بما في ذلك زيادة التعرض للمياه، وسلوكيات المخاطرة، وتعاطي الكحول.
> الأشخاص الذين يعانون من الصرع، أكثر عرضة لخطر الغرق القاتل والغرق غير المميت من عامة السكان. وحوض الاستحمام في الحمام هو الموقع الأكثر شيوعاً للغرق لديهم. كما ترتبط الحالات الطبية الأخرى، مثل التوحد وأمراض القلب بزيادة خطر الغرق.
> يمكن أن يزيد تناول بعض الأدوية من خطر الغرق، خصوصاً الأدوية النفسية التي توصف عادةً للاكتئاب والقلق والاضطراب ثنائي القطب والفصام... وغيرها من الحالات. ويمكن أن يكون ذلك بسبب الآثار الجانبية لهذه الأدوية، مثل صعوبة التفكير بوضوح وانخفاض المهارات الحركية.

خطوات الإسعافات الأولية لحالات الغرق
> تقول «الجمعية الملكية لإنقاذ الحياة بأستراليا (RLSSA)»: «يمكن أن يكون الغرق مُميتاً أو غير مُميت. وأولئك الذين نجوا من حادث الغرق قد يستمرون في مواجهة بعض المشكلات الصحية مدى الحياة. ومن المهم فهم عملية الغرق وما يمكن فعله لمنعه. وعند الأطفال، قد يبدو الغرق مجرد لعب أثناء سباحتهم. ولا يميل الأطفال والبالغون إلى طلب المساعدة في المراحل الأولى من الغرق، وغالباً ما يكون الغرق صامتاً ويحدث بسرعة».
وتفيد «المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة (NIH)» بأن معظم حالات الغرق يحدث على مسافة قصيرة من مناطق الأمان. والشخص الغارق لا يستطيع عادة أن يصرخ طالباً المساعدة. ولذا انتبه لعلامات الغرق، واشتبه في وقوع حادث غرق إذا رأيت شخصاً ما في الماء بكامل ملابسه، أو شخصاً يسبح بحركات سباحة غير متساوية.
وتضيف أن الإجراءات الفورية والإسعافات الأولية يمكن أن تمنع الموت، وأن هناك حالة «غرق» وحالة «قُرب الغرق (Near Drowning)» و«قُرب الغرق» يعني أن الشخص كاد يموت بسبب عدم قدرته على التنفس نتيجة الغمر تحت الماء. وإذا تم إنقاذ شخص من وضع شبه غرق، فإن الإسعافات الأولية والعناية الطبية السريعة مهمة للغاية.
ولخصت «المؤسسة» خطوات الإسعافات الأولية بالتالي:
< عندما يغرق شخص ما، لا تُعرّض نفسك للخطر.
< لا تدخل الماء إلا إذا كنت متأكداً تماماً من أنه آمن.
< استخدم حبل رمي متصلاً بجسم طافٍ، مثل حلقة نجاة أو سترة نجاة. اقذفها إلى الشخص، ثم اسحبها إلى الشاطئ.
< إذا توقف تنفس الشخص، فابدأ في إجراء التنفس الصناعي بأسرع ما يمكن.
< استمر في تمكين التنفس للشخص كل بضع ثوانٍ أثناء نقله إلى اليابسة.
< بمجرد وصولك إلى الأرض، أعطِ الإنعاش القلبي الرئوي CPR حسب الحاجة. وتحديداً، يحتاج الشخص إلى الإنعاش القلبي الرئوي إذا كان فاقداً للوعي ولا يتنفس، أو لا يمكنك الشعور بنبض لديه.
< توخَّ الحذر دائماً عند نقل شخص يغرق، خصوصاً بسبب احتمالات حدوث إصابات الرقبة والعمود الفقري.
< حافظ على هدوء الشخص وثباته. واطلب المساعدة الطبية على الفور.
< قم بإزالة أي ملابس باردة ومبللة عن الشخص وتغطيته بشيء دافئ؛ إن أمكن. هذا سوف يساعد في منع انخفاض حرارة الجسم.
< قد يسعل الشخص ويواجه صعوبة في التنفس بمجرد استئناف التنفس. طمأن الشخص حتى تحصل على المساعدة الطبية.
وفي السياق نفسه، حذرت من القيام بالخطوات التالية:
< لا تحاول الدخول إلى الماء والسباحة نحو الشخص الذي يغرق، إلا إذا كنت مدرباً على ذلك، وأن بإمكانك القيام بذلك دون تعريض نفسك للخطر.
- لا تدخل في المياه العاصفة أو المضطربة التي قد تعرضك للخطر.


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
TT

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)

سلطت الأبحاث الضوء على التأثيرات السلبية لشرب الكحول على جسم الإنسان، بما يشمل الصحة الجسدية والنفسية. وكشفت دراسة أميركية حديثة عن تأثيرات إضافية لشرب الكحول؛ إذ أظهرت أنه يعزز السلوك العدواني، ويؤثر على إدراك الألم، إلى جانب تأثيراته السلبية الأخرى.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو، أن هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين الكحول والعدوانية، ما قد يسهم في تطوير استراتيجيات للحد من العنف المرتبط بالكحول، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Journal of Studies on Alcohol and Drugs».

وأُجريت الدراسة الجديدة على مرحلتين: شملت المرحلة الأولى 543 مشاركاً، والثانية 327 مشاركاً، جميعهم يستهلكون 3- 4 مشروبات كحولية على الأقل مرة شهرياً. وتم تقديم مشروبات كحولية وأخرى وهمية تحتوي على عصير برتقال مع كمية ضئيلة للغاية من الكحول لتقليد طعم المشروب، لضمان عدم معرفة المشاركين بنوع المشروب.

وبعد شرب المشروب، خضع المشاركون لاختبار يقيس عتبة الألم باستخدام صدمات كهربائية قصيرة على أصابعهم. ثم شاركوا في اختبار تنافسي عبر الإنترنت؛ حيث كان بإمكان «الفائز» توجيه صدمة كهربائية إلى «الخاسر».

في الواقع، لم يكن هناك خِصم حقيقي، وتم اختيار «الفائز» عشوائياً لمعرفة مدى استعداد المشاركين لإلحاق الألم بالآخرين.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شربوا الكحول أظهروا قدرة أكبر على تحمل الألم؛ حيث كانت مستويات الصدمات التي وصفوها بأنها «مؤلمة» أعلى، مقارنة بمن تناولوا المشروبات الوهمية.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا الكحول كانوا أكثر ميلاً لإلحاق الألم بالآخرين. وكلما زادت قدرتهم على تحمل الألم، زادت شدة وطول الصدمات التي اختاروا توجيهها للآخرين، ما يفسر جانباً من السلوك العدواني المرتبط بتناول المشروبات الكحولية.

في المقابل، كان المشاركون الذين شربوا المشروبات الوهمية أقل عدوانية؛ حيث كانوا أكثر شعوراً بألمهم الخاص، ولم يرغبوا في إلحاق الألم بالآخرين.

الوصول إلى الدم

ووفق وزارة الصحة الأسترالية، فإن الكحول يصل إلى الدم عبر جدران المعدة والأمعاء الدقيقة، وينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ؛ حيث يبطئ نشاط الدماغ، مما يؤثر على التفكير، والمشاعر، والسلوك. بينما يتولى الكبد مهمة تكسير معظم الكحول وتحويله إلى مواد أقل سمية.

وتوضح الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أن الشرب المفرط للكحول يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الإدمان، وزيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة، وضعف الخصوبة، والضعف الجنسي، وأمراض الكبد، مثل التليف والفشل الكبدي، وأمراض القلب والجهاز الدوري، مثل ارتفاع ضغط الدم، واعتلال عضلة القلب، والسكتات الدماغية. كما يتسبب الكحول في سلوكيات غير لائقة تؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة؛ خصوصاً في حالات الإدمان.

ويشير «المعهد الوطني لإساءة استخدام الكحوليات وإدمانها» في الولايات المتحدة، إلى أن الكحول يعطل مسارات التواصل في الدماغ، مما يضعف التفكير والمزاج. كما يتسبب في مشاكل القلب، مثل اضطراب النبض والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى التهاب البنكرياس المزمن، ما يؤثر على الهضم، كما أنه يضعف المناعة، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي. ووفق المعهد، فإن الكحول مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطانات، مثل الثدي، والقولون، والكبد.